الدردري يرفع سقف الطموحات انطلاقاً من كونه "جهة مستفيدة"!!

رفع النائب الاقتصادي عبد اللـه الدردري  سقف الطموحات الوطنية والحكومية انطلاقاً من موقعه كجهة حكومية أي «جهة مستفيدة» من «مقترح المعايير الأكاديمية الوطنية لقطاع كليات الاقتصاد والعلوم الإدارية» الذي قدمته وزارة التعليم العالي في ورشة عمل بهذا الخصوص.

وجاء كلام الدردري خلال المراجعة الخارجية للمعايير الأكاديمية الوطنية (نارس) لقطاع العلوم الاقتصادية والإدارية بحضور عدد كبير من ممثلي قطاع الأعمال والوزارات والمؤسسات الحكومية وغرف الصناعة في سورية.

وبين الدردري من موقعه  "كمستفيد" وليس من موقعه كأكاديمي أو كخبير في هذا الأمر وإنما لأنه جهة مستفيدة، «وبناءً على ذلك تمت دعوتي إلى الاجتماع فلا بد لي من تقديم الفائدة لهذا الاجتماع وعرض ملاحظاتي التي وجدتها في المقترح المقدم من التعليم العالي كي أكون مفيداً له».

ووصف الدردري هذا المقترح بما يتضمنه قائلاً: «إن الذي بين أيدينا والذي وصلنا إليه اليوم يكاد يصل إلى مرحلة عدم التصديق لدرجة أهميته الإستراتيجية وحيويته، لأنه يؤسس لمرحلة جديدة في الاقتصاد وفي المجتمع السوري على المدى الطويل، وإذا استكملنا ما بدأناه فسيستطيع الإنسان مهما كان موقعه في عملية صنع القرار داخل القطاع الخاص أو الحكومي أن يطمئن إلى أن مستقبل البلد يسير في الاتجاه الصحيح لأن جميع السياسات والبرامج التي نتحدث عنها ونحاول تنفيذها مرتبطة بنجاح هذه العملية وما يسبق ذلك من إعادة النظر في المناهج التربوية والعملية التي انطلقت مع التعليم الفني والمهني الذي نعمل عليه جيداً، ونحاول إيجاد صورة أو صيغة متفق عليها لمواءمة التعليم والتدريب المهني مع احتياجات سوق العمل».

وأشار الدردري إلى أنه يتفق مع وزير التعليم العالي الدكتور غياث بركات - الذي حضر ورشة العمل - عندما وصف «المقترح» الذي تم استعراضه بـ«المسودة الخشنة» وعلى هذا فهي قابلة للتحسين والتطوير وللانتقادات أيضاً.

وأضاف الدردي: إننا كحكومة نمثل الطرف المتلقي في هذه القضية أي الجهة المستفيدة وأرى أن هناك ملاحظات عامة أرى أنها من الضروري أن تكون موجودة في خريجنا الجامعي.

 

لا قدرة على التحليل

بعد ذلك، تطرق الدردري إلى قضية «القدرة على التحليل» ولاحظ – كما يقول- خلال التجربة الطويلة مع خريجي الاقتصاد والتجارة في مختلف الأماكن وجود ضعف شديد في القدرة على التحليل وقال: «إن هذا الضعف بالمناسبة ليس في القدرة الفنية فحسب وإنما في العقلية بمعنى أنه هل أتيح لي كطالب جامعي وخلال السنوات الدراسية الأربع أن أحلل بحرية»، معتبراً هذا الأمر المشكلة والقضية الأولى التي نواجهها نحن المستفيدين مع نتاج هذه العملية التعليمية في سورية.

