الرئيس الأسد: سورية تخوض معركة اقليمية وعالمية ونحن نتقدم إلى الأمام

أدلى السيد الرئيس بشار الأسد بحديث لتلفزيون الدنيا حول الأوضاع المحلية والإقليمية أكد فيه أن سورية تخوض معركة إقليمية وعالمية ولا بد من توفر الوقت لحسمها وأن الوضع عمليا هو أفضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة للوقت.
وأوضح الرئيس الأسد أن سورية تدفع الآن ثمن مواقفها المبدئية المرتبطة بالحقوق السورية وموقفها من المقاومة وعلاقاتها مع إيران ومع هذا المحور الذي لا يعجب الغرب مؤكدا أن الحديث عن مناطق عازلة هو غير موجود عملياً وهو أمر غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب دوراً معادياً لسورية.
وفيما يلي النص الكامل للحديث مع تلفزيون الدنيا..
فردا على سؤال حول الوضع في حلب قال الرئيس الأسد.. لا نستطيع أن نفصل الوضع في حلب عن الوضع في سورية الفرق أن حلب ودمشق أكبر مدينتين وأهم مدينتين واحدة العاصمة السياسية والأخرى العاصمة الاقتصادية.. تقييم المواطن العادي للوضع بشكل عام بما فيه حلب يأتي من خلال التصعيد.. عندما يرى تصعيداً يعتبر أن الوضع أسوأ وعندما يرى شيئاً من الهدوء يعتبر أن الوضع أفضل.. الأمور لا تقاس بهذا الشكل.. عندما تكون هناك عمليات عسكرية أو أمنية فقد يكون هناك تصعيد مستمر وفجأة ينتهي بوضع جيد أو بالعكس.. هدوء مستمر ينتهي بتصعيد.
وأضاف الرئيس الأسد.. في النهاية القضية هي معركة إرادات بالدرجة الأولى.. لديهم إرادة بتدمير البلد.. بدؤوا بدرعا.. انتقلوا إلى حمص ودمشق وحلب ودير الزور واللاذقية.. إلى كل المحافظات.. فهم يجربون الانتقال من مكان لآخر.. الأهمية تختلف باختلاف حجم أو وزن المدينة بالنسبة لسورية ولكن لو أخذنا بالاعتبار حجم المعارك المعقدة التي تخوضها القوات المسلحة.. من الناحية التقنية والتكتيكية والاستراتيجية فهي من أعقد أنواع المعارك ومع ذلك القوات المسلحة تحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال.
وقال الرئيس الأسد.. إن الكل يتمنى أن يكون الإنجاز أو الحسم خلال أسابيع أو أيام أو ساعات.. هذا كلام غير منطقي.. نحن نخوض معركة إقليمية وعالمية.. فلا بد من وقت لحسمها لكن أستطيع أن أختصر كل هذا الشرح بجملة أننا نتقدم إلى الأمام والوضع عملياً هو أفضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة لوقت.
وحول موقف سورية من دول الجوار وخاصة بعض الدول التي تسهل وتدرب وتمول وتسلح بكل الأصناف التي يمكن أن تشكل انتهاكاً للدولة السورية أكد الرئيس الأسد أن بعض دول الجوار تقف مع سورية ولكن ربما لا تستطيع تماماً أن تسيطر على تهريب الإمدادات اللوجستية للإرهابيين.. بعض الدول تغض النظر وتنأى بنفسها.. بعض الدول تساهم في هذا الموضوع.. ولكن علينا أن نفرق بين ما نريده نحن كسورية وكشعب سوري وكوطن من هذه الدول.. هل نبحث عن علاقة أو خلاف مع الدولة أم مع الشعب.. على سبيل المثال تركيا.. موقف الدولة التركية معروف.. وهي تتحمل مسؤولية مباشرة في الدماء التي نزفت وسفكت في سورية.. ولكن نحن عندما بدأنا بتطوير العلاقة مع تركيا لم ننظر إلى علاقة مع أشخاص أو حكومة عابرة وإنما نظرنا إلى تاريخ علاقة متوترة مضطربة لنحو تسعة عقود تقريبا.. أردنا أن نمحوها فهل نعود إلى الوراء بسبب جهل بعض المسؤولين الأتراك... أم ننظر إلى العلاقة مع الشعب التركي وخاصة أن هذا الشعب وقف معنا عملياً خلال الأزمة ولم ينجرف على الرغم من الضخ الإعلامي والمادي كي يذهب بالاتجاه المعاكس.
