"الثريد" سيد إفطار الحسكة و "الحنيني والخميعة" في السحور

لمحافظة الحسكة عاداتها الرمضانية وتقاليدها التي تميزها عن غيرها، هذه العادات المتوارثة من قديم الزمان من جيل إلى جيل.

 

وهي تتعلق بالاستعداد للشهر الفضيل و التماس الهلال ومن ثم تحديد موعد السحور والإفطار، إلى جانب الأكلات الخاصة بشهر رمضان التي تشتهر بها البيوتات الحسكاوية, ومن ثم في العشر الأواخر تبدأ الاستعدادات للعيد من شراء للثياب والسكاكر و ( حوايج ) الكليجة. ‏

 

فما هي العادات والتقاليد الرمضانية في محافظة الحسكة؟. وهل ما زالت هذه العادات والطقوس مستمرة حتى الآن؟ وماذا بقي منها وماذا اندثر؟. ‏

 

المسحراتي كان هنا ‏

 

فيما مضى كان أهل البادية والريف في محافظة الحسكة، يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك استعداداً له ولطقوسه الخاصة. فقبل قدوم الشهر بأيام كانت تنطلق قوافل لجلب المؤن من الدول المجاورة، هذه القوافل يسمونها قديماً قوافل السفارة (بفتح السين وتشديد الفاء)، وهي تنطلق غالباً باتجاه العراق وماردين، والهدف من ذلك جلب التمر والدبس والقمردين والتين والزبيب والسكر والحلاوة، وهذه المادة لم تكن تجلبها إلا العائلات الميسورة، بالإضافة إلى قطع القماش والثياب. ‏

 

ويتحدث المعمرون ويقولون إن أهل الريف والبادية في الحسكة عرفوا المسحراتي، حيث يحمل هذا الشخص عند موعد السحور، صفيحة أو طنجرة ويقرع بها وهو يمر بين المنازل ويدعو الناس إلى الاستيقاظ وتناول السحور, حيث لم تكن الطبلة معروفة في بادية الحسكة وريفها في ذلك الوقت. ‏

 

‏ وهناك دليلان لتحديد موعد الإفطار لدى أبناء البادية والريف الحسكي. هما دخول الدجاج إلى القن أو الخم، وأيضاً هجوم العتمة من جهة الشرق. عندئذ يعرفون أن موعد الإفطار قد أزف ويتناولون إفطارهم. حسب مدير الثقافة بالحسكة الباحث الدكتور أحمد الدريس. وفي رمضان تكثر الولائم والعزائم لدى أبناء الريف. والولائم الرمضانية ولائم مباركة، تبدأ من اليوم الأول لرمضان، من عند كبير القوم، ثم تسمى الدائرة حيث تدور على البيوت جميعاً. باستثناء الفقراء والمعسرين الذين لا يملكون شيئاً. ‏ ‏

 

 

والحكواتي أيضاً ‏

 

كانت هناك بعض العادات الجميلة والطقوس الترفيهية الخاصة بشهر رمضان المبارك، تتميز بها بادية محافظة الحسكة وريفها. لكن هذه العادات تراجعت الآن وتكاد تكون قد انقرضت مع ظهور وسائل الترفيه الحديثة، لاسيما الفيديو والدش والانترنت وغير ذلك من الأدوات التكنولوجية المتطورة. ‏ ‏

 

ومن هذه العادات والطقوس ما يسمى بالتعليلة أو السهرة الرمضانية، حيث تبدأ التعاليل بعد الإفطار في القرى و الأرياف المنتشرة في الحسكة. و التعاليل تعني أوقات السهر أو التسلية في الريف والبادية، التي يجتمع فيها الأقارب و الأصحاب و الأهل رجالاً ونساء، يتبادلون الأحاديث والنكات ورواية أخبار السلف و بعض القفشات التي يتوارثونها عنهم. كما يتخلل تلك السهرات أو التعاليل الغناء والطرب البريء إلى جانب الألعاب والأحاجي و الألغاز. وهناك حكايات وأحاديث يروونها عن غزوات القبائل فيما بينهم وعن بطولات الأجداد. ‏ ‏

 

