الرأي العام "السودانية"- الا فليلا

تعدّدت ميادين السِجال بين أنصار وحدة السودان واتحاده وبين مشجّعى إنفصال الجنوب أو استقلاله (بتعبير المتطرفين)...
مُعْظم هذه السجالات كانت مواجهة بين الشمال والجنوب، شماليّون ينافحون عن الوحدة والاتحاد وجنوبيون يدفعون بالإنفصال...
لم نشهد سجالاً علنيّاً أو غير علنى بين جنوبيّين وجنوبيّين فى جدليّة الوحدة أو الإنفصال! الحركة السياسية السودانية منذ ولادتها عَرِفتْ سياسيين جنوبيين وحدويين لم يعملوا يوماً بأدبيات أو عمليّات انانيا (ون) وانانيا (تو) ولم يأبهوا بالنسخة الوحدوية للحركة الشعبية ولا بنسختها الأخيرة الإنفصاليّة التى فاتت بها إنفصاليّة الأوّلين والآخرِين! منذ موتمر جوبا الأول ومؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثنى عشر، واتفاقية الحكم الذاتى (اتفاقيّة اديس ابابا)، ومؤتمر جوبا الثانى، وفى كل الندوات والسمنارات المهاجرة والمقيمة التى اقتربت من الخطاب الجنوبى، لم يمسك أحد على خطابٍ جنوبى انفصالىٍ كله أو وحدوىٍ كله...
كانت الطروحات والأسس التى تصدر عنها النُخَب الجنوبية تؤشّر إلى أنّ الجنوبيين ليسوا على قلب رجل واحد ولا (سُلطان واحد) وليسوا على قلب اقليمٍ واحد... تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى! أُطلقت صفّارة الإستفتاء فاستيقظت السياسة الشمالية وتبّنت لوحدها مواجهة الإنفصال وكأنّه شأنٌ شمالى محض، وكأنّ الضرر أو الضرار لن يصيب إلا الشمال...
أشفقوا من مشكلاتٍ ستحيق بالدولة القديمة القائمة أكثر مّما يشفق الانفصاليون على دولتهم القادمة غير القائمة! لم تُكلّف النخب الجنوبية المؤمنة بالوحدة والكارهة للإنفصال نفسها مشّقة الحوار الجنوبى الجنوبى أو مغامرة إجتياز الحواجز واختراق المناطق المقفولة التى قفلتها الحركة الشعبية للوصول إلى الشتات الجنوبى...
أوكلتْ النخبة الجنوبية الوحدوية أمر وحدة السودان إلى السياسيين الشماليين وإلى الجماهير الشمالية وإلى المزاج الشمالى، وجلست تنتظر النهاية لتحدّد بعدها إلى أين تتجه هى ومصالحها! لن نبرح عاكفين فى إنتظار برنامج عمل طارئ للوحدويين الجنوبيين المؤمنين ببقاء الجنوب مع شماله فهو عمل وطنى مِنّهُ فِيهِ... فقد ندعو بعدها لقبولهم كأوّل فوجٍ من طالبى اللجوء السياسى إلى دولة الشمال هروباً من دولة الجنوب التى تعانى أعراض نقصان النمو والتى أوصى الخبراء بدخولها حَضّانة سياسيّة مُحْكَمة الإغلاق!!
الرأي العام - كمال حنفي