وأضاف الرئيس الأسد.. علينا أن نفكر أولاً بالشعوب لأن الحكومات عابرة والمشاكل مع الدول هي مشاكل عابرة ويجب ألا ننفعل ونعمل برد الفعل في هذا الموضوع ويجب أن نحافظ على العلاقة مع الشعوب لأن هذه الشعوب هي التي ستقوم عملياً بحمايتنا فالإمداد اللوجستي إن لم يكن هناك احتضان شعبي له يبقى ضعيفاً.
وحول مواقف هذه الشعوب بالنسبة لدولها وانتظار بعض السوريين لتحركاتها مادامت سياسات دولها تسيء لدول الجوار أوضح الرئيس الأسد أن هذا بحاجة لوقت ولا ننسى أن هذه الشعوب نفسها تخوض معارك ضد تلك الحكومات.. معارك سياسية طبعا.. وهذا بحاجة لوقت.. يجب أن نكون موضوعيين لكن علينا أن نحسب الربح والخسارة.. العداء مع الشعوب لن يخفف الإمداد للإرهابيين.. بل على العكس سيجعل هذا الإمداد متاحاً بشكل أكبر.. علينا أن نحسن العلاقة ونساعد هذه الشعوب من خلال طرح الحقائق.. عندما تكتشف هذه الشعوب حقيقة ما يجري في سورية وحقيقة موقف مسؤوليها ستكون أقوى في معركتها السياسية وسيكون عمر هذه الحكومات وهؤلاء المسؤولين قصيراً في العمل السياسي وهذا العمر القصير نستطيع أن نتحمله ونستطيع أن نتأقلم معه ريثما نحسم المعركة في سورية.
وجوابا على سؤال حول وضع حمص ولماذا لم ينته بعد قال الرئيس الأسد.. لا نستطيع أن نفصل وضع حمص عن وضع باقي المحافظات.. أما بالنسبة لتأخر حسم الوضع في المدينة فالمعروف أن القوات المسلحة عندما تخوض معارك داخل المدن عليها أن تأخذ بالاعتبار شيئين.. أولاً الحرص على الأرواح وثانياً الحرص على الممتلكات.. عدا عن ذلك القوات المسلحة إذا أرادت أن تستخدم كل قدراتها العسكرية بما فيها القدرات النارية تستطيع أن تسحق العدو في وقت قصير.. ولكن هذا مرفوض ولا يحقق النتائج المطلوبة.
وتابع الرئيس الأسد.. هذا النوع من الأعمال بحاجة الى وقت.. ومن جانب آخر لا ننسى أن هناك إمداداً مستمراً للمسلحين في حمص تحديداً لأنهم كانوا يعتبرون أن حمص هي المركز الذي سينطلق منه الانتصار المأمول بالنسبة لهم.. ويضاف إلى ذلك قربها من الحدود اللبنانية.
وفيما إذا كان ممكنا أن نسميها مناطق عازلة أوضح الرئيس الأسد ان معظم المحافظات السورية حدودية.. دير الزور حدودية.. الحسكة.. الرقة.. حلب.. إدلب.. اللاذقية.. درعا.. السويداء.. حتى حمص جانب منها حدودي مع العراق أيضا.. قد يكون هذا سبباً لاستخدام البعض المناطق العازلة ولكن لا أستطيع أن أحلل نيابة عن المخططين.. هذا الموضوع ليس هاماً بالنسبة لنا.. إذا كانوا يفكرون بمناطق عازلة أم لا.. المنطقة العازلة هي منطقة تتم بموافقة الدولة.. باتفاقيات معينة بين بلدين ونحن كدولة لم نقرر في يوم من الأيام أن نفترض بأن هناك منطقة خارج نطاق السيطرة السورية.. وعندما يريد الجيش الدخول إلى مكان فهو قادر على ذلك.
وأضاف الرئيس الأسد.. هم اعتبروا أن الكثير من المناطق هي خارج سلطة الدولة ودخل الجيش بسهولة إلى معظم هذه المناطق أي انهم لم يتمكنوا من خلق هذه المنطقة.. ولذلك أعتقد بأن الحديث عن مناطق عازلة أولاً غير موجود عمليا.. وثانياً هو أمر غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب دوراً معادياً.
