الثورة "اليمنية" - ديمقراطية العربان

 سياسة
عندما أصيب الخليفة الفاروق في صلاته على يد أبي لؤلؤة المجوسي عهد بالأمر إلى ستة من الصحابة الكرام هم من سموا بأهل الشورى لاختيار خليفة من بينهم وقال إن هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو راض عنهم .. وأدخل في المشورة ابنه عبدالله دون أن يكون له من أمر الخلافة شيء .. وعهد إلى صهيب الرومي بإقامة الصلاة بالناس ثلاثة أيام هي الحد الأعلى للمشورة واختيار الخليفة وقال للمقداد بن الأسود اجمع هؤلاء الرهط في بيت فإن اتفق خمسة على رجل وأبى واحد فاضرب عنقه وإن اجتمع أربعة وأبى اثنان فاضرب عنقيهما وإن انقسموا فريقين كل فريق مع رجل فحكّموا عبد الله بن عمر فإن لم يرضوا حكمه فكونوا مع الفريق الذي فيه عبد الرحمن بن عوف .. واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس ..
****
رحم الله الفاروق عمر .. ربما قال قائل ممن يسمع هذه القصة أين الديمقراطية من هذاالكلام؟.. وربما أجاب آخر وأين الحزم والحسم مما نحن فيه من ديمقراطية العربان هذه؟.. حوار يتبعه حوار واتفاق خلف اتفاق بغير نتيجة؟ والناس ينتظرون الفرج من بين صفوف المتحاورين ولكن لا فرج قريب لأنه ربما لا يوجد حزم عمريٌّ .
****
لا أحد يتمنى أن تقطع الأعناق ولا الأرزاق بالطبع لأي سبب ولكن ما من حريص على وطنه إلا ويتمنى أن يجد الناس روح المسئولية من المتحاورين العاكفين على محاولة إيجاد حل لمشاكل البلاد والعباد ..وأن يكفوا عن التصريحات التي تفاقم حجم المشكلة ولا تسهم بالحل ..الناس ينتظرون حلولا مسئولة ولا ينتظرون تصريحات غير مسئولة ..
والجميع يتمنى مع ذلك أن يوجد حزم وحسم عمري في الوقت المناسب يتدخل ليقي الناس شر المتحاورين سواء كانوا سلطة أو معارضة ويبعدهم عن دعوى تمثيل رأي هذا الشعب ـ المنكوب بهم ـ إن طال عليهم الأمد ولم يتفقوا على شيء..بمعنى آخر ننتظر ممن اختاره الناس لتحمل مسئولية الحكم أن يتصرف بمسئولية تجاه ما يدور لاتخاذ قرار حاسم لحل المشاكل وتدارك أي فراغ دستوري قد ينشأ وكما يقول الفقهاء " درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة " فكيف إذا كان التدخل الحازم الحاسم فيه درء للمفسدة وجلب للمصلحة معا .
****
 اقتصاد
من ناحية أخرى ما تزال تصريحات المسئولين في البلاد تدور كلها حول سعر الصرف والأزمة الاقتصادية المستفحلة في البلاد ولعل الجميع يتفق أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية هو مفتاح الحل الاقتصادي للأزمة وكل من له دراية بعالم الاقتصاد يبارك هذه التوجهات .. ويجمع الكثير أن تزامن رفع الدعم مع رفع المرتبات والأجور يمكن أن يكون الطريق الأضمن الآمن للسير في هذا الاتجاه وقد ظهر اتجاه يدعو إلى أن تقدم الحكومة على صرف زيادة مؤقتة غير ثابته على المرتبات والأجور تسمى بدل غلاء معيشة تساوي ما تزمع زيادته على المرتبات وترفع الدعم في نفس الوقت كخطوة تجريبية قابلة للتراجع عنها فإن سارت الأمور على خير ما يرام فبها ونعمت ثم يتم إضافة غلاء المعيشة على المرتبات وتثبيتها كجزء منها .. وإلا أوقفت الزيادة بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة وأُعِيد الدعم .. ربما تسير الحكومة ومسئولوها هذا المسار ولا شك أن المعارضين سيباركون الخطوة كي يدللوا على حسن نواياهم .
****
وفي كل حال فالأمر يتطلب ترتيبات معينة تجعل من يتمتع بالزيادة هم الموظفون العاملون حقيقة في المجالين المدني والعسكري .. مع استبعاد الموظفين الوهميين وتحت مسئولية الجهات ورؤسائها ولا ينبغي أن يستثنى المتقاعدون من الزيادة وكذلك أصحاب الحالات الاجتماعية .. بل ينبغي أن تشملهم الزيادة من باب أولى.

الثورة - عبد الجبار سعد - 22 - 8 - 2010