الدعم المالي استجابة أولية للأزمات النفسية

نور درويش - شام إف إم
لكل مشكلة حل ودوام الحال من المحال ولا أزمة تدوم ولا مشكلة تستمر دون حل أو تغيير، عبارات نرددها بدافع المواساة والتخفيف من الأعباء التي تولدها الأزمات المختلفة والتي تؤثر على صحتنا النفسية.
نظراً لما تمر به البلاد من تحديات هائلة وظروف اقتصادية صعبة يتجلى ذلك في الضغط النفسي والاكتئاب، ما يجعل هذه الفترة صعبة على الكثير من السوريين.
ومع تزايد أعباء الحياة، يتسبب القلق حيال المستقبل في تفاقم المشاكل النفسية، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى مستويات الاكتئاب ويظهر الإحباط بوضوح، خاصةً بين الذين يرون عدم وجود فرص لتحسين وضعهم المالي والصعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الطعام والدواء والسكن كل هذا يفتح الباب أمام التحديات النفسية.
كما يعاني الكثيرون من الشعور بعدم الاستقرار وعدم الأمان وفقدان الأمل، ويمكن أن يؤدي هذا الاحباط الى انعدام الرغبة في القيام بالأنشطة اليومية كما يمكن أن يؤثر على العلاقات الاجتماعية الأسرية، وتتسع المشكلات لتكون المسبب الرئيسي لارتفاع مستويات الانتحار والقيام بأعمال لا أخلاقية كالسرقة والقتل والانحراف والاغتصاب والدخول في عصابات والقيام بأعمال منافية للقيم المجتمعية والشخصية.
فينتج الشعور بالعجز وخاصة لدى الأشخاص الذين لديهم التزامات كالآباء، الذين يقفون عاجزين أو يشعرون بالذنب تجاه أبنائهم من حيث تأمين متطلباتهم المدرسية أو حتى تأمين الحد الأدنى من المعيشة اللائقة، وكذلك الأطفال يعانون من الحرمان على الصعيد النفسي والصحي فيما بعد.
الكثير من الدراسات في علم النفس أكدت أن الأزمات المالية مشكلة معقدة تؤدي في بعض الأحيان الى الانتحار، وهذا ما ذكرته مرات عدة وسائل إعلام، متحدثة عن حالات انتحار بسبب انعدام القدرة المادية على الالتزام بالواجبات الأسرية وتكثر حالات العنف الأسري.
ولتخفيف تأثير الأزمات المادية على الصحة النفسية في سورية من الضروري البحث عن حلول بديلة، إما عن طريق تعاون مؤسسات الدولة المعنية مع الأمم المتحدة، أو بمشاريع التنمية البشرية التي تركز على هذه الفئات وتحقق لهم الكسب المادي وتعيد ثقتهم بنفسهم والتوازن في حياة الفرد، وسوى ذلك.
وهذه الحلول من الجيد أن تكون مادية بالمرتبة الأولى، وقائمة على تلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد وتحسين ظروف حياتهم، مثل توفير دعم مالي مباشر كتقديم مساعدات للأسر المتضررة، يمكن أن يخفف من الضغط المالي ويمنحهم فرصة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وإطلاق مشاريع تشغيل لتوفير فرص عمل سواء كانت مشاريع تنمية مجتمعية أو فرص تدريبية لتحسين مهارات العمل، وتوفير المساعدات الإنسانية الضرورية مثل الطعام والدواء بشكل منتظم للفئات الأكثر احتياجاً، ومن الضروري تقديم برامج تعليمية مجانية أو بأسعار مخفضة لضمان وصول الأطفال والشباب إلى التعليم، ومحاولة الاستثمار في تحسين البنية التحتية لضمان توفير الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي، وتشجيع المشاريع الصغيرة بتوفير خدمات مالية مثل القروض الصغيرة، لتمكين الأفراد من إدارة أوضاعهم المالية بشكل فعّال، وباعتماد هذه الحلول المادية يمكن تحقيق تأثير إيجابي على الحالة النفسية للأفراد في سورية، ما يسهم في تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي في وجه التحديات الاقتصادية الصعبة.
في النهاية، تبرز الضرورة الملحة للتركيز على الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من الاستجابة للأزمات المالية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي يلعب دوراً حاسماً في تمكين الأفراد من التغلب على التحديات وبناء مجتمع أكثر قوة وتماسكاً.