وردا على سؤال حول وجود الجيش السوري داخل المدن وليس على جبهة الجولان.. قال الرئيس الأسد.. إن مهمة الجيش والقوات المسلحة في كل دول العالم هي حماية الوطن.. حماية الوطن لا تعني فقط الحماية من الخارج.. بل الحماية من الداخل أيضاً.. أي عدو يأتيك من أي مكان عليك أن تدافع عن وطنك عبر المؤسسات المعنية وفي مقدمتها الجيش والقوات المسلحة.. وفي هذه المرة تحرك العدو من الداخل وليس من الخارج.. وقد تقول لي إنهم سوريون وأقول لك ان أي سوري يقوم بتنفيذ مخطط أجنبي ومعاد يتحول إلى عدو ولا يعود سورياً.. الدليل إذا تجسس سوري حكمه في القانون هو الإعدام.. في الحقيقة من ينفذ مخطط عدو فهو كالعدو.. تحرك العدو من الداخل فتحركت القوات المسلحة.
وفيما اذا كان وجود الجيش في المدن يتنافى مع منطق المقاومة قال الرئيس الأسد.. لا أبدا.. بالعكس .. سورية تتبنى فكر المقاومة.. ولكن الطرح الآخر بأنه إذا كانت سورية تتبنى المقاومة لماذا لا تجري المقاومة باتجاه الجولان ربما يكون هذا هو الطرح الذي تقصده فالمقاومة تنشأ عندما تتخلى الدولة عن مسؤوليتها في استعادة الأرض وهذا شيء لم يحصل في سورية كما حصل في لبنان ربما بسبب الحرب الأهلية في ذلك الوقت وكما حصل في فلسطين حيث لا توجد دولة أساساً لكي تسترد الحقوق فكان لا بد من وجود المقاومة.. عندما نتخلى كعقيدة وكسياسة وكقوات مسلحة عن هدفنا الأساسي في استعادة الأرض ستكون هناك مقاومة سورية.
وفيما اذا كانت سورية بحاجة لضوء اخضر حتى تنفذ ما تقوم به الآن على اراضيها قال الرئيس الاسد.. في مختلف المراحل كان يقال ان هناك ضوءاً أخضر فمثلاً عندما دخلت سورية إلى لبنان في 1976 قيل هذا الكلام وتكرر الأمر في مراحل أخرى.. والحقيقة ان سورية ليست بحاجة لضوء أخضر في القضايا السيادية وفي القضايا المحلية وفي القضايا الوطنية لا من أصدقاء ولا من أعداء ولا من خصوم.. إن لم نمتلك نحن الضوء الأخضر فلا داعي لوجودنا كوطن وكدولة.
وحول الحديث عن تحول الحراك في سورية إلى حراك مسلح في شهر رمضان فقط قال الرئيس الأسد.. هذا التفسير غير دقيق لسبب بسيط إذا كانت غير مسلحة فما الذي يفسر أنه في الأسبوع الأول من الاضطرابات والأحداث سقط عدد من الشهداء من قوى الأمن والشرطة.. إذاً كيف سقط هؤلاء... سقطوا بالصراخ.. بالأمواج الصوتية للمتظاهرين.. هذا الكلام غير منطقي والحقيقة أنهم سقطوا بسلاح ولكن نوع التسليح وهدف التسليح كان مختلفاً.. ففي ذلك الوقت كان الهدف الأساسي هو إثارة الشعب من خلال القيام بإطلاق النار على متظاهرين وعلى الأمن والشرطة لكي تقوم الشرطة والأمن بالرد وقتل المزيد من المدنيين وبالتالي انتشار حالة من العداء للدولة.. وتابع الرئيس الأسد.. وبعد فشل هذا المشروع انتقلوا من رمضان الماضي إلى العمل المسلح الذي وصلوا من خلاله إلى مناطق متمردة لا يمكن للدولة أن تدخل إليها كبابا عمرو وغيرها من المناطق وطبعاً تم الدخول إليها فتغير تكتيك المسلحين.. والآن بعد دخول بابا عمرو وسقوط مواقعهم في مختلف المحافظات الأخرى التي اعتبروها مواقع محصنة انتقلوا إلى أسلوب آخر شمل المزيد من الاغتيالات والمزيد من الإرهاب للمواطنين والمزيد من معاقبة المواطنين بقطع الطرق ومنع وصول الطحين للخبز والوقود كالمازوت والكاز والغاز وغيرها من المواد الأساسية اليومية.. في الحقيقة انه منذ الأيام الأولى ظهر المسلحون.. والصور التي بثت في التلفزيون السوري عما حصل في درعا من إطلاق نار من قبل المسلحين والتي قالوا في وقتها انها مفبركة هي حقيقة.
