أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي أن سورية مؤمنة بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة وهذا لا ينفي مهام الجيش العربي السوري في حماية الوطن والمواطن.
وأشار الحلقي في حديث تنشره صحيفة الوطن السورية إلى أن "الجيش الحر" عبارة عن "كذبة لتغطية ما تقوم به المجموعات الإرهابية" ومعظم عناصره اليوم في صفوف "جبهة النصرة وتنظيم القاعدة".
ولفت إلى أنه تم استقبال الدفعة الأولى من المهجرين المقيمين في لبنان ودفعة من المقيمين في مخيم الزعتري في الأردن مع عائلاتهم حيث تلقى جميعهم كل الدعم والاهتمام من الحكومة السورية مشيرا إلى وجود 830 مركز اقامة على مستوى البلاد.
وجدد رئيس مجلس الوزراء التأكيد على أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة ومضنية "للحد من تراجع الأداء الاقتصادي" والتأثير إيجابا على مستوى معيشة المواطنين كاشفا أن هناك "إعادة هيكلة للفريق الاقتصادي قد يتطلب تغييرا أو تعديلا حكوميا " بما يعزز توسيع المشاركة السياسية.
وأشار الحلقي إلى أن الحكومة وضعت حلب في القلب والعقل وتتابع أوضاعها وأوضاع سكانها ساعة بساعة.
واعتبر أن العلاقات السورية الإيرانية في ظل قيادة الرئيس حسن روحاني ستزداد ألقا وتعاونا.
واليكم النص الكامل للحوار
بطبيعة الحال يستحوذ الشق السياسي على الاهتمام الأكبر.. السيد رئيس الحكومة أنتم تترأسون اللجنة الوزارية المكلفة تنفيذ البرنامج السياسي لحل الأزمة الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد مطلع العام، أين وصلت جهودكم اليوم؟
ندرك جيداً أن الحل السياسي هو الحل الأمثل والأفضل للخروج من هذه الأزمة، وكقيادة وشعب يعرفون أن الحوار هو الممر الإجباري والوحيد نحو حل كل ما يختلف عليه السوريون.
في هذا الإطار، كان هناك فريق عمل وزاري لتنفيذ ما يترتب عليها في البرنامج السياسي الذي تم تقسيمه إلى ثلاث مراحل، ونحن نعمل اليوم على مرحلته التحضيرية ويتم العمل عليها وفق محاور عديدة على التوازي، وقد يتقدم أحدها على الآخر بحسب طبيعة المرحلة.
ولعل أهم ما يجري تنفيذه حالياً هو الدعوة لحل سياسي للأزمة، إلى جانب محاربة الإرهاب العالمي في سورية الذي لم يترك شيئاً إلا واستهدفه بالتخريب في مختلف المناطق السورية، كما نضع المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب السوري كعنوان رئيس للحل السياسي، إضافة إلى العمل الطبيعي في المحافظة على تأمين متطلبات الحياة المعيشية الكريمة للإخوة المواطنين.
هل نحن بعيدون عن الحل السياسي في ظل ما نشهده على الأرض من نجاحات يحققها الجيش العربي السوري؟
كما قلت لكم، فسورية مؤمنة بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة التي يمر بها البلد، وعليه فقد تجاوبت الحكومة مع كل المبادرات الدولية المطروحة لحل الأزمة سلمياً وعودة الأمن والأمان إلى البلد، ورغم المعرفة بأن العديد من المؤتمرات الدولية هدفه فرض أجندات خارجية لا تحقق مصلحتنا الوطنية، ولكن سورية ما زالت منفتحة على كل المبادرات الدولية الجادة والصادقة والمخلصة التي تهدف إلى إنهاء الأزمة بشكل يحقق مصلحة الشعب السوري، وهذا لا ينفي قيام الجيش العربي السوري بحماية أمن الوطن والمواطن من خلال التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة التي تستهدف البشر والحجر، وأن تنفيذ المبادرات الدولية يتطلب من الدول الغربية وأميركا وتركيا وبعض الدول العربية أن توقف دعم المجموعات الإرهابية المسلحة بالمال والسلاح وتكف عن إرسال المرتزقة للقتال في سورية ويريدون تقسيم سورية وتجزئتها وإضعافها خدمة للمشروع الصهيوأميركي في المنطقة.
موقف المعارضة رفض الحوار والعمل المسلح وشروط تؤدي إلى تدمير سورية
أين أصبح جنيف2، وهل من موقف جديد بعد تصريحات قادة «الائتلاف» المعارض؟
بغض النظر عن التصريحات التي تأتي من هنا وهناك، والتي لا نتوقف عندها كثيراً ما دامت تصريحات إعلامية ليست لها منعكسات على أرض الواقع، فالحكومة السورية تهتم بالأفعال أكثر من الأقوال، فقد كان موقف المعارضة هو الرفض واختيار العمل المسلح ضد المواطنين السوريين والجيش العربي السوري والممتلكات العامة والخاصة، ورفض الحوار ووضع شروط تفضي إلى تدمير سورية وتفتيتها، علماً أنهم على الأرض لا يمثلون أكثر من 3% من الشعب السوري كما أكد مختار لماني مدير مكتب الأخضر الإبراهيمي، وبرغم هذه النسبة القليلة جداً فهم يطلبون التعامل مع «الائتلاف» على أنه ممثل للشعب السوري.
موقفنا الآن بكل وضوح، الحكومة السورية وافقت على حضور جنيف2 واختارت طريق الحل المتمثل بتنفيذ المبادرة السياسية التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد لحل الأزمة وقامت الحكومة بوضع البرنامج السياسي لتنفيذها وقطعت أشواطا مهمة في هذا الاتجاه وأجرت حوارات شفافة ولقاءات تشاورية مع مختلف مكونات الشعب السوري من مجتمع أهلي وتيارات وأحزاب سياسية ونقابات مهنية ومنظمات شعبية وشخصيات معارضة ودعت المعارضة في الخارج للمشاركة في هذا الحوار واعتمدت إجراءات قانونية لضمان مشاركتها والعودة إلى الوطن كما دعت المجموعات المسلحة التي تركت السلاح وتعهدت بعدم العودة إليه للانخراط في هذه اللقاءات وكل ذلك بهدف إطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل وانجاز المصالحة الوطنية ووقف نزيف الدم السوري.
