الحلقي: قريباً خط ائتماني مع روسيا وتجديد لخطين آخرين مع إيران

الحلقي

كد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي أن تعزيز صمود الجيش العربي السوري يشكل أولوية الحكومة في المرحلة الراهنة للتصدي للاعتداءات الإرهابية التي يتعرض لها الوطن مشيرا إلى أن العدالة الاجتماعية تشكل أحد أبرز الأهداف التي تسعى الحكومة لتحقيقها في جميع الظروف.

وأوضح الدكتور الحلقي في مقابلة مع صحيفة الثورة المحلية نشرتها اليوم أن السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة تقوم على إيصال الدعم لمستحقيه وتطوير المنظومة الضريبية بما يحقق عدالة ضريبية أفضل وتعزيز تكافؤ الفرص في العمل ورعاية الفئات الأكثر تضررا في المجتمع وذوي الشهداء.

وفيما يلي نص المقابلة..

أسس لقاء اللجنة السورية الروسية الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية 24 الجاري لجملة من الخطوات والتي تدعم الاقتصاد السوري.. ماذا عن الجانب الجمركي بين البلدين؟‏‏

توصلت اللجنة المشتركة إلى تخفيض البند الجمركي للسلع المتبادلة بين الطرفين ووصلت قيمة الاعفاء الجمركي إلى 25٪ وهي نسبة مقبولة وتساعد على انسياب السلع بين البلدين وتشجيع الصادرات السورية والمستوردات الروسية ويعتبر هذا الاعفاء مقبولاً لأن سورية لم تنضم بعد إلى الاتفاقية الاوراسية حيث هناك اتفاقية تعاون تضم روسيا وبلاروسيا وكازاخستان.‏‏

وتعمل الحكومة السورية على استكمال إجراءات الانضمام للاتفاقية والتي تحتاج إلى موافقة الجهات الرسمية والبرلمانات وسبق أن تم طرح الموضوع للمرة الأولى مع بيلاروسيا منذ عامين وخلال لقائي مع السفير البيلاروسي الأسبوع الماضي تم التأكيد على المضي قدماً في إنجاز انضمام سورية لاتفاقية التعاون.‏‏

كما يتضمن جدول أعمال اللجنة الوزارية العليا السورية البيلاروسية الذي من المقرر أن يعقد في كانون الثاني القادم جملة من قضايا التعاون المتبادل ومن بين البنود المقرر متابعتها دخول سورية إلى اتفاقية التجارة الحرة.‏‏

طالما أتينا على الاعفاءات الجمركية.. هل لكم أن تقدموا إضاءة حول الممر الأخضر بين سورية وروسيا‏‏

يعتبر الممر الأخضر اعتماد مسار مائي يسهل تدفق السلع الزراعية بين بلدين وهذا ماتم الاتفاق عليه مع الجانب الروسي لربط مرفأ اللاذقية مع مرفأ نوفورسيك الروسي ولدى مخاطبة وزارة الزراعة واتحاد الغرف الزراعية لدينا جاءت الاستجابة سريعة وتم تحديد الكميات الأولية وجاءت بالنسبة للحمضيات 50 ألف طن والتفاح 30 ألف طن أما بالنسبة للزيتون فتم الاتفاق المبدئي على تصدير 10 آلاف طن من زيت الزيتون في حال وجود فائض في الإنتاج المحلي يسمح بالتصدير.‏‏

في سياق تعزيز التبادل السلعي والخدمي بين البلدين وكذلك الأمر مع الأصدقاء في إيران.. نسأل إلى أين وصلت خطوات اعتماد خط ائتمان مع الجانب الروسي وتجديد خطي الائتمان مع إيران؟‏‏

بداية يقصد بالخط الائتماني قيام البلد الموقع معه الاتفاق بتأمين سلع تموينية وصحية وخدمية وانشائية وتسجيل التكاليف المالية لتلك السلع ديناً يتم تسديده لاحقاً أما فيما يخص خط الائتمان مع روسيا فمن المتوقع أن يتم ذلك قريباً حيث تم الاتفاق على الجوانب الفنية لاطلاق الخط بين البلدين.‏‏

