"السرفيس المحترق"

شام إف إم – إعداد مقدمة مسائية شام إف إم
"السرفيس المحترق"
قد يبدو حدثاً جزئياً من أحداث الحرب المأساوية الكثيرة التي عاشها السوريون وشاهدوها وخبروها ولايزالون، انفجارُ عبوة ناسفة في حافلة نقل ركاب صغير تزن نحو 4 كيلوغرامات محلية الصنع تم تفجيرها عن بعد، في "سرفيس" كما يسميه السوريون، وقد يبدو حادثاً جزئياً احتراق السرفيس.. ولكن، لهذا السرفيس الذي ربما اهترأت مقاعده من كثرة الاستخدام سائق، يقود حافلته الصغيرة بحثاً عن الرزق.. وقد يحمل هذا السرفيس عامل بناء يداه معفرتان بالغبار والكرامة، يحمل كيسه المسكين ماضياً لرفع أحجار البناء الجديدة.. وقد يكون فيه جندي..
قد يحمل السرفيس أيضاً، كتيبة من النساء الوحيدات، سيدات وصبايا وطفلات، تحمل أصغرهن أرغفة خبز طازجة تملأ رائحتها السرفيس، والكتيبة هنا إشارة الى الكثرة وقد يكون في هذا السرفيس خمس صبايا بعمر الورد، طازجات متزينات، يحملن قلوبهن مع كتب الجامعة ، يتجاذبن أطراف الحديث الناعم في الطريق، ويحدث أيضاً أن ينفجر السرفيس، وأن يحترق، وتحترق معه جدائل الشعر الطويل، ارتقوا شهداء وأصيب آخرون إصابات متفاوتة الخطورة، الشهيدة سوزان نزيه النيساني والشهيدة رهف يعقوب والشهيدة ورود جرجس برصون والشهيدة لمى ثلجة و الشهيدة سارة هيثم موسى..
وقد يحدث أن يرى مراسلٌ هذا أمام عينيه، فلاهو قادر على إنقاذ أحد من الحريق، ولا هو قادر على رفع الكاميرا والتقاط الصور، هذا ما حدث اليوم مع مراسل شام إف إم في حمص حيدر زوق الذي يوثق هذا الحدث بصوته وعينيه، وبيّن رزوق أن الجهات المعنية حاولت الحصول على بعض الصور من الكاميرات المراقبة المحلات المحيطة بالمكان بعد فرض الطوق الأمني، وقد لوحظ منذ الصباح الباكر تشديد أمني على ما يبدو كان هناك معلومات، كانت المشاهد محزنة من ضخامة التفجير، وهذه المرة الخامسة التي يحصل فيها التفجير في نفس الحي لكن صمود الناس وإرادتهم كانت أقوى من الإرهاب .