وأقول إن السوريين يستطيعون حل مشاكلهم عبر الحوار وعلى أن يكون الحل سورياً وبقيادة سورية بعيداً عن التدخل الخارجي، وعلى قاعدة وحدة سورية وأمنها واستقرارها ومن دون شروط مسبقة.
وما أريد التأكيد عليه هو أن صندوق الاقتراع هو الحكم وهو الفيصل في اختيار من سيحكم هذا البلد وهذا خير تجسيد للديمقراطية والتعددية.
مع من أنتم مستعدون للحوار في جنيف، وهل يمكن أن تتفاوضوا مع المجموعات الإرهابية المسلحة؟
لطالما أعلنا أن الحوار يكون بين السوريين على أسس محددة تقوم على عدم الاستقواء بالخارج والتعامل معه، والإيمان بوحدة واستقلال سورية وأغلبية المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية تنتمي لـ«جبهة النصرة» و«دولة العراق وبلاد الشام الإسلامية» وتنظيمات القاعدة وفروعها.
ودعوني أقل لكم بأن ما يسمى «الجيش الحر» هو بالأساس عبارة عن كذبة لتغطية ما تقوم به تلك المجموعات الإرهابية ومعظم عناصره اليوم في صفوف النصرة والقاعدة.
وليس المطلوب من سورية أن تجلس في جنيف لتفاوض منظمات إرهابية صنَّفها مجلس الأمن بأنها منظمات إرهابية.
بالمختصر نحن مع الحوار، لكننا لا نتحاور مع الإرهاب، وفي الإطار العام تتابع اللجنة الوزارية المكلفة التحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني لقاءاتها التشاورية مع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية لاستكمال مستلزمات ومتطلبات انعقاد ونجاح المؤتمر، رغم كل الظروف والتحديات والتداخلات العربية والإقليمية والدولية التي أصبحت واقعاً مؤثراً في الأزمة السورية.
كيف تقيمون العلاقات السورية – الإيرانية في ظل الرئيس الجديد (حسن روحاني):
العلاقات السورية الإيرانية علاقات راسخة وإستراتيجية ومتجذرة منذ قيام الثورة الإيرانية عام1979 وتزداد عمقاً في كل يوم، وهي تؤكد عزم الشعبين على التعاون بمختلف المجالات (السياسية والاقتصادية) ومواجهة مؤامرات أعداء شعوب المنطقة وخاصة الكيان الصهيوني.
إيران دولة مؤسسات يمكن أن تتغير فيها المنهجية ولا يتغير فيها النهج، وإن أي رئيس إيراني قادر على التغيير العام في المنهجية ومقاربة الملفات وليس في بناء السياسات ككل.
نحن واثقون بأن العلاقات السورية- الإيرانية في ظل قيادة الرئيس (حسن روحاني) ستزداد ألقاً وتعاوناً انطلاقاً من العلاقة التاريخية والإستراتيجية بين بلدينا وبما يحقق مصلحة الشعبين الصديقين، وإن المرحلة القادمة ستشهد نقلة نوعية في العلاقات التجارية والاقتصادية.
لقد بدا واضحاً موقف الرئيس روحاني، منذ تصريحاته الأولى بعد فوزه بالانتخابات عندما قال إن الشعب السوري هو الوحيد المسؤول عن مستقبله، ونحن نعارض الإرهاب في سورية وأي تدخل من الدول الأخرى في الشأن السوري، ونحن مع جميع دول العالم من أجل أن يعود الأمن والاستقرار إلى سورية، وإن الشعب السوري المقاوم بإمكانه أن يجتاز المرحلة الراهنة بشكل كامل ويحافظ على استقلاله ووحدة أراضيه كاملة.
وماذا عن العلاقة مع روسيا؟
الكل يعرف بأن العلاقة مع روسيا تاريخية وقد أثبتت صداقة عميقة مع سورية والشعب السوري والسبب أن القيادة الروسية والشعب الروسي أقرب إلى معرفة الحقائق كما هي وبالتالي يدركون جيداً ماذا يجري على الأرض. ولهذا نثمن لهم مواقفهم ونعتمد على عمق العلاقات وتاريخيتها في استمرارها.
بالانتقال إلى الشأن الاقتصادي؛ كيف تقرؤون المشهد الاقتصادي السوري خلال الأزمة؟
كما تعرفون ويعرف الجميع فإن ازدهار القطاع الاقتصادي ونموه يتطلب استقراراً أمنياً وعلاقات سياسية جيدة مع دول الجوار ومع الدول الإقليمية والعالمية.
ونظراً للحالة الأمنية غير المستقرة بسبب تعرض البلاد إلى حرب كونية بأذرع إرهابية منذ 28 شهراً، دخلت إلى القطر من أكثر من 30 دولة وعاثت فساداً وتخريباً وسرقة للمؤسسات الخدمية والاقتصادية، إلى جانب العلاقات الدبلوماسية المنقطعة مع أميركا ودول الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول العربية والعقوبات الاقتصادية الجائرة وأحادية الجانب على الحكومة السورية وعلى رجال الأعمال السوريين والمؤسسات الوطنية السورية «المصارف، شركات النفط... وغيرها»، كل ذلك أدى إلى ضرر كبير في الاقتصاد الوطني بالعامين السابقين.
نتيجة التخريب أغلب الاحتياجات النفطية
باتت مستوردة
ثمة منعكسات طبيعية لهذا الواقع على الاقتصاد الوطني، ما ملامحها؟
تتناولون في عملكم اليومي كثيراً من تلك المنعكسات، وتلامسون ارتداداتها على الجانب المعيشي، ويمكن تلخيصها في تخريب حقول وخطوط نقل النفط والمشتقات، ما كرس نقصا في العائد الأساسي الناجم عن تصدير النفط، وبالتالي أصبحت الحاجة ماسة لاستيراد أغلب الاحتياجات من النفط والمشتقات بالقطع الأجنبي، بالإضافة إلى تعطل القطاعات الأساسية التي كانت تعتبر مصدراً للقطع الأجنبي وتوفير فرص العمل كالاستثمار والسياحة ونقص تحويلات المغتربين وتراجع قطاع الصناعة بكل تفرعاته وتراجع القطاع الزراعي وغير ذلك.
