"الحبحبه" أولها "زهزهه" وأخرها مقبرة

 

شام نيوز: وجيه موسى

 
سنوات و شهور من الشكوى والمعاناة ، و الكثير من الاعتداءات الليلية بحق الأهالي في تلك الأحياء الشعبية البائسة (الحجر الأسود، سبينه، السيدة زينب مفرق حجيرة، اليرموك، التضامن، دف الشوك، القابون، المزه 86، دويلعة، جرمانا ...........) من قبل الشباب الطائشين الذين يتناولون (الحبوب المهيجة) والحبوب المخدرة، هل من أحد يضع حدا لهذا الواقع المؤلم وحدا (لشيوخ الكار) الخارجين على القانون والمروجين لهذه الحبوب القاتلة والذين يخافهم الجميع ولا يستطيع أحد أن يشتكي عليهم خوفاً من تكسير منزله أو محله.
وقد أصبحت الحبوب المخدرة ظاهرة شائعة بين الشباب والمراهقين للفئات العمرية من 15ـ30 سنة وذلك بسبب تدني أسعارها مقارنة مع أنواع المخدرات الأخرى،  ويمكن إرجاع ارتفاع نسبة التعاطي بكافة أصنافها بين الشباب بسبب البطالة المسؤولة عن جميع المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها شباب تلك الأحياء..

 

أسواق في مناطق شعبية وعلى بساط أحمدي

 


تجد الحبوب المخدرة والمهدئة "سوقاً  رائجة " في الحجر الأسود واليرموك....... ومناطق شعبية عديدة، وحتى في بيئة بعض الجامعات، حيث يتم توفير كميات كبيرة من تلك الحبوب التي يتاجر بها بين المدمنين والمتعاطين عبر الحصول عليها بطرق غير شرعية من صيدليات خاصة أو عامة، أو  عبر التهريب.
وترتبط هذه الحبوب المخدرة بالسكاكين والشفرات المخبأة بثياب هؤلاء المتعاطين الذين الذين يقفون على مداخل الحارات (السوكة) حيث يتحرشون بالمارة في وضح النهار, ولا يمكنك التحدث أو التدخل في سلوك أي شخص منهم لأنه (محبحب أي مسطول) ولأن أغلبهم يقوم بذلك بهدف ابتزاز المال من المارة، والغريب أن الحبوب تباع في بعض هذه الشوارع على بساط أحمدي.. ويتناولها الكثيرون من الصغار والكبار... لأن سعرها رخيص (80 ل.س للظرف الواحد) طبعاً هي تباع للمصابين بالتشنجات العصبية, إلا أن المتعاطين يشترونها للنشوة والتخدير فيشربون عدة حبوب دفعة واحدة ثم يشربون وراءها إبريقاً من الشاي المخمر والمحلى وبعد قليل يصبح هؤلاء غير قادرين على التوازن أو التمييز فيتشاجرون مع بعضهم البعض ومع أصدقائهم وجيرانهم ويمكن أن يلطش الشخص أخته دون أن يعرفها أو يضرب أخاه بسكين و... و ....‏
جرائم قتل كثيرة حدثت في تلك الأحياء, وقعت بين أصدقاء و جيران وأخوة أثناء هذه المشاجرات وتحت تأثير المخدر و دون أن يشعر أحدهم بفعلته وفي اليوم التالي جاءت الصحوة وجاء معها الندم والحزن.
وقد تربى القاطنون في هذه الأحياء على السكوت فعلى سبيل المثال: عندما يمشي بالشارع أحد المتعاطين, يخافه أهل الحارة ويتحاشونه لأن شكله يوحي لهم بالخوف.‏
ويرى أحد ساكني هذه الأحياء أن المشكلة كان من أحد أسبابها التسرب من المدارس و الشللية التي يتباهى بها بعض الشباب.

