البيان "الاماراتية" - تهديد أمن الخليج والمسؤولية المشتركة

لقد أثار الهجوم الإرهابي على سفينة شحن النفط اليابانية قبالة مضيق هرمز الكثير من التساؤلات حول أمن المنطقة والتهديدات المستمرة لأمن وسلامة الملاحة في داخل وحول الخليج العربي.

 

إن خطورة هذا الهجوم ورغم بدائيته تتمثل في أن القاعدة ؟ التي تحملت مسؤولية هذا العمل الإرهابي ـ قد دخلت طرفاً هاماً في التأثير على أمن وسلامة الملاحة في مياه الخليج وبالتالي التأثير على أمن وسلامة المنطقة الخليجية.

 

القاعدة التي ظلت ولفترة طويلة تركز في عملياتها على الداخل أصبحت اليوم توجه خططها الإرهابية نحو الساحل وفي البحر حيث أهمية هذا الجزء لاقتصاد دول المنطقة التي تعتمد على مضيق هرمز في نقل معظم صادراتها للعالم ولدخول معظم وارداتها منه.

 

وهذا الهجوم عكس لنا حقيقة مفادها أن ليس المضيق وحده ولا الخليج ذاته هما فقط الطرفان المهمان في معادلة أمن المنطقة بل أن الأطراف المحيطة والمجاورة للمضيق هي على درجة عالية من الأهمية أيضاً لأمن وسلامة الملاحة في الخليج، فالمياه الممتدة من الهند إلى مضيق هرمز هي أيضاً على غاية من الأهمية لأمن وسلامة الخليج العربي.

 

إن هذا الهجوم ورغم محدودية تأثيره المادي إلا أنه يُرسل برسالة واضحة لدول المنطقة بأن التأثير على أمن المنطقة هو في يد عدة جهات وأن القاعدة واحدة من هذه الجهات حيث لا يمكن أن يتم تهميشها في مثل هذه المعادلة.

 

وهذا في حقيقة الأمر هو أخر ما يمكن أن تحتاجه دول منطقة الخليج العربي التي أصبحت تعلم بأن خليجها أصبح اليوم مدججا بالمخاطر والألغام التي يمكن أن تشعله في أية لحظة، فالخليج ما عاد تحت رحمة تهديدات دول في المنطقة فقط بل أصبح أيضاً تحت خطر تهديدات جهات إرهابية لا تحمل لحكومات المنطقة أية تقدير واحترام.

 

نعم لقد مر الهجوم على السفينة اليابانية بسلام هذه المرة ولكن ليس هناك ما يضمن من أن هجوماً جديداً ـ لا سمح الله ـ على سفينة بحجم السفينة اليابانية المدججة بـ 270 ألف طن من النفط الخام سيمر من دون تأثير على أمن وسلامة المنطقة.

 

لذلك فإن المسؤولية يجب أن تكون ملقاة على جميع الدول الواقعة على ضفاف الخليج العربي وتلك المجاورة لمضيق هرمز والمطلة على بحر العرب بأن تتحمل مسؤوليتها تجاه بقاء الملاحة في الخليج العربي وما حوله بعيدة عن التهديدات والاستخدامات السياسية. فأمن مضيق هرمز والخليج العربي هي مسؤولية جميع الدول من الهند شرقاً وحتى العراق غرباً.

 

وبالتالي فإن التنسيق والتعاون المشترك فيما بين مثل تلك الدول ـ لاسيما في مثل هذه الفترة التي بدأت القاعدة تستخدم أسلوباً جديداً في تهديد الملاحة الخليجية ـ هو مطلب هام وضروري ويجب أن تسعى جميع الدول على بلورته رغم الاختلافات السياسية القائمة بينها

 

فالجميع يجب أن يتحمل المسؤولية بشكل أكثر تنسيقاً وتعاوناً وعدم ترك الأمور تسير من دون تعاون وتنسيق لأن القاعدة لا يمكن أن تنجح في تهديدها لأمن المنطقة إذا كان هناك تعاون قوي في هذا المجال بين دول المنطقة. فالمسؤولية يجب أن تكون جماعية ويجب أن يتحمل كل طرف مسؤوليته بشكل شفاف وواضح للجميع.

 

هذا التعاون بالطبع غير موجود حالياً، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه للتهديدات من قبل بعض الدول كإيران التي تحاول استخدام أسلوب التهديد لأمن واستقرار الملاحة في الخليج لتحقيق أهداف سياسية خاصة بها، ومن قبل بعض الجهات الإرهابية كالقاعدة التي تحاول أن تضعف من حالة الأمن والاستقرار في دول المنطقة الخليجية لتحقيق مآرب خاصة بها.

 

الوضع الأمني الحالي قائم على أساس التنسيق الفردي أو الثنائي مع بعض القوى في المنطقة ولكن ليس التنسيق الجماعي بين كافة الدول التي لها علاقة وصلة بأمن واستقرار الملاحة في الخليج العربي.

 

وفي حقيقة الأمر فإن خلق أرضية تعاون وتنسيق جماعي بين تلك الدول هو الوضع المطلوب تحقيقه في المنطقة من أجل مواجهة التهديدات وتحقيق سلامة الملاحة في الخليج وبالتالي تحقيق الأمن والاستقرار في دول المنطقة. هذه فرصة لتعاون الدول جميعها، حيث أن هناك قاسما مشتركا يمكن للجميع العمل من خلاله لتحقيق التعاون.

 

فمنظمة شنغهاي للتعاون على سبيل المثال بدأت كمنظومة عمل للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة التي تضم الدول الأعضاء وقد نجحت في تحقيق ذلك الهدف واستطاعت أن تنتقل نحو تحقيق أهداف أخرى بعيدة عن الهدف المباشر الذي وجدت من أجله.

 

هذا النجاح يمكن أن يبنى عليه في إنشاء منظومة شبيهة بين دول المنطقة تضم الهند وباكستان وإيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي تعمل في مجال السعي في النظر في السبل الكفيلة في المساعدة على تحقيق أمن المنطقة وأمن الملاحة فيها وإنشاء ميثاق تعاون يمنع التهديد والوعيد والإضرار بأمن المنطقة.

 

فمسؤولية الأمن ما عادت كما كانت مسؤولية مجزأة ومختصرة على دول بعينها دون غيرها بل إن الجميع مسؤول حيث إن مسؤولية الجميع هي الكفيلة في ردع الأخطار والتهديدات وليس العمل الفردي.

 

البيان - محمد بن هويدن - 15 - 8 - 2010