كما اضطرت الحكومة إلى استيراد القمح والطحين لعدم التمكن من الوصول إلى الكميات المتوافرة لدينا لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين بسبب الاعتداءات على مراكز تجميع الحبوب والصوامع وتخريب المطاحن وتعطيل النقل وغيره، ناهيك عن التخريب الممنهج للمرافق الخدمية من كهرباء وصحة واتصالات ونقل، وتدمير المصانع الأساسية التي تصنع السلع والمنتجات الهامة والأساسية كالنسيج والاسمنت والأدوية، إلى جانب سرقة وتدمير آلاف المصانع الوطنية ما أدى لنقص تدفق السلع المنتجة وطنياً وارتفاع تكاليف إنتاجها وبالتالي أسعارها.
كل ذلك أفرز مجموعة من التحديات التي كان لها الأثر السلبي المباشر على الوضع الاقتصادي، في مقدمها ازدياد عجز الموازنة العامة للدولة نتيجة زيادة الإنفاق الجاري وخاصة فيما يتعلق بزيادة الرواتب والأجور وارتفاع كلفة الدعم وغيرها، الذي ترافق مع انخفاض حجم الإيرادات نتيجة العقوبات المفروضة على القطاع النفطي وانخفاض مستوى النشاط الاقتصادي وضعف التحصيل الضريبي وغير الضريبي.
قيمة الليرة السوري تترجم حالة الاقتصاد، فكيف هي حالها في ظل الواقع القائم؟
بصراحة أقول لكم إنه كما كان للأزمة والعقوبات تأثير واضح على الأسعار والتضخم، شهد سعر الصرف انخفاضاً سريعاً نتيجة انخفاض حجم الصادرات النفطية والصادرات الأخرى بسبب كلٍّ من الأزمة والعقوبات، إلى جانب العوامل النفسية وغير الاقتصادية التي صاحبتهما وأدت لانتعاش المضاربات على الليرة ومن ثم الارتفاع المتلاحق في سعر الصرف.
كيف تتعاملون مع تراجع قيمة الليرة؛ وما هي إجراءاتكم للحد من تراجعها؟
نؤكد لكم بكل صدق وشفافية أن الحكومة تتابع شأن الليرة لحظة بلحظة، تبذل جهوداً مكثفة للمحافظة على استقرار أسعار الصرف وتحسين قيمتها ولجم التقلبات الحادة والسريعة غير الاقتصادية وذلك من خلال قرارات تتخذها اللجنة الاقتصادية المصغرة ومجلس النقد والتسليف وتدخل المصرف المركزي ودعم الدول الصديقة من خلال قروض ائتمانية لتوفير السلع والمتطلبات الضرورية منها والمحافظة على المخزون الإستراتيجي من القطع الأجنبي لتوفير تمويل المستوردات الحياتية الضرورية ومستلزمات صمود قواتنا المسلحة.
وأصبح واضحاً للجميع أن القرارات التي اتخذت خلال الآونة الأخيرة نجحت في المحافظة على استقرار نسبي في سوق القطع.
جهود كبيرة للحد من تراجع الأداء الاقتصادي
كيف تتعامل الحكومة مع تراجع الأداء الاقتصادي؟
من الواضح لكم أن الحكومة تبذل جهوداً كبيرة للحد من تراجع الأداء الاقتصادي والتأثير على مستوى معيشة المواطنين قدر الإمكان ومحاولة تكييف الوضع الاقتصادي ليتناسب مع ظروف الأزمة، حيث تمت زيادة الرواتب والأجور للحد بشكل نسبي من ارتفاع الأسعار، كما تم تفعيل خط التمويل الائتماني مع الجانب الإيراني بقيمة مليار دولار لتوفير متطلبات قطاعي الكهرباء والصحة وبعض الأدوية وإقامة بعض المطاحن وتأمين سلع استهلاكية مختلفة، إضافة إلى خط تمويل ائتماني آخر لتأمين النفط الخام والمشتقات النفطية الأخرى، والاستفادة من الأموال السورية المجمدة لتأمين القمح والسكر والرز وغيرها والأعلاف اللازمة للثروة الحيوانية، وسعت الحكومة قدر الإمكان إلى استمرار دعم الخبز والسكر والرز وقررت إضافة سلع جديدة إلى السلع المدعومة سابقاً كالبرغل والزيت النباتي والسمن والشاي، كما يستمر دعم الخدمات الطبية والتعليمية والمشتقات النفطية والطاقة الكهربائية، وتعمل الحكومة على دراسة وتفعيل عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقديم كل التسهيلات المطلوبة لجهة التمويل والترخيص لتشكل محرك أساسي للقطاع الإنتاجي الذي تأثر بشكل كبير نتيجة الأزمة.
كيف تقيمون الحالة المعيشية للمواطنين في ظل الواقع الاقتصادي الراهن؟
نحن نعيش حرباً كونية على سورية، ولذلك فمن الطبيعي أن نشهد تغيرات على مستوى الفقر والاحتياجات الإنسانية والحالة الصحية العامة والخدمات العامة كلها.
الأزمة أدت لتزايد معدلات الفقر نتيجة توقف عدد كبير من المنشآت الاقتصادية عن العمل، وتوقف معظم البرامج الاستهدافية التي كانت تقوم بها الدولة لتحسين الواقع المعيشي، كما تزايد أعداد المهجرين داخلياً وخارجياً وتخلخل التوزع السكاني وفقدان مصادر العيش وخاصة الزراعية بفعل ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة.
وفي الجانب الأمني إثر عدم أمان بعض الطرق بين المحافظات في نقل السلع والخدمات والتنقل وتحول بعض الأسواق إلى أسواق احتكارية نتيجة لنقص بعض السلع والخدمات فيها وضعف الرقابة عليها إلى ارتفاع معدلات الفقر.