وبشأن حديث الشارع عن تأخر الدولة في الحسم وتورط الكثيرين الذين اعتقدوا أن الدولة ضعيفة وبالتالي تسلحوا أكثر وغرر بهم أكثر أكد الرئيس الأسد ان الدولة لم تتأخر والدليل أن القوات المسلحة عندما شعرت أن هناك تصعيداً كبيراً في درعا في بدايات الأحداث في الأشهر الأولى دخل الجيش إلى درعا.. لم نتردد لحظة واحدة في الحسم.. ولكن مع كل خطوة كانت تقوم بها الدولة كان هناك تطوير لأسلوب أعمالهم وبالمقابل كانت الدولة بحاجة إلى مزيد من الخطوات المقابلة.. البعض يريد أن نتعامل مع تلك المرحلة كما نتعامل مع المرحلة اليوم وهذا الكلام غير منطقي لان المرحلة مختلفة وأسلوب عملهم كان مختلفا والوضع السياسي كان مختلفا وحتى التفهم الشعبي لما يحصل كان مختلفا.. كثير من الناس غرر بهم في البدايات.. كانوا يعتقدون أن ما يحصل هو حالة انفعال وموجة ربيع عربي ستؤثر في سورية وأن هؤلاء الشباب منفعلون ولا يوجد مسلحون والدولة تفبرك كل هذه الأشياء التي كنا نسمعها.
وتابع الرئيس الأسد.. بالنسبة لنا كدولة فإن عدم وجود تفهم شعبي كان مشكلة.. وما ساعد الدولة في الحسم في الأشهر الأخيرة هو وضوح الصورة بالنسبة للقسم الأكبر من المواطنين السوريين فهناك تغير في الظروف السياسية.. وفي الظروف الأمنية نفسها.. وهناك تغير في المزاج الشعبي تجاه ما يحصل وتجاه المسلحين باكتشافهم أن ما يحصل ليس بثورة ولا هو بربيع بل هو عبارة عن أعمال إرهابية بكل ما للكلمة من معنى.. وتوضح العامل الخارجي الذي لم يكن واضحاً في البداية.. فعندما ألقيت خطابي الأول في مجلس الشعب وتحدثت عن مؤامرة ومواجهة تساءل كثيرون أي مؤامرة وأي مواجهة.. واتهمونا بأننا نقول عن كل شيء بأنه مؤامرة واعتبروا أن ما يحصل حالة انفعالية فقط كما ذكرت سابقاً.. وانه لو قال الرئيس بضع كلمات طيبة وعاطفية لكانت حلت المشكلة.. قلت لهم المشكلة لم تبدأ بعواطف ولن تنتهي بعواطف.. هناك مخطط وهناك أدوات داخلية.. فإذاً نحن من البداية أخذنا قراراً بالحسم لأن الصورة واضحة لكن أسلوب الحسم يختلف باختلاف مراحل الأزمة.
وجوابا على سؤال حول بعض الشخصيات التي مارست الفساد في هذه الفترة واستغلالهم للازمة والمساهمة في زيادتها قال الرئيس الأسد أريد أن أفرق بين تجار الأزمة الذين يظهرون في كل أزمة من الأزمات في أي وطن سواء كانوا تجارا بالمعنى الاقتصادي أو المادي أو أشخاصاً آخرين يريدون استغلال الأزمة لمصالح أخرى خاصة وقد يكونون داخل الدولة أو خارجها.. ومن جانب آخر الأخطاء التي تحصل خلال الأزمة وليس لها علاقة بإطالة أمد الأزمة.. هناك أخطاء حصلت.. هناك اعتداءات حصلت.. هناك انتهاكات.. سرقات.. تم كشف البعض منها ولكن بعدد محدود وتم تحويل هؤلاء إلى القضاء منذ أشهر عديدة.. فلا بد من محاسبة كل شخص ارتكب خطأ أو كل شخص أراد أن يطيل الأزمة لأسباب مختلفة.. هذا الموضوع محسوم وليس محل نقاش أو جدل.. ولكن السؤال كيف تعرف هؤلاء.. أنت تحاسب معلوماً ولا تحاسب مجهولاً ومعظم الدعاوى التي ترفع والشكاوى التي تأتي هي ضد مجهول.. وفي الحالات التي تمت فيها معرفة الأشخاص ومحاسبتهم أتى صاحب المظلمة بالاسم وتم التدقيق والتحقيق وثبتت الجنحة أو الجناية وتم تحويله إلى القضاء.
وتابع الرئيس الأسد.. ان التحدي الأساسي هو كيف نعرف من هم الأشخاص وخاصة انه في ظروف الأعمال الأمنية وفي ظروف الفوضى تصبح عملية التحقيق أصعب من قبل.. أما كمبدأ فلا شك أنه لا بد من محاسبة هؤلاء الأشخاص حتى لو بعد تجاوز هذه الظروف وعودة الهدوء.