 

غياب المبادرة والقدرة على العمل كفريق

بدأ النائب الاقتصادي بعد ذلك بالحديث عن مسألة «غياب المبادرة» معتبراً إياها مسألة متعلقة بالتعليم وبالمهارات على حد سواء، وأنه لاحظ من خلال تعامله مع معظم الخريجين – ومع من قام بتدريس هؤلاء الخريجين - كخبراء وطنيين تبين أن قدرتهم على العمل معاً كفريق واحد إما معدومة أو ضعيفة جداً بغض النظر عن المهارات التفصيلية والقدرة على استيعاب الاقتصاد الكلي أو الجزئي «حيث وجدنا الكثير من الشباب المبدعين في هذه المجالات، ونحن لسنا قلقين من هذا الجانب، ولكنهم درسوا ما درسوا وعندما نطلب منهم مثلاً دراسة أثر سعر الفائدة في السوق على نمو سوق الأوراق المالية يجيبوننا بأنهم لم يدرسوا هذا الأمر في الجامعة وأنهم على استعداد تام فقط لتقديم كل ما درسوه في كلياتهم».

واعترف الدردري بأنه من غير الممكن أن نحمل إنساناً مسؤولية الإجابة عن شيء لم يدرسه فضلاً عن أنه حين درس هذا الأمر فإنه كان كمرور الكرام وبعناوين.

وأكد الدردري أن من كتب الخطتين الخمسيتين العاشرة والحادية عشرة هم شبان سوريون من خريجي الجامعات السورية «أبدعوا في هذه المجالات بغض النظر عن التطبيق لأنه موضوع مختلف».

وبيّن الدردري أن القدرة على التحليل والمبادرة والقدرة على العمل كفريق تفيدنا في كل المجالات بقطاع الأعمال والاقتصاد وهي بحاجة إلى أن تترسخ كمعايير سواء الأكاديمية أم المهنية.

 

التركيز على الإحصاء

وقال النائب الاقتصادي: أنا كمستفيد لا أملك أي خبرة للتحدث كأكاديمي اتفق مع البعض أن إهمال موضوع الإحصاء حتى لو كان جزءاً من باقي المناهج هو أمر غير مقبول، ونحن نعاني من هذا الأمر معاناة شديدة وبحاجة إلى مكان ما لا هم له سوى تخريج إحصائيين متفرغين لأننا نفتقد إحصائيين ذوي مستوى عالٍ منتشرين في الطب وفي الاجتماع والسكان وفي الزراعة والاقتصاد وقطاع الأعمال وبحوث العمليات والسوق وفي آلاف القضايا الأخرى.

وذكر الدردري افتقاد المعايير الموجودة حالياً إلى مسألة «العلاقات الدولية» وأنه يجب إفراد حيز خاص به.

وأردف الدردري: إن عملنا يتركز في معظمه على ربط سوق العمل بالتعليم ولكن يهمنا أيضاً التميز الأكاديمي لأنه ذو قيمة عالية بحد ذاته ويهمنا التميز في علوم الإدارة والاقتصاد وغيرها ليس من أجل التميز في سوق العمل وإنما لتميز الدول بعضها عن البعض كما يجري حالياً في العالم وأتمنى ألا نغفل هذه المسألة.

 

حوارنا الاقتصادي غير مكتمل

أكد الدردري أن نجاح هذا الجهد سيؤدي إلى تغيير الحوار الاقتصادي في البلد بكامله واصفاً حوارنا الاقتصادي بأنه غير مكتمل وتنقصه جوانب كثيرة وقاعدة أساسية من المعرفة حول الاقتصاد والتي بدورها تقودنا إلى «تحليلات ما أنزل اللـه بها من سلطان».

وقصد الدردري بذلك الحوار الاقتصادي في دوائر صنع القرار الاقتصادي والقطاعين العام والخاص لأننا نطمح إلى مستوى من الحوار لا يقل عن حد أدنى معين يجب الوصول إليه وحوارنا الاقتصادي في البلد للأسف لا يقوم على هذه الأسس.

