الخبر "الجزائرية" - جثث تنهشها الجرذان ومرضى يُعتدى عليهم جنسيا

تعكس ''الفضائح'' التي تحدث داخل مستشفيات ولاية وهران التي تصرف عليها الدولة مئات الملايير، المرض الخبيث الذي استشرى في منظومة الصحة فأرداها سقيمة عليلة لا تقوى حتى على ضمان ميتة طبيعية لنزلائها، فما بالك بتقديم العلاج للمرضى ومساعدتهم على الشفاء.
هذه الوقائع ليست حوادث من نسج الخيال، بل هي قصص واقعية حدثت مؤخرا في مستشفيات وهران، دون أن ينجر عنها أي استقالة لأي مسؤول أو متابعة قضائية ضد أي مسير، بالرغم من خطورتها. كيف لا وقد بقي مريض كان يعاني من داء السل مدة سبع ساعات كاملة في مرحاض وسط الجرذان التي نهشت جثته داخل مصلحة الأمراض الصدرية على مستوى المستشفى الجامعي، قبل أن يكتشف أمره بالصدفة مريض آخر ذهب لقضاء حاجته هو الآخر ففزع لمشهد زميله وهو تحت قبضة الجرذان.
والغريب في الأمر أن كبش الفداء في هذه الفضيحة التي لا تملك أي تبرير، كان مستخدمي المصلحة مسرح الواقعة، حيث أمر قاضي التحقيق المكلف بالقضية بإيداع ممرضين اثنين وعوني أمن الحبس المؤقت دون أن يتم استدعاء الإدارة المسيرة التي أكدت بعض المصادر المطلعة بأنها تنصبت كطرف مدني في القضية. علما أن مدير المستشفى كانت له شجاعة الاعتراف بمسؤولية إدارته عمّا حدث، حيث أكد في ندوة صحفية عقدها نهاية الأسبوع الماضي بأن هذه الحادثة لم تكن لتحدث لو تم اتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بتحصين حياة المرضى، مضيفا بأن مصالحه باشرت حملة واسعة للقضاء على الجرذان في كامل أرجاء المؤسسة.
ولا تتوقف فضائح القطاع عند هذا الحد، بل تعدتها إلى استباحة حرمة المرضى وأعراضهم، وهو ما تترجمه السابقة الخطيرة التي عاشتها المؤسسة الاستشفائية أول نوفمبر منتصف شهر جويلية المنصرم، إذ تعرضت مريضة تبلغ من العمر 24 سنة أم لطفلة إلى اعتداء جنسي تحت تأثير التخدير من قبل ممرض، ساعات قليلة فقط بعد تعرضها لعملية جراحية في ذات المصلحة، تتعلق بمرض كانت تعاني منه في حنجرتها، حيث قام المعني، بناء على تصريحات الضحية، بتخدير ثلاث مريضات كن في نفس القاعة عن طريق مخدر في مادة ''السيروم''، وبادر إلى التقرب من الضحية التي عمد إلى إدارة جسمها ونزع ثيابها وملابسها الداخلية واعتدى عليها جنسيا أمام مقاومة محتشمة منها بفعل تأثير المخدر.
مخطط التسيير مجمد منذ أربع سنوات
ولا تزال هذه القضية محل تحقيق قضائي، حيث أمر قاضي التحقيق على مستوى الغرفة الخامسة لمحكمة جمال الدين بوضع المتهم تحت إجراء الرقابة القضائية، قبل أن يأمر بحبسه مؤقتا، أياما قليلة بعد ذلك، بتهمة حيازة مواد مخدرة اكتشفتها مصالح الشرطة في خزانته بالمؤسسة الاستشفائية المذكورة. في حين قامت الإدارة بتوقيف المتهم بقرار من اللجنة المتساوية الأعضاء.
