الرئيس الأسد للبنانيين: لن نتدخل بتفاصيلكم.. والكل يدرك مصلحة بلده

من المتوقع أن تكون الساعات المقبلة لبنانيا، حاسمة في أكثر من اتجاه، وذلك على مسافة ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء، التي ستستكمل غدا مناقشة ملف شهود الزور، في ظل انقسام حكومي حاد، يرجح معه أن تكون الكلمة الفصل فيه لكتلتي رئيس الجمهورية ميشال سليمان (خمسة وزراء) ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط(ثلاثة وزراء).
ومع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، حيث قالت أوساط قريبة منه انه أجرى مشاورات، على هامش زيارته العائلية، مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين، ينتظر أن تتكثف وتيرة المشاورات بينه وبين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي فوّضته المعارضة تفويضا كاملا بادارة مجريات معركة شهود الزور في مجلس الوزراء،
فيما بدا أن دمشق تريد أن تنأى بنفسها عن كل مجريات الواقع السياسي اللبناني التفصيلية وتكتفي بالتأكيد على الثوابت العامة، وهو الأمر الذي فرض مبدئيا، احتمال تأجيل انعقاد القمة اللبنانية السورية، التي كانت مرتقبة هذا الأسبوع، اذ إن القيادة السورية لا تريد أن تعطي أي اشارة لا للأميركيين ولا لغيرهم أنها تقرر عن اللبنانيين ما يعتقدونه مناسبا لبلدهم، وكل طرف لبناني يدرك ما هي المسؤولية الملقاة على عاتقه وما يجب أن يتخذه من مواقف تحصينا للمصلحة الوطنية العليا لبلده، وهو الموقف الذي أبلغته القيادة السورية مؤخرا لأكثر من موفد غربي زارها مستفسرا أو مستنجدا بها للاستقواء على المعارضة اللبنانية وتحديدا «حزب الله» تحسبا لمرحلة ما بعد القرار الاتهامي الذي يمكن أن يصدر عن المحكمة الدولية ضد الحزب.
في غضون ذلك، وسّعت الزيارة الخاطفة لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان إلى بيروت، دائرة الحذر الداخلي من هذا التسلل الأميركي المريب في توقيته والإشارات السلبية التي أطلقها، بالتوازي مع انعقاد قمة الرياض بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد.
وإذا كانت الأوساط السياسية قد أدرجت زيارة فيلتمان في سياق محاولة أميركية واضحة لخلق تعقيدات إضافية على الملف اللبناني، وقطع الطريق على أي ايجابيات محتملة قد تتمخض عن المسعى السوري السعودي، فإن الرئيس بشار الأسد أعاد تأكيد حرص دمشق على أن يرسو الواقع اللبناني على ارض توافقية هادئة ومستقرة وصلبة، كما نقل عنه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان.
وفيما ذكرت وكالة «سانا» السورية ان الأسد أشاد بالدور الذي تقوم به القوى الوطنية اللبنانية «في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره وسيادته»، قالت أوساط ارسلان لـ«السفير» ان البحث مع الاسد تناول اجواء القمة بينه وبين الملك عبد الله التي حكمها عنوان اساسي هو العراق. وقد جاءت زيارة الرئيس السوري في سياق اللقاءات التي سبق وأجراها مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وملك الاردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي.
واشارت الاوساط، الى ان لبنان كانت له مساحة في البحث بينه وبين الملك عبد الله، وعلى ما يبدو فإن الأمور ذاهبة نحو التهدئة والوصول الى تفاهم على الرغم من كل الظروف المتشنجة الموجودة في المنطقة. ووصفت العلاقة السورية السعودية بأنها «ممتازة وهناك تنسيق مستمر ضمن اطار التشاور الاقليمي حول عدد من المسائل، اهمها ملف العراق، لان هذا الموضوع يشكل بوصلة الاستقرار في المنطقة.
اما على المستوى اللبناني، فهناك حرص شديد عبر عنه الرئيس الاسد في الوصول الى تفاهم، حول كافة المسائل العالقة في لبنان، لتجنيب هذا البلد أي تشنج او ردود فعل ليست في الحسبان».
وبالتزامن مع ذلك، شكل اللقاء الذي عقد ليل الاحد ـ الاثنين، بين الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله والنائب وليد جنبلاط بحضور الوزير غازي العريضي والحاج وفيق صفا، مناسبة للطرفين لبحث المساعي المبذولة لاستيعاب الأزمات والتحديات القائمة، وخصوصاً المسعى السوري ـ السعودي.
