الخاسرون والرابحون من صفقة شاليط

اذا سارت الامور وفق الاتفاقات المعقودة، فإن جلعاد شاليط الجندي الاسرائيلي الأسير سيصل الى القاهرة يوم الثلاثاء المقبل، وسيصل في الوقت نفسه ولكن بطريق آخر، حوالي 500 اسير فلسطيني، من مختلف الفصائل الفلسطينية، سيتم الافراج عنهم بمقتضى صفقة تبادل الاسرى بين حركة حماس والحكومة الاسرائيلية بوساطة مصرية.
بنيامين نتنياهو سيكون من ابرز الكاسبين من هذه الصفقة، فقد جاءت في وقت يعاني فيه من عزلتين، احداهما داخلية والأخرى دولية، وسيتباهى امام الاسرائيليين بانه اوفى بوعده في الافراج عن شاليط وهو ما فشلت فيه حكومة 'كاديما' السابقة عبر طرق ووسائل متعددة. حركة حماس بررت عدم شمل الصفقة لهؤلاء القادة بالقول ان الحكومة الاسرائيلية اصرت على استثنائهم لانها لا تريد ان يكون انتصارها، اي الحركة، كبيرا، وهذا في تقديرنا تبرير ليس قويا، علاوة على كونه ليس مقنعا، لان الحركة التي انتظرت خمس سنوات تستطيع انتظار بضعة اسابيع او اشهر ريثما تتمكن من فرض شروطها، خاصة ان حكومة نتنياهو في وضع ضعيف للغاية داخلياً وخارجياً. من الطبيعي ان لا تكون الصفقة كاملة وتحقق جميع شروط 'حماس'، لانها نتيجة عملية تفاوضية شاقة تضمنت مساومات عديدة، وفي هذه الحالة، لا بد من 'اخذ وعطاء' ولعب اوراق الضغط بطريقة فاعلة، ولكن ما زالت حركة 'حماس' مطالبة بتقديم توضيحات اكثر اقناعاً حول قبولها بشرطين اسرائيليين اساسيين، الاول هو الموافقة على ابعاد بعض الاسرى لسنوات في المنافي العربية او الاوروبية، وهي التي طالما انتقدت السلطة والرئيس الراحل ياسر عرفات لانه سجل هذه السابقة اثناء موافقته على ابعاد بعض الاسرى، اما الشرط الثاني فهو استبعاد القائدين البرغوثي وسعدات من قائمة المفرج عنهم. السؤال الاكبر الذي ستكون الاجابة عليه موضع اهتمام الجميع هو عن مكان احتجاز شاليط طوال السنوات الخمس الماضية، وما اذا كان سيأتي الى القاهرة عبر انفاق رفح او عبر المعبر، وهل سيرتدي ملابسه العسكرية التي كان يرتديها عندما تم اسره، ام انه سيرتدي ملابس مدنية، ثم ماذا سيقول عن ظروف اعتقاله. اسرائيل كانت تقول دائماً انها كدولة ديمقراطية لا تقبل التفاوض مع ارهابيين، وتقصد 'حماس' و'حزب الله' على وجه التحديد، ومن قبلهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقد تفاوضت مع الاخير واعترفت به، وتفاوضت مع 'حزب الله' وافرجت عن الكثير من المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين على رأسهم عميدهم سمير قنطار، وها هي تضطر وبرئاسة نتنياهو للتفاوض مع حركة 'حماس' مرغمة. وهذا انتصار لحركة 'حماس' مثلما هو انتصار لمفهوم المقاومة. ولهذا من حق الحركة ان تفرح وتحتفل وكذلك ابناء الشعب الفلسطيني، وهذا الفرح لا يجب ان يتأثر بانتقادات البعض التي تضخم بعض النواقص في هذه الصفقة. عبد الباري عطوان - القدس العربي
لا نعرف من أين سيأتي شاليط، ومن سيكون في صحبته، وكيف ستتم عملية التبادل، ولا نستطيع ان نتكهن ما اذا كان بنيامين نتنياهو او وزير دفاعه ايهود باراك سيكونان في حفل التبادل في القاهرة، ولكن ما نعرفه ان هناك منتصرين وهناك ايضا مهزومين، وعاتبين أو غاضبين.
حركة 'حماس' ستكون حتماً على رأس المنتصرين لانها افرجت عن ألف أسير مقابل اسرائيلي واحد، وبعد خمس سنوات من مقاومة الضغوط الاسرائيلية بلغت ذروتها في احتلال قطاع غزة، فقد اعادتها الصفقة الى واجهة الاحداث بعد أشهر من البقاء في ظل ثورات الربيع العربي، والانجازات السياسية التي حققها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتمثلت في تحدي الادارة الامريكية والذهاب الى مجلس الامن الدولي لطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الامم المتحدة، وهي انجازات رفعت من حجم شعبيته في اوساط قطاع عريض من الشعب الفلسطيني، خاصة بعد خطابه القوي في الجمعية العامة.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيشعر بعدم الارتياح حتماً، لان هذه الصفقة ستسرق الاضواء من انجازه السياسي الاخير، وستدفع بحركة 'حماس' الى الواجهة مجدداً، والاهم من كل ذلك ستؤدي الى تعزيز علاقاتها مع مصر الثورة، ولهذا سمعنا أصواتا تشكك في اهمية الصفقة وتركز على ابرز عيوبها مثل عدم الافراج عن القادة الكبار، حيث وعدت 'حماس' اكثر من مرة بانها لن تقبل باي صفقة تبادل اسرى دون ان تشمل مروان البرغوثي واحمد سعدات وعبدالله البرغوثي وغيرهم.