الحياة تهاجم "برومو" للفضائية السورية

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالاص في باب تلفزيون تحت عنوان "فن الإعلان" تهاجم فيه "برومو" يعرض على شاشة الفضائية السورية.
وترى الصحيفة عبر هذا المقال أن الإعلان بعيد كل البعد عن الفكرة التربوية ويروج لأفكار تتعلق بالحل الفردي واستخدام العنف .
وبدا كاتب المقال بشار ابراهيم بوصف للبرومو متناولاً تفاصيله والدلالات "حسب ما رآها".
فيما يلي نص المقال:
سيارة تطلق الزمور. طفــل رضــيــــــع يصرخ. شاب يقف أمــام السيـارة، بلامبالاة، كأنما لم يفعل شيئاً: «شو ساوينا؟.. خربت الدنيا يعني؟». يخرج عليه ثلاثة شبان مدججون بأسلحة يدوية بيضاء: عصا، ومكنسة.. اثنان يتوعدانه، بينما الثالث يدلق عليه الماء. ثم يجري الانتقال إلى رسوم متحركة. سيارة تطلق الزمور، أمام بناء سكني غارق في النوم. النوافذ المعتمة تُضاء. الزمور مستمر. من النوافذ، سوف يتمّ إلقاء أدوات منزلية: طناجر، ثم برّاد!
هذا البروتوكول، يحاول تلخيص إعلان «برومو»، تبثه الفضائية السورية، برعاية رسمية، من قبل وزارة حكومية. ربما تتوارى خلف هذا الإعلان النوايا الحسنة، ولكن يطفح على سطحه، ما يمكن تسميته، وفق أكثر التعابير ديبلوماسية، ما هو ليس أقل من «سوء فهم»!
لعل أول ما يتبادر الى الذهن، أن هذا الإعلان يأتي كأنما هو دعوة للحلّ الفردي، العنفي، بمبادرات فردية من السكان، وكلّ بما يستطيع، بدل الإشارة الواضحة، والقاطعة بحسم، إلى ضرورة الاتصال بالشرطة، للإبلاغ عن هذا الإزعاج، ومعاقبة مرتكبيه، وردعهم عن ممارسته!
وإذا كان لنا أن نفترض «حسن النوايا»، ونقول إن هذه الإعلان إنما يبغي شيئاً من الفكاهة، أو التخفيف من التجهم قليلاً، والميل إلى روح الكوميديا، والدعابة، ربما! تبقى الحقيقة، أن هذه الإعلان، بالشكل الذي رأيناه، وفي حين يخالف المنطق التربوي للفكرة، فإنه أيضاً ينفر عن الوظيفة التي ينبغي أن يقوم بها العمل الإعلاني والإعلامي، في التلفزيون.
وُجد التنويه، أو الإعلان المُوجَّه، أو ما نسميه «البرومو»، في عالم الفضائيات، من أجل تكثيف واختصار واختزال فكرة، أو مقولة، أو رؤية، أو موقف، و«الترويج» لها في إطار عملية تتكئ على فعل التكرار، الذي يتوافر بإعادات البث، لهذا الإعلان، الذي لا يحتل غالباً أكثر من دقيقة من الزمن. التكرار يفعل فعله هنا، إذ يتعامل مع لاوعي المشاهد، ولاشعوره، وينغرس عميقاً في وجدانه، حتى تتحوّل الفكرة، أو المقولة، أو الرؤية، أو الموقف، إلى قطبة وطيدة في نسيج وعي المشاهد، ومن ثم في سلوكه الحياتي، وممارساته اليومية.
ومن أجل هذا، تمنح الفضائيات وقتاً مناسباً للتفكير، ووقتاً أكثر في التحضير، للوصول إلى الشكل والبناء والطريقة، التي تقدم فيها ومضتها الفنية، التي لا تتفارق مع هويتها. ليس أكثر من دقيقة هي المدة التي يأخذها بث الإعلان، ومع ذلك فهو يتطلب حذاقة وذكاء، عليه أن لا يفلتهما أبداً.
ربما خذل هذا الإعلان الفضائية السورية، وفارق ما يرغب به رعاته. ولكنه يبقى في أفضل الأحوال نموذجاً للضربة الطائشة.
شام نيوز