وأضاف الرئيس الأسد.. عندما لا يوجد لديك دليل بل مؤشرات غير دامغة يمكن أن تقيل هذا الشخص لعدم ثقتك بأدائه.. ولكن عندما يكون لديك دليل دامغ بأن هذا الشخص قام بعمل ما فلا بد من تحويله مباشرة إلى القضاء وبأي موقعٍ كان.
وردا على من يقول بوجود خلل في آلية التعيين وتعيين بعض الأشخاص غير المؤهلين قال الرئيس الأسد.. هناك جانب موضوعي في هذا الطرح وهناك جانب غير موضوعي.. الجانب الموضوعي هو أنه لا يوجد لدينا في سورية حتى الآن إدارة موارد بشرية بالمعنى العلمي وهذا علم قائم بحد ذاته وهذا ما نقوم به الآن من خلال وضع اللمسات الأخيرة على مشروع له علاقة بالوظيفة العامة.. وهو الذي يقيم هذا الشخص منذ دخوله إلى الدولة وحتى خروجه منها بمسار كامل يحدد تطور عمله.. فقد يأتيك شخص جيد ويكون التقييم صحيحاً ولكن بعد فترة ينحرف.. فآلية الدخول بحد ذاتها ليست كافية.. أما أن نقول ان هذا الشخص أتى ولم يثبت أنه جيد في الآلية الحالية في غياب وجود إدارة موارد بشرية فليس أمامك سوى أن تجرب فأنت لا تعرف أن هذا الشخص سيفشل.. لا بد من التجربة كي تعرف أنه سيفشل.. وبما أنه فشل وأنت قادر على تبديله فأين المشكلة.. طبعاً هذا يستهلك وقتاً ولكن ليس لديك خيارات أخرى.
وتابع الرئيس الأسد.. هناك حالات يكون فيها الشخص ناجحاً في مكان ونحن نفترض بأن نجاحه في هذا المكان سيؤدي إلى نجاحه في مكان آخر لنكتشف بأن هذا غير صحيح بعد التجربة.. في الحقيقة بغياب الموارد البشرية بالشكل العلمي لا يوجد لديك خيار سوى أن تجرب والمهم في هذه الحالة ألا نسكت عن شخص يخطىء أو يفشل.. وألا نبقيه في مكانه.. بالمقابل هناك شخص يفشل في مكان ليس لأنه سيىء ولكن لأن هذا المكان لا يناسبه.. عندما تنقله إلى مكان آخر قد ينجح فيه.
وقال الرئيس الأسد جوابا على سؤال حول كيف يمكن ان يكون للإعلام الدور الأكبر في الرقابة على الأداء الحكومي.. لا بد من مراقبة المسؤولين مراقبة من الأعلى.. ومراقبة من الأسفل أي من القاعدة الشعبية.. إلا أن المطالبة حتى الآن هي بمراقبة المسؤولين من الأعلى فقط.. وهذه الحالة غير كافية.. قد تكون كافية بمستويات معينة من المسؤولية.. وزير.. مدير مركزي.. وما شابه ذلك.. ولكن هناك مستويات دنيا كالموظفين بحاجة إلى رقابة شعبية يلعب فيها الإعلام دوراً أساسياً.. وحاول الإعلام في مراحل مختلفة أن يلعب هذا الدور.. لكن هذا لا يكون فقط من خلال مقالات تشير إلى قضايا عامة.. فدور الإعلام هو أن يقوم بتحضير حالة كاملة كما يحصل في الدول المتطورة في هذا المجال.. يقدم الإعلامي حالة متكاملة فيها الأدلة.. في هذه الحالة لا يكون هناك من خيار أمام المسؤولين سوى تحويل هذه الحالة كما هي إلى التحقيق ولاحقاً إلى القضاء.. هذا ما ينقص الإعلام.. طبعاً لكي ينجح الإعلام في هذا الموضوع نحن بحاجة أيضاً إلى مزيد من الشفافية من قبل الدولة.. فالمتضرر سيحاول أن يغلق كل الأبواب بوجه الإعلام ولكن على الإعلام أن يبقى ملحاً ومصمماً في هذا الإطار.. طبعاً بالنسبة لدور رئيس الجمهورية فهو مسؤول عن كل الدولة.. لا يستطيع أن يتهرب أو أن يقول أنا لست مسؤولاً عن جانب معين من الدولة إلا أن هناك واقعاً معيناً لا يمكن فيه لأي شخص أن يرى كل زوايا الوطن.
