الزمان - ادارة المنطقة الخضراء

 

غالبا ما يتفاجأ الأصدقاء في الولايات المتحدة لدى معرفتهم أن صحفيين غربيين يعملون في بغداد لا يسكنون في المنطقة الخضراء.

إن الدخول إلي المنطقة الخضراء، أو المنطقة الدولية كما تعرف هنا، محكوم بصيغ معقدة دائمة التغيير قدر تعلق الأمر بإصدار شارات الدخول (الباجات) وبطاقات التسجيل، وكلما أتيت إلى العراق فاني امضي اسابيع في محاولة التعرف علي النظام الموجود في تلك المنطقة.

 


كوني من الأشخاص الذين وصلوا حديثا، فقد قدمت طلبا بالحصول على شارة الدخول لكني لم أتسلم حتى الآن تلك الشارة التي تصدرها القوات الأمريكية والتي تدعى "الشارة الخضراء" والتي تسمح لي بالمرور ومرافقة الزوار عبر نقاط التفتيش التي يديرها العراقيون عند مداخل المنطقة الدولية.

وتعد الشارات الخضراء بمثابة عملة دولية، وغالبا ما ينتظر الغربيون أوقات طويلة للحصول عليها، رغم أن القوات الأمريكية تقول أنها تسعى لتبسيط نظام إصدار هذه الشارات.

إن زملائي العراقيين، ممن كانوا يغطون الحرب هنا لصالح ماكلاتشي لسنوات عدة، ويمكثون هنا على مدار العام فيما نحن الغربيين نأتي بين الفينة والأخرى حصلوا مؤخرا بعد انتظار دام أشهر عدة على شاراتهم غير أن تلك الشارات تمنحهم امتيازات أقل من تلك التي تمنح لنا.

حتى الآن، ليس لدي سوى امكانية دخول محدودة إلي المنطقة الخضراء، وفيما انا بانتظار إصدار الشارة، فان هذا الوضع يفرض عليّ بعض التحديات. فعندما دعتني السفارة الأمريكية لحضور إيجاز صحفي داخل المنطقة الخضراء، اقترح علي موظف صحفي أن اذهب في سيارة احد الصحفيين ممن يحملون شارة خضراء من منظمة إعلامية أخرى (لحسن الحظ فان سلك الصحافة في بغداد يكتظ بمثل هؤلاء الزملاء، وعليه لم يكن من الصعب العثور علي شخص يصحبني معه).

يوم أمس، عندما كان لدي، ولزميل عراقي آخر، موعد مع مسوؤل حكومي يقع مكتبه داخل المنطقة الخضراء، فضلنا بكل خجل الطلب من المسؤول أن يبعث إلينا أحد مساعديه لاصطحابنا من احد مداخل المنطقة.

بغض النظر عن الإحراج الطفيف والمؤقت الذي أصابنا، فان العديد من العراقيين ممن يرغبون في زيارة المباني الحكومية داخل المنطقة الخضراء، إما يتعذر عليهم الدخول إلى المنطقة أو يتطلب منهم الانتظار لكي يتم تفتيشهم من قبل المقاولين الأمنيين (المرتزقة) والوقوف في صفوف انتظار طويلة معرضين أنفسهم لهجمات محتملة علي أيدي المتمردين.

وكما أخبرني أكثر من عراقي متسائلا، لما كانت قوات الأمن العراقية تسيطر على المنطقة الخضراء - القوات الأمريكية سلمت نقاط التفتيش في خطوة رمزية قبل ثلاثة أشهر- فلماذا تحدد القوات الأمريكية حتى الآن من يريد أن يدخل أو يخرج من المنطقة من خلال اصدارها لشارات الدخول إلي المنطقة الخضراء؟
يقول العقيد الركن نيل هاربر، رئيس مركز المعلومات الصحفية المشترك في المنطقة الخضراء، المشرف على موافقات إصدار شارات الدخول: ان القوات الأمريكية سعت خلال الأشهر العديدة الماضية إلى تبسيط نظام منح إصدار الشارات. أضاف هاربر: أن إصدار الشارة يستغرق أسابيع عدة، وأن التأخير يرجع إلي حقيقة أن مقدم الطلب مطالب بالخضوع للفحص البيولوجي (تصوير عدسة العين) كإجراء أمني.
يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون أيضا ان الجيش الأمريكي يحتفظ بالسيطرة على عملية إصدار الشارات لأن قوات الأمن العراقية تفتقر إلى القدرة على إجراءات الفحص الدقيق والشامل. ختم هاربر قوله "نحاول تحقيق توازن بين الجانب الأمني وتسهيل الدخول للمراجعين".

وتعكس هذه الحالة، بالنسبة للكثير من العراقيين هنا، حالة الإحباط المتزايدة بسبب مشكلة الدخول إلى المنطقة الخضراء مما يؤكد أن انتقال المسؤوليات الأمنية إلي العراقيين يبقى أمرا لا زال في انتظار الكثير كي يصبح حقيقة.


الزمان - شاشانك بنغالي - كاتب ياباني