وعن خطي الائتمان مع إيران فهناك إجراءات تحضيرية يتم استكمالها لتجديد الخطين ومن المأمول التوقيع على التجديد في الزيارة القادمة للاشقاء في ايران ويقضي الخط الأول على تأمين حاجة السوق المحلية من السلع التموينية والصحية والتجهيزات الكهربائية ومعدات الموارد المائية واحتياجات باقي القطاعات الخدمية، أما الخط الثاني فينص على تأمين نفط خام والخطوط الائتمانية الثلاثة تأتي في اطار تأمين صمود الجيش العربي السوري وتعزيز الجبهة الداخلية للبلاد وتخفيف الأعباء الناتجة عن الحصار الأحادي وغير الشرعي من قبل أميركا ودول أوروبا ومن يدور في فلكهم وتخريب أدواتهم من المجموعات الارهابية.‏‏

ترك قرار رفع سعر ليتر مادة المازوت المنزلي من 60إلى 80 ليرة وتوقيت القرار تداعيات سلبية لدى الأخوة المواطنين حيث أثقل جنون الأسعار الأعباء المتراكمة عليهم… فما هي مبرراتكم؟‏‏

كامل مخرجات زيادة أسعار مادة المازوت ستسخر للدعم الاجتماعي من تعليم وصحة وضمان اجتماعي واحتياجات خدمية والدولة مصممة على استمرار تأمين الخدمة التعليمية لمراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي والخدمة الصحية مجانية والإبقاء على دعم قطاعات الكهرباء ومياه الشرب والري الزراعي ورغيف الخبز وباقي القطاعات التي تتلقى الدعم وذلك في إطار الإمكانات المتاحة. فمتوسط تكلفة تعليم الطالب السنوية في التعليم الأساسي والثانوي 32 ألف ليرة سورية ومتوسط تعليم الطالب في الجامعات الحكومية في المحافظات المختلفة 48 ألف ليرة فيما تصل تكلفة الخدمة الصحية وسطياً للفرد في المجتمع السوري إلى 5800 ليرة سورية وهذا ما ينسحب على قطاعات عديدة تشمل قطاعات الكهرباء والمياه والثقافة وتعزيز النظم الأخلاقية وتحصين المجتمع.‏‏

اعتماد البطاقة الذكية قرار لا عودة عنه‏‏ هدفه إغلاق منافذ الهدر والفساد‏‏

لنبقى في إطار مادتي المازوت والبنزين لزوم مركبات الجهات الحكومية فقد رافق اعتماد البطاقة الذكية معوقات أبرزها عدم التوزع الجغرافي المقبول لمحطات التعبئة فهناك أحياناً مسافة مابين أقرب محطتين يصل إلى 70كم فهل هناك مدة زمنية لتجاوز الخلل؟‏‏

بداية.. اعتماد البطاقة الذكية لتأمين مادة المازوت والبنزين للسيارات الحكومية قرار لاعودة عنه بل هو قرار يأتي ضمن حزمة من القرارات والإجراءات والخطوات التي ستقوم الحكومة باعتمادها تباعاً بعد انضاجها لتصب جميعها في إغلاق منافذ الهدر والفساد الموجودة في القطاعات كافة.‏‏

وهنا تجدر الإشارة إلى أن وفورات تطبيق القرار الذي مازال محدوداً لجهة المؤسسات التي أخذت تطبقه بلغت خلال شهر من مادة البنزين 190 ألف ليتر ومن مادة المازوت 150 ألف ليتر.‏‏

وعن توزع المحطات التي أقلعت في التعامل مع البطاقة الذكية ففي دمشق 7 محطات عادية و3 محطات للاستهلاك الذاتي ومحطة في ريف دمشق و3 محطات في طرطوس ومحطتان في اللاذقية ومثلهما في حمص وواحدة في السويداء وأخرى في حماة ليصل بذلك المجموع الكلي إلى 20 محطة وهناك 7 محطات ستدخل الخدمة خلال ثلاثة أسابيع فيما سيصل عدد المحطات الموضوعة في الخدمة مع نهاية العام الحالي أي خلال شهرين 39 محطة وتتوزع على محافظة دمشق بواقع 14 محطة وريف دمشق 4 محطات واللاذقية 5 محطات ونفس العدد في طرطوس و4 محطات في حمص و3 محطات في حماة و4 محطات في السويداء.‏‏