وبشأن التأكيد على المؤسساتية وضرورة ان يأخذ كل مفصل دوره الحقيقي قال الرئيس الأسد.. تماما.. طالما أن المؤسسات لم تنضج سيبقى دور أي مسؤول بما فيه دور رئيس الجمهورية دوراً قاصراً.. رئيس الجمهورية يشرف بشكل عام على سياسات المؤسسات ويتدخل في بعض الحالات لكننا هنا نتعامل مع آلاف الحالات يومياً.. قضايا لها علاقة بالمواطنين لا يمكن متابعتها يومياً إلا إذا كانت هناك حالة مؤسساتية أو حالات مشاركة مع المواطنين في إدارة شؤون الدولة.
وحول وجود آلية تتيح دورا أكبر للإعلام والسماح له بالتدخل أكثر بشؤون قد تكون رقابية قال الرئيس الأسد.. هي أكثر من قضية سماح أو عدمه.. بالنسبة لي كمسؤول عندما تقوم أنت بواجبك فأنا أنجح.. ودوركم هو نجاح لي ومن مصلحتي الشخصية أن ينجح الإعلام في هذا الموضوع.. وفي ذلك مصلحة وطنية أيضاً حيث ينجح الوطن وتنجح المؤسسات وينجح المواطن ويرتاح.. في هذه الأمور كلنا نربح عندما تقوم بدورك.. إن قيام الإعلام بدوره ليس قضية سماح أم لا.. بل هي قضية أن تعرف تماماً كيف تلعب الدور بشكل موضوعي.. وألا يستغل الإعلام هذه الحالة أو هذا الدور لمصالح شخصية.. فالإعلام في النهاية هو سلطة من السلطات واي صاحب سلطة قادر على استغلال السلطة لمصلحة خاصة.. وهذا يعتمد على اخلاقيات المهنة بالدرجة الأولى.
وحول ما اذا كان الإعلام حصل على ضوء أخضر إذا كان الموضوع في الاطار الرقابي وفي إطار خدمة الوطن قال الرئيس الأسد.. تماما.. لكن بتجاوز الدور التثقيفي والدخول بالدور التحقيقي وأن يكون دور الإعلام هو التحقيق في الحالة وإيجاد الأدلة إضافة إلى طرح الحلول وبالتالي مساعدة القضاء والجهات التي تقوم بالتحقيق.. وبنفس الوقت طرح حلول على المسؤولين نستطيع أن نستفيد منها في قراراتنا مستقبلاً.
وردا على سؤال حول استهداف الإعلام في سورية سياسيا ودمويا من الخارج وحجب بعض القنوات السورية عن الأقمار الاصطناعية وتفجير بعض مقراته وخطف الصحفيين واين يمكن وضع الإعلام السوري في هذا السياق قال الرئيس الأسد.. الجواب متضمن في السؤال وينقلنا إلى نقطة مهمة بأنه علينا أن نتوقف عن جلد الذات.. فرغم وجود تقصير في كل المجالات بما فيها الإعلام.. وكنا نتمنى أن تكون الأمور أفضل.. لكن لو كانت هذه الأداة فاشلة كما يدعي البعض لما كانت استهدفت.. لو كانت سيئة وضارة وفاشلة لكانوا قدموالكم كإعلام وطني سواء كان عاما او خاصا أقنية فضائية مجاناً.. هذا ما يؤكد أن الإعلام السوري تمكن من فضحهم وضرب امبراطوريات إعلامية حقيقية يقف خلفها ليس المال فقط وإنما القرار السياسي في العواصم الكبرى في العالم.. فهذا في حد ذاته دليل نجاح للإعلام السوري.. طبعاً نستطيع أن نكون أقوى وأكثر نجاحاً.. وهذا شيء طبيعي.. لم نصل إلى طموحنا ولم تصلوا إلى طموحكم كإعلام وهذه مسيرة الحياة ولكن لمن يقول ان الإعلام فاشل نقول هذا هو الجواب.
