الحياة بين الطلاق العاطفي و الطلاق البائن

الحياة بين الطلاق العاطفي و الطلاق البائن
شام نيوز – وجيه موسى
عندما يرتبط الزوجان في الحياة بعقد الزواج الشرعي يكون كلٌ منهما قد بدأ حياة مشتركة مع الآخر.
ويسعى كل واحد منهما أن يفهم الآخر ويحبه ويسعده ولا تدوم العشرة إلا بهذه النوايا الطيبة واستمرارها .
ولكن قد يضل أحدهما السبيل لهذه المحبة والفهم والعشرة لسبب ما مثل :
جهله بالطرف الآخر وعدم تمكنه من فهمه جيداً
أو عدم تحمل مسئولية الزواج وواجباته وحقوقه
أو قلة الثقافة الجنسية ومتطلباتها
أو صغر سنه وعدم تحمله لمتطلبات الزواج
أو سوء اختيار الشريك وعدم الرغبة فيه
أو ظروف معيشية مثقلة بالديون أو الهموم وتدخل الأهل من الطرفين
أو وقوع أحد الزوجين في الموبقات والمعاصي ومعاناة الشريك من ذلك
أو مرض يصيب أحدهما أو عاهة بدنية أو نفسية
عندئذ تختل الموازين ويبدأ ينبوع المودة والحب بالجفاف, وتتزلزل الحياة داخل عش الزوجية
ويبدأ الهروب والتباعد والتقوقع في داخل الذات , ويعلو جدار الصمت والجفاء , ويندثر الحب تحت كثرة الهموم ،فتنقطع الصلة ،
وتتقطع الأواصر بينهما , فلا يعود هناك ما يجمع الزوجين إلا جدار الصمت .
كيف ننقذ زواج تم فيه طلاق عاطفي وانفصال نفسي , وبعد روحي ووجداني .؟ ؟
تعالوا معنا لنلقي الضوء اكثرعلى هذا الموضوع مع المرشدة الاجتماعية السيدة فاطمة موسى
متى يحصل الطلاق العاطفي ؟
يحصل الطلاق العاطفي بدايةً منذ أن يقرر أحد الزوجين تجنب شريكه في بحث ما يزعجه أو يسبب له ضيق في العلاقة بهذا الشريك ويجامل على حساب نفسه في أن يبدي أي مشاركة فعاله في العلاقة , فقد تقول الزوجة في نفسها سأبتغي وجه الله في علاقتي بشريك حياتي وأؤدي واجبي فقط , ولا تحاول أن تكون متجاوبة أو فعاله في الاتصال والعلاقة الحميمة معه ولكن فقط هي واجب عليها تأديته , عندئذ تبدأ الفجوة والهوة ,ويشعر الشريك بهذا البعد النفسي والعاطفي , وأحياناُ يكون العكس الرجل هو الذي يقوم بالعلاقة بشكل واجب وحقوق خالية من الانسجام والتناغم النفسي الوجداني , فلا ينتظر شريكته في المتعة ولا يبدأ بالمداعبة الشرعية ولا يقدم ما يهيئ له الحالة العاطفية الحميمة ,وطبيعي أن يكون هناك اختلاف في الرغبات والطريقة في الإشباع العاطفي بين الزوجين ولكن لابد أن يتفاهما على ما سيرضيهما ويقرب بينهما هذه الاختلاف والأسلوب ولا ينبغي أن يكون أحدهما أناني في إشباع حاجته دون شريك حياته والسبب الثاني لبداية الطلاق العاطفي يبدأ عندما يحمل الزوجين مشاكلهما التي لم تحل إلى فراش الزوجية ويبيتان وفي قلب كل واحد منهما الهم والغم على الآخر , بل وقد يصبح الفراش الذي هو محل السكن النفسي والعاطفي والجسدي يصبح موعد النقاش ومكان الجدال والتخاصم والاتهامات واللوم للبعض فيتجافى كلاً إلى جانب ويعطي ظهره للآخر
هل تطلب الزوجة ما تريد من زوجها
من المهم أن تطلب المرأة ما تحتاجه من زوجها بالقول أو الإشارة أو بالدلال أو بالغنج أو بإظهار المفاتن أو بالصراحة وإشعاره بأنها تحتاجه كرجل في حياتها فهو الذي يكملها ويشعرها بلذة الحياة والرجل يحب ضعف المرأة وحاجتها له
هل الطلاق الفعلي حلا أفضل من الطلاق العاطفي ؟
