الزراعة كما لم يُنظر إليها من قبل!

الزراعة كما لم يُنظر إليها من قبل!

رزان حبش – شام إف إم

عندما يُنظر إلى أي عمل من جانبه القيمي وليس من جانبه المادي فإنه يدخل ضمن مجال التنمية، وكمثال على ذلك فإن عرضت مبلغاً من المال قدره فرضاً (10 ل.س) لصديق أو جار، فإنه سيرفضها منزعجاً معتبراً أنها حسنة!

أما في حال قدمت له (بيضتين من دجاجات المنزل بقيمة 10 ل.س) فإنه سيأخذها عن طيب خاطر! ما يعني أن البيضتان لا تساويان الـ 10 ليرات من ناحية القيمة.

وهنا تكمن المفارقة بين الفكر الاقتصادي والفكر التنموي، وبين السعر والقيمة، كما أوضح الباحث التنموي والمختص في الشؤون الزراعية أكرم عفيف لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم"، والدليل على ذلك أنه عندما نقول باللهجة المحلية عند إهداء شخص ما "مو من قيمتك" ولا نقول "مو من سعرك"!

 

فقر السوريين أبيض!

وبيّن عفيف أن صاحب القرار يجب أن يتمتع بالفكر والثقافة التنموية والإنتاجية، بعيداً عن إدارة النقد كما تفعل الحكومة الآن، وللاسترشاد يمكن النظر إلى أزمة القحط الغذائي الشهيرة التي حصلت في عهد النبي يوسف عليه السلام وكيف تخلصوا منها عبر تفوق سياسة الوفرة على سياسة النقد.

وحين سؤاله عن الفرق بين الفكر الاقتصادي والفكر التنموي، ذكر عفيف أن الأول يرى في الفقر كارثة، فيما يراه الفكر التنموي فرصة، مشيراً إلى أن فقر السوريين أبيض أي أن لديهم موارد.

ولفت الباحث التنموي إلى أن الإعانات والمساعدات التي تلقتها سورية خلال أزمتها والتي ارتأتها المخططات الاقتصادية الحكومية حينها اعتمادها دمرّت الاقتصاد السوري دون أن يدري صانع القرار بذلك، مُطلقاً عليها اسم "سلة الإهانة".

حيث توفرت هذه المواد بكثرة وتسربت إلى الأسواق بأسعار منخفضة، ما دفع الفلاحين إلى إيقاف إنتاج أنواع معينة لانخفاض إيرادها كمادة الحمّص ورب البندورة على سبيل المثال.

وذلك انتقل إلى الصناعات أيضاً كالمعكرونة، والزيت وغيرها من المواد التي أدى توفرها في السوق بأسعار زهيدة إلى توقف أصحاب الأعمال عن إنتاجها.

وعندما توقفت هذه المساعدات وجد نفسه المواطن السوري دون مواد مقدمة من المساعدات ودون مواد تنتجها أرضه وصناعته المحلية، وهو ما أدى إلى الأزمة الاقتصادية الحالية وفق وجهة نظر الباحث عفيف.

كما أكد أن تنظيم قطاع الإنتاج الأسري في سورية كفيل بتغيير الواقع السوري من نواحٍ عدة بأيام قليلة، ومن النواحي الأخرى بأشهر، وذلك لا يحتاج أبداً إلى سنوات.

 

"أسوء إدارة موارد في التاريخ البشري"

وقال عفيف إن العديد من الأخطاء كانت بسبب سياسة التسعير الخاطئة، فمثلاً يتم تسعير الشوندر السكري بشكل خاطئ ما أوقف زراعة الشوندر، وبالتالي توقفت مصانع السكر، وأصبح السوق بحاجة إلى استيراده، ويمكن القياس على ذلك حول المنتجات المختلفة.

وتحدث الباحث التنموي قائلاً "إننا نشهد أسوء إدارة موارد في التاريخ البشري"، لأن "ما يحصل في سورية هو قتل المنتَجَين لمصلحة المستوردين وشركائهم من المسؤولين الفاسدين".

 

حلول تنموية لمشكلة خسائر مواسم التفاح

ومشكلة التفاح، واحدة من المشكلات التي أورد عفيف الحديث عنها، حيث اقتلع الناس أشجار التفاح للحصول على حطب التدفئة وذلك لأنهم يخسرون المواسم.

ولحل مشكلة الخسائر، قام مواطنون من محافظة السويداء بصنع "شيبس" من التفاح، وملبن وقمر الدين ودبس التفاح، بالإضافة إلى تقديم إحدى المهندسات من محافظة حماة مقترحاً لتحويل تفل التفاح المطحون إلى رغيف بنسبة 4 %.

وبالنظر إلى الأرقام يمكن استنتاج أنه يمكن استخدام ضعف الإنتاج الزائد (الوفرة) من التفاح لتحسين جودة الرغيف السوري، وتحسين جودة التفاح الموجود في الأسواق، وزيادة الفائدة على الفلاح.