وبشأن موضوع الانشقاقات وانشغال المجتمع السوري بها وقول البعض انه لو لم ير هؤلاء المنشقون في مستقبل سورية ما هو مظلم لما انشقوا قال الرئيس الأسد.. بغض النظر عن الأسماء ولنفترض بأن المستقبل مظلم هل هذا مبرر لكي أترك الوطن... ما هذا الطرح القاصر.. إنه اتهام باللاوطنية.. لكن لندقق في المصطلح.. أولاً.. يتحدثون عن انشقاقات.. والانشقاق هو انشقاق مؤسسة عن مؤسسة أكبر منها ترأسها أو انشقاق جزء من مؤسسة عن المؤسسة الأم التي تتبع لها وعلى رأس هذه المؤسسة شخص أو اشخاص يقومون بالتمرد على المستوى الأعلى أو على الجزء الأم من هذه المؤسسات.. هذا الشيء لم يحصل.. وما حصل أن أشخاصاً كانوا موجودين في مواقع فروا خارج البلد وهي عملية فرار وهروب وليست عملية انشقاق.. الانشقاق يكون داخلياً وليس خارجيا.. يكون تمرداً على الدولة داخل البلد.. وهذا الشيء لم يحصل.. إذاً هي عمليات فرار خارج الدولة.. ومن يفر إما أن يكون إنساناً قدم له المال وخرج فهو فاسد ومرتش.. أو شخصاً جباناً هدد من قبل إرهابيين أو جهات أخرى أو كما تقول لم يكن لديه أمل بمستقبل مشرق فخاف من هذا المستقبل وهرب إلى الخارج.. أو شخصا لديه طموح ويعتقد بأنه كان يجب أن يحصل على مكاسب أو مزايا أو مراتب معينة فلم يحصل عليها فقرر الهروب.
وتابع الرئيس الأسد.. طبعاً هناك أسباب أخرى.. بالمحصلة من يهرب عملياً فهو إما شخص ضعيف أو سيىء.. لأن الشخص الوطني والجيد لا يهرب ولا يفر خارج الوطن.. عملياً هذه العملية هي عملية إيجابية وعملية تنظيف ذاتية للدولة أولاً وللوطن بشكل عام.. فعلينا ألا ننزعج من هذه العملية لأنها ايجابية.. كثير من الأشخاص لم نكن نعرف بأنهم بهذه المواصفات.. هم كشفوا عن حقيقتهم بأنفسهم.. وهذا الشيء إيجابي.
وأضاف الرئيس الأسد.. ان أكثر من شخص طرح سابقاً بأنه يريد أن يفر خارج سورية.. ماذا فعلنا.. قلنا لمن طرح ذلك لنسهل له ودعوه يذهب.. هي عملية إيجابية.. طبعاً لم نكن متأكدين من كل الحالات.. وبالمقابل في بعض الحالات كانت نسبة التأكد عالية ومع ذلك لم نمانع.. ورغم أن كثيراً من الأشخاص طرح سابقاً ومؤخراً بأنهم سيفرون خارج سورية تحت عنوان الانشقاق.. هل سمعت بأن الدولة قامت باعتقال أحد من هؤلاء... طبعاً لا لأننا ننظر إليها نظرة إيجابية.
وأوضح الرئيس الأسد انه في بعض الحالات لدينا معلومات وشكوك عالية.. لا نقول دراية كاملة.. ولكن كان السؤال من المؤسسات المعنية ماذا نفعل.. كيف نتصرف.. هل نمنع... وكان هناك توجه باتجاه المنع لكننا قلنا لهم لا.. المنع ليس صحيحاً.. خروج هؤلاء هو الشيء الصحيح.. أولاً يكشفون أمام المواطن السوري.. ثانياً كل شخص يخرج من الوطن انتهى.. إذا كان لديه طموح سياسي أو هدف سياسي فقد انتهى.. لسبب بسيط وهو أن الشعب السوري لا يحترم من يهرب.. والشعب السوري لا يقاد بالتحكم عن بعد بأجهزة اللاسلكي ولا يستطيعون أن يقودوه من الخارج.. هذا الموضوع محسوم تاريخياً لذلك أنا أستطيع أن أقول انه إذا كان هناك مواطن سوري يعرف أن هناك شخصاً متردداً من هؤلاء ولديه الرغبة بالهروب فليشجعه.
وبشأن توقع المزيد من الفرار في اطار الحملة الكبيرة التي تستهدف سورية ووجود مشكلة بهذا الموضوع قال الرئيس الأسد.. إذا كان الفرار لهذا النوع من الأشخاص فهو حالة إيجابية.. ومن الطبيعي أن يظهر هذا النوع من الأشخاص في الأزمات على الواجهة وهذا شيء إيجابي علينا أن نتوقعه وأن نتفاءل بظهوره لا أن نتشاءم.