لا يمكن أن نحكم بهذا الطلاق الفعلي لأن البعد العاطفي والتفكك والجفاء يختلف حدته من زوجين إلى زوجين آخرين فلا تحكم بانتهاء الحياة المشتركة إلا بعد البدء بالعلاجات المناسبة والحلول المقنعة والتقريب بين وجهات
النظر وقبل كل هذا وجود نية العودة والرجعة إلى الآخر وحب البقاء معه وإكمال مشوار الحياة بجانبه , أما إذا كان أساساً لم ينسجما ولم يحدث بينهما التقاء روحي ونفسي ولا سكن ولا مودة . فما الذي أجبرهما على الزواج ..؟؟
هل الطلاق العاطفي أقل وقعا على الأبناء من الطلاق البائن ؟
كلاهما له تأثير سلبي ونفسي على الأبناء فهم سيشعرون بهذا البعد العاطفي والجفاف في لغة الجسد وفي نظرات العيون وفلتات اللسان بين الزوجين وفي اختلاف التربية والتذبذب في الرأي والقلق الذي يسود الأسرة والهموم وسيعاني هؤلاء الأبناء من الاكتئاب بدايةً ومن ثم مشاكل المراهقة التي قد ينحرف فيها الأبناء في علاقاتهم الخاصة والشذوذ للبحث عن الحنان الذي فقدوه بين أبويهم والاستقرار العاطفي الذي سلب منهم لهذا الصلح خير.
هل الصمت علامة من علامات الطلاق العاطفي ؟
إذا طال وأستمر وشعر كل طرف بغصة في حلقه ,وألم في صدره ,وكتمه في أنفاسه , وضيق في داخله , وكان لديه ما يقول فلا يقوله , ولديه ما يشعر فلا يبوح به ,ولديه حاجة فلا يقضيها من شريكه فهذا طلاق عاطفي قد بدأ . وما يجعلك تفرق بين الصمت والطلاق العاطفي ,أن في الحياة العادية تكون هناك مشاركة يومية في أمور البيت والأطفال والحياة , ومبادلة في الرأي ونقاش , أما إذا كان الرجل في آخر النهار يجلس صامتاً فهذا من طبيعة الرجال عندما يكون مهموماً أو منزعجاً أو لديه مشكلة فيصمت ليفكر ويحلل ويبحث عن مخرج لهمه ولا يحب أن يظهر ضعفه فيشتكي أو يفضفض كما تفعل المرأة
أن من أهم أسباب الطلاق العاطفي التراكمات النفسية السلبية على مر الأيام والسنين ... ولكن إذا كان هناك سلبية شديدة من جهة الرجل وعدم التقبل أبدا لأي شكل من أشكال النقد أو العتاب حتى لو كان مهذبا أو بشكل غير مباشر بل يقابل ذلك بالهجوم العنيف معتبرا ما حصل جرحا لكبريائه ورجولته .. وهذا يكثر نوعا ما عند المتسلطين أو من نشأوا في بيئة تنظر للنساء نظرة دونية ..فإذا ما فاض بالمرأة وأصبحت لا تحتمل جرح مشاعرها يوميا وبدأت تتحاشى الزوج ولا تحاول الاحتكاك به لتتجنب الإهانات المتكررة إعتبر الزوج هذا التصرف نشوزا وهجرها وأعلن الحرب عليها .. كيف تتصرف المرأة والحالة هذه خصوصا أن هذه الحالة موجودة وبكثرة في مجتمعاتنا ؟
عندما يختار الزوج والزوجة بعضهم لبعض لابد أن يكون هناك أسس لاجتماعهم تحت سقف واحد وهي أسس شرعية من الكفاءة النفسية والمادية والاجتماعية فإذا تم الزواج بغير هذه الشروط والكفاءات أصبح هناك خلل واضح فلا نتعجب إذا كان هناك مشاكل أو انعزال وجفاء بين الاثنين وإذا كان وحصل وقدر الله أن يجتمعا فلا شك أن المرأة أو الطرف الذي يطلب التحسين والإصلاح يكون مسئول بالدرجة الأولى عن البدء و التحمل للمسؤولية ولا ينتظر من الطرف الثاني سواء زوج أو زوجة أن يتغير فجأة ثانيا لابد أن نراعي اختلاف العقول بالرجل الذكر غير الأنثى إذن يجب أن يكون هناك مبادئ لوضع الحوار بينهم والنقاش والاتفاق والاختلاف فيما يخص حياتهم المشتركة فإذا رفض الزوج وأعرض وهجر وامتنع عن التفاهم فلابد أن يكون بينهم مصلحاً من أهله ومصلحاً من أهلها
ما هي طريقة حل مشكلة الطلاق العاطفي بين الأزواج.