 

يضربون أنفسهم بالسكاكين من أجل كسب المال ‏

ويقول طالب جامعي يسكن في المنطقة الواقعة بين اليرموك والحجر الأسود
إن الإدمان هو أكبر مولد للعنف وخصوصاً أن التدخين لم يعد يملأ الرأس لدى هؤلاء..
في أغلب الأحيان أعود من الجامعة مساءً ولا أستطيع الدخول إلى المنزل من الشارع المباشر بسبب وقوف البلطجية في رأس الشارع وأكون مجبراً لتغيير طريقي والدخول في عدة حارات لأتمكن من الوصول بأمان.‏
فهناك مدمنين يضربون أنفسهم بالسكاكين ويتهمون الآخرين بها، من أجل كسب المال.‏
ويضيف: أحد ساكني هذه الأحياء أن هذه المشكلات مهملة من قبل الشرطة، فهم على الأغلب يأتون لمكان المشاجرة أو الحادث ويعودون دون اتخاذ الإجراءات، وأشار البعض إلى أن السلبية التي تواجه بها عناصر الشرطة البلاغات التي تقدم لها تدفع الكثير من الأهالي لعدم التبليغ.‏
ومن جهة أخرى: إن الأطفال في هذه الأحياء والأماكن يخرجون إلى الشارع بسبب البيوت الصغيرة ولأنه لا يوجد ناد أو حديقة أو مراكز أنشطة تستقطب طاقاتهم وبحثهم عن التواصل المفقود في المنزل والمدرسة.. إذاً ليس أمامهم سوى الشارع والشلة.
ويتحدث شاب عشريني مشترطاً عدم ذكر اسمه أو صنعته أو مكان محله ، أو حتى ذكر اسم المنطقة الموجود فيها. بإسهاب عن انتشار الحبوب المخدرة في تلك الأحياء المكتظة بالبشر والحجر، و يشير إلى أن من المعروف توفر هذه  الحبوب لدى شباب في الغالب هم "زعران وقبضايات" معروفون في هذه الأحياء، بكثرة المشاكل والسلوكيات الإجرامية والبلطجة، ويترافق التعاطي في الغالب مع تميزهم بالسلوك العدواني وحمل الأسلحة الجارحة والاعتداء على الآخرين .
وفي المدارس أيضا
ويتحدث عن بعض المروجين، حيث يقول إن الحبوب "منتشرة بين طلبة مدارس، لكن ليس بالصورة الكبيرة"، و يفسر ذلك ببساطة: "الحبوب تحتاج إلى نقود، ونقود كثيرة لتوفيرها، لذلك فإن طلبة المدارس لا يملكون المال، فهم يعتمدون على مصروف الجيب من الأهل وهو لا يكفي لتأمين الحبوب ، ويمكن أن يوفروا النقود عبر السرقة من الأهل أو من غيرهم.
فمثلاً في إحدى المرات جاء أستاذ المدرسة إلى منزل أحد الطلاب بالحارة وقال له استلم ابنك، إنه لا يعرف أنني أستاذه...

 


المضحك المبكي أنه كان في جيب الطالب ظرفاً من الحبوب المهدئة !!!.‏
ويضيف أنا لست مدمناً، ويجب عليكم التفريق بين المدمن والمتعاطي، فالأول شخص يضر نفسه ويقتلها لغير سبب، ويستخدمها في حال طلبها من قبل جسمه، أما الثاني فهو صاحب كيف و"مراق" ويستخدمها لزيادة المتعة أو لنسيان الحزن، وأنا من الفئة الأخيرة، لأني لا أتعاطى إلا للكيف "البسط"، أي عند شعوري براحة البال ، وأحياناً عند وقوعي بمأزق"
ويقول جربت أنواعاً عديدة من الحبوب المخدرة، وكانت تصيبني بوجع في رأسي أو دوار ويوجد العديد من أنواع الحبوب في السوق مثل البالتان و الزينيكس والبروكسيمول ...وغيرها ولكل منها سعره .

 


نظرة المجتمع..

 


يرى ناصر محمد 35 سنة وهو مدرس أن" الحبحبة "عادة سيئة باتت تنتشر بين الشباب بكثرة وفي أماكن معينة وهي مرفوضة ديناً وخلقاً"وأضاف إن من يتعاطى هم ضعاف الشخصية لأنهم يتعاطون الحبوب المخدرة هرباً من المسؤوليات والمشاكل، أو ليشعروا أنفسهم بأنهم أكبر من سلطة الأهالي عليهم وبسب الضغوط والمشاكل التي يتعرضون لها، فيحاولون بذلك الهروب منها وليس مواجهتها، أما بالنسبة للطبقة فوق المتوسطة فيكون التعاطي بالنسبة لهم (كبريستيج)لا أكثر، بحيث تكون أنواعه أغلى .

