البحصة " وادي السيليكون السوري "
لم تكن البحصة مركزا لكل محتاج في مجال الخدمات الالكترونية و إنما كانت في البداية عبارة عن منطقة سكنية شيدت مبانيها على الطراز العثماني السائد في حقبة تأسيسها ، ومنذ عقد الأربعينات من القرن العشرين تحولت البحصة البرانية إلى سوق للخطاطين والرسامين ، لكن ومع مرور الزمن كان لابد للسوريين أن يواكبوا الحضارة فلم يجدوا إلا البحصة مركزا لهم لوقوعها في قلب دمشق ولتلبية احتياجاتهم التقنية ومن ثم تحولت إلى سوق الكتروني لكن .. " بمواصفات سورية فقط " ... تعتمد على استيراد القطع الالكترونية الصينية في معظمها و على نسخ و طبع " السيديات " و توزيعها بعيدا عن مفهوم حقوق الملكية الفكرية ...!!!
و بقصة طريفة تحولت البحصة إلى سوق " للهاكرز " السوري بسبب أحد التجار الذي كان على وشك أن يقع في الهاوية و يعلن إفلاسه...!!
وحول تلك القصة أخبرنا الشاب أحمد الذي يملك محلا للالكترونيات في البحصة مع " ابتسامة طريفة " أن الحكاية بدأت مع أحد التجار الذي كاد أن يعلن إفلاسه فبدأ بعرض البضاعة على واجهة المحل و بيعها بأسعار زهيدة لا سيما " السيديات منها " بهدف بيع البضاعة قبل أن يقوم بتسليم محله ، لكن النتائج جاءت على عكس توقعاته ، فبيع السيديات بسعر زهيد جلبت له مبالغ جيدة و أنقذته من الورطة التي غرق فيها ، لذا و منذ ذاك الوقت صار هذا التاجر يقوم بنسخ السيديات و بيعها ، و كالعادة ما إن ينجح أحد التجار بشيء حتى يقوم البقية بتقليده ، فظهرت العديد من المحلات التي فُتحت إلى جانب بعضها البعض وبشكل عشوائي ، و تدهورت مصلحة السيديات .
و أضاف : " كانت الأسعار محافظة على استقرارها لكن اليوم بدأت أسعار مستلزمات الكمبيوتر بالهبوط بسبب بعض المحلات التي تبيع بضائعها بأسعار رخيصة بهدف جذب الزبائن ، خاصة أن المستهلك لا يملك معرفة بالالكترونيات و لا يوجد مصداقية في الجودة و يحتاج دائما إلى شيء رخيص لأنه لا يملك القدرة على شراء أجهزة ذات صناعة وجودة عاليتين و لا شراء " سيدي " قد يصل سعره إلى آلاف الليرات السورية بسبب حقوق الملكية الفكرية ، لذا كان نسخ " السيدي " حلا لهذه المشكلة .
و تابع : دائما يجد السوريين نافذة لتلبية احتياجاتهم فمثلا وصلنا العديد من أجهزة الكمبيوتر التي لا تقبل إلا أقراص مدمجة أصلية ، لكننا استطعنا فك شيفرة تلك الأجهزة لكي تقبل الأقراص المنسوخة لأنها في النهاية كلها حلول لإنقاذ المواطن السوري ..!!
القابون تنافس البحصة و البسطات تحقق أرباحا أكبر ..!!
مع اتساع سوق البحصة و تلبيته لكافة الاحتياجات " الالكترونية السورية " صارت البسطات الحل السريع لتحقيق الربح لاسيما مع القبول الواسع ومن مختلف الفئات ، لكن الشاب بلال سبيناتي ما إن شاهد إحدى كاميرات الصحافة حتى توجه مسرعا إلينا ليقدم لنا بلاغا عن أحد البائعين الذي فضل أن يلتزم بتجارة البسطات ليغلق له واجهة المحل و ليكسب الزبائن رغم أنه يملك محلا خاصا به لكنه يقع في " القبو " و عندما سألناه عن " حرب السيديات " أجابنا بأنها تجارة رابحة و صارت القابون اليوم تنافس منطقة البحصة لأنها كسرت أسعار " الدي في دي " وصارت تبيعها ب 7 أو 8 ليرات بالجملة ..!!
الروس يفكون شيفرات " الأورجينال سيدي " و يدخلونها إلى أسواقنا
أما عبد الرزاق الرفاعي الذي يعد واحد من هؤلاء التجار الصغار في البحصة قال : نتبع أسلوبين في عملية النسخ ، فهناك النسخ العادي و هناك أيضا النسخ المحترف و الذي يقترب من الأصلي بشكل أكبر بسبب طباعة صورة على وجه القرص المدمج ، ونوّه أيضا إلى عملية النسخ التي تتم عن طريق سحب العديد من المواد من الانترنت و نسخها ومن ثم بيعها ، و أشار أيضا إلى أن هناك شركات تملك حقوق ملكية فكرية مثل شركة دار الفكر التي تقوم ببيع أقراص مدمجة للمحاسبة مثلا و للبرامج التعليمية
وعلى صعيد آخر شبه الرفاعي هذا السوق بسوق " الهاكر " الروسي لكن كل على حسب قدراته ..!! فالذي لا يستطيع فيه السوريين فك شيفرات بعض الأقراص ، يجلبها الروس معهم بعد أن يفكوها من قبل " الهاكر الروسي " ..!!
ورغم المحاولات الكثيرة لاتباع قانون حماية الملكية الفكرية إلا أن تطبيقه ما زال بعيدا في ظل عدم قدرة المواطن السوري على دفع سعر الأقراص الأصلية أو شراء أجهزة ذات جودة عالية .
شام نيوز- رامان آل رشي