أما في المجال الصحي، ورغم أن سورية شارفت عام 2010 على تحقيق الأهداف الوطنية والألفية بمؤشراتها المختلفة المتعلقة بالصحة العامة وصحة الطفل والأم إلا أن الأزمة أصابت البنى التحتية الصحية فبلغ عدد المشافي المتضررة كلياً وجزئياً نحو 45 مشفى و150 مركزاً صحياً وحوالي 300 سيارة إسعاف كما تعرض الكادر البشري الصحي إلى أنواع متعددة من الأذى ابتداءً من الخطف والتعذيب وانتهاءً بالقتل، كما تراجعت المؤشرات الصحية كارتفاع معدل الوفيات العام ونقص في الخدمات الصحية الأساسية والتأثير على الأمن الدوائي نتيجةً للأعمال التخريبية للمجموعات الإرهابية المسلحة.
ومن حيث الخدمات العامة، فقد طال الأثر السلبي معظم القطاعات الوطنية التي تقدم خدمات عامه للمواطنين وتؤثر في مستوى معيشتهم، حيث شهد قطاع الكهرباء تراجعاً ملحوظاً في الحصة السنوية للفرد من الكهرباء نتيجة تعرض القطاع إلى الأضرار الكبيرة نتيجة للأحداث حيث قدرت قيمة الأضرار بحوالي 17 مليار ل.س للمؤسسات المعنية بالقطاع عدا الأضرار التي لحقت بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمد بشكل كبير على استهلاك الكهرباء في عملها، كما تضرر بشكل واضح قطاع الاتصالات والنقل الداخلي وبين المدن وصعوبة تأمين المياه النظيفة وغيرها.
ما آليات التعويض عن انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين والخطوات التي اتخذتها الحكومة في إطار الحد من تراجع الوضع المعيشي.. وباختصار سيادة الرئيس ماذا فعلتم للمواطن؟
في الحقيقة أقول إن هناك إجراءات عدة اتخذتها الحكومة للحدّ قدر الإمكان من انخفاض القدرة الشرائية ولجم التراجع في قيمة الليرة، ومنها زيادة الرواتب والأجور، وتوفير بعض السلع الحياتية بأسعار مدعومة مثل الخبز والسكر الرز.. وإضافة مواد جديدة إلى السلة الغذائية لتشمل أربع مواد إضافية وهي الشاي والبرغل والزيت النباتي والسمن النباتي.
وأيضاً رفع أسعار بعض الخدمات ضمن حدود معينة مثل فواتير الكهرباء والهاتف، إلى جانب رصد أموال إضافية لتأمين السلل الغذائية وتوزيعا للمتضررين، تأمين مساعدات غذائية من لجنة الإغاثة ومن الهلال الأحمر، والتعويضات التي يقدمها صندوق دعم الإنتاج الزراعي.
إضافة إلى منع تصدير الخضراوات والفواكه لفترة محددة لتوفير احتياجات السوق المحلي، وقيام المؤسسات الحكومية باستيراد العديد من السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج ومنح إجازات استيراد بشكل مستمر للسلع الغذائية وتوفير التسهيلات اللازمة لذلك.
كذلك تدخل الحكومة في الأسواق لضبط الأسعار والحد من ارتفاعها عن طريق التسعير الإداري، حيث صدرت توجيهات صارمة للمراقبين التموينيين بعدم التساهل في ضبط أي حالة تلاعب وغش قائمة، وتقديم الدعم للأسر الأشد فقراً من خلال تأمين السلة الإغاثية التي تحتوي على العديد من السلع الغذائية الأساسية، وقيام مؤسسات التدخل الايجابي (الخزن والتسويق والاستهلاكية) بتأمين تشكيلة واسعة من المواد التموينية والاستهلاكية والخضروات والفواكه بأسعار منافسة وتسيير سيارات جوالة تحوي مواد غذائية أساسية لبيعها للمواطنين بشكل مباشر، وتوسيع منافذ بيع المواد التموينية المدعومة لتشمل إضافة إلى المؤسسة الاستهلاكية والخزن والتسويق، الجمعيات التعاونية ومنافذ في الوزارات والجهات التابعة لها وفي مقرات المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية.
إلى جانب ذلك أذكر استمرار الدولة بتسويق المحاصيل الرئيسة وخاصة القمح ومنح المنتجين أسعاراً مجزية لتشجيعهم على التسويق وتخصيص الأموال اللازمة لتسديد قيم الحبوب بشكل فوري، وإقرار مشروع مرسوم تشريعي لضبط أسعار السلع والمنتجات ومنع التلاعب بها، وقد تضمنت مسودة التشريع إجراءات وعقوبات رادعة لمنع الممارسات الاحتكارية وضبط حالات الاستغلال بحق المواطن.
كما عملت الحكومة وبشكل سريع على تسيير قوافل المساعدات الغذائية والمحروقات لمدينة حلب لفك الحصار الخانق الذي تفرضه العصابات المسلحة على المدينة وأهلها.
آليات متعددة لدعم المستهلكين والمنتجين
إعادة توزيع الدعم شابه العديد من التساؤلات والانتقادات، فما سيناريوهات واتجاهات إعادة هيكلة الدعم؟
لنكون منصفين، فقد اتبعت الحكومة خلال المراحل السابقة العديد من الآليات لدعم المستهلكين والمنتجين، وبينت المتابعات المستمرة بأن الآليات المتبعة لم تؤد إلى تحقيق الغايات المنشودة من هذا الدعم من حيث ذهاب جزء لا يستهان به من الدعم إلى غير مستحقيه، وكذلك ظهور فئات استفادت من الآلية المعتمدة على غير وجه حق، ونظراً لتضاؤل الموارد المالية للدولة نتيجة الظروف الراهنة والحالة الاقتصادية التي يمر بها القطر من جهة، والحاجة إلى توفير متطلبات الشعب الأساسية والمحافظة على الموارد المتوافرة، فقد أصبحت الحاجة ماسة لإعادة هيكلة الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه.
وبصورة أساسية تنطلق عملية إعادة توزيع الدعم من اعتبارات عدة، منها الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وربط الدعم بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتوجيه الدعم للشرائح الأقل دخلاً، إلى جانب محاربة الهدر والفساد أياً كان شكله أو مصدره.
