الحريري لأمريكا: نحتاج طائرات مقاتلة لهزيمة حزب الله

كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية الجمعة 6/5/2011عن برقية نشرها موقع "ويكيليكس" صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ 24 أيار 2008، جاء فيها أن "قائد 14 آذار" سعد الحريري، الذي بدا كئيباً ومنهزماً، لم يتضح ما إذا كان قد حسم قراره بشأن ترشّحه لرئاسة مجلس الوزراء المقبلة.

وإذ اعتبر الانتخابات الرئاسية النجاح الوحيد الذي حققته الدوحة، تذمّر الحريري من تغاضي المجتمع الدولي عن استيلاء حزب الله على وسط مدينة بيروت بمعظمها. وشدد مجدداً على الدعم العسكري والمادي العاجل، مصرّاً على الحاجة إلى معدات كالطائرات المروحية المقاتلة كي يتمكن الجيش اللبناني من مواجهة حزب الله.

والبرقية تروي إجتماعاً بين القائمة بالأعمال الأميركية في بيروت ميشيل سيسون، يرافقها أحد الدبلوماسيين السياسيين الاقتصاديين، بزعيم الأغلبية سعد الحريري في مكتبه في قريطم، يوم 24 أيار، قبل أقل من 24 ساعة من انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وحضر الاجتماع كل من غطاس خوري ونادر الحريري ومدوِّنة المحضر نادين شهاب.

بدأت سيسون الاجتماع بالتأكيد أن الأغلبية تخوض سباقاً طويل الأمد لا سباقاً قصيراً، رغم أن القرارين التكتيكيين الفوريين والقرارات الاستراتيجية البعيدة المدى كانت المفتاح للفوز بالانتخابات النيابية لعام 2009. وكما ذكر خوري ونادر قبل دخول الحريري غرفة الاجتماع، فإن تيار "المستقبل" التابع للحريري و14 آذار تنتظرهما تحديات قاسية في محاولتهما ترسيخ الدعم السياسي، والتعافي من الإهانات التي إنهالت على السنة بواسطة حزب الله، وتأليف مجلس وزراء قادر على تلبية احتياجات الناس. واعترف سعد بأن الأغلبية تخوض سباقاً ماراثونياً.

وسردت القائمة بالأعمال النقاش الذي دار بينها وبين سليمان في الليلة السابقة، والذي شددت خلاله على تنفيذ اتفاق الدوحة بأكمله، بما في ذلك الجزء المتعلق بمعالجة مسألة العلاقة بين حزب الله والدولة. ومع أن الولايات المتحدة الأميركية لن تدخل في لعبة التسميات، فقد شددت أمام سليمان على أهمية بقاء الجيش اللبناني في أيدٍ أمينة لضمان بقاء برنامج التدريب والمعدات القائم بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة على الطريق الصحيح.

وبحسب الوثيقة، كان مزاج سعد انهزامياً جداً، وقد عبّر مراراً عن خيبة أمله من المجتمع الدولي، فيما كان يحرّك أصابعه على سبّحته دون توقف.
"عندما كنا نتعرض لإطلاق النار، كان الجميع في غيبوبة"، قال الحريري، "كان علينا أن نفعل ما فعلناه لإنقاذ لبنان". واستطرد الحريري "انفطر قلب" السنّة (استخدم خوري مصطلح "اغتُصبوا")، رافضاً أن يعطيهم المزيد من "التوقعات الخاطئة".
وجاء في البرقية ملاحظة وهي: قبل أن ينضم الحريري إلى الاجتماع، وصف خوري اتفاق الدوحة بالمناسب، وبالحل المعقول في ظل هذه الظروف.
 ووافق مع القائمة بالأعمال على أن 14 آذار قد كسبت نقطة عندما ضمنت أن مصطلح "مقاومة" لم يذكر في البيان الأخير. وأشار خوري أيضاً إلى أن سعد "مصمّم" على ألا يمرّ ما أقدم عليه حزب الله في بيروت مرور الكرام، وأن سعد قد أبلغ العماد سليمان بذلك.