مع تراجع الموارد التقليدية في دعم الخزينة العامة للدولة.. ما البدائل التي يتم العمل عليها لتعزيز الموارد غير التقليدية خلال العام القادم؟‏‏

أدت سنوات الحرب الأربع التي مرت على البلاد الى تراجع مساهمة الموارد التقليدية بدعم الموازنة العامة للدولة وخاصة لجهة قطاعي النفط والسياحة وإلى حد ما في القطاع الصناعي وقد أخذت العجلة الصناعية بالإقلاع وانتاج السلع الوطنية التي أخذت طريقها للأسواق الخارجية مثل السلع النسيجية والغذائية ويضاف لها بعض صادرات الخضار والفواكه ما يدعم الخزينة العامة بالقطع الأجنبي والليرة السورية.‏‏

ومع تواضع الواردات مقارنة بما وصلت إليه في عام 2010 إلا أنها تبقى مقبولة وبالمقابل تعمل الحكومة على استكمال صدور حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتأمين مزيد من الموارد ومن تلك الخطوات مشروع قانون التعرفة الجمركية وهو في طريقه إلى مجلس الشعب فيما سيعرض رسم الانفاق الاستهلاكي على مجلس الوزراء الثلاثاء القادم والذي سبق أن تم دراسته من اللجان الفنية والحكومة جادة في تطبيق مشروع الفوترة بداية العام القادم وستتكامل المشاريع الثلاثة آنفة الذكر مع مشروع العدالة الضريبية لبعض المهن إضافة للبيوع في قطاع العقارات فلا يعقل أن تبقى الرسوم متواضعة كما هو قائم حالياً.‏‏

وحول مشروع العدالة الضريبية تم دراسته بشكل مبدئي ورد من مجلس الشعب وسنتابع تدقيقه لاستكمال أسباب صدوره.‏‏

ملفات عديدة ضاغطة على الحكومة القسم الأكبر منها عاجل ولا يحتمل التأجيل ولكن ماذا عن القطاعات التي تحظى بالأولوية؟‏‏

بالتأكيد هناك قضايا عاجلة تحتاج إلى معالجة فورية واتخاذ قرارات آنية مهما كانت التبعات المادية، فالاعتداء على أحد الأبراج أو تعطيل محطة تحويل والتسبب بقطع التيار عن منطقة معينة يتم تلافي الضرر خلال ساعات معدودة وحتى بعض القرارات الإسعافية لمعالجة حالة طارئة يتم إعداد مشروع القرار خلال يوم أو اثنين ليعرض المشروع بعد استكمال الدراسة في أول جلسة لمجلس الشعب لاتخاذ القرار المناسب.‏‏

أما عن أولويات الحكومة فهي توجيه الدعم لاستمرار الإنتاج في القطاع الزراعي وتأمين تحسين وتائر الإنتاج في القطاع الصناعي وفيما يتعلق بدعم القطاع الزراعي فهو مزدوج فإضافة لدعم مستلزمات الإنتاج يتم شراء البذار من الفلاح في الحقوق المختارة من قبل المؤسسة العامة لإكثار البذار بمبلغ 45 ليرة سورية وتقوم المؤسسة بعملية التعقيم والغربلة والتعبئة والتخزين بشروط صحية ونقلها إلى الفروع والمصارف الزراعية لتوزيعها على الفلاح وبسعر 34 ليرة سورية وتصل كلفة ري الهكتار نحو 10.000 ليرة فيما يدفع الفلاح فقط 3500 ليرة.‏‏

والدعم في المستلزمات ينسحب على الطاقة الكهربائية وتطوير البحث الزراعي عبر استنباط الأصناف والسلالات الواعدة ذات الإنتاجية العالية وتأمين وصولها إلى الحقل عبر جهاز الإرشاد الزراعي.‏‏

كما يتم دعم مخرجات الإنتاج عبر استلام المحاصيل الاستراتيجية بأسعار تشجيعية وصلت للقمح إلى 45 ليرة لكل كغ و110 للقطن و8.5 ليرات للشوندر و33 ليرة للشعير.‏‏

