التقسيط...حل السوريين لمصائبهم وحدة بوحدة

"ادفع 10 آلاف ليرة الآن واحصل على سيارة أحلامك......ارضي "حماتك" ودلل "مرتك" من طرف "الجيبة"... 1000 ليرة فقط وكرّم ست الحبايب في عيدها بتجهزيات مطبخية كاملة... الدفعة الأولى علينا والباقي عليك أو الدفعة الأولى عليك والباقي علينا".

عبارات كثيرة وعروض مغرية لا يمكنك تجاهلها.... وإن فعلت فإن الحاجة والضغط المادي....وربما أمور أخرى "كالتفاخر" مثلاً  سيعيدوك للتفكير بها مجدداً ، ففي ظل الضغوطات المادية و الحاجة إلى الكماليات التي تحولت بفعل نمط الحياة التي نعيشها اليوم إلى ضروريات ، وفي ظل المنافسة الكبيرة التي تشهدها الأسواق السورية، لم يعد للمستهلك وكذلك للبائع خيارٌ أفضل من التقسيط.

انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير لتشمل كل ما يلزم الإنسان..... "من الأسوارة حتى السيارة"، ولم يعد التعامل بالتقسيط حكراًعلى الطبقة الفقيرة وحدها وإنما أصبح الخيار الأول للميسورين أيضا، هذا ما أكده "جمال الصعيدي" صاحب صالات البيع بالتقسيط "لدينا زبائن من الطبقة الفقيرة فهؤلاء ليس لديهم القدرة على شراء السلعة الذي يحتاجوها نقداً ولذلك يلجؤون إلى محلات التقسيط، ولكن النسبة الأكبر من زبائننا هم من الطبقة المتوسطة وما فوق فإن هؤلاء يلجؤون لهذه الطريقة مفضلين شراء غرضهم بالتقسيط بدلاً من أن يجمدوا قسم من أموالهم في شراء أغراضهم بالنقد حتى الرخيصة منها".

 

مهنة المصاعب ..

وعن الصعوبات التي يواجهها في هذه المهنة يبين الصعيدي "هذه المهنة هي مهنة المصاعب، فيكفينا الصعوبات التي نتلقاها لتحصيل الأقساط الشهرية من الزبائن، فمنهم من ينسى أو"يتناسى" أقساطه، وهناك من يقدم الأعذار عن التأخير، وآخرون “يطنشون” وكأن الأمر لا يعنيهم، وما يزيد المسألة تعقيد عدم وجود متابعة من قبل المحكمة لاسترداد حقوقنا من الزبائن، فالتوجه إلى المحاكم يعني انتظار استردادنا لحقوقنا بمدة لا تقل عن سنة أو سنتين أو ربما لفترة أطول بقليل قد تدوم مدى الحياة".

ورغم صعابها لا يمكن الاستغناء عنها يضيف الصعيدي: " رغم المتاعب الكبيرة التي تواجهنا في هذه المهنة إلا أننا لا نستطيع الاستغناء عنها أو توقيف البيع بالتقسيط، وذلك لعدم توافر الأموال في أيدي الناس، فنفضل أن "يمشي السوق" بهذه الطريقة بدلاً من أن نبيع بالنقد "ونكدس بضاعتنا"".

 

 

"من تحت الدلف لتحت المزراب"

لم يكن التقسيط حلاً مناسباً بالنسبة للبعض فهناك من اعتبره "ورطة" لم يلقى لنفسه مخرجاً منها وهذا ما أكده "العروسين" خالد وتهاني اللذين أكدا بعد التجربة أن التقسيط كان بمثابة "مصيبة" جلبوها لأنفسهم:" الشراء بالتقسيط أغرانا بدايةً فاشترينا كل أدواتنا المنزلية بهذه الطريقة ولم نبخل على أنفسنا بشيء "بما أنو بالتقسيط" وفرحنا لقدرتنا على تجهيز بيتنا بكل جديد ولكننا لم نعرف أننا سندفع  ثمن هذه الفرحة غالياً فالآن يتوجب علينا في كل شهر دفع عدة أقساط مجموعها يفوق دخلنا الشهري ما اضطرنا لإضافة ديون جديدة إلى جانب ديوننا "المقسطة".

 

 

أولها خدعة...أوسطها غصة...وآخرها الوقوف أمام القضاء

الإقبال على الشراء بالتقسيط للبذخ أو شراء السلع الكمالية وكذلك الإقبال على القروض الشخصية  أمر في غاية السوء خاصة إذا أصبح المقترض عاجزاً عن السداد، ويتحول إلى مطلوب أمام القضاء فالتقسيط أوله خدعة وأوسطه غصة وآخره الوقوف أمام القضاء هذا  ما قاله أبو رامي الذي قام بشراء سيارته بالتقسيط فهو الآن سيبيع سيارته مفضلاً الاستغناء عنها على أن يقف أمام القضاء "تورطت بشراء سيارتي بالتقسيط، والآن وضعت نفسي أمام خيارين إما دفع قسطها الشهري "15" ألف ليرة سورية وأكمل أنا وأسرتي باقي الشهر ب"5000" ليرة، أو أن أبيعها وأدفع فوائد تقسيطها دون أن أحصل عليها، يضيف مبتسماً:"الخيارين أرحم من الوقوف أمام القضاء"".

على الرغم من أن البعض اعتبر البيع بالتقسيط مصيبة، إلا أن بعضهم الآخر وجد فيه حلاً مثالياً لشراء سلع لطالما حلم بامتلاكها وجاء التقسيط ليحقق له أحلامه فعلى خلاف أبو رامي يبين ماهر "التقسيط ساعدني كثيراً على تحسين أوضاعي فقد اشتريت كل الأدوات الكهربائية لمنزلي وبعد أن أنهيت من أقساطهم، اشتريت سيارة....وحين سأنتهي من أقساطها سأشتري بيت... فأنا لولا التقسيط لم أكن لأحلم باقتناء أي منها ولو بعد 20 عاماً.

 

 

شام نيوز- رهام محمد