الحريري ومجلس الأمن: بدأت رحلة التخلص من حزب الله

اذا كان اخراج رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الدين الحريري من رئاسة الحكومة أشبه بمفاجأة من العيار الثقيل ، واذا كان قبول ميقاتي التكليف وانقلاب جنبلاط مفاجأة مفهومة ، فان ما كان متوقعا عن دخول حتمي للبنان في فلك مجلس الامن الدولي بدأ يلوح بالأفق في شكل جدي ومتسارع.  فوزن حزب الله السياسي واللبناني والاقليمي الرافض للتعاون مع المحكمة الدولية يشكل بدوره مؤشرا واضحا لجميع المعنيين والمؤسسات اللبنانية على انواعها أن اشكال التعاون السابق مع المحكمة الدولية لن تتكرر وان ضوابط جديدة باتت قائمة في الموازين السياسية اللبنانية.
فعلى وقع المعلومات الآتية من لاهاي عن قرب صدور القرار الاتهامي على دفعات متتالية برزت طلبات المدعي العام القاضي دانيال بلمار من اربع وزارات لبنانية التي رفضت اجزاء من هذه الطلبات التي لم تأت واقعية بحجمها خصوصا أنها شملت أحيانا الشعب اللبناني بأكمله وخرجت في مكان آخر عن متطلبات التحقيق.

ومع هذه المعطيات المترافقة بدأ الحديث الفوري محليا ودوليا عن لجوء المحكمة الدولية الى مجلس الامن لالزام لبنان بالتعاون مع طلباتها مستندة بذلك الى القرار الدولي 1757 والى الاتفاقية غيرالدستورية بين لبنان والامم المتحدة التي تشكل جزء لا يتجزا من القرار .
ولعل ما يعيشه لبنان اليوم هو مجرد فصل مما حذر منه سابقا من ان لبنان ذاهب حتما الى مواجهة مع مجلس الأمن الدولي . فالاتفاقية وقواعد الاثبات والاجراءات تسمح لرئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي بمخاطبة مجلس الامن واعلامه أن لبنان لم يلبي طلبات المحكمة بعد مرور ثلاثين يوما عليها وبالتالي الطلب من مجلس الأمن اتخاذ الاجراءات المناسبة.
واذا لم يستخدم كاسيزي هذا الحق في المرحلة الراهنة واذا قدر للقرار الاتهامي صدوره من دون تلبية طلبات بلمار الاخيرة فان المرحلة المقبلة ستكون أكثر خطورة خصوصا عند طلب تسليم متهمين من حزب الله الامر الذي لن يتحقق أبدا. وبالتالي فان تراكمات عدم تلبية طلبات المحكمة واذا تقاطعت مع ظرف سياسي دولي ستؤدي حتما الى اتخاذ اجراءات في حق لبنان . وهو ما قيل انه مرسوم سلفا للبنان في رحلة تصفية الحسابات الدولية  مع المقاومة ومحاولة عزلها.

ولعل موقف سعد الحريري برفضه حماية سلاح المقاومة لا بل هجومه الأخير على غلبة السلاح والاستعداد لرفع شعار الشعب يريد اسقاط السلاح قد يكون مقدمة طبيعية لغطاء داخلي لبناني لتلقف قرار دولي تحت الفصل السابع ينال من حزب الله ولبنان معا. وهو ما تناقلته بالأمس معلومات وصلت الى رئيس الحكومة المكلف .
ومع وصول لبنان الى هذه المرحلة يكون اللبنانيون امام منعطف خطير من مسار رسم منذ عام 2005 وتم الدفاع الدولي عنه بالضغط غير المسبوق الذي تعرض اليه الحريري لرفض الاتفاق السعودي السوري بعد اعطائه موافقته عليه.

فالولايات المتحدة الاميركية واسرائيل وبعض الدول الأوروبية التي عملت منذ اغتيال الحريري على هذه اللحظة بالذات لن تسمح بتفويتها من دون تسجيل أهداف في مرمى المقاومة اللبنانية واللتي لن تقف مكتوفة الأيدي بدورها اذا خرجت الامور عن مسار المحاكمات الغيابية وشعرت بان قسما من السياسيين اللبنانيين يستمر في ملاقاة هذا التوجه الدولي.