ووصلت الإعفاءات – التي ترتبت على المرسوم 11 لعام 2014 الخاص بجدولة الديون البالغة 70 مليار ليرة وهي عبارة عن قروض – إلى 14.6 مليار ليرة وهنا تم قرن التمويل الزراعي لتنفيذ الخطة بالتزام الفلاح بتسديد 5٪ من المستحقات للمصرف الزراعي عن الديون وأن يتثبت إمكانية زراعة الحيازة التي يملكها الفلاح.‏‏

حظي قطاع الصناعة الدوائية باهتمامكم الشخصي وكذلك القطاع الصحي بشكل عام ماذا عن واقعه الراهن؟‏‏

تعطيل الإرهاب للقطاع الدوائي مؤقت فالقسم الأكبر من المستثمرين في الصناعة الدوائية أناس وطنيون وجزء ممن تم تعطيل معاملهم بدؤوا بالعودة للإنتاج مع تحسن الظروف الأمنية وقسم منهم شرع بتأمين الموافقات المطلوبة للإقلاع في المنطقة الساحلية وكان قبل الأزمة هناك 71 معملاً منها اثنان للدولة أخرج الإرهاب 20 معملاً من العجلة الإنتاجية بسبب التضرر الجزئي أو الكلي.‏‏

ونتيجة الاستهداف الممنهج لقطاع الصناعة الدوائية تراجعت نسبة التغطية المحلية للدواء من 93٪ عام 2010 إلى 89٪ خلال المرحلة الراهنة ويتم تأمين النقص من الدول الصديقة وعلى رأسها إيران وكوبا وروسيا ولعل القرار الأهم الذي أعطى نتائج إيجابية السماح لأكثر من معمل بإنتاج الصنف الدوائي الواحد ما أمن أكثر من بديل في حال توقف خط إنتاج أو أكثر بفعل الاستهداف الإرهابي.‏‏

وتسببت الاعتداءات الإرهابية بتعطيل جزئي أو كلي لـ «34 مشفى و 600 مركز صحي كما كان الاستهداف كبيراً على منظومة الإسعاف ووصل عدد سيارات الإسعاف المدمرة والمعطلة إلى 400 سيارة إسعاف إضافة لعدد من الشهداء والجرحى والمفقودين من الأطباء والممرضين والفنيين.‏‏

وترافق الاستهداف الإرهابي للقطاع الصحي بتراجع عدد الأطباء والكوادر الصحية المختلفة وكل ذلك أثر سلباً على المشعرات الصحية والتي بالإجمال مازالت مقبولةمقارنة بواقع حال البلاد.‏‏

وتعمل الحكومة رغم ما تقدم على تقديم كامل الخدمة الإسعافية والجزء الأكبر من الخدمة الصحية الباردة مجانية في الهيئات العامة للمشافي فيما كامل الخدمة المتاحة لجميع الشرائح في المراكز الصحية والمشافي العادية تقدم مجانية وتشمل التشخيص والعمل الجراحي والعلاج ومستلزمات تأمين الشفاء الكامل.‏‏

نحن في أزمة وحالة حرب لا مثيل لها… فما أولويات الحكومة التي تعمل على تحقيقها في المدى المنظور؟‏‏

تضمن البيان الوزاري أولويات عمل الحكومة، ابتداءً من مكافحة الإرهاب، وإعادة الأمن والأمان، وتعزيز المصالحة الوطنية وتحسين الواقع المعيشي للمواطن، وتطوير وتعزيز الإنتاج الوطني، وإيلاء الاهتمام اللازم لملف الإغاثة والإيواء والاهتمام بذوي الشهداء والجرحى، والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والإصلاح القضائي والتهيئة لعملية إعادة الإعمار وتعزيز التعاون الدولي مع الدول الصديقة والأسواق الناشئة وتعزيز دور المجتمع الأهلي والمنظمات الحكومية في المجالات كافة.‏‏