ومن المتوقع أن يكون للإجراءات التي تمّ اتخاذها مؤخراً في مسألة إعادة توجيه الدعم آثاراً إيجابية على صعيد عجز الموازنة العامة للدولة، وعلى صعيد التخفيف من حجم الهدر في الاستهلاك والتهريب إلى الدول المجاورة والإنفاق غير المبرر المرتبط بآليات الدعم التي كانت متبعة.
ويمكننا تأكيد أن هناك عدة سيناريوهات لإطلاق مجموعة من الإجراءات الموجهة لدعم القطاعات الاقتصادية الواعدة إضافة إلى بعض الفئات الاجتماعية، وان التوجهات العامة لعملية الدعم تتجلى باستمرار تقديم الدعم للفقراء والمحتاجين، حيث بدأت الحكومة باتخاذ بعض الإجراءات بقدر ما مكنتها الأوضاع المالية، حيث تمت إعادة النظر بمبالغ الدعم بشكل بسيط لكل من البنزين والمازوت والفيول وتحويل الأموال الناجمة من هذا الوفر لزيادة رواتب الموظفين مع التركيز على أن تكون الزيادة لمصلحة الشريحة الضعيفة وكذلك زيادة رواتب المتقاعدين، كما تم إقرار زيادة الأموال المخصصة شهرياً لتأمين سلل غذائية للإخوة المتضررين جراء الأحداث، وتوفير الموارد المالية للجنة العليا للإغاثة وللجنة إعادة الإعمار، حيث تم رصد مبلغ 30 مليار ل.س لعام 2013 للتعويض على المتضررين.
هناك من يتحدث عن زيادة جديدة.. فهل هذا الكلام صحيح سيادة الرئيس؟
تعلمون أن أي زيادة في الرواتب والأجور يجب أن تترافق مع زيادة في الإنتاج والإنتاجية ما ينعكس إيجاباً على مستوى حياة المواطنين دون تشكيل عبء إضافي على الموازنة العامة للدولة في الوقت الراهن في هذا الإطار نؤكد على إستراتيجية الدولة تجاه رفع مستوى المعيشة على المديين الآني والمتوسط على تفعيل الحركة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
كيف تقيّمون علاقة الحكومة مع التجار؟
في الواقع تتميز العلاقة مع الفعاليات الاقتصادية والتجارية في القطاع الخاص والأهلي، بأنها علاقة شراكة تهدف إلى تفعيل الحركة التجارية والإنتاجية، والحد من حالات الاحتكار والمضاربة، وتعزيز وتسريع إعادة الاندماج بالعملية الاقتصادية والاجتماعية. لذا فإن تفعيل دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي من شأنه تخفيف درجة اعتماد الدولة على الاقتراض الخارجي في المديين المتوسط والبعيد، ولابد من إعطاء الاستثمار الوطني أولوية في إعادة إقلاع الحركة الاقتصادية في البلاد.
بصراحة، ما موقفكم الحقيقي حيال رجال الأعمال؟
بكل وضوح وشفافية، فإن الحكومة تتعامل مع رجال الأعمال وفق عدة مستويات، فمنهم من تحمل تكاليف كبيرة جراء الأزمة وتدرس الحكومة هذه التكاليف بغرض تحديد أطر الدعم المناسبة لضمان استمراريتهم وعودتهم للعمل الإنتاجي، وهناك من اضطر للابتعاد والخروج من السوق لحين انتهاء الأزمة بسبب التهديدات التي تعرض لها وأسرته، وانتشار ظاهرة الخطف والابتزاز المالي، وهنا نؤكد ضرورة البحث في إمكانية جذبهم وعودتهم للمساهمة في تفعيل العمل الإنتاجي والاستثماري عندما يستقر الوضع الأمني.
مقابل ذلك منهم مازال يعمل ويسهم في دعم العملية الإنتاجية، ونرى ضرورة البحث المشترك معهم لتذليل معوقات العمل وبحث إمكانية التوسع في الإنتاج، أما الفئة الأخرى من رجال الأعمال الذين استفادوا من الميزات والتسهيلات والقروض التي منحتهم إياها الحكومة وهربوا خارج الوطن منذ الفترة الأولى ونأوا بأنفسهم أو اصطفوا سلباً ضد المصلحة الوطنية، وبعضهم قام بتمويل المجموعات المسلحة فهؤلاء سيحاسبهم التاريخ والشعب السوري، ولا دور لهم في مرحلة إعادة إعمار سورية.
ما لاشك فيه أن الملف صاحب الأولوية القصوى في المرحلة القادمة هو إعادة الإعمار، فما شكل الإستراتيجية المخصصة لهذا الملف؟
من المنطقي القول بأن الظروف التي فرضتها الأزمة تفرض مستويات عدة للتعامل معها، منها ما فرض حلولاً وإجراءات سريعة وإن مؤقتة، إلا أن ذلك يعني التخلي عن المنظور المتوسط وبعيد الأمد لكل ما يتخذ أو يتم تبنيه حالياً للتعامل مع التحديات الحالية وتلك التي يمكن أن تنشأ في المستقبل القريب أو البعيد «وأن الإسراع في إعداد إستراتيجية إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي يعتبر أولوية عاجلة لتوفير الإطار لعمل الحكومة على المدى القريب والمتوسط والبعيد».
في هذا الإطار، تم تكليف هيئة التخطيط والتعاون الدولي تحضير الخطوط العامة لإستراتيجية إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي، إلى ذلك هناك برامج آنية وعاجلة تستهدف تفعيل الوضع الإنتاجي على المدى الأدنى والقصير «مثال برنامج تطوير سلة الإنتاج المحلي»، والتي تستند إلى تفعيل العلاقات التشاركية للحكومة مع القطاع العام والاقتصادي والقطاع الخاص والقطاع الأهلي.
وبلغة الأرقام، فقد بلغ إجمالي المبالغ المرصودة لإعادة الإعمار في عام 2013 مبلغ 30 مليار ل.س والموافق على صرفها لتاريخه في لجنة إعادة الإعمار للأضرار العامة والخاصة حتى تاريخه بحدود 9 مليارات ل.س، منها: مبلغ 2.8 ل.س قيمة الأضرار العامة، ومبلغ 6.2 مليارات ل.س قيمة الأضرار الخاصة.