ويقول د. الدريس، ان تلك التعاليل تتضمن عدة وسائل للتسلية، نذكر منها الاستماع إلى الحكواتي الذي لم يكن معروفاً في الداخل السوري فقط ، و إنما كان معروفاً أيضاً في بادية الجزيرة وريفها. حيث غالباً ما يجلس في مضافة كبير القوم أو النزل وهو إما قارئ وإما حافظ. يتلو السير الشعبية كسيرة بني هلال و البطل عنترة العبسي و الزير سالم وقصص الغزوات والحروب، وغالباً ما يجعل الحكواتي قصصه على حلقات حتى يجذب الناس إلى بعضهم من أجل التسلية في اليوم التالي. من التسالي أيضاً هناك الحزازير وهي أسئلة تطرح على نحو ما نعرف الآن. لكن هناك نوعاً من الحزازير يقوم على التورية أي على معنى ظاهر وآخر باطن، وهذه الحزازير يعجز الكثيرون عن حلها. ‏ ‏

 

و إلى جانب ذلك، ثمة العديد من الألعاب التي كانت تُمارس في التعاليل منها الخويتمية، وهي لعبة تدور بين فريقين كل فريق يمثله فرد منه، يمسك ممثل احد الفريقين بخاتم ويخفيه عند أحد أعضاء فريقه، وعلى ممثل الفريق الآخر أن يحدد الخاتم عند من، وإذا لم يكن كلامه صحيحاً ينتقل إلى غيره، حتى ينحصر الموضوع باثنين فقط، وهنا على المتباري أن يحزر عند أي منهما الخاتم، فإذا أصاب يأخذ الخاتم وتسجل له نقطة. ‏ ‏

 

وهناك أيضاً لعبة الفنيجيلة التي تقوم على إخفاء خاتم تحت سبعة فناجين مصنوعة من الطين توضع مقلوبة في صينية، وبعد أن يحدد الفريقان المتباريان من يمثلها. يأخذ ممثل الفريق الأول الصينية إلى خلف رفاقه، ويضع الخاتم في أحد الفناجين ويقدمها للفريق الثاني، الذي يجب على ممثله معرفة الخاتم تحت أي فنجان، بشرط أن يكون نظره في وجه ممثل الفريق الخصم، حتى يستطيع تحديد مكان الخاتم من خلال حركات الوجه والعينين. وهذه الألعاب تجرى على شروط فالرابح له على الخاسر ذبيحة، أو يطلب من الفريق الخاسر أن يؤدي بعض الحركات، أو تقليد أصوات معينة. أما لعبة الألفاظ التعجيزية فيطلب فيها من شخص ما أن يكرر عبارة أو جملة صعبة التركيب عدة مرات، وهذه الصعوبة ناجمة عن تقارب مخارج الحروف. ‏ ‏

 

 

ثريد وحنيني وخميعة‏ ‏

 

وهناك أطعمة خاصة بالبادية والريف، و بعض هذه الأطعمة تراجعت الآن ولم تعد موجودة على موائد الإفطار والسحور. ففي السحور هناك الكثير من الأطعمة التي يعدها أهل البادية والريف، نذكر منها القمر دين الذي يستخدم الآن كشراب، في حين كان وجبة رئيسة فيما مضى من الزمان، حيث يمزج القمر دين مع السمن العربي والخبز، ويفت كله مشكلاً وجبة غنية في السحور. أيضاً هناك وجبة اسمها الحنيني وهي عبارة عن التمر المهروس الذي يطبخ بالسمن العربي، وأحياناً يضاف البيض إلى هذه الطبخة. وأيضاً هناك الخميعة وهي حليب مع السمن العربي وخبز الصاج ويفت ويثرد. ‏ ‏

 

و يقول د.الدريس إن من مأكولات الإفطار (الثريد) وهو سيد الطعام كما يقال، ويتكون من اللحم المسلوق بالمرق والسمن العربي ويفت معه خبز الصاج ويؤكل باليد. ثم المبصلية وعند أهل دمشق يسمونها حراق اصبعو، وتتكون من البصل المقلي بالسمن العربي يضاف إليه الماء حتى يغلي ثم يوضع الخبز ويفت ويثرد. هناك وجبة طريفة هي التين مع اللحم وأيضاً الكمأة مع التين، التين مع اللحم يطبخ اللحم أولاً، ثم يوضع التين المنقوع عليه قبل النضج ويفت معه الخبز ويؤكل كثريد. وإذا كان رمضان في الربيع وأنبتت الأرض الكمأة، يقوم الناس بإعداد الكمأة مع التين أو الكمأة مع التمر، يضاف إلى ذلك السمن العربي. الذي يعتبر العامل المشترك في كل الوجبات، لأن سكان الريف والبادية لم يكونوا يستخدمون إلا هذا النوع من السمن. كما أنهم يتناولون كل هذه الأكلات باليد. وباستثناء القمر دين السمن العربي، مازالت جميع الأكلات الأخرى معروفة وتطبخ حتى الآن، وبنفس الطريقة. ‏ ‏