ولتنفيذ الأولويات لا بدَّ من معالجة التَّحديات التي تواجه الحكومة السورية والتي فرضتها الأزمة في الداخل السوري « تدمير المصانع وسرقتها، نهب الثروات النفطية، إخراج الكثير من المناطق الزراعية من الخدمة، ولاسيما في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية والتي كانت تشكل سلة غذاء المواطن السوري» والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على تعاملات التبادل الخارجي المالي والسلعي وبالتالي تقليص المصادر الخارجية لتأمين المستوردات من المستلزمات الأساسية «غذائية – طبية – دعم العملية الإنتاجية».‏‏

في هذه الظروف، انصبَّ جهد الحكومة على منحيين اثنين:‏‏

- الأول: محاولة بعث ودعم بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية ضمن المناطق الآمنة لتوفير موارد محلية تعزز زيادة المعروض من السلع والخدمات في السوق المحلية، وهذا ما أفرز ما بات يعرف بـ «بواكير التعافي».‏‏

- الثاني: توطيد علاقات التعاون مع الأصدقاء بهدف تأمين انسياب السلع والخدمات الضرورية لتلبية احتياجات السوق السورية.‏‏

وبتسليط الضوء على أهم المواضيع التي ستعمل الحكومة عليها ضمن هذه الأولويات سيتم الاستمرار بتوفير الخدمات الأساسية من الكهرباء والماء والنقل والمواصلات والصحة والتعليم وتعزيز العدالة الاجتماعية.‏‏

إن القطاع الاقتصادي والإنتاجي يمثِّل الركيزة الأساسية التي تستند إليها عملية إعادة بناء الدولة، إذ يجب استغلال الموارد المتاحة كافة وتسخيرها وفق منهجية مدروسة، وإعادة إطلاق العملية التنموية في المجالات الرئيسة وخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة، حيث سيتم العمل في قطاع الزراعة على تعزيز قدرات الإنتاج والمنتجين في هذا القطاع كونه القطاع الأهم في الأمن الوطني لما يحققه من أمن غذائي، وذلك من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج وتطوير سياسة دعم الإنتاج الزراعي واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الإنتاج والمحاصيل الوطنية والتوسع بها بما يضمن تلبية احتياجات السوق المحلية ومن ثم تصدير الفائض، كما ستعمل الحكومة على تبني سياسة واضحة في المجال الصناعي لتعزيز وحماية الصناعات السورية الصغيرة منها والمتوسطة من خلال توفير بيئة عملها وخاصة تطوير وتشبيك العناقيد الصناعية وتعميمها كثقافة في المجالات الإنتاجية الزراعية والصناعية لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعدُّ ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية وسيتم التركيز على تعزيز القطاع العام والخاص لترميم القدرات الوطنية التصنيعية وخاصة صناعة النسيج والأقمشة والملابس والصناعات الغذائية والأدوية والقوالب والصناعات الهندسية وصناعة المواد الأساسية ومواد البناء وغيرها حيث ستعطي الحكومة اهتماماً متزايداً للصناعات التصديرية بصفتها الحامل الرئيس للاقتصاد الوطني والرافد الرئيس للقطع الأجنبي، وبما يساهم في تعزيز مناعة وصمود الاقتصاد السوري وتعزيز مقومات تكيفه مع الأزمة من جهة، وتعزيز إيرادات الحكومة لضمان استمرار تقديم الخدمات العامة والتوسع بها كماً ونوعاً.‏‏

تحدثتم في البيان الحكومي عن ضرورات العمل بروح الفريق الواحد وكذلك عن إرساء قواعد العدالة الاجتماعية، وعن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعن الانضباط والالتزام بأصول العمل المؤسساتي بشفافية ومصداقية وواقعية.‏‏

السيد رئيس الحكومة: هل نحن قادرون على بلوغ ذلك اليوم، في حين لم نتمكن منه ونحن نعيش أحوال الرخاء والاسترخاء والرغد والاستقرار والأمن والسلام؟‏‏

بداية لابدّ من القول إنه لا مستحيل أمام الإرادة والتصميم… وإن كانت المهمة أصعب اليوم إلا أنه يجب علينا ألّا نيأس من تحقيقها… خصوصاً في ظل ما تعانيه البلاد… الأمر الذي يجعلنا أحوج من ذي قبل لتحقيق هذه الأهداف.‏‏