خسائر وأضرار المواطنين وآليات التعويض
ما آليات تعويض خسائر وأضرار المواطنين والمنشآت العامة والخاصة؟
تضطلع لجنة إعادة الإعمار واللجان الفرعية للأضرار في المحافظات في هذا الشأن، حيث يتم التعامل معه وفق آلية واضحة ومحددة، تبدأ من لحظة قيام المواطن بتقديم طلب تعويض للأضرار الخاصة التي لحقت به إلى اللجان الفرعية للأضرار المشكلة في جميع المحافظات برئاسة السادة المحافظين مرفق بالثبوتيات المطلوبة، وبناء عليه يعطى المواطن إشعاراً يتضمن رقم وتاريخ طلبه المقدم إلى اللجنة الفرعية في محافظته، بعد ذلك تقوم لجان فنية متخصصة يتم تشكيلها من المحافظ وتضم رئيس البلدية أو الوحدة الإدارية المختصة ورئيس المكتب الفني في المحافظة إضافة إلى من يراه المحافظ مناسباً بإجراء الكشف الحسي (الميداني) للوقوف على واقع هذه الأضرار والتأكد من صحة المعلومات الواردة في ضبط الشرطة وخاصة لجهة الأضرار التي لحقت بالمواطن والقيمة التخمينية لها، وقد تم التأكيد على كافة المحافظين وعلى مسؤوليتهم التقيد بعدم رفع أي جداول خاصة بالأضرار التي لحقت بالمواطنين إلى لجنة إعادة الإعمار لصرف التعويضات المقدرة لها قبل إجراء الكشف الحسي على هذه الأضرار وعدم الاكتفاء بضبط الشرطة المنظم بهذا الخصوص، والتأكيد على محاسبة أي عضو في اللجنة الفرعية للأضرار أو غيره من الفنيين يثبت تلاعبه في الوثائق والبيانات المتعلقة بهذا الموضوع.
بعد ذلك يتم تجميع هذه الطلبات في جداول إجمالية ترفع دورياً من اللجنة الفرعية في المحافظة إلى لجنة إعادة الإعمار وعندها يتم تحويل الأموال الخاصة بهذه الجداول من حساب لجنة إعادة الإعمار إلى اللجان الفرعية في المحافظة للبدء بعملية الصرف للمواطنين المستحقين وفق الجداول المرفوعة وموافاة لجنة إعادة الإعمار بما يشعر التنفيذ على أن تبقى مسؤولية دراسة الطلبات والمبالغ المقدرة على عاتق اللجنة الفرعية المشكلة.
قبل توليكم رئاسة مجلس الوزراء كنتم في وزارة الصحة، فهل لنا أن نقترب أكثر من الوضع الصحي وواقع الدواء في سورية خلال الأزمة؟
ألقت الأزمة بظلها على القطاع الصحي نتيجة الاستهداف المبرمج لهذا القطاع من المشافي والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف والكادر الطبي وغيرها، ولكن الحكومة استمرت بدعمها لهذا القطاع المهم لتأمين متطلبات المواطنين من الرعاية الصحية واستمرت بتقديم الخدمات الطبية المناسبة في معظم المناطق، كما سعت إلى إعادة تأهيل العديد من المراكز الصحية وتوفير الأدوية والعلاجات الطبية وأدوية الأمراض المزمنة والأدوية الكيميائية وغيرها، تم تنفيذ حملات التلقيح للأطفال في العديد من المناطق كلقاح الشلل الفموي ولقاح الحصبة الألمانية والنكاف في مراكز الإيواء والحلقة الأولى من التعليم الأساسي في المدارس «من الصف الأول وحتى الصف الرابع وفي جميع المراكز الصحية خلال الشهر السادس، كما تم تنفيذ المسح التغذوي «قياس محيط العضد» في جميع مراكز الإيواء لتقييم سوء التغذية، وكذلك تم توزيع زبدة الفستق الوقائية في كافة مراكز الإيواء للأطفال بعمر /5-6/ أشهر إضافة إلى توزيع زبدة الفستق العلاجية والتكميلية والوقائية وبسكويت عالي الطاقة في المراكز الصحية في مديريات الصحة في المحافظات. إضافة إلى ذلك تم اتخاذ الإجراءات مثل توزيع مجموعات طوارئ للصحة الإنجابية في العديد من المحافظات، والتنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ حملة الرش لمكافحة مرض اللايشمانيا، وتسليم معظم المحافظات أدوية السل وتحضير قائمة باحتياجات مديرية الأمراض السارية والمزمنة من الأدوية لعام 2014م، واستجرار الأدوية السرطانية والوطنية وتم إعداد جدول توزيعها.
ومن المفيد التأكيد على أن الأمن الدوائي هو الشغل الشاغل للحكومة ولكل من يعمل في القطاع الصحي منذ بداية الأزمة، وقد اتخذت العديد من الإجراءات المهمة في هذا المجال سواء على المدى البعيد أم المتوسط أم المدى القريب العاجل، حيث صدر قرار اللجنة الاقتصادية بالموافقة على إقامة معامل دوائية في المناطق الآمنة والتي لا يوجد فيها معامل دوائية وذلك حفاظاً على الأمن الدوائي في القطر، وتم إبرام اتفاقية مع جمهورية إيران الإسلامية بالاعتراف المتبادل بالشركات الدوائية المسجلة في كلا البلدين ما يسهل استجرار الأدوية غير المتوافرة محلياً من إيران، أما على المدى الإسعافي الحالي وفي إطار المحافظة على ضبط سعر الدواء وتوافره تم تنفيذ الزيارات إلى الصيدليات في إطار المراقبة الدوائية، بالإضافة إلى زيارات لمستودعات الدواء وذلك للوقوف على الأدوية غير المتوفرة محلياً واتخاذ الإجراءات العاجلة لتأمينها من خلال السماح باستيراد الأدوية المفقودة من الدول الصديقة ضمن توجهات الحكومة بالتوجه شرقاً، والسماح للمشافي والهيئات الطبية في كافة الوزارات بالشراء المباشر للأدوية غير المتوافرة بالأسواق وغير المسجلة في وزارة الصحة وخاصة الأدوية السرطانية بقيمة تصل إلى 100.000 دولار، وذلك وفقاً لقرارات الحكومة بالتوجه شرقاً.
