الحوار ثانياً

الخطوة الثانية في مشروع النهوض الاقتصادي تكمن في فتح حوارٍ واسع حول مختلف القضايا والملفات الاقتصادية والاجتماعية المحلية، وذلك بغية الوصول إلى اعتماد استراتيجية وطنية للنهوض، مرفقة ببرنامج زمني للتنفيذ.
هذه الخطوة لها مبرران اثنان:
الأول أن معظم السياسات والقرارات الحكومية المتعلقة بالشأن الاقتصادي كانت عرضةً للانتقاد العنيف والصائب، بدليل تراجع الحكومة عن كثير من القرارات وتعديلها للعديد من الإجراءات، لكن غالباً ما كان ذلك يتم بعد مرور فترة الزمن، وتالياً وقوع خسائر كبيرة ومتعددة، ولذلك فإن فتح حوار وطني حول القضايا الاقتصادية والسياسات المطلوب تنفيذها يمكن أن يختصر الزمن، ويقدم حلولاً مجدية لمشاكل مدورة من عام إلى آخر، وهناك تجارب سابقة ناجحة في هذا المضمار.
أما المبرر الثاني فهو يتمثل في توسيع مروحة الأفكار والمقترحات التي يجري تداولها، سواءً أثناء محاولة توصيف الواقع الاقتصادي وتحديد نقاط قوته وضعفه أو عند محاولة وضع خريطة طريق للخروج من هذا الوضع الصعب الذي نعيشه، سيما وأن التجربة أثبتت أن البعض ممن هم في دائرة القرار الاقتصادي غير قادرين على استنباط حلول مناسبة وفاعلة على الأرض.
الحوار الذي نتحدث عنه له شروطه الضامنة لنجاحه منها على سبيل المثال:
أن يكون بين شخصيات وطنية مشهود لها بالخبرة، الكفاءة، والنزاهة، وليس بين شخصيات طارئة على المشهد الاقتصادي كما هو الحال في بعض الورش والملتقيات ذات البعد التجاري والترويجي.
كما أنه من بين شروط هذا الحوار أن يكون شفافاً وجريئاً وبلا سقف في النقد والتحليل، فنحن هنا لا نريد تكرار ما يردد إعلامياً، أو يقال في المذكرات وتقارير الأداء المرفوعة من الوزارات والمؤسسات، والتي غالباً ما تكون وصيفة بلا عمق معرفي.
أختم بمقولة قالها أحد علماء الإدارة المشهورين ومفادها: أنه لا يمكن اتخاذ قرارٍ دون وجود اختلافات في الآراء.
زياد غصن - شام إف إم