الخبير الأميركي في شؤون الشرق الاوسط وليم كوانت لـصحيفة القدس الفلسطينية:

 

اعتبر الخبير الاميركي في شؤون الشرق الاوسط وليم كوانت المساعدة الاميركية لنشر نظام صواريخ القبة الفولاذية لاسرائيل قرارا خاطئا. وقال إن اوباما حاول ان يجعل من ملف السلام في الشرق الاوسط احدى اوكد اولوياته على عكس الرئيس جورج بوش الابن.

واعتبر الخبير الاميركي في حديث لجريدة القدس الفلسطينية على هامش زيارته الى تونس ان موقف الادارة الحالية من الاستيطان يكشف خيبة املها من الجانب الاسرائيلي، معتبرا ان عدم استجابة نتنياهو لدعوة الادارة الاميركية بتجميد الاستيطان امر كان متوقعا.

وقال كوانت إن تراجع اوباما شكل سابقة بالنسبة لرئيس اميركي ومؤشر ضعف في رئاسته بعد ان تخلى عن قراره الذي اعلنه من قبل في شان وقف الاستيطان. واعتبر ان قوة ايران الراهنة نتيجة لسياسات اميركا وان طهران ليست كوريا الشمالية، مشيرا إلى ان ايران تعيش في محيط نووي يجعل النظام الايراني يشعر دوما بانه مهدد في وجوده.وفيما يلي نص الحوار:

 

* في خضم التغييرات المتلاحقة في المشهد الايراني الى اين ستتجه خيارات ادارة الرئيس الأميركي ازاء الملف النووي الايراني؟

 

- في اعتقادي ان أي تدخل عسكري في ايران سيزيد من تعقيد الامور في العراق وافغانستان. طبعا ايران لن تهاجم الولايات المتحدة كرد على ما يمكن ان تتعرض له ولكن بامكان ايران مهاجمة قواتنا في المنطقة لذلك فان أي هجوم عسكري ضد ايران لن يحقق الاهداف المطلوبة منه ولن يمنع ايران من التحول الى قوة نووية. قد يكون بالامكان زعزعة المشاريع الإيرانية ولكن لا يمكن وقفها. أولا ليس هناك ما يجزم بان لدى ايران سلاحا نوويا كما هو الحال بالنسبة لعشرين بلدا، بل ان ما تريده ايران هو الحصول على القدرة المعرفية والوسائل والامكانات والتكنولوجيا الضرورية للحصول على السلاح النووي. وثانيا ما تريده ايران ايضا هو هذا الاحساس بهذا النوع من «البرستيج» في امكانية الحصول على النووي. ثالثا ان ايران تعيش في محيط نووي مع وجود الهند وباكستان والصين النووية اذا اضفنا كل هذه العوامل الى ما حدث في العراق فمن الطبيعي ان يشعر النظام الايراني بانه مهدد في وجوده. ومن هنا فان الوصول الى السلاح النووي يستوجب تطوير كل الخطوات السابقة ولكن دون الوصول فعلا الى السلاح النووي.

 

اميركا اصبح لديها الان سجل في قلب الانظمة والاطاحة بها وهناك خوف في ايران من تكرار ما حدث في العراق. ومن هنا فان على الولايات المتحدة ان تضع في الاعتبار ان ايران قوة في المنطقة وان عليها ان تجد طريقة للحوار مع الايرانيين. ايران ليست كوريا الشمالية. الاغلبية في البنتاغون لا تريد تدخلا عسكريا في ايران وفي اعتقادي ان اوباما واع بهذا الامر، ولكن هناك مجموعة محدودة تريد تدخلا في ايران.

 

وفي اعتقادي انه من مصلحة اميركا تطبيع العلاقات مع ايران كما انه من المهم ان نقول للايرانيين اننا لسنا معنيين بتغيير النظام، والايرانيون سيقبلون ذلك. علينا ان نعترف ان قوة ايران الراهنة نتيجة لسياساتنا ازاء هذا البلد فيوم اسقطنا صدام حسين صعدت ايران، وطبعا لا احد في ادارة بوش كان يتوقع ذلك.

 

* بعد الانتخابات النصفية والصفعات المتتالية لادارة الرئيس اوباما خلال النصف الاول من ولايتة الرئاسية هل هي نهاية المطاف امام الوعود؟

 

- انها المرة الاولى التي يختار الناخب الاميركي رئيسا اسود ومن المهم جدا ان يصوت الاميركي الابيض لرئيس اسود. خلال الاشهر الستة الاولى حاول اوباما ان يمنح الاهتمام لقضية السلام في الشرق الاوسط وان يجعلها احد اهم اولوياته، لكن ما حدث هو ان اوباما وجد موقفا متصلبا من جانب ناتنياهو وكان هذا الامر متوقعا. وقد حاول اوباما التمسك بموقفه من الاستيطان لكن ذلك لم يستمر طويلا اذ سرعان ما تراجع. وهذا التراجع كان لعدة عوامل الا ان المهم ان النتيجة كانت واحدة وهي ان شعبية اوباما تراجعت كثيرا وبات يتعين على صاحب الوجه المعتدل ان يجد ارضية للتفاهم مع الناخب الاميركي.

 

وارجح ان اوباما قبل نصائح مستشاريه بتفادي المواجهة مع ناتنياهو بعد ان اقنعوه بانه لا يمكنه التقدم بتوخي المواجهة مع اسرائيل ولكن بالتعاون معها. ولكن الواقع ان قرار منح اسرائيل مساعدات عسكرية كبيرة لنشر نظام صواريخ مضادة او ما يعرف بالقبة الفولاذية من اجل تنازل متواضع يهدف لتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة اشهر كان خطا كبيرا.