ومن عجائب ما يحدث في تسيير مستشفى وهران الجامعي، ما تعلق بقضية مخطط التسيير الذي لا يزال مجمدا منذ أربع سنوات كاملة دون أن يتم تسجيل أي تدخل من لدن السلطات الوصية، باعتبار أن مصالح الوظيف العمومي ترفض، منذ ذلك الحين، المصادقة على المخطط بالنظر إلى الخروقات التي تشوبه ولاسيما فيما يتعلق بالتوظيف المفرط الذي لجأت إليه الجهات المسيرة دون وجود مناصب مالية تبرر ذلك، الأمر الذي انتهى بتجميد كل الأمور الخاصة بالمستخدمين مثل الترقية وكل الامتيازات القانونية الخاصة بالمشوار المهني. وفي سياق مسلسل الفضائح تواصل إدارة المستشفى غض الطرف عن التجاوزات التي يقوم بها بعض ''البروفيسورات'' الذين تحولوا إلى أشخاص فوق القانون، بدليل أن العام والخاص في مستشفى وهران يعرف قضية رئيس مصلحة بلغ من العمر عتيا لدرجة أنه أصبح عاجزا عن القيام بمهامه، ما جعله في وقت من الأوقات يفوض ابنه ليقوم بمهامه نيابة عنه، رغم أن هذا الأخير ليس له أي علاقة بعالم الطب لا من قريب ولا من بعيد، دون أن تتخذ الإدارة أي إجراءات كفيلة بتقويم هذا الوضع الذي ضاق منه كل أطباء المصلحة.
''بروفيسورات'' فوق القانون
والأمر نفسه ينطبق على رئيس مصلحة أمراض الجهاز الهضمي الذي صدر في حقه، مؤخرا، حكم قضائي يقضي بحبسه لمدة ست أشهر غير نافذة زائد غرامة مالية بقيمة 30 ألف دج بتهمة التقصير والإهمال الذي أودى بحياة المريضة عرومية جهيدة، حيث يواصل مهامه بصفة طبيعية بالرغم من أن القانون يلزم توقيفه بصفة مؤقتة على الأقل، فضلا عن استمراره في تصرفاته الغريبة على غرار إلغائه للمداومة الليلية، الأمر الذي جعل الأطباء المتنازعين معه يحتجون ويوجهون رسائل إلى كل من إدارة المستشفى والمجلس الجهوي لأخلاقيات مهنة الطب والوزارة الوصية دون جدوى لحد الساعة، بالرغم من الأخطار المحدقة التي تهدد حياة المرضى. وهو ما حذر منه السيد بوعلاق، رئيس جمعية الالتهاب الكبدي الفيروسي، الذي طالب الوزير بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه المهزلة في إطار تحصين حياة وسلامة المرضى الذين يعانون من هذا الصراع منذ أزيد من أربع سنوات كاملة.
ويشهد المستشفى، هذه الأيام، أزمة خانقة في كل المواد المخدرة، الأمر الذي تسبب في تعطيل أغلب العمليات الجراحية في الوقت الذي ترصد الدولة ميزانية ضخمة لهذا الغرض، ما أثار تساؤلات في أوساط المرضى والأطباء على حد سواء، ناهيك عن مشكل انعدام بعض الأدوية الاستشفائية الخاصة بأمراض خطيرة مثل السيدا والسرطان وغيرها، ومشاكل عارضة مثلما حدث مؤخرا عندما اضطر مرضى السرطان القادمون من مختلف الولايات إلى العودة إلى ديارهم دون الخضوع للعلاج الكيماوي بفعل تعطل جهاز ''لاكوبات''، ورفض الفيزيائي المؤهل لإصلاحه التدخل إلى حين توفير أتعابه التي يدين بها للمؤسسة.
ووصلت معاناة المرضى، مؤخرا، إلى حد الابتزاز من قبل أشخاص غرباء لا يمتون بأي صلة للمؤسسة، حيث أوضح مدير المستشفى في ندوة صحفية عقدها مؤخرا بأنه تم توقيف أشخاص ادعوا أنهم أعوان أمن وطالبوا المرضى بأموال مقابل تمكينهم من بعض التحاليل المطلوبة لوضعهم الصحي، رغم أن هذه الفحوص مجانية داخل المستشفى

الخبر  - وهران - محمد درقي - 9 - 8 - 2010 .