البوكمال.. معركة دولية

البوكمال..  معركة دولية

شام إف إم - محمود عبد اللطيف:

 

تتسارع أحداث المنطقة الشرقية لتتجه نحو السكون الميداني، مدينة البوكمال ستكون مسرحا لآخر المعارك الكبرى مع “داعش” بهدف إنهاء وجوده الفعلي في الشرقية،  وضمن المشهد الحالي يمكن القول أن المدينة الواقعة على الحدود المشتركة مع العراق باتت على صفيح ساخن.

 

تقول المعلومات الأولية أن الجيش العراقي دخل بالفعل ضمن الأراضي السورية لمسافة يبلغ عمقها ١ كم، والمعلومات تشير أيضا إلى استهدافات جوية ومدفعية من قبل الجيش العراقي لمواقع “داعش” في الطرف الشرقي من البوكمال وهذا يأتي من باب المصلحة الأمنية العراقية لكون أن أي احتمال لشن “داعش” هجمات معاكسة على الجيش العراقي في القائم ستكون نقطة انطلاقها من البوكمال.

 

وتأتي التحركات العراقية في وقت تعمل من خلاله قوات الجيش السوري على نقل إمدادات وتعزيزات عسكرية ضخمة نحو كل من الميادين والمحطة الثانية الواقعتين الى الغرب والجنوب من البوكمال وذلك تحضيرا لإطلاق عملية عسكرية ضخمة نحو المدينة الآخيرة لـ”داعش”، وهي معركة تقول الحسابات الميدانية بأن دمشق اقرب للوصول إليها من اي قوة اخرى.

 

بالمقابل، تبدو تحركات تحالف ميليشيات قوات سورية الديمقراطية المدعومة من واشنطن مريبة جدا في ريف دير الزور الشرقي، فهذا التحالف قطع الطريق على تقدم الجيش السوري نحو البصيرة الواقعة شرق الفرات من خلال السيطرة على قريتي "جديد عكيدات"، و "جديد بكارة"، ومن خلال عملية تفاوض مباشرة بين “قسد” و”داعش” يتجه الأخير لتسليم مدينة البصيرة، الهامّة اقتصادياً على مستويي الثروة الزراعية والنفطية لقسد.

 

وعلى تخوم قرية "الصبحة" حدث اشتباك قصير سلكت بعده القرية البعيدة 1 كم عن البصيرة، والوصول لهذه المدينة سيفتح الطريق أمام “قسد” للوصول سريعا الى شمال مدينة البوكمال.

 

وإن كانت “قسد” تنكر وجود اي تفاق مع “داعش” في ريف دير الزور الشرقي، فإن مصادر متعددة تؤكد أن كل من المدعو "أحمد ابو خولة" الذي يقود ميليشيا "مجلس دير الزور العسكري"، والمدعو "احمد الخميس" القيادي السابق في تنظيم “داعش” والمنضم قبل نحو 3 أشهر إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية، هما من مثلا هذا التحالف الميليشياوي في المفاوضات مع “داعش”.

 

وتؤكد هذه المعلومات أن “قسد” تشرع أبوابها أمام الراغبين من عناصر التنظيم ليصبحوا مقاتلين في صفوفها، ويبدو أن انهاء “داعش” سيكون مقدمة لصراع جديد في الشرقية ما لم تقبل واشنطن بشروط دمشق للتسوية السياسية والميدانية شرق سورية.

 

الهدف الأمريكي من الوصول إلى البوكمال هو ما منع وصل العاصمتين السورية والعراقية بطريق بري، ويبدو أن واشنطن تلقت الرسائل الروسية في هذا الخصوص ولم تكترث، فموسكو التي تستهدف بكثافة مواقع “داعش” في البوكمال تفكر ملياً بوقف تمدد “قسد” التي تعد الذراع الأمريكية في سورية،  وهذه الرغبة الروسية سببها قطع الطريق على تعقيد الملف السوري اكثر من اللازم خلال المرحلة الحالية، فمخرجات أستانا تبشر بحلول كبرى للحرب الدائرة منذ سبع سنوات في البلاد.

 

وقد يفضي "سوتشي" إلى تشكيل أرضية لرسم حل نهائي للملفات السياسية، وما قد يؤخر قطف ثمار هذا الحراك هو الدفع بـ”قسد” نحو مواجهة مع الجيش السوري، وهي مواجهة وإن لم تكن دمشق ترغب بها إلا أنها أكدت صراحة استعدادها لها من خلال البيان الذي اعتبرت من خلاله الرقة "مدينة محتلة".