وقال: إن الاقتصاد السوري اليوم أصبح مندمجاً مع كل تلافيف الاقتصاد العالمي وبقي لنا فقط عولمة النظام المالي السوري بعد أن تعولمت التجارة والاقتصاد الحقيقي والمصارف السورية وغيرها.. ولا بد لنا من تعلم الممارسات الفضلى في كل موضوع ونساهم في تشكيلها مستقبلاً.  وأكد أن هناك ضعفاً في قضية المبادرة «لأننا لسنا بحاجة إلى موظفين حتى في القطاع الخاص وإنما بحاجة إلى مبادرين ولا بد أن تؤسس الجامعات لهذا المجال وهو ما لم أجده في المقترح».

 

الشركات المتوسطة تحمي الاقتصاد

وذكر الدردري أنه لم يجد في هذا المقترح المذكور مسألة الشركات الصغيرة وخصوصاً أن بنود المقترح تخدم الشركات الكبرى فقط وتم إغفال المتوسطة والصغيرة، «وهذا أفهمه لأن تلك الشركات الكبرى صاحبة الممارسات الفضلى في العالم إلا أن اقتصادنا يقوم في نسبة 90% منه على الشركات المتوسطة والصغيرة وهذا أمر جيد وخصوصاً أن الشركات المتوسطة والصغيرة أثبتت وقوفها في وجه أبعاد الأزمة المالية العالمية وحمت الاقتصاد لأنها سبب في التنوع والتوظيف والإبداع وقادرة على حمل الاقتصاد خلال الأزمات».

كما أبدى الدردري ملاحظته غياب مسألة التسويق والتعاون مع مختلف أشكال الإعلام المختلفة، وبخصوص المصارف والتمويل قال: «لا بد من التأكيد على البعد العالمي ويجب أن نفهم البعد العالمي لقضية المصارف والتمويل كبعد محلي لأنه في هذه القضية لا تميز ولا حدود وطنية لفهم كيف تعمل المصارف والأنظمة المالية».

وكشف النائب الاقتصادي أن تخطيط اقتصاد السوق ضروري ونحتاجه لأننا سنبقى خلال العقدين القادمين في مرحلة انتقالية وسيكون خلال هذه الفترة على الأقل ثلاث خطط خمسية وتخطيط اقتصاد السوق مهارة مهمة جداً ولا نمتلكها في الكثير من الأحيان وسيبقى ضرورياً في جميع الاقتصاديات حاضراً ومستقبلاً.

وختم بالقول: أنا أقدم رأيي كمستفيد وليس كنائب رئيس الوزراء ولكن من خلال تجربتي كمتعامل مع مئات خريجي الاقتصاد والتجارة في سورية.

من جانبه قال وزير التعليم العالي الدكتور غياث بركات: إن الهدف الأساسي من وضع المعايير الأكاديمية لمختلف العلوم هو إعداد الخريجين المؤهلين تأهيلاً أكاديمياً ومهنياً والوصول إلى خريج أقدر على خلق فرص العمل والمساهمة في عملية الإصلاح التي تشهدها سورية في مختلف المجالات.

رئيس فريق المعايير الأكاديمية الوطنية لقطاع العلوم الاقتصادية والإدارية الدكتور سام دلة عرض خلال الورشة مسودة المعايير التي تم التوصل إليها في اختصاصات: إدارة الأعمال، والمحاسبة والتدقيق والتسويق، والمصارف والتمويل، ونظم المعلومات الإدارية، والاقتصاد. حيث عرّف المواصفات المطلوبة من خريج كليات الاقتصاد والعلوم الإدارية ولاسيما فيما يتعلق بمعايير الفهم والمعرفة والمهارات الذهنية ومعايير المهارات الذهنية والعملية والمعايير السلوكية والشخصية بهدف الخروج برؤية موحدة لتطوير واقع القطاع الاقتصادي في سورية وإدراج اختصاصات جديدة تلبي احتياجات المجتمع.

 

 

شام نيوز- سانا- الوطن