وفي إطار العمل على تجاوز الأزمة فلا بدَّ من وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية للتكاتف والعمل المشترك لتجاوز هذه الأزمة والنهوض بالبلد وتحسين الوضع المستقبلي، ما يتطلب تضافر الجهود وسيادة القانون والإحساس بالمسؤولية وهو حاجة كانت ملحّة وأصبحت حالياً أكثر إلحاحاً وأدرك الجميع هذا الأمر من خلال التلمس الفعلي والواقعي لسلبيات الابتعاد عن ذلك في المرحلة السابقة.‏‏

وقد سعت الحكومة وبدأب لإيلاء العمل بروح الفريق الواحد أهمية كبيرة، وقد أعطته الأولوية خصوصاً في ظل الأزمة التي تمرُّ فيها البلاد، ولا يقتصر ذلك على التنسيق والتعاون مع كافة وزارات الدولة، بل يتعدى الأمر ذلك ليشمل التنسيق والتكامل بين سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. فضلاً عن المساهمة في إعداد مشاريع القوانين المقترحة من قبل الوزارات الأخرى والحرص على إصدارها بالشكل المناسب وبما ينسجم مع مبدأ دستورية القوانين وسلامتها القانونية. بالإضافة إلى التنسيق مع اللجان المعنية في مجلس الشعب «لجنة الشكاوى والعرائض، لجنة حقوق الإنسان، اللجنة الدستورية والقانونية، لجنة المصالحة الوطنية… إلخ» بشكل دوري والاستماع منها بشكل مباشر إلى كل القضايا ذات الصلة.‏‏

إن العدالة الاجتماعية هدف نسعى لتحقيقه في جميع الظروف وسياستنا الاقتصادية والاجتماعية وضعت هدفاً لها وهو تعزيز مقوماتها على المستوى الكلي من خلال العمل على إيصال الدعم لمستحقيه وتطوير المنظومة الضريبية بما يحقق عدالة ضريبية أفضل وتعزيز تكافؤ الفرص في العمل ورعاية الفئات الأكثر ضرراً في المجتمع وذوي الشهداء، وهذا محور أساسي في سياستنا الحكومية وتبرز أهميته بصورة ملحّة خلال الأزمة، ونعمل بكل جددٍ على تحقيق خطوات مهمة في هذا الاتجاه الذي نعتبره توجهاً حتمياً وضرورياً خلال الأزمة وما بعدها .‏‏

هناك من يقول إن الحكومة تظهر عجزاً عن أداء أدوار هي أهم لكنها أقل بكثير مما تطرح في برنامجها، فما مستويات الطموح التي تتطلع الحكومة لبلوغها في هذه المجالات؟‏‏

أفرزت الأزمة الحالية العديد من التداعيات التي تتطلب منا العمل بمرونة وبسلاسة كما تتطلب إعادة ترتيب أولوياتنا بما يتناسب مع الواقع الجديد بالنسبة للقطاعات الرئيسة وتمَّ تحديد توجهاتها المستقبلية وأهمها:‏‏

- في المجال الزراعي: تطوير الهيكل المؤسساتي والتشريعي، الاستخدام المستدام للموارد وإعادة تأهيلها وتطويرها والتوسع فيها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي وتطوير الإنتاج الزراعي بشقية النباتي والحيواني، وتطوير المؤسسات الإنتاجية الحكومية، وتحسين مستوى معيشة المزارعين وسكان الريف.‏‏

- في المجال الصناعي: وضع وتنفيذ برامج عمل تهدف إلى المعالجة الفورية للسلبيات التي خلفتها الأزمة من خلال المعالجة الفورية وضمن الإمكانيات المتاحة للأضرار الجزئية التي أصابت شركاتها التابعة وإعادتها للعمل والإنتاج بالاعتماد على مواردها أو من خلال التشغيل للغير لتأمين النفقات الثابتة، بالإضافة لوضع خطة عمل استراتيجية متوسطة المدى تهدف لتوفير مستلزمات إعادة تأهيل القطاع الصناعي العام والخاص على حد سواء ويمهد لإعادة الدور الرائد لهذا القطاع في مرحلة التعافي، ومتابعة التعاون مع الصناعيين والعمل المشترك معهم لتوفير الحلول الممكنة من أجل إعادة تشغيل منشآتهم وتوفير التسهيلات المطلوبة بما يمكّن من إعادة انطلاق القطاع العام الصناعي لأداء دوره المطلوب للمرحلة المقبلة، والعمل على توفير مرتكزات دعم القطاع الصناعي وتوفير مجالات التنافسية لمنتجاته سواء في الأسواق المحلية أو التصديرية.‏‏