ورغم كل الظروف فإن الأدوية غير المتوافرة في الصيدليات رغم الأزمة خمس وخمسون صنفاً دوائياً منها خمسة عشر صنفاً تعد من المستحضرات النوعية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحد أهم أسباب عدم التوفر تعزى إلى توقف بعض معامل الأدوية عن الإنتاج وعددها نحو /18/ معملاً دوائياً نتيجة لتعرضها للسطو والتخريب من المجموعات الإرهابية المسلحة، وتعذر نقل الأدوية من المعامل إلى المستودعات ومن المستودعات إلى الصيدليات، وتبذل الجهود لتوفير الأدوية المفقودة.
أنجزنا عاماً دراسياً ناجحاً
بالمقارنة مع حجم التحديات
نعلم أن التعليم أكثر المتضررين بسبب الأزمة، فما الواقع الحقيقي وكيف تتعاملون معه؟
كغيره من القطاعات استهدف قطاع التربية والتعليم من المجموعات المسلحة بهدف تعطيل إرادة الحياة والتعليم والتنوير انطلاقاً من الفكر الظلامي الذي تحمله المجموعات الإرهابية المسلحة، ولكن التعاون والتكامل بين الحكومة والأسرة والطالب، والدور المميز للمنظمات الشعبية أنجز عاماً دراسياً ناجحاً بالمقارنة مع حجم التحديات.
وبهدف الارتقاء بأداء التعليم ودعم قدرته للقيام بالأدوار المتوقعة منه يجري التركيز على مجموعة من المحاور، منها الاستمرار بالعمل على التوسيع الأفقي للمدارس والجامعات لمواجهة الطلب على التعليم، والعمل المستمر على تطوير وتحديث المناهج التربوية والتوسع في برامج البحث العلمي والارتقاء بها، حيث تم إحداث المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية، وإحداث مركز القياس والتقويم التربوي، وإنجاز 95% من تأليف الكتب المدرسية للعلوم الأساسية وانتقاء وتعيين عدد من الموجهين الاختصاصيين والتربويين، وتم إصدار نتائج التعليم الأساسي والثانوي في الأوقات المحددة، كما تتم متابعة تأهيل بعض المدارس في المناطق الآمنة للتحضير للعملية التربوية للسنة القادمة وتوفير مستلزماتها.
وبالنسبة للتعليم الجامعي فإنه يسير بخطوات جيدة، حيث تم تطوير خطة القبول الجامعي بهدف زيادة معدل الالتحاق بالجامعة وبلغ عدد المقبولين للعام الدراسي 2012-2013 بحدود (196 ألف طالب) بزيادة 10% عن العام الذي سبقه، مع الإشارة إلى أن إجمالي طلاب التعليم العالي بلغ /670/ ألف طالب، إلى جانب تطوير فروع الجامعات في المحافظات لتصبح جامعات مستقلة وإحداث وافتتاح كليات جديدة بعد تأمين المستلزمات التعليمية وبما يتوافق وحاجات التنمية المحلية، واعتماد خريطة تعليمية تستند إلى توزع جغرافي أمثل، ويبلغ عدد الجامعات الحكومية خمس جامعات لديها فروع في المحافظات تضم /140/ كلية.
كيف تنظرون إلى الواقع القضائي اليوم، وهل من إصلاحات جديدة تطول جسم القضاء؟
مما لاشك فيه أن القضاء ملف حيوي ومهم، وفي تطويره مسألة في غاية الحساسية، لذا هناك العديد من الرؤى الخاصة لذلك من خلال إعادة النظر بالقوانين النافذة لعمل القضاء وعملية التقاضي باتجاه تبسيط إجراءات التقاضي وضمان حقوق المتقاضين وتطوير القوانين بما يواكب المتغيرات المستجدة، وتم إصدار العديد من الصكوك التشريعية وأهمها إحداث محاكم تجارية بدائية واستئنافية وإحداث محاكم جزائية تموينية بدائية واستئنافية في كل محافظة من محافظات القطر للنظر في القضايا التموينية، وإحداث نيابة عامة مالية تختص بالنظر في الجرائم المتعلقة بالأموال العامة، وإحداث دوائر تحقيق مالية تختص بالتحقيق في الجرائم المتعلقة بالأموال العامة، إصدار قانون العقوبات الاقتصادية الجديد، تشديد عقوبة جريمة الخطف، وابتزاز المجني عليه بأي شكل كان إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وتكون العقوبة الإعدام إذا نجم عن الخطف وفاة أو عاهة دائمة أو اعتداء جنسي، إعادة تشكيل محكمة الأحداث الجماعية المتفرغة في عدلية اللاذقية، الإقرار لمجلس القضاء الأعلى في الظروف الاستثنائية، نقل الدعاوى من محكمة إلى أخرى ضمن العدلية الواحدة، أو من عدلية محافظة إلى أخرى، في حال تعذر النظر فيها من المحكمة المختصة أصلاً، والطلب إلى المحاكم، والدوائر القضائية، والنيابات العامة، ترميم الدعاوى التالفة أو المفقودة أو التي يتعذر جلبها، قانون المعونة القضائية وأحكامه، وأخيراً يجري العمل على أتمتة العمل القضائي والإداري وإيلاء التدريب والتأهيل عناية خاصة وتطوير الموقع الالكتروني لوزارة العدل وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، واستخدام وسائل التقنية الحديثة في مراقبة الأماكن العامة في قصور العدل وغيرها.
التحديات الاجتماعية.. والتهجير..
وإعادة الإعمار
كيف تتعامل الحكومة مع قضية المهجرين وإيواء الأسر المهجرة؟
ليس خفياً على أحد أن الأزمة أفرزت تحديات اجتماعية كبيرة كان نتاجها تهجير الكثير من الأسر السورية بفعل الأعمال الإرهابية التي قامت بها المجموعات المسلحة، سواء كان ذلك بالتهجير إلى الدول المجاورة أم بالتهجير ضمن المحافظات السورية وبينها، ونتيجة لذلك سارعت الحكومة إلى تشكيل لجنة إعادة الإعمار وانبثق عنها اللجنة العليا للإغاثة، مهمتهما التعويض على الأضرار العامة والخاصة والاهتمام بوضع المهجرين داخل القطر.
