الرياض- الخليج والاستقرار

في الكويت جرى كشف خلايا نائمة لزعزعة استقراره، وكأنه لم يكتف بغزو صدام الذي نصّب نفسه موحد الأمة العربية بالقوة أسوة بتوحيد ألمانيا، لإعادة الفرع للأصل، كما زعم، ولا كيف وصلت الحالة بالعراق الذي يعيش أسوأ مراحل تاريخية عندما تجزأت الأسرة والمجتمع والقوى الدينية والحزبية، إلى تيارات وتحزبات لدرجة اليأس بتعافيه من وضع كشف عن هشاشة الواقع السياسي والاجتماعي والديني حتى بعد عقود من الزمن.. في البحرين أُحبط مخطط إرهابي كبير لقلب نظام الحكم تسبقه أعمال شغب وقلاقل وأعمال تخريبية، وهنا جاءت المحاولة بأن الخليج العربي أصبح على خارطة الأزمات، إذ إن استهداف الكويت ثم البحرين قد تنتقل عدواه إلى دول أخرى، والمؤلم أن الأدوات وطنية، والغايات خارجية، ولعل حالات الازدواج الوطني قضية مزقت العراق ، وتركض لليمن والسودان والصومال ، وتتجه لدول المغرب بالفصل بين الأعراق والثقافات والأصول والفروع، وكأن هذا الوطن العربي محكوم بواسطة مواطنيه، أن يكون بؤرة التقطيع والتمزيق والحروب وغيرها..
لا نقول إن نظام البحرين والدول الخليجية الأخرى مثالي، ولكن بمقارنتها مع كل محيطها العربي والإيراني، فهي مركز الاستقرار والتنمية ، والذهاب إلى بناء أكثر قابلية للاستمرار والنماء وسط تيارات من العواصف التي تهب كل ساعة رغم توفر الإمكانات المادية والبشرية، لكن أمراض العالم الثالث السارية قادت هذه الدول إلى اعتماد نظرية المؤامرة التي باتت ضحيتها، بينما الحقيقة لا تعطي صك البراءة لقيادة تلك البلدان أياً كان انتماؤها واتجاهها..
لماذا دول الخليج صارت هدفاً؟ هل بسبب وجود قواعد عسكرية لدول كبرى وهي مسائل بدأت مع بريطانيا، ولم تنته مع أمريكا، وهي سبقت نظم هذه الحكومات عندما كان السبب تنازع القوتين وحلم السوفيات بالوصول إلى مياه الخليج؟ أم ما قيل عن المظالم التي لحقت بطائفة لصالح أخرى، وهو السبب في حروب السنّة والشيعة في العراق باعتبار الأولى هي من احتكر السلطة، بينما الأخرى هي من اعتزل السلطة وفقاً لمعتقداتها، ولم تحرم بأي سبب ما حتى في ظل صدام حسين الذي كافأ السنّة والشيعة والأكراد بالمطاردة والتصفيات على أي زعم كان يفسر بأنه مؤامرة على الدولة..
البحرين بإمكاناتها المحدودة أفضل من دول مثل العراق يعيش هاجس الفوضى مع فارق الإمكانات، وأفضل من نظم سياسية واجتماعية عربية عديدة، ومستوى دخل الفرد يفوق بلداناً عربية وإقليمية، وحتى الحرية النسبية في الصحافة والنشاط الثقافي وعدم الحجر على أي مواطن بحرية التحرك والسفر، لا نجدها في بلدان أخرى، ولعل هذه الجوائز التي حصل عليها المواطن هي التي أغرت بعض النظم لأنْ تبني لها عناصر تريد تخريب البلد تحت مزاعم وأغطية تغلف بالطائفية وتدعي أنها صاحبة الحق بالتمييز عن غيرها حتى لو استدعى ذلك قلب نظام الحكم، وهي مسألة لا رهان عليها عندما تتصرف الدول بحتمية واجبها وحماية شعبها واستقراره في كشف هذه العناصر ومصادر تمويلها وأهداف من هم خلفها الرياض
- يوسف الكويليت - 6 - 9 - 2010