الحكومة والعجز الجنسي

أفزعتني الزميلة الصحفية الأستاذة وفاء الغزالي بتحقيقها الصحفي الذي نشرته في صحيفة «أخبار اليوم» يوم السبت الماضي, حيث تناولت فيه رأياً خطيراً للدكتورة مها رادميس استشاري التغذية.. الرأي يقول.. إن تناول الدجاج المحقون بالهرمونات.. يؤدي إلى الإصابة بمرض السكر وسرطان البروستاتا عند الرجال وسرطان الثدي عند الإناث. الكلام مخيف جداً لأننا نأكل الفراخ بشراهة بعد أن قاطعنا اللحوم بسبب جنون أسعارها.. ومن يدقق فى كلام عالمة السمنة والتغذية يكتشف أنهم يحقنون الكتكوت بالهرمونات وعمره اربعون يوماً ليصبح فرخة.. في حين أنه ينمو طبيعياً دون هرمونات بعد ستة اشهر.. وهذا هو الفرق بين فرخة طبيعية بدون هرمون.. وفرخة منفوخة بعد حقنها بالهرمون.. والهرمونات في جميع الأحوال تسبب إخلالاً بهرمون الذكورة لدى الرجال وتصيب السيدات بتكيس المبايض واضطرابات في الدورة الشهرية.. كما أن لهذا الهرمون تأثيره على القدرة الإنجابية لذلك تجد بناتنا وشبابنا يلجأون كثيراً لأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي. ولأن الكلام خطير جداً.. فقد شدني إلى متابعته وفهمت أن هذه الهرمونات تسبب أيضاً اضطرابات فى التمثيل الغذائي الذي يؤدي للإصابة بمرض السكر وسرطان البروستاتا وسرطان الثدي. بصراحة لقد وقفت عاجزاً أمام هذا الكلام.. وقلت في نفسي أين جماعات حقوق الإنسان في مصر.. كيف تسكت عن الكوارث التي تهدد حياتنا وحياة أولادنا بسبب أمراض السرطان؟ أنا شخصياً لا أعرف لماذا تجاهلت هذه القضية.. الذي أعرفه أن حقوق الإنسان ليست في الحياة السياسية فحسب لكن من حق الإنسان أن يأمن على صحته وصحة أسرته.. وأي خطر تكون الحكومة سبباً له من المفروض أن تتدخل جمعيات حقوق الإنسان وتحاسب الحكومة على هذا الخطر. الذى يحدث معنا ومع أولادنا لا يستحق السكوت.. فإذا كانت الحكومة تخطط للحد من عدد السكان.. فعليها أن تفكر في طريقة آمنة أفضل من الطرق غير الشرعية التي لجأت إليها منذ أيام يوسف والي بقتل الأبرياء من خلال المبيدات والهرمونات.. فالحكومة تعرف جيداً أنها تستخدم الهرمونات فى الدواجن.. وفي الخضار.. وفي الفاكهة إلى جانب المبيدات المسرطنة ومع ذلك لم نشهد أي تحرك لا في الحزب الحاكم ولا فى جمعيات حقوق الإنسان.. للأسف تركوا لها الحبل على الغارب إلى أن زادت نسبة انتشار الأمراض السرطانية في مصر.. ووصل بنا الحال إلى أن أصبحنا نسمع أن فلاناً يعاني من المرض الخبيث وكأنه يعاني من آلام المصران الأعور.. ولو عاد بنا التاريخ إلى سنوات مضت أي قبل ثلاثين عاماً سنجد أن مصر كانت خالية من أمراض السرطان.. وأمراض الفشل الكلوي.. وأمراض الكبد التي تفشت بصورة مرعبة وأصبح ما بين كل ستة أشخاص شخص يحمل فيروس «سي».. يعنى المسألة بقت هايصة بسبب تقاعس الحكومة وعدم اهتمامها بالخضار أو اللحوم أو الطيور التي نأكلها.. فكم من جرائم ارتكبتها في حق هذا الشعب ولم تجد من يحاسبها وقت أن كنا نأكل الزراعات بمياه المجاري وساعتها قامت الدنيا وللأسف انفضت الضجة دون حساب. الزميلة الأستاذة وفاء الغزالي كانت محقة عندما اختارت لتحقيقها الصحفى عنوان «بالسم الهاري» فقد كان التحقيق هو واحدة من الخبطات الصحفية التى عودتنا عليها صحيفة مثل «أخبار اليوم» ورغم أنها لسان حال النظام فقد ارتدت ثوب الشجاعة وتناولت قضية تحسب ضد الحكومة.. فهى استعرضت بأمانة مهنية السموم التي نأكلها مع ذلك ولا حافظ لنا إلا الله سبحانه وتعالى.. صحيح أنهم يقولون إن المصريين يأكلون الزلط لكن لابد من وقفة.. فبطوننا تتحمله لكنها لا تتحمل الأورام السرطانية الناتجة عن الهرمونات والمبيدات المسرطنة.. والتي لم تعد تفرق بين الغني والفقير.. فكم من الشخصيات تنتهي حياتها بين الحين والحين بسبب الأمراض السرطانية.. حتى الطفولة البريئة يزحف إليها هذا المرض الخبيث، فبعد أن كان أطفالنا يشكون من شلل الأطفال أصبحوا يشكون من «اللوكيميا».. والتهابات الغدد الليمفاوية.. وأصبحنا نحتضن أكبر مستشفى لأمراض السرطان للأطفال فى مصر.. وندعو إلى إقامة أكبر معهد للأورام فى مدينة ٦ أكتوبر.. هل هذا معقول؟ يا عالم تحركوا.. أوقفوا مثل هذه الجرائم.. استعينوا بعلماء المركز القومي للبحوث وابحثوا عن ظاهرة الهرمونات التى تهدد مستقبل أولادنا الشبان وبناتنا.. اطلعوا على تقارير منظمة الصحة العالمية التى تقول إن ٣٠٪ من شبابنا يعانون الضعف الجنسي بسبب الهرمونات في الفواكه والفراخ. أذكر أنني التقيت يوماً مع عالم الأمراض الجلدية والتناسلية الأستاذ الدكتور محسن سليمان، الذي كان رئيسا للجمعية الأمريكية في الأمراض التناسلية.. وذكر لي الرجل أنهم عقدوا مؤتمراً لدراسة ظاهرة الضعف الجنسي عند الشبان وسبب تضخم الثدي عندهم فاكتشفوا أن الهرمونات في الدواجن والفواكه والخضار هي سبب هذا الضعف.. ومع التوصيات التى أعلنوها لم تتحرك الحكومة المصرية وكأنها تريد أن تقتل العلاقات الحميمة عند الشباب وتحرم الشاب من حق ممارسته للجنس مع زوجته.. ولذلك نجد أن حالات الطلاق في تزايد في السنوات الأولى للزواج بسبب الضعف الجنسي.
ولا أعرف لماذا تتجاهل الحكومة هذه القضية.. هل الذين أفهموها أن أحسن الطرق للحد من زيادة النسل قتل الرغبة الجنسية عند الشباب بالعجز الجنسي.. وإذا كانت هذه هي نظريتهم فهذه جريمة.. ولأن الجريمة لا تزال قائمة بين أولادنا.. والمشاكل لا تنتهي فلماذا يسكت الحزب الحاكم ولدى أعضائه أبناء شبان يعانون من المشكلة نفسها.
المصري اليوم - صبري غنيم