كما تم تشكيل لجنة يرأسها وزير الدولة لشؤون الهلال الأحمر مهمتها الإشراف على عودة المواطنين الموجودين في الدول المجاورة ممن اضطرتهم الظروف الراهنة إلى مغادرة منازلهم وقراهم وطمأنتهم وتسهيل جميع الإجراءات الإدارية واللوجستية اللازمة لعودتهم بالإضافة إلى الإشراف العملي على عودتهم عبر المعابر الحدودية.
وتعقد اللجان المشكلة اجتماعات مستمرة ومكثفة لتحقيق الخطة التنفيذية للمهمة المنوطة بها، واتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف التواصل مع الأسر السورية ودعوتها للعودة الآمنة إلى الوطن، وقد تم استقبال الدفعة الأولى من المهجرين المقيمين في لبنان، ووصلت دفعة أخرى من المهجرين من مخيم الزعتري مع عائلاتهم، وتم إدخالهم إلى المجمع التربوي بضاحية قدسيا، وتلقوا كل الدعم والاهتمام والرعاية الصحية والاجتماعية، ونؤكد وجود ضمانات للراغبين بالعودة إلى حضن الوطن مع تقديم ما يلزم لهم من كل ما يحتاجون، والضمانات اللازمة لعودتهم إلى وطنهم الأم، وإن الحكومة تتابع كل تلك الإجراءات منعاً لاستغلال أبنائها المهجرين من الناحية السياسية والاقتصادية والإعلامية من حكومات تلك الدول أو من بعض المنظمات الدولية التي تدعي رعاية حقوق الإنسان.
ومن الجدير ذكره أن الحكومة قد افتتحت ما يقرب من /830/ مركزاً لديها لإيواء المهجرين بشكل مؤقت على مستوى القطر، وتضم هذه المراكز: مدارس ومراكز رعاية اجتماعية ومراكز تنمية ريفية ووحدات الصناعات الريفية وبعض معسكرات الطلائع وأبنية ومنشآت حكومية أخرى، وهي تؤوي ما يقرب من /170/ ألف مواطن من المتضررين.
بلغ إجمالي الأسر المهجرة /918/ ألف أسرة، نحو /4.9/ ملايين فرد في جميع المحافظات، لجأ منها ما نسبته 5% نحو /170/ ألف فرد إلى مراكز الإيواء الحكومية التي تقدم فيها كافة أنواع الخدمات، في حين توزع الباقي في الأحياء السكنية الهادئة نسبياً، وهناك إعادة تقييم لإدارة هذه المراكز ستجريها وزارة الشؤون الاجتماعية للتأكد من الالتزام بأساسيات إدارة دور الإيواء، كما تتلقى الوزارة الشكاوى المتعلقة بأي مخالفات موجودة وتعالجها بالتنسيق مع الجهات المعنية.
مع العلم أن ما تم صرفه على هذه المراكز تجاوز 12.4 مليار ل.س يتم تقديمها بالكامل مابين الحكومة والمجتمع الأهلي والمنظمات الدولية غير الحكومية.
أين الحكومة من محافظة الرقة؟
قامت الحكومة انطلاقاً من واجبها الوطني والدستوري باتخاذ العديد من الإجراءات وفي كافة المجالات لمساعدة محافظة الرقة منذ استباحتها من العصابات الإرهابية المسلحة وأهمها متابعة أخبار محافظ الرقة والرفيق أمين فرع الحزب بالتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني.
وبالنسبة للعاملين القائمين على رأس عملهم في محافظة الرقة فقد تم تأمين مقرات عمل بديلة للأماكن المتضررة، ويتم صرف كامل الرواتب والأجور للعاملين القائمين على رأس عملهم، وذلك حفاظاً على تقديم الخدمات الأساسية والمعيشية لأهلنا الموجودين في الرقة منعاً لاستغلالهم من المجموعات المسلحة، كما تمت الموافقة على وضع العاملين في محافظة الرقة الذين اضطرتهم ظروفهم لمغادرة أماكن سكنهم إلى محافظات أخرى بوضعهم تحت تصرف ذات الجهة الحكومية التي يتبعون لها في المحافظات الأخرى وتمكينهم من مباشرة عملهم فيها وصرف كامل مستحقاتهم وفق جداول يتم تنظيمها ورفعها أصولاً للجهات المركزية ليتم الصرف بموجبها، وتم تكليف محافظي حلب ودير الزور والحسكة بتوجيه محاسبي الإدارة لديهم لدفع الرواتب لموظفي محافظة الرقة في الإدارات المماثلة لإدارتهم.
وصحياً تم تأمين كميات من أدوية الأمراض المزمنة ولاسيما أدوية السكري وغسيل الكلية والسيرومات، ويتم تأمين مستلزمات المشفى الوطني في المحافظة من الأدوية وبشكل دوري، كما تم السماح لهم بإمكانية الشراء المباشر من القطاع الخاص لتأمين النقص.
وفي اتجاه آخر تم توجيه وزارة الصناعة على قيام معمل سلحب باستلام مادة الشوندر السكري في المحافظة على أن يكون الاتفاق بين الفلاح وصاحب السيارة وذلك لجهة حساب أجور النقل، كما تمت موافقة رئاسة مجلس الوزراء حول السماح ببيع واستلام المحاصيل الزراعية في محافظات دير الزور وحلب والحسكة مع إمكانية صرف أجور النقل للفلاحين وذلك بالاتفاق بين الفلاح وصاحب السيارة وإعطاء الفلاح حرية الخيار ببيع محصوله في المحافظة الأقرب لهم.
وفي الشق التعليمي تم السماح لطلاب كليات الرقة بتقديم الامتحانات الجامعية في المحافظة على مدار الأيام الماضية وقد سارت العملية الامتحانية بشكل جيد ولم تسجل أي حالة تؤثر على سير الامتحانات في الكليات والمع