 


رأي الطب

 


ولمعرفة رأي الطب بالموضوع، يقول طبيب من إحدى المناطق التي يكثر الحديث عن رواج التعاطي فيها: لا تخلو حياة المتعاطين من المشاكل، فهم يتعاطون المخدرات لأسبابهم الخاصة، وأكثرهم من الطبقة تحت المتوسطة "وأضاف " هذه الظاهرة منتشرة جداً بين الشباب
البداية
ويقول "يبدأ تعاطي الحبوب مثلا بحبة واحدة كل أسبوع ،وعندما يشعر المتعاطي بمفعولها يرغب في الزيادة فتصبح مثلا حبة كل يومين أو كل يوم،وقد صادفت أناساً في العيادة يتعاطون عددا كبيرا من حبات البروكسيمول في اليوم ، بحيث يصبح الجسم معتاداً على تأثيرها وراغباً بالمزيد، ما يؤدي إلى حالات توقف القلب والتنفس".
وتابع "الحبة مثلا ترفع عتبة الألم إلى نسبة معينة، ومع الأيام تفقد قدرتها على رفع العتبة إلى نفس المستوى، فيضطر المتعاطي إلى الزيادة في الجرعة ليصل إلى نفس الشعور السابق الذي اعتاده ".
وأشار إلى أن "المتعاطي المقطوع عن ما يتعاطاه يصبح سريع الحساسية والانزعاج من الأمور العادية ما يدفعه للتضحية في سبيل الحصول على جرعته التي اعتاد عليها لرفع عتبة الألم ".
وأضاف " الحبوب والمخدرات بشكل عام ترفع عتبة الألم لدى المتعاطين، فيصبح المتعاطي صعب التألم والتوجع، ما يدفعه لزيادة الجرعة بسب هذا الشعور، ومع مراحل متقدمة يصبح المتعاطي صعب التخدير إذا اضطر لعمل جراحي، و في حال تخديره يصعب إيقاظه بعد التخدير ".
وأكد أن "رخص الأسعار يعد سبباً هاما ساعد في انتشار الحبوب المخدرة بين الشباب مقارنة بتأثيره القوي ، وعلى سبيل المثال هناك دواء اسمه "فوستان" أو "لورازيبان" سعره حوالي 40 ليرة سورية ويحوي 30 حبة.

 


نتائج وأضرار


وعن نتائج التعاطي وما يسببه للجسم من مشاكل قال إن" أنواع المخدرات بشكل عام تزيد من استقلاب الجسم، وغالبيتها تسبب نحف شديد وهزاله، لأن المتعاطي يصبح غير مهتم بموضوع الطعام والشراب، فأي شعور للحاجة إلى أي منهما يمكن أن تخدره "الحبة مثلاً" فيصبح طالباً للمخدرات أكثر من الطعام والشراب
وتابع "مخاطر التعاطي كثيرة ، فقد تؤدي إلى إضرار في الكبد، وفقدان التركيز والتوازن ، عدا عن التأثير السلبي على الأسنان، وتخدير الخلايا الحسية".
وكانت وزارة الصحة سابقاً أصدرت تعميماً بعدم صرف الأدوية التي تحتوي على مواد مخدرة إلا بموجب وصفة نظامية، وفرضت على الصيادلة بيع وشراء الأدوية المخدرة والأدوية النفسية بموجب دفاتر نظامية تطبعها وزارة الصحة وتبيعها للصيادلة بأسعار الكلفة عن طريق مديريات الصحة وفروع نقابة الصيادلة في المحافظات.
وإذا كان من واجبنا أن ننقل الواقع كما رواه لنا الأشخاص الذين عايشوه وشاهدوا أحداثه، فإن الهدف هو لفت الأنظار إلى مشكلات يعتقد الكثير من السوريين  أنها غير موجودة في مجتمعنا، والبحث عن أسباب انتشارها وإيجاد الحلول المناسبة لها .