 

ومع وجبات الطعام في الإفطار أو السحور، لا بد من وجود اللبن (بكسر اللام) أو (الشنينة). واللبن (بكسر اللام) هو ما يتبقى في وعاء صنع الزبدة، والذي يسمى (الشجوة أو الشكوة) بكسر الشين وتسكين الكاف، وهي عبارة عن وعاء مصنوع من الجلد يوضع فيه الحليب، ثم يرج حتى تنفصل الزبدة عن الحليب وتتكور داخله ليتم استخراجها، حيث يصنع منها السمن العربي، أو تؤكل كما هي. وما تبقى في هذا الوعاء يسمى اللبن، وهو غير اللبن الرائب (بفتح اللام) والذي يسمى في ريف الحسكة الخاثر، والذي إذا أضيف إليه الماء يسمى (شنينة أو جريعة). ‏

 

‏ثياب العيد ‏

 

ومع اقتراب العيد ، يبدأ أهل ريف الحسكة وباديتها بالاستعداد لهذه المناسبة ويشترون الأقمشة والثياب الجديدة والسكاكر، ويحضّرون لوجبة مميزة. ‏

 

وعلى الأغلب لا يشتري أهل الريف ثيابهم من أجل العيد والمناسبات السعيدة الأخرى جاهزة، وإنما يفضلون شراء الأقمشة وتفصيلها عند الخياطين، النساء يذهبن إلى الخياطات، والرجال يتجهون صوب الخياطين المتخصصين بما يسمى اللباس العربي. وفي العيد لابد لرجال بادية الحسكة وريفها من كوفية جديدة، إما بيضاء وتدعى ( المركزيت ) وإما ملونة بالأحمر أو الأزرق الداكن أو الأسود وتدعى ( الشماخ ) تثبت ( بعقال ) أسود على الرأس، و لابد أيضاً من لباس جديد للجسد، مكون من ثوب داخلي فضفاض أبيض اللون مفتوح من الأعلى وله أكمام طويلة، يـُلبس فوقه رداء يشبه الثوب قد يكون ملوناً ويدعى (الزبون). ولا ينسى البدوي الزنار الجديد، وهو عريض مصنوع من الصوف مبطن، القسم الأمامي منه مخصص لمحفظة النقود، وقد يتزنر بعضهم بزنار إضافي على الصدر يستخدم لحمل السلاح. وفوق هذا وذاك لابد من سترة جديدة من الجوخ بأكمام طويلة تدعى (الدامر). أما العباءة فيشتريها البدوي خفيفة إذا كان العيد في الصيف وتدعى (الشالة)، وثقيلة مبطنة بجلد الغنم إذا جاء العيد في الشتاء وتدعى (الفروة). ‏

 

وأول قطعة لباس تشتريها المرأة البدوية للعيد والمناسبات الهامة، هي غطاء الرأس المكون من (الملفع) الذي يكون مقصباً باللونين الأسود والأبيض، و من (الهبرية) التي تعصب الرأس وهي من الحرير الملون. ثم تشتري ابنة بادية الحسكة وريفها القماش المناسب للباس الجسد المؤلف من ثوب طويل أسود اللون يدعى (ملس) أو (أبو رويشة)، و فوقه ثوب آخر مزركش وملوّن يدعى (صاية) وهو مطرز بخيوط (فتل) لونها أزرق وتطرز باليد عادة. وفوق الصاية لابد من (الجوخة) وتسمى أيضاً (المقطنة) وتصنع باليد. وتتزنر المرأة الريفية ( بالمحزم ) وهو حزام يدعى (الشويحي) منسوج من الحرير المزركش تتدلى منه شراشيب تصل إلى الركبة. ‏

 

وإلى جانب الثياب يشتري الميسورون من أبناء بادية الحسكة وريفها الحلي الذهبية والفضية، والمكونة من (الهلال) على الرأس، و(التراجي) في الأذن ( الحلق )، و(الوردينة) في الأنف، و(العران) الذي يعلق في وسط الأنف من الداخل متدلياً حتى يغطي منتصف الشفة العليا والسفلى من الفم، (والكردان) في العنق، وأخيراً ( الحجول) وهي الخلاخيل في الأرجل. وقطع اللباس نفسها يرتديها الكبار والصغار ذكوراً وإناثاً، إلا أنه قد يكتفى بشراء أو تفصيل ثوب للأولاد يدعى (المكطع) أو (الكلابية). ‏

 

 