- في مجال التنمية البشرية والاقتصادية: استئناف عملية التنمية في مناطق محددة قبل أخرى وكذلك في نشاطات صناعية وإنتاجية قبل أخرى بما يعزز اللامركزية في التنمية، ووضع منظومة متكاملة لتحقيق التنافس الاقتصادي بين المحافظات وتطوير منظومة /إدارية وسياساتية/ وتعزيز قدرة المحافظات على جذب الاستثمارات وخلق الإيرادات.‏‏

- في مجال تلبية احتياجات المواطنين: يتم العمل على تعزيز اللامركزية الإدارية الكاملة في الإجراءات والاستجابات والخطط رغم فرض الأزمة التأخر في تطبيق توجهات قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي 107 لعام 2011 «والقاضية بضرورة تعزيز اللامركزية ونقل جزء كبير من الاختصاصات والمهام المركزية إلى الوحدات الإدارية»، وتقديم الخدمات للمواطنين بفعالية وتأثير أكبر مع تحقيق شرط الاستدامة والتركيز على المناطق والمحافظات الأشد احتياجاً والأكثر تضرراً خلال الأزمة الراهنة، وتبسيط الإجراءات لتأمين الخدمات للمواطنين بما يوفر الجهد والوقت والمال وصيانة الملكية والحفاظ عليها والتَّوسع بإحداث مراكز خدمة المواطن وزيادة عدد الخدمات المقدمة فيها وأتمتة الصحيفة العقارية بما يؤدي إلى صيانة الملكية والحفاظ عليها لما لذلك من تأثير إيجابي في طمأنة المواطن على الحرص على عدم ضياع الحقوق والملكيات العقارية في القطر.‏‏

ألا تعتقدون أن عبارة التكيف مع الأزمة وآثارها والدعوة إلى مسألة التكيف بحد ذاتها هي عبارة محبطة للناس وتنبئهم بطول الأزمة وامتدادها وربما بقسوة لا ينتظرها أحد؟‏‏

لقد أشرنا في البيان الحكومي أن مقاربة الحكومة للعمل في المرحلة القادمة هي التحول من إدارة الأزمة إلى التكيف مع الأزمة وآثارها، إلا أن استكمال هذه الجملة يدل على مضمونها فالهدف من هذه المقاربة هو تحديد اتجاه واضح للحكومة بما يتماشى مع الواقع من إمكانيات وأولويات، ويما يتواءم مع الواقع الاقتصادي والمعيشي والخدماتي ومؤشراته لتنطلق عملية التعافي باتجاه التهيئة لإعادة الإعمار والتعامل مع المظاهر التي ولَّدتها الأزمة والتي تتطلب على المدى المتوسط التكيف معها بهدف تذليل آثارها السلبية والاستفادة من الفرص التي ولدتها الأزمة عبر أحداث تغييرات مهمة للبيئة الاقتصادية والتشريعية بما فيه تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.‏‏

ما عوامل القوة التي تستند إليها الحكومة، وهل هناك من وعود يمكن لرئيس الحكومة أن يطلقها فيطمئن الناس إلى انفراجات قادمة ولاسيما في المجالين الاقتصادي والخدمي؟‏‏

يتميز الاقتصاد السوري بالعديد من نقاط القوة، كونه اقتصاداً شاملاً وقوياً وفي كافة المجالات الاقتصادية والخدمية، وتتجلى هذه العوامل في صلابة البنية الإنتاجية وصلابة المؤسسة العسكرية وجيشها الباسل وصمودها رغم كل التحديات التي أفرزتها الأزمة وإصرار الشعب السوري بكل مكوناته الاجتماعية على تجاوز الأزمة وصلابة قيادته الحكيمة ونظرتها الاستراتيجية برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد.‏‏

ومن أهم نقاط قوة القطاعات الأساسية:‏‏