الجعفري : موضوع حماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يمكن أن يكون انتقائيا

قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في بيان أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها أمس الأول حول حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ان المنظومة الدولية ترى ان موضوع حماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يمكن أن يكون انتقائيا او استنسابيا وانه يختص بالنزاعات المسلحة حصرا ولذلك فإننا نرى أن حماية المدنيين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي هو جزء رئيسي من هذا الجهد الدولي في سياق التطبيق الموضوعي والدقيق للولاية المنوطة بالبند المعنون حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ولاسيما ان المجلس قد دأب على مناقشة هذه المسألة المهمة لفترة طويلة في ظل استمرار إسرائيل في انتهاكاتها الجسيمة ضد السكان المدنيين في الأراضي العربية المحتلة.

وأضاف الدكتور الجعفري إن ما يدعو إلى القلق هو أن بعض الدول الأعضاء والتي نستمع الى بياناتها ذات الصلة بحماية المدنيين في الصراعات المسلحة خلال مداولات مجلس الأمن تنفرد أحيانا بمفهوم انتقائي خاص بها للمدنيين وللصراعات المسلحة يخالف ما أورده القانون الإنساني الدولي واستقر عليه الاجتهاد القانوني الدولي كما يقلقنا سعي البعض إلى تحويل معاناة المدنيين في بعض مناطق الصراعات المسلحة التي يذكي هذا البعض أوارها وينفخ في جمرها إلى نقاش أكاديمي خلافي لا يخدم المعاناة في صفوف المدنيين.

وقال الجعفري.. لقد استقر الفقه القانوني على أن الجهود الدولية الرامية إلى حماية المدنيين في حالات النزاعات المسلحة يجب أن تتم في إطار الاحترام الصارم للمبادىء التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة والقاضية بضرورة احترام سيادة الدول واستقلالها السياسي وسلامة أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبضرورة أن تتماشى هذه الجهود مع أحكام اتفاقيات جنيف والقانون الانساني الدولي.

واكد الدكتور الجعفري على عدم الخلط بين موضوع حماية المدنيين من جهة والتهديدات التي يتعرض لها الامن والسلم الدوليان من جهة ثانية كما يجب تفادي استعمال تفسيرات فضفاضة لموضوع حماية المدنيين واقحام مصطلحات من خارج أدبيات الامم المتحدة ومختلف عليها مثل مسؤولية الحماية والتدخل الانساني الامر الذي سيؤدي حكما الى المس بمصداقية وحيادية منظمة الامم المتحدة بما يؤدي الى تقويض الجهود المبذولة لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

واوضح ان من المفارقات العجيبة التي تعيشها المنظومة الدولية انه مع تطور مفاهيم القانون الدولي فقد ازدادت معاناة المدنيين خلال النزاعات وزاد عدد هذه النزاعات نفسها لا بل تفاقمت ظاهرة إعفاء سلطات الغزو العسكري والاحتلال الاجنبي من تبعات وعواقب انتهاكها القانون الدولي وضربها عرض الحائط بكل مبادىء وموجبات القانون الإنساني الدولي سائلا المجلس فيما اذا كان القيام باحتلال دول أعضاء في الأمم المتحدة وغزوها عسكريا خارج اطار الشرعية الدولية وقتل الملايين من أبنائها المدنيين كان بهدف حماية هؤلاء المدنيين واذا كانت دعوة البعض تحت قبة هذا المجلس اليوم وفي عدة مناسبات سابقة الى تغيير الحكم في دول اعضاء بعينها بذريعة حماية مدنيي هذه الدول يندرج تحت اطار الهدف النبيل المسمى حماية المدنيين في النزاعات المسلحة وهل هذه الذرائع تنسجم مع احكام الميثاق وكذلك هل معاناة الملايين من المدنيين جراء العقوبات الاحادية تخدم العيش الرغيد لهؤلاء وتحمي المدنيين ام تضعفهم وتستهدف كرامتهم وحقهم في العيش والتنمية.

وتابع الجعفري تساؤلاته بالقول: كيف يمكن أن نفسر قتل 130 ألف مدني ليبي بحجة حماية المدنيين في ليبيا وكيف يمكن تفسير الدعوة الصريحة التي وجهتها الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى الجماعات المسلحة في سورية بعدم تسليم أسلحتها او تسليم نفسها إلى السلطات السورية تماشيا مع قرار الحكومة السورية بالعفو العام عن كل من يسلم نفسه وسلاحه إلى السلطات الحكومية وقال.. الا يعني ذلك انخراطا أمريكيا مباشرا في تأجيج أحداث الفتنة والعنف في سورية.. وأليس هذا التحريض للمجموعات المسلحة كي تستمر في عملياتها الإجرامية ضد الدولة والمدنيين جديرا بالمساءلة في إطار حماية المدنيين على الأقل.

وأضاف.. ألا تعطل السياسة الأمريكية المدعومة من قبل بعض الدول الأوروبية عمل جامعة الدول العربية ومبادرتها الرامية إلى وضع حد للازمة في سورية واستعادة الأمن والاستقرار للمواطنين.

وقال.. أليس السكوت عن الاستيطان الإسرائيلي الأرعن الذي يهدد مبدأ السلام أساسا يتناقض مع أهم حق من حقوق المدنيين الفلسطينيين والسوريين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي للعيش في أوطانهم بحرية وسيادة.

وتابع الجعفري.. لا نعلم إلى متى يمكن التغاضي عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري المحتل والقدس ومزارع شبعا وقرية الغجر وعن الأعمال اللا إنسانية التي تقوم بها إسرائيل ولماذا لا نرى نفس الحماسة في التعامل مع الحالة العدوانية الإسرائيلية لدى بعض الدول التي ذهب مندوبوها بعيدا اليوم في التعبير عن حرصهم على حماية المدنيين في أجزاء معينة من العالم فاستخدموا منبر مجلس الأمن المختص بحماية الأمن والسلم الدوليين لتمرير قراءة وتفسير منقوصين لمسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة بما يخدم تدخلهم الفظ في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء بعيدا عن أي مساءلة.

وقال الجعفري.. إننا لم نسمع أي ملاحظة من مسؤولي الأمم المتحدة المشاركين في هذا النقاش المهم المعنيين بهذا الملف للرد على عدم قانونية وعدم شرعية هذا التدخل المرفوض في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء وذلك أعمالا لأحكام المادة الثانية من الميثاق.

وأضاف المندوب السوري.. يخطىء ممثلو الدول الاستعمارية واخص بالذكر فرنسا وبريطانيا الذين تحدثوا اليوم بتعابير غير لائقة بحق بلادي عندما يظنون إن ذاكرة البشرية قاصرة عن استحضار الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها أنظمتهم خلال فترتي العبودية والاستعمار على مدى عقود من الزمن متسائلا الا ينسجم الاعتذار عن ارتكاب هذه الجرائم مع مفهوم حماية المدنيين ام ان للمدنيين مراتب وفئات تمييزية فبعضهم من الشمال وبعضهم من الجنوب وقيمتهم في الإنسانية ليست سواء.

 

 

شام نيوز - سانا