(كرميلا وجقلاتة وبسكويت) ‏

 

ومع ثياب العيد يشتري سكان بادية الحسكة وريفها السكاكر. وكميتها وأنواعها مرتبطة بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للشخص. وعادة تتكون من ثلاثة أنواع هي (الكرميلا) والشوكولا أو (الجقلاتة) والبسكويت. ‏

 

ومع كل هذه المواد لابد من شراء (حوايج) الكليجة، وهي كعك أو أقراص العيد التي يستخدم الموسرون في القرى والأرياف السمن العربي في صنعها. غير أن الكثير من النساء هناك مازلن يستخدمن الشحم الحيواني المذاب والذي يسمى (الودج)، بدلاً من السمن العربي أو السمن المصنع، نباتياً كان أم حيوانياً. وبالتالي فإن الكليجة الجزراوية الريفية لم تدخلها المواد المضافة والحافظة أوالملونات ولا الخميرة أوالزيوت الصناعية، والتي يصر أبناء الريف على أنها مسخت الكليجة الأصلية والحقيقية. وقد عرفت الكليجة كواحدة من أفضل وأشهر النواشف وأنواع المعجنات و البسكويت في منطقة الجزيرة السورية بشكل عام وحتى الفرات، ومحافظة الحسكة بشكل خاص، ومن أقدمها على الإطلاق. واستطاعت المرأة الجزري ـ أو(الجزراوية) كما يحلو لأهل المنطقة أن يلفظوها ـ طيلة الفترة الماضية أن تحافظ على جودتها وتحفظ سر خلطتها حتى أوصلتها إلى موائد الأثرياء والملوك والبيوتات الكبرى. ‏

 

فرائحة الكليجة المميزة و الطيبة تنبعث قبيل العيد بأيام من أغلب بيوت أحياء الحسكة والمدن والقرى الأخرى على امتداد المحافظة، حيث لا يكاد بيت جزري يستغني عنها. وهي نوع من المعجنات أوالحلويات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعيد لدى الحسكيين، وهي عبارة عن عجينة محشوة بالمكسرات والتمر، توضع في قوالب صغيرة بأشكال مختلفة وترص في وعاء كبير مربع أو مستدير الشكل، أو في ( صينية ) قبل وضعها في الفرن لتنضج. ‏

 

 

كليجة جزراوية ‏

 

والواقع أن الكليجة تعد من الأشياء العديدة التي لا يمكن معرفة تاريخها في محافظة الحسكة، لغياب عنصر التوثيق لمثل هذه الأشياء. و المؤكد حسب ما يرويه الناس أنها قديمة جداً، وتستخدم في المحافظة منذ قديم الزمان، لكن لا أحد يستطيع أن يحدد لهذا الأمر تاريخاً معيناً، مثلما لا يستطيع أن يحدد المصدر الذي جاءت منه الكليجة. فأغلب من التقيناهم قالوا إن مصدرها تركي. بيد أننا عندما شرعنا بالبحث والتقصي عن هذا النوع من حلويات العيد، اكتشفنا أن الكليجة كلمة فارسية معناها حـَلـَق الأذن، أو الشيء المستدير، وهي نوع من المعجنات الحلوة، ولها قالب خاص تُصنع به، يُعطي العجينة الشكل المستدير الذي عُرفت به. ‏

 

والملاحظ أن الكليجة تكاد تكون حكراً على الدول المحيطة بإيران ولاسيما العراق وتركيا وسورية. ومن ثم انتقلت إلى بقية الدول كمصر و السعودية عن طريق التجار. ولهذا السبب تذكر كلمة الكليجة على الأغلب مقرونة باسم البلد الذي تُصنع فيه، فيقال كليجة جزراوية أوسورية وكليجة سعودية وكليجة عراقية وهكذا. وفي بعض البلدان تسمى كليجاء. ‏

 

ويؤكد أبناء الحسكة أن تصنيع الكليجة كان حكراً على النساء ( الجزراويات ) من مختلف الشرائح، حتى أواخر التسعينيات عندما فكّر بعض التجار بإنتاجها بكميات تجارية كبيرة، ورغم ذلك تبقى الكليجة المنزلية هي الأكثر جودة بحشواتها المعروفة، بالتمر أو الجوز أو الفستق أو خالية من الحشوة. ‏

 

 

ضيافة مميزة ‏

 

