"الراجل الواقف ورا عمر سليمان" أيقونة ضاحكة لثورة مختلفة

"الراجل الواقف ورا عمر سليمان" أيقونة ضاحكة لثورة مختلفة

 

شام نيوز- تيسير أحمد

في الوقت الذي كان نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك يلفظ أنفاسه الأخيرة، كان ثمة إعلاميون وفنانون وسياسيون مصريون يفكرون بأيقونة للثورة تضارع أيقونة البوعزيزي في تونس، ولكنها تتفوق عليها بحكم موقع مصر الريادي في قلب الأمة العربية.

كان حسني مبارك يستعد لإلقاء خطابه الأخير، الذي وصف بالكارثي، فيما كانت المذيعة رولا خرسا على قناة الحياة تناقش ضيوفها بشكل النصب الذي ينبغي أن يوضع في ميدان التحرير، في حين كان الشيخ القرضاوي يجاهد لانتزاع اعتراف من المصريين باقتراحه أن يكون اسم الميدان "ميدان ثورة 25 يناير".

طبعاً وصلت للمذيعة الخرسا عدة تصاميم لهذا النصب المقترح، وهي تصاميم معقدة نوعاً ما كما رأيناها على الشاشة، ربما تحتاج إلى عدة أيام لتنفيذها على الورق أو في الكومبيوتر؟!

على الجانب الآخر فوجئت المحطات الفضائية المصرية بأن الثورة أصبحت جدية، ولابد لأي ثورة من أيقونة أو أغاني.. بحثوا في الأرشيف، فلم يجدوا، وياللهول إلا أغاني الحقبة الناصرية، هل من المعقول أن تمضي فترة السادات بسنواتها العشر وفترة مبارك بسنواتها الثلاثين دون أغان وطنية، أي مصيبة هذه، ولكن لابأس فأغاني الحقبة الناصرية يمكن أن تسد النقص لعشر ثورات قادمة، ألم يوثق فنانو مصر في الحقبة الناصرية كل يوم من أيام الثورة بأغنية أو أغنيتين؟

ولذلك عاد عبد الوهاب بأوبريت الوطن الأكبر، ودعاء الشرق ، وأم كلثوم بأنا الشعب، ومصر تتحدث عن نفسها، وعاد عبد الحليم بأغانيه الحماسية التي أعادت إلى الأذهان عبد الناصر بكل تناقضات المشاعر حوله.. ولكن الثورة لم تدع هذا الكم الهائل من المشاعر القومية، على الرغم من حمل بعض المتظاهرين صور ناصر... هو مأزق إذن لابد من تلافيه، ولكن سرعان ما بدأت تظهر أغاني الثورة، محمد منير ومحمد فؤاد وشيرين ومحمد حماقي يستعدون لطرح أغان للثورة، إذن هذه المعضلة تم تجاوزها وقد أصبح للثورة أغانيها الخاصة.

غير أن المشكلة التي بقيت عصية على الحل كانت ما هي أيقونة الثورة؟

هل من المناسب وضع الشبان الأربعة أو الخمسة الذين أحرقوا أنفسهم قبيل اندلاع الثورة؟! لم تحصل الفكرة على قبول كاف، فمصر ليست تونس، والثورات "ما بتتنقلش" حسب تعبير وزير الخارجية المصري أبو الغيط: "هية بيتزا". فكانت فكرة نصب الشهداء في ميدان التحرير، ولكن الجمهور الإسلامي العريض لايحبذ تمثيل الثورات "بالأنصاب والأزلام" لأنها "رجس من عمل الشيطان"، فتم صرف النظر عن الفكرة.. وفجأة برز وائل غنيم كأيقونة محتملة،، ولكن أثبت هذا "الناشط الالكتروني" أنه عديم الخبرة السياسية واقترف أعمالاً متسرعة في الأيام التي أعقبت خروجه من السجن، فقد أعلن أن المهمة انتهت بعد تسلم عمر سليمان منصب نائب الرئيس ثم قال إنه ينتظر الـ (new version) أي مصر الجديدة بالمصطلح الالكتروني، كما صفق قادة الثورة من الشباب الذين استضافهم عمرو أديب في قناة الحياة لتولي سليمان هذا المنصب ايضاً ووافقوا عمر أديب على ضرورة العودة إلى البيوت؟!

ولذلك بدا أن هؤلاء الشباب وإن نجحوا في رفد الثورة بالطاقة الحيوية لاستمرارها، إلا أنهم لا يجيدون التفكير السياسي أو تقدير المواقف، فتم استبعاد أن يكون الشباب عموماً ووائل غنيم خصوصاً أيقونة للثورة، إذن ما الحل.. كان السؤال مضنياً فمن غير الممكن أن تقوم ثورة في مصر دون أيقونة.. ولكن سرعان ما أنقذ القدر الموقف وظهر "الراجل الواقف خلف عمر سليمان" عندما أذاع خبر تنحي الرئيس، فكان الأيقونة المبتكرة التي عثر عليها المصريون بعد طول عناء وانتظار.. نعم أيقونة الثورة هي "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان" وأي أيقونة هذه إنها تتناسب تماماً مع شعب مصر وخفة ظله وخياله الطافح بالكوميديا.. إنها ثورة غير عادية لها أيقونة خاصة أكثر غرابة من أي شيء آخر.