وأكد الرئيس الأسد ردا على سؤال لماذا تستهدف سورية بكل هذا الكم الهائل من الوسائل والسبل المتاحة سياسيا وغير سياسيا واخلاقيا وغير اخلاقيا.. هذا تاريخ سورية.. فالصراع كان على سورية حتى عندما كنا جزءاً من الامبراطورية العثمانية.. لأن منطقة بلاد الشام منطقة استراتيجية.. وبعد الاستقلال والجلاء الفرنسي كل الانقلابات كانت انقلابات ممولة من الخارج تهدف للسيطرة على سورية وعلى السياسة السورية وجرها باتجاه المحاور التي كانت موجودة في ذلك الوقت حتى بدأت سورية بانتهاج سياسة مستقلة.. عملياً بعد ثورة الثامن من آذار وتكرست بعد الحركة التصحيحية.. فأصبح الهجوم على سورية أكثر شدة وتصميماً من قبل.. الآن نحن ندفع ثمن مواقف مختلفة البعض منها متعلق بالسياسات المبدئية المرتبطة بالحقوق السورية وموقفنا من المقاومة وعلاقتنا مع إيران أي مع هذا المحور الذي لا يعجب الغرب.. ومنها يرتبط بمواقفنا الأخيرة.. فكثير من الناس لا ينتبه الى أن موقفنا من القصف على ليبيا كان موقفاً وحيداً في الجامعة العربية ضد حظر الطيران ولم يكن الامتناع عن التصويت لأننا كنا نفهم تماماً أن حظر الطيران يعني بدء عدوان على ليبيا وهذا ما تم.
وتابع الرئيس الأسد.. نحن ندفع ثمن هذه المواقف وثمن انفتاح الغرب علينا في الأعوام 2008-2009-2010 والتي أخطأ البعض واعتقد أنها مرحلة انفتاح حقيقي بينما كانت مرحلة يهدفون من خلالها لتغيير أسلوب التعامل مع سورية بالرضا.. والوصول إلى الأهداف المطلوبة والتآمر على المقاومة وخاصة في لبنان وضرب العلاقة بين سورية وإيران التي تقف معنا ومع الحق العربي.. وعندما فشلوا في تلك المرحلة كان عنوان الربيع العربي هو المبرر الجديد لهم أمام شعوبهم للتآمر مرة أخرى على سورية.. لكل هذه الأسباب نحن ندفع الثمن.
وحول امتناع سورية عن تنفيذ اشياء طلبت منها خلال فترة الانفتاح والترغيب التي مورست من 2008 وحتى 2010 وحصول تحول في الأسلوب والوسائل قال الرئيس الأسد.. نعم طلب بشكل واضح ومستمر أن نبتعد عن إيران.. وكان جوابنا واضحاً طالما أن إيران تقف معنا وتدعمنا وتقف مع حقوقنا من دون تردد وحتى من دون أن تناقشنا في قناعاتها لمجرد أنه حق سوري أو رأي سوري فكيف نبتعد عنها.. من الناحية المبدئية أن ترفض أو تنقلب على جهة أو بلد وفي لك.. هذا كلام غير مقبول.. ومن الناحية المصلحية بلد قلب السفارة الاسرائيلية إلى سفارة فلسطينية ووقف مع الحق الفلسطيني.. ونحن كدول عربية لا نتحدث سوى بالحق الفلسطيني.. نأتي وننقلب على هذا البلد... وأضاف الرئيس الأسد.. ان المحاولات التي كانت تتم في ذلك الوقت مرتبطة أيضاً بالتآمر على الموضوع النووي الإيراني بالرغم من أننا لسنا جزءاً من هذا الملف.. وإيران لم تطلب المساعدة في هذا الموضوع.. فالموضوع مطروح على الساحة الدولية وليس على الساحة الإقليمية.. وكان المطلوب من سورية أن تقنع إيران بأشياء ضد مصلحتها.. نحن نظرنا إلى هذا الموضوع كموضوع يتعلق بمصلحتنا المستقبلية وأمننا الوطني في المستقبل لأن ما ينطبق على إيران كدولة تسعى للحصول على الطاقة النووية السلمية ينطبق علينا في المستقبل.. وخاصة أن هذه الطاقة أساسية في المستقبل.. والغرب يريد أن يحتكر المعرفة ويمنعها عن العالم الثالث أو العالم النامي.
وتابع الرئيس الأسد.. هناك جانب آخر يتعلق بالمقاومة.. كان المطلوب أن نتآمر على المقاومة في فلسطين.. وعلى المقاومة في لبنان من خلال بعض الإجراءات التي ربما تحصل في لبنان لتحجيم المقاومة فرفضنا كل هذه الأشياء.. هم كانوا يعتمدون على مبدأ الانفتاح والزيارات المتكررة والتطبيل بالإعلام الغربي لسورية التي كان رئيسها قبل سنوات مجرماً بحسب إعلامهم في عام 2005 بعد قضية الحريري.. وفجأة تحول إلى صانع سلام.. هذا يعطيك صورة عن النفاق الغربي.. وعندما فشلوا بهذه المرحلة كان الربيع العربي هو الفرصة للانتهاء من السياسة السورية.