 

* في سياق هذه التحولات المتسارعة ما هي البدائل المتبقية خلال السنتين القادمتين؟

 

- حتى الان لا الاتحاد الاوروبي ولا الامم المتحدة ولا روسيا ولا الجامعة العربية ستكون قادرة على دفع ملف السلام. واعتبر ان الخطوة القادمة يجب ان تنطلق من مبادرة قوية ومتوازنة للرئيس الاميركي بدعم من كل هذه الاطراف لحل الدولتين والبحث عن حل لقضية الاسرى واللاجئين وخلق ديناميكية جديدة على الساحة الدولية. اذا استمر الرفض دوما من جانب ناتنياهو فلا بد حينئذ من وضع الاسرائيليين امام الامر الواقع. واذا كانوا يريدون موقفا من جيرانهم العرب فعليهم ان يضعوا حدا للنزاع وليبدأوا حوارا داخليا. واعتقد انه لا يمكن ان يتحقق تغيير دون فرض نوع من الضغوط على اسرائيل بان عليهم ان يدفعوا ثمنا.

 

* وماذا اذا قرر الفلسطينيون الذهاب الى مجلس الامن الدولي؟

 

- الطريق الوحيد لنجاح مجلس الامن مرهون باتفاق جميع الدول ولا اعتقد ان مجلس الامن سيكون البديل. واذا لم تكن اميركا مستعدة لهذا الحل فستستخدم حق الفيتو والامم المتحدة في حاجة لاميركا لاقناع الاسرائيليين بتغيير موقفهم.

 

* وكيف تنظر إلى فرص اوباما للفوز بولاية ثانية؟

 

- واضح ان اوباما سيسعى لولاية ثانية. حصيلة السنتين الماضيتين لم تكن كارثية بالنسبة للرئيس ولكنها لم تكن مرضية ايضا فالمسائل الكبرى المتعلقة بالقضايا الخارجية مثل العراق وافغانستان تحتاج بعض الوقت. اما المسائل الداخلية المتعلقة بالاقتصاد فلم تشهد ما يرضي الناخبين كما كان الحال بالنسبة لملف التغطية الصحية. الارجح ان السنتين القادمتين لن تكونا امرا هينا. الان يسعى للترشح من جديد، فاذا نجح في تحقيق اختراق حقيقي في ملف السلام خلال الاشهر القليلة القادمة فان ذلك سيحسب له وسيعزز حظوظه. واذا لم ينجح فذلك سيضعفه.

 

اوباما حتى الان ليس ديغول واذا كان يريد ولاية ثانية فعليه تقديم المزيد لانصاره وهو يعلم ذلك جيدا. الجمهوريون بدورهم يمتلكون الكثير من الامكانات لكن ليس لهم الان شخصية قادرة على فرض التغيير. سيحاول اوباما ان يكون قويا خلال السنتين المقبلتين ولكن عليه ان يدرك ان الفلسطينيين تخلوا عن نضالهم المسلح وقدموا الكثير من التنازلات وان السلطة الفلسطينية لم يعد في وسعها ان تتنازل اكثر مما تنازلت. وربما عليه ان يقنع الاسرائيليين بأنهم أمام فرصة خاصة جدا وان الانتظار يعني المزيد من المخاطر وربما ضياع حل الدولتين، وكل تاجيل للسلام يعني المزيد من الراديكالية والتطرف في المنطقة، و"القاعدة" ستجد لها أرضية أوسع كما ان الأنظمة السياسية المعتدلة لا يمكنها القبول إلى ما لانهاية بسياسة المكيالين.

 

* ما الذي يمكن أن يتغير بشان التوجهات الأميركية إزاء المسالة اللبنانية؟

 

ـ في اعتقادي ان رئيس الوزراء اللبناني الحالي لا يريد انفجارا. وليد جنبلاط بدوره غير مواقفه وهو لا يريد مواجهة مع حزب الله بل يريد العمل معه واللبنانيون في حاجة الى احتواء الأمور. سورية أيضا لا مصلحة لها في تفجير الامور. التجربة اللبنانية كشفت ان للبنان خاصيتين اذا تقرر وقف الاقتتال فإن زعماء الطوائف يسيرون باتجاه تحقيق التوافق.. ولكن هذا يعني ايضا ان الدولة ضعيفة وان الامور ستكون قابلة للانفجار في كل حين. حزب الله جزء من الجهاز القائم وسيواصل دوره الاكبر من العادي وحزب الله يحكم الجنوب وهذا امر واقع يراه كل من يزور المنطقة. ولا احد في لبنان يريد حربا ضد حزب الله الذي لا يمكن ان يقبل بمحاكمة أي كان وسعد الحريري سيسعى للحفاظ على لبنان باسم والده.

 

* وماذا عن تركيا الجديدة ودورها في المنطقة؟

 

- تركيا تتغير بشكل مهم جدا وهي تجمع بين الديموقراطية والاسلام. هذا الامر لم يتحقق بسهولة ولكنه امر واقع، وتركيا اليوم ديموقراطية حديثة وحتى العلمانيين الذين اتعامل معهم يقرون أحيانا في السر بان الحكومة الراهنة تقوم بعمل جيد.

 

* الا يمكن ان يكون لاسرائيل دور في اغتيال الحريري؟

 

-لا اقول انه مستحيل ولكنه مستبعد. المستفيدون كثيرون وايدي اسرائيل ليست نظيفة.