من الخطأ الجسيم أن نتوقع أن نصلح العلاقة من خلال الطرف الآخر لأن هذه ليست مسؤولية الطرف الذي يريد الإصلاح المسؤولية الحقيقية لمن يريد الإصلاح والتواصل العاطفي أن يكون هو الذي عليه أن يغير وأن يبادر ويبدأ بالحوار النافع والكلام الطيب وإحسان الظن وكلها أمور حثت عليها الأخلاق لتسير سفينة الحياة بأمان أما الجانب العلاجي فيكون بالحب وإعطاء الحب الغير مشروط أي بدون أن تحبني ثم أحبك ..الاحترام لنفسية الآخر الذي قد يكون بدء بالتباعد وقد يكون جزء من شخصيته الانطواء حب العزلة حب الصمت فنحترم هذه الشخصية ، التعاون وهذا من العلاج فالطرف الذي يريد الإصلاح يعاون الآخر في فهم ما شرخ هذه العلاقة بأن يسأل ويبحث ويحاول أن يجد المخرج لهذا التصدع و المرحلة الأخيرة هي الصداقة بمعنى الكلمة وما تشمله من جميع المعاني فالصداقة تكون حقيقية إذا شعر الشريك أن شريكه بمعنى أن يفهم ويقدر دوافع السلوك الذي أحدث بينهم هذه التصدعات والشروخ وعدم ترتيب هذه المراحل ليس بأهمية قد نبدأ بصداقة ثم تعاون ثم ينمو الحب أن تبدأ من الاحترام فيكون هناك صداقة وتعاون وحب ليس المهم من أين نبدأ
كيف نتجنب الطلاق العاطفي ؟
لابد أن نراعي في زواجنا مبدأ الشرع في الاختيار للجنسين بعضهما لبعض , والارتياح النفسي والإقبال الروحي لكليهما لنتجنب الكثير من المشاكل التي قد تؤدي إلى التفكك والطلاق سواء عاطفي أم نفسي أم جسدي وشرعي فللمرأة حق الموافقة أو الرفض و وللرجل حق الرؤية والقبول . وهكذا تصير الحياة بمبدأ المعرفة والارتياح التام والسكون ، وطبيعي أن يكون هناك اختلاف في كثير من النواحي النفسية والجسدية والمعتقدات والقناعات وفي البيئة . والغير طبيعي أن يكون هناك تشابه بينهما , ولكن إلى حد ما ممكن , أما أن يكونا بالتمام فمستحيل فالله سبحانه خلق الناس مختلفين ليكمل بعضهم بعضا ، لابد أن يكون لدى كل شريك مبدأ الصراحة والأمانة والإخلاص في التعامل بينهما ولا أقصد الثرثرة والاستخفاف بالأحاديث فيما ينفع ومالا ينفع ولكن ليضعا خطة للتحدث بداية فيما يشتركان فيه من أمور الحياة فيتحدثا سوياً في كل جلسة عن موضوع يهمهما وحسب الأولويات لديهما مثال : ماذا يحبا من الأمور في الملبس والمأكل والمشرب والأثاث والفرش ؟ وكيف سيربيان أبناءهما ؟ وما هي قيمهما في الحياة ؟ وما هي المبادئ التي يريدان أن يبنيا عليها حياتهما ؟ وكيف سيتعاملان مع الأهل والأقارب ؟ وما هي خطط المستقبل للدراسة أو للعمل ؟ وكثير من الأمور التي ستقرب وجهات النظر بينهما . ومن الممكن أن يقرأ بعض الكتيبات في طرق كسب قلوب بعضهما وكيف تنجح قيادتهما لسفينة الحياة التي سيركبانها سوياً ، أما بعد الزواج وسير الحياة ستكون هناك فترات من الفتور العاطفي والنفسي والجسدي ولكن المهم أن لا تطول والشريك الذكي هو الذي يبدأ بالتنافس في الخيرات بان يقدم لشريكه يد العون والتفهم والنجاة بالسفينة وأن يتذكر أن ذلك سيؤجر عليه فلا يضيع عند الله مثقال ذرة من خير أما الترفع والتكبر وعزة النفس الخادعة فلا تنفع في شراكة زوجية طويلة مؤبدة في هذه الحياة