وعلمت «السفير» ان اللقاء استمر خمس ساعات من السادسة مساء لغاية الحادية عشرة ليلا وتخلله عشاء، وتوقف خلاله نصر الله وجنبلاط عند ما استجد في الآونة الاخيرة ولا سيما حركة الاتصالات الداخلية التي قام بها جنبلاط عشية طرح ملف شهود الزور في مجلس الوزراء، بالتوازي مع الحركة التي قام بها رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالاضافة الى حركة الاتصالات السورية السعودية وآخرها قمة الرياض التي امل الطرفان ان تتمخض عنها ايجابيات تضع لبنان على سكة التوافق.
واشارت المصادر المطلعة الى ان جنبلاط استعرض بعض الوقائع التي تجري على الارض مبديا قلقه مما يجري لناحية زيادة الاحتقان السياسي والمذهبي.
وبحسب المعلومات فإن الطرفين شددا على أهمية مواكبة الحركة الإقليمية التي تجري والاستفادة منها، وقد أكد السيد نصر الله وجنبلاط ضرورة التلقف الفوري لأي ايجابيات يمكن ان تنتج عن المسعى السوري السعودي.
واشارت المعلومات الى ان النائب جنبلاط فتح موضوع العلاقة بين «حزب الله» ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقد شدد على اهمية عودة التواصل بينهما، مشيرا الى ان ذلك يخلق مناخا ايجابيا، ولمس استجابة من السيد نصر الله، وفهم ان التواصل سيستأنف بعد عودة الحريري الى بيروت بعدما بادر المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل الى طلب موعد رسمي قبل ثلاثة ايام.
وفيما رفض «حزب الله» الحديث عن مضمون اللقاء، مكتفيا بالاشادة بمواقف الزعيم الدرزي، اعرب جنبلاط عن ارتياحه للأجواء التي سادت اللقاء، وقال لـ«السفير» «اننا نسير في الاتجاه الذي ينزع فتائل التوتير، وننتظر ان نسمع الاصداء الايجابية عن اللقاء السوري السعودي الذي نعلق عليه اهمية كبرى على طريق الخروج من هذه الازمة».
وقال العريضي لـ«السفير»: ان اللقاء بين السيد نصر الله والنائب جنبلاط مهم جدا، وما يجب ان ننتبه اليه هو ان هناك فرصة يجب ان نستفيد منها، وهي فرصة لقاء الملك عبد الله والرئيس الاسد، وهناك ابواب وقنوات مفتوحة لمناقشة القضايا الكبيرة ويمكن ان تؤدي الى تسويات، وبالتأكيد فإن دور الرئيس سعد الحريري في هذا المجال هو دور اساسي، لكن تجب مساعدة الرجل، وأن يكون له الموقع المتقدم في هذا الشأن.
ووسط هذه الاجواء، ينعقد مجلس الوزراء غدا لاستكمال النقاش في ملف شهود الزور. وفيما تحدثت مصادر سياسية عن احتمال ان تفضي حركة الاتصالات المكثفة عشية الجلسة الى تأجيل انعقادها، قال المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل لـ«السفير» ليلا: «حتى الآن لا يوجد شيء من هذا القبيل، وفي أي حال لا يزال الوقت متاحا امامنا حتى الاربعاء، لكن في الخلاصة نحن ما زلنا عند موقفنا لناحية ضرورة تناول ملف شهود الزور في مجلس الوزراء على خلفية وجوب احالته على المجلس العدلي».
وقال احد الوزراء لـ«السفير» ان المعطيات تؤشر الى جلسة هادئة «وليس ثمة ما يمنع ان نذهب الى جلسة ثالثة او رابعة، ولا سيما ان القاعدة التي ينطلق منها كل الاطراف هي ان ملف شهود الزور لم يفتح ليقفل».
من جهة ثانية، وفيما تردد أن المدعي العام للمحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار، يتجه نحو تأجيل القرار الاتهامي حتى الفصل الأول من العام المقبل، وزعت المحكمة الدولية الخاصة، أمس، نص رسالة بيلمار، امام غرفة الاستئناف التابعة للمحكمة، وطلب فيها رفض المراجعة التي تقدم بها وكيل اللواء جميل السيد، المحامي اكرم عازوري، حول قراري رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي الاستعانة بالامم المتحدة لاعطاء الاستشارة بقرار قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين حول السماح للسيد بالاطلاع على بعض المستندات المتعلقة بالمحكمة (ملف شهود الزور).
ويتعلق القرار الآخر الذي اصدره كاسيزي بوقف تنفيذ قرار فرانسين الى حين البت بالاستئناف المقدم من بيلمار نفسه.
ووجه بيلمار نسخة من الرسالة الى محامي اللواء السيد اكرم عازوري ورئيس القلم هيرنان فون هيبيل ومكتب الدفاع ممثلا بشخص رئيسه فرانسوا رو.
شام نيوز- السفير