وتنتج الكليجة بأحجام و أشكال مختلفة، وحشوات متعددة، أو دون حشوة، وهذه تسمى كليجة عادية. والكليجة تكاد لا تنقطع عن جميع البيوت في محافظة الحسكة. وهي من الهدايا الغالية التي ترسل للأقارب والأصدقاء خارج المحافظة، أو تقدم للزائر كأحد رموز الضيافة الجزرية المميزة، و تزخر بها الموائد في مناسبات معينة كالأعياد وظهور نتائج المدارس ومواسم الزواج وأيام الحج، وحتى في التعازي حيث تقدم عن روح المتوفى. كما أن الكليجة تتمتع بقابلية التخزين والبقاء في أي ظروف، دون أن تتغير أو تتأثر مكوناتها وعناصرها. ويمتاز هذا القرص الجميل بأنه وجبة غذائية متكاملة ذات سعرات حرارية عالية، و لهذا يزداد الطلب عليها غالباً في الشتاء، مثلما كانت وجبة المحاربين في الطوارئ والغزوات، وزاد المسافرين والحجاج، مثلما هي طعام الكادحين وهدايا الموسرين والملوك. ‏

 

ويضاف لكل كيلو طحين في الكليجة الجزراوية 600 غ زبدة أو سمنة، و 4 كاسات سكر الذي يمكن أن يستبدل بالسكرين لمرضى السكري بالكمية نفسها، إلى جانب توابل الكليجة المعروفة و المكونة من القرفة و الزنجبيل والهيل و حبة البركة والمحلب والشمرا، وهي تباع جاهزة في البقاليات ومحلات السمانة باسم بهارات الكليجة وتسمى أيضاً ( الحوايج )، و 100 غ خميرة، و 4 كاسات ماء فاتر و ربع كاسة من الزيت. حيث تمزج جميع هذه المكونات باستثناء الزيت في وعاء عميق وواسع، وتعجن حتى تصبح العجينة لينة، وعندئذ يضاف الزيت، و يغطى العجين ويترك حتى يختمر، ثم يقطع ويشرع بصنع الكليجة حسب القالب الذي نريده، كعكات أو أقراص أو قطع مستطيلة أو جدولات الخ. ويمكن أن تحشى الكليجة بالتمر أو لا تحشى. وتترك لفترة في الصينية حتى تستريح وتخمر أكثر، وبعد أن يدهن وجهها العلوي بصفار البيض تخبز في فرن على درجة حرارة 225 مئوية ، ثم تترك حتى تبرد وتقدم . ‏

 

وكليجة الحسكة أو الكليجة الجزرية أو الجزراوية، هي بلا شك جزء من خصوصيات المنطقة، وأحد المكونات الأساسية في تراثها العريق. و أهل المنطقة يفخرون ويعتزون عندما تقرن الكليجة باسم منطقتهم و أحياناً باسم الوطن فيقال كليجة جزراوية أو كليجة سورية. ‏

 

وليمة العيد ‏

 

ووليمة العيد تكون أولاً عند كبير القوم، الذي يذبح ليلاً ويوزع اللحم النيئ على النساء والأطفال، أما الرجال فيأتون إليه ويتناولون وجبتهم وقت الضحى. حيث تكون وجبة العيد الأولى مبكرة. وهي عادة (الثريد) المكون من اللحم المسلوق بالمرق والسمن العربي ويفت معه خبز الصاج، ضمن صوانٍ كبيرة الحجم تسمى (المناسف) التي يتفاخر أهل الولائم بكبر حجمها، لاعتقادهم أنه يعبر عن كرم صاحب الوليمة وثرائه ومستواه الاجتماعي والاقتصادي. و سكان الريف والبادية لم يكونوا يستخدمون إلا السمن العربي في طعامهم وولائمهم. كما أنهم يتناولون (الثريد) وغيره من الأكلات باليد. ‏

 

ثم يجتمع الناس جميعاً وينطلقون باتجاه بيوت القرية أو النزل للمعايدات، وإذا صدف وجودهم وقت الغداء في أحد البيوت فإنهم يتناولون الغداء في ذلك البيت، وبعد الغداء ينتهي العيد ويعود الناس إلى حياتهم الطبيعية. وهناك البعض من الأهالي ليس له علاقة بالولائم أو الطبخ والنفخ في المناسبات والأعياد، حيث يكتفي بالتنقل من هذه الوليمة إلى تلك، وهذا يسمى (شايل اثمو). ‏

 

وحالياً أغلب هذه العادات والتقاليد الجميلة، انقرضت عن ريف الحسكة وباديتها، لصالح عادات المدينة، التي أخذت تزحف باتجاه الريف، قاضية على معظم الأشياء الجميلة الموجودة فيه.

 

تشرين