وبحسب البرقية، أكمل سعد قائلاً إنّ الفوز الوحيد الذي حقّقه اتفاق الدوحة كان تمكن لبنان من انتخاب رئيس للجمهورية. إلا أن سليمان يواجه مشكلة كبيرة الآن فبعد أن كان "محبوباً جداً" من قبل اللبنانيين، بات "مكروهاً جدّاً" بعد تقاعسه عن مواجهة حزب الله. وتشير البرقية إلى أن سعد الحريري لم يبدُ حاسماً قراره بشأن من سيكون رئيس الحكومة المقبل، قائلاً بكل بساطة "الأمر عائد لي". (ملاحظة: قبل دخول سعد إلى الغرفة، أخبرنا نادر أن السعوديين يحترمون قرار سعد الحريري مهما كان. لكن وردنا من عدة مصادر أن السعوديين أبلغوا الحريري أنّ على رئيس الحكومة الحالي فؤاد السنيورة أن يبقى في منصبه).
 
"سنفعل ما بوسعنا للحفاظ على استقرار البلد"، أضاف سعد، متفقاً مع القائمة بالأعمال على أن الأشهر العشرة المقبلة ستكون حاسمة للفترة التي تسبق الانتخابات النيابية ربيع 2009.
وكشفت البرقية أنه قبيل انضمام سعد إلى الاجتماع، أقرّ نادر بأن الدوحة كانت "الجولة الأولى" وأنّ أمام الأغلبية طريقاً طويلاً لتسلكه.
 وأضاف خوري "إن الأغلبية أرادت أن تحقق أفضل ما يناسب اللبنانيين خلال الأشهر العشرة المقبلة، كمعالجة المشاكل الاجتماعية التي لم يأبه بها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة"، مستشهداً بمحاولة وزير الاقتصاد سامي حداد رفع سعر الخبز مثالاً على ذلك.

السنيورة عنيد، قال خوري، ومن الصعب العمل معه. وتوقع خوري أنه كما حدث مع رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، فإن الحكومة ستؤلف في نهاية المطاف، من "لائحة واضحة" من الزعماء الذين لا صلة لهم حالياً بالجدال الدائر على الحقائب الوزارية.

وجاء في البرقية أيضاً أن الحريري تذمّر من تعليقات الحكومة الأميركية بشأن خسارة حزب الله لمؤيّديه، قائلاً "هذا لا يساعدنا". ما نحتاج إليه هو مؤتمر باريس-3 ودعم عسكري مستعجل، لا مجرد كلام، قال الحريري. أشارت القائمة بالأعمال إلى أنّ الولايات المتحدة قد أنفقت أكثر من 300 مليون دولار على التدريبات العسكرية والمعدات العسكرية الأميركية المقدمة إلى الجيش اللبناني وما زالت تبحث عن وسائل أخرى لدعم الجيش. صرف سعد النظر عن هذا، مجيباً أن سورية وإيران تقدمان أكثر بكثير من 300 مليون دولار لحزب الله.
وأشار إلى أنه قد يلتقي بوزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي عند حضوره حفل تنصيب سليمان، لكنه "سيتجنّب" وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

"نحتاج إلى طائرات مروحية مقاتلة إذا أردنا هزيمة حزب الله!" قال الحريري. وأضاف متذمّراً "ليس لدى الولايات المتحدة أي شعور بالعجلة! ونحن هنا في قلب العاصفة".
ولفتت القائمة بالأعمال إلى تسلّم الجيش اللبناني، هذا الأسبوع، ذخائر من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى شحنة الدروع الواقية من الرصاص التي تسلمها الجيش أيضاً في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي تعليق على كلام الحريري، ذكرت سيسون في البرقية أن سعد بدا صادقاً في حيرته حيال رئاسة الحكومة. وحتى قبل انضمام سعد الى الاجتماع، بدا مستشاروه كأنهم يلمّحون إلى القائمة بالأعمال "حدّدي أنت" من سيكون رئيس الحكومة المقبل.

ورغم سلوكه الانهزامي، بدا مصمماً على مواجهة التحديات السياسية المرتبطة بالانتخابات النيابية لعام 2009، ومطلع تماماً على الصعوبات المقبلة.