الدليل على أن الحكومة السورية زادت الأسعار قبل القطاع الخاص

بعد أن أقدم الفريق الاقتصادي على إصدار قرارات متخبطة زادت من حدة معاناة الاقتصادي السوري، لجأ حديثاً إلى سياسة لو أقدم عليها شخص عادي لتم تشخيص حالته بانفصام شخصية. قسم من الفريق الاقتصادي فضل أن يقوم غيره محله بترويج هذه السياسة والقسم الآخر فضل أن يقوم بذلك بنفسه.
كلنا يذكر إطلالة وزير الاقتصاد على التلفاز والتي زف فيها للمواطنين أن وزارة الاقتصاد غير قادرة وغير مؤهلة على ضبط الأسعار وحدد 15% فقط من الاقتصاد أنه يقع تحت سيطرتها.
ثم كال الوزير التهم للفريق الاقتصادي الفائت، واستغرب كيف سكت المواطنون عن تصرفات ذلك الفريق، وهم الآن يتذمرون متناسياً ما حدث في المنطقة العربية مؤخراً.
لقد كال الوزير هذه المرة التهمة للحلقة الأضعف، فالتهمة الجديدة الآن أن سبب ارتفاع الأسعار هو سكوت المواطن، وقبوله بالابتزاز؟
والجواب يأتي من الأرقام : فمن المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟
بدأت حفلة الغلاء بالسلع التي تسيطر عليها الحكومة أي حين تم رفع سعر القمح إلى 26 ليرة للكيلو والطحين الذي تيبعه الحكومة إلى 36.5 ليرة للكيلو كان سعر الطحين في السوق السوري المؤمن من قبل القطاع الخاص 26 ليرة، واليوم أصبح بسعر الجملة 38 ليرة أي بارتفاع قدره 33%.
فكيف تريد وزارة الاقتصاد ضبط ارتفاع سعر الكعك والمعكرونة والبرغل الذي ارتفع بمقدار 40 %، إذا كانت الحكومة تبيع القمح أعلى من الأسعار العالمية بـ 30% (مع احتساب دولار 80 ل..س) ، رغم أن القمح يعتبر منتجاً محلياً، فهل يجب على القطاع الخاص أن يبيع بسعر أقل من سعر الحكومة؟
وعندما اختفى الغاز من الأسواق، وتم الإشاعة عن ألف سبب وسبب، ولما ارتفع السعر توفر الغاز بشكل مفاجئ، علماً أنه بالرغم من ارتفاع الدولار إلى 80 ليرة، فإن سعر الغاز بالأنابيب لم يرتفع عالمياً، وأن سعره بالدولار انخفض 30 %.
وحين تم إيقاف تأمين التمويل لاستيراد الذرة والشعير، ولم تعط تعليمات واضحة للبنوك عن كيفية تمويل المستوردات.
ولزيادة الطين بلة، تم السماح بتصدير البيض والفروج بالتزامن مع هذا القرار. وهذا ما يعرف بعنق الزجاجة bottle neck يؤثر على مدخل صناعة input الدواجن فالعلف محدود الكمية، وبالتالي ارتفع سعره وبالتالي الكلفة، وازداد الطلب بسبب التصدير فارتفع سعر البيض والفروج، ما يعني أنّ الفريق الاقتصادي تسبب في الغلاء ثم يخرج علينا ويتوعد المخالفين بضبط الأسعار متناسياً أن الكثير من مداجن الدولة تبيع بثمن يقارب أو أكثر من المداجن الأخرى.
ما هذا الانفصام؟ ولماذا الدفع نحو تنافر أكبر بين طبقات المجتمع؟
لماذا تتهرب الحكومة من مسؤوليتها عبر تصوير الأمر على أن التجار هم من رفعوا الأسعار متناسيين زيادة الجمارك أيضا؟
هذا إذا لم نحتسب زيادة الكلف التي زادت على الكل، لأن الفريق الاقتصادي وجد طريقة جديدة لتوفير الكلف وهي قطع الكهرباء رامياً بهذا العبء على المواطنين مباشرة، وليدبّروا رؤوسهم مع مولدات الكهرباء، ألا يعلم هذا الفريق أن فاتورة كلفة أي محل يؤمن كهرباءه بمولدة زادت على الأقل 5000 ليرة شهرياً؟
ونأتي إلى اللاعب الحكومي الآخر المتمثل بالبنك المركزي، ويحسب له حسنة أن كل ما ينقل من أخبار ليست صادرة عنه بل عن صحف تنسب إلى مصدر مجهول هذه الأقوال. فتارة نسمع أن المركزي ضخ 6 مليون دولار في السوق، ولما نراجع أحد شركات الصرافة التي يفترض أنها تلقت تلك المنح المجانية في اليوم التالي، تفيد بأنها ليس لديها 400 دولار لتأمينه ويطلبون منك مراجعتهم في لاحقاً.
وتارة يصدر خبر عن مصدر مجهول أن البنك المركزي اشترى من شركات الصرافة 2 مليون دولار لوجود فائض في السوق (في نفس اليوم الذي لم يتوافر فيه 400 دولار في شركتين قابعتين في المرجة)، للأسف لم يعد في الإعلام من يحلل الأخبار بل ينقلها على أنها سبق صحفي نقلا عن مصدر مجهول؟ هل بهذه الطريقة سيتم السيطرة عل سعرالصرف ؟ والى متى ؟؟
إن الظروف التي تمر بها سورية تؤثر في الاقتصاد بشكل كبير، ولكن لعب الفريق الاقتصادي الحالي دور المكبر amplifier لهذه المؤثرات، فبدلاً من التخفيف من أثرها زادها حدة، وخير نصيحة لهذا الفريق بأن يبدأ بنفسه :أعد أسعارك إلى ما كانت عليها قبل أن تطلب من التجار ذلك فكن لهم قدوة حسنة.
الاقتصادي