الدفاع الأفضل

تبنى بنيامين نتنياهو تكتيك مدربي كرة القدم الفاسد وهو ان الدفاع الافضل هو الهجوم. فبدل ان يحتج لرفضه وقف البناء في المستوطنات، يهاجم رئيس الحكومة الجانب الفلسطيني لقراره على وقف التفاوض.... تمكن هذه اللعبة الاستباقية بيبي من اخفاء عورته.... يتبين ان مدربنا ليس عنده فريق البتة.
اليكم الحكاية: قبل عدة ايام أبلغ هنا ان المحامي اسحق مولكو، مندوب نتنياهو للمحادثات مع الفلسطينيين والاميركيين، رفض ان يتلقى من رئيس فريق التفاوض الفلسطيني، صائب عريقات، وثيقة تعرض المواقف الفلسطينية المبدئية من جميع القضايا الجوهرية وفيها تقسيم القدس.
تساءلت لماذا تصرف شخص مهذب مثل مولكو بعدم أدب مع معرفته منذ زمن بعيد، واحرج المبعوث الاميركي، جورج ميتشيل الذي استضافه الاثنين في واشنطن؟.
حل محمد شطية، عضو فريق التفاوض الفلسطيني اللغز. فقد تحدث شطية في مقابلة مع صحيفة “الحياة” التي تصدر في لندن عن ان مولكو ذكر للحاضرين انه يعمل مندوبا خاصا لنتنياهو وانه لم يخول بإجراء اتصالات باسم حكومة اسرائيل.
بحسب ما قال المسؤول الفلسطيني الرفيع الذي تم ضمه الى الحلقة المقربة من الرئيس محمود عباس، بين مولكو انه اذا تبين انه يجري ولو شيئا ضئيلا من التفاوض في القدس فإن الحكومة ستتشظى شظايا.
ثمة امكانان: إما ان نتنياهو يخاف من افيغدور ليبرمان، وإما انه يستعمل شريكه الصارخ تغطية على رفضه. مهما يكن الامر، لا يستحي ابن العائلة المحاربة وبطل دورية هيئة القيادة العامة من عرض نفسه على الأمميين بصفته جبانا. رفض ديوان رئيس الحكومة التطرق الى مضمون اللقاء بقوله انه ليس من عادته بذل تفاصيل عن اتصالات سياسية.
كذلك يخاف الفلسطينيون. يخافون ان يكون الاميركيون باشراف المستشار الجديد – القديم دنيس روس، ومولكو صديقه منذ زمن بعيد، يخيطون لهم من وراء ظهورهم حلة جديدة.
في المقاطعة ينظرون بجدية الى الانباء عن خطة جديدة لتأجير الضفة وشرقي القدس لدولة اسرائيل زمنا طويلا. ليس واضحا هل ستكون الخطة مصحوبة باعتراف اميركي بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها القدس الشرقية، واستبدال قوة دولية بقوات الجيش الاسرائيلي.
لمنع مفاجآت من هذا القبيل، تنمو في مناخ قحط سياسي، يحث المصريون عباس على أن يدع المستوطنات وشأنها، وان يعرض على العالم خطة سلام فلسطينية مفصلة. ولنر نتنياهو يعترف على الملأ بأنه يخاف.
المحتل السليب
لا عجب من ان نتنياهو عرض على غلعاد أردان منصب السفير في الامم المتحدة. تبين لبيبي، الذي جعل عمل السفير في الامم المتحدة قاعدة المرآة ان وزير حماية البيئة ايضا يعرف شيئا أو اثنين عن التلاعب من اجل الدعاية.
في الشهر الماضي شخص اردان مع كبار المسؤولين في مكتبه لزيارة مغطاة اعلاميا للمدينة الفلسطينية روابي – وهي المدينة الجديدة الوحيدة التي بنيت في الضفة منذ 1967. طلب تجميد البناء في الموقع حتى يوجد حل مرض للمجاري العامة. يستحق الاهتمام الذي يبديه الوزير النشيط بحماية الماء التأثر. فنحن جميعا نشرب ذلك الماء.
من المؤسف فقط ان اردان عندما كان في روابي لم يقفز لزيارة جداول المجاري العامة التي تجري من المستوطنات والبؤر الاستيطانية في المنطقة.
قبل أن يقلع الى نيويورك، كي يخطب في شأن القدس الموحدة الى الأبد، يحسن أن ينظر الى مياه المجاري التي تجري من الاحياء الشرقية لجدول قدرون ومن هناك الى البحر الميت.
وعندما يكون له شيء من الوقت، نوصيه بأن يتحقق من وضع المجاري في اريئيل التي هي ايضا بحسب نظرية حزب الوزير جزء لا ينفصل عن اسرائيل.
من المؤكد ان خبراء مكتبه قالوا له انه يوجد مكان داخل الخط الاخضر ايضا لتحسين وضع المجاري العامة. مثل ناحل ايلون الذي يمتلئ كل سنة بمياه المجاري من المستوطنات في المنطقة.
تبين للمستوطنين ايضا القدرة الكامنة الدعائية في مياه المجاري. فقبل بضعة اشهر استدعى رئيس المجلس الاقليمي جنوبي جبل الخليل، تسفي بار تساحي، مراسلي حماية البيئة لجولة في مواقع القمامة والمقالع الفلسطينية التي تفسد المنظر الطبيعي على المُحتل المستنير.
إن اهتمام المستوطنين المؤثر في القلب – وبيوتهم ليست مثالا على الاندماج في المنظر الطبيعي بالضبط – بشؤون بيئية، هو جزء من استراتيجية شاملة للانتقال من الدفاع الى الهجوم في جميع الجبهات.
فبدل الحديث مثلا عن الحاجة الى رياض اطفال، كي تكفي الزيادة الطبيعية في المستوطنات، انشأوا رابطة ترفع استئنافات على البناء غير المرخص للفلسطينيين في المنطقة ج التي تسيطر عليها اسرائيل.
ومن ينتبه الى ان الادارة المدنية ترفض اكثر طلبات الفلسطينيين؟ ومن يهمه ان الادارة لا تحرك ساكنا في الاعتراض على رئيس رابطة المستوطنين الذي يسكن بؤرة استيطانية غير قانونية؟.
بدل الاعتذار بأن محرقي اشجار زيتون الفلسطينيين هم “اعشاب ضارة”، يهاجم المستوطنون الجيش الاسرائيلي لانه يحمي كرومهم من الجيران العرب.
يتبين انهم في الاصل ضحايا الصحف. بل توجد عندهم براهين علمية. فقد نشرت صحيفة المستوطنين “بشيفع” في هذه الايام بحث عتياه زار (ابنة الحاخام موشيه ليفنغر) عن تغطية قطف الزيتون في وسائل الاعلام.
تصف المراسلة، التي قدمت على انها طالبة اعلام في كلية اريئيل، تغطية اعلامية معادية لحوادث قطف الزيتون، في مقابلة تغطية متعاطفة للتظاهرات غير القانونية كما تقول لمواجهة الجدار في نعلين.
“ماذا يكون اذا لم يثبت حتى الان ان المستوطنين هم الذين أضروا بالفلسطينيين؟” تحتج الباحثة. حان الوقت في الحقيقة كي يكف الفلسطينيون عن رمي السجائر المشتعلة في كرومهم.
عكيفا الدار - HAARETZ