التراث السوري يغزو العالم عن طريق دمى ترتدي الزيّ الشعبيّ
التراث السوري يغزو العالم عن طريق دمى ترتدي الزيّ الشعبيّ
ساهرة صالح. شام نيوز
عندما نبدأ الحديث عن بلد مثل سوريا , نشعر و كأننا نغوص في عالم من الأساطير و الملاحم التاريخية , فهي من أغنى دول العالم حضارياً , إذ تجاوز عدد المواقع الأثرية فيها ال 3000 موقع من أصل 9000 في العالم أجمع , أي أن ثلث التاريخ العالمي موجود في سوريا ..
هذا التاريخ و الإرث الحضاري , انعكس بشكل واضح على الكثير من نواحي الحياة في سوريا وكان أحدها الأزياء الشعبية المتنوعة حسب تنوع الأرض السورية ..
وكان للسيدة الدمشقية هيام عطايا مساهمات واضحة بتوثيق الجانب المختص بالزي الشعبي لكل محافظة و منطقة و قرية في هذا البلد الملقب ب( مهد الحضارات ) واستطاعت بإبداعها أن توصل التراث والفن السوري بمحافظاته ال 14 إلى العالم بأسره عندما بدأت بحياكة الأزياء الشعبية على شكل دمى صغيرة يمكن للقاصي و الداني اقتنائها...
وفي حديث معها قالت : ((من خلال زياراتي المستمرة للمحافظات السورية اكتشفت أن لكل منطقة أزيائها الخاصة بها . ابتدعها أهلها لتكون طابع مميز لهم , فكانت أزيائهم بأشكال و ألوان و رسوم لا تقل إشراقا عن السهول و الوديان و البساتين و حتى الصحراء التي يعيشون فيها . على اعتبار طبعاً أن السوريين كانوا روادا في صناعة النسيج و الحرير و الملابس ))
و كان اللافت في حديث السيدة هيام ( الجانب التوثيقي ) , فهي لم تكتفي بكونها عاشقة للفلكورالسوري , بل لاحقت أيضا التاريخ وشرحت لنا عن مرجعيتها :
((نحن اليوم للأسف نستورد ملابسنا و بشكل شبه كامل , على الرغم من أننا بلد كان يصدر الأقمشة و الأزياء لجميع بلاد العالم و أحد الأدلة هو الصناديق البرونزية المكتشفة التي تحتوي أبر و دبابيس , و هذا يدل على أن أهل المنطقة كانوا يتقنون فن الزخرفة و التطريز خلال عصر البرونز , كما أُكتشفت توابيت تضم خيوط من الذهب كانت تستعمل للتطريز ))
و بما أن المصداقية كانت ملازمة للإبداع الفني , فقد أخبرتنا السيدة عطايا عن الدمى التي ارتدت التراث السوري بتفاصيل كثيرة فتقول :
((أزياء الرجال تختلف عن أزياء النساء فبينما تتميز أزياء المرأة حسب مراحل عمرها فإن أزياء الرجل تختلف بحسب مكانته الإجتماعية في قومه , والمرأة الدمشقية خير مثال على ذلك حيث ترتدي في بيت أهلها زياً مختلفاً عن الزي الذي تلبسه في بيت الزوج أو في الخارج كما أن أزيائها بشكل عام تقترب من شكل البيت الدمشقي الذي يبدو بسيطا وجميلا فهي تميل إلى ارتداء أقمشة الدانتيل والمطرز باليد والمكسو بورود بيضاء. أما المرأة في الريف الدمشقي فهي تختلف بشكل كبيرعن الدمشقية من أهل المدينة , فكانت ترتدي فساتين مرسوما عليها ورود مع إكسسوارات بسيطة مصنعة من الخرز الملون وذلك بسبب عملها في الأرض جنبا إلى جنب مع الرجل ))
وتتابع
(( أما بما يخص أزياء الجزيرة السورية , فقد كانت تستخدم الرسوم الهندسية والطيور والحيوانات على شكل تعاويذ تدعى الحرز إضافة إلى إستخدام المرأة للثام الوجه إتقاء لعواصف الغبار في تلك البيئة ))
على مدى سنوات عمل السيدة عطايا وصلتها عدة دعوات لعرض هذه الدمى في معارض ومتاحف عالمية , و فعلا هذا ما كان بأن عرضت في باريس ولندن وعدد من العواصم الأوربية و العربية . و مؤخرا كانت هناك دعوة مميزة من متحف فرنسي يهتم بالازياء الشعبية حول العالم , و بالفعل السيدة عطايا تحضر دماها المتأنقة بيمختلف الأزياء الشعبية السورية حاليا لهذا المتحف ...