السفير الأميركي: السلام أولوية وهو يحل العديد من مشاكلنا مع سورية

هي  أشهر قليلة تبقت للسفير الأميركي في سورية روبرت فورد، كي ينجز ما يمكن، من مهمة أخفق غيره في التقدم فيها خلال سنوات، وخصوصاً أنها تأتي بعد قطيعة واتهامات متبادلة وصلت إلى حد القصف والاعتداء ولا نعني هنا اللفظي فقط. ومن الصعود إلى قمة التصعيد في اعتداء البوكمال في عام 2008 إلى تغيير الخطاب والجهود لإرسال سفير العام الماضي، و«التصميم» الحالي على تمديد التكليف حتى نهاية الفترة وفقاً لما يؤكد فورد نفسه، ثمة آفاق يرغب فورد في حواره مع «الوطن» في رسمها دون ألوان إضافية، تزيد من التفاؤل بالواقع المعقد القائم، ولكن أيضاً دون تحطيم الآمال بفرص تحقيق تقدم في هذه العلاقة الشائكة بين دمشق وواشنطن بما يخدم، وهنا نحن نؤكد مصالح البلدين معاً. في حواره الأول بعد تسلمه مهامه في سورية، والذي خص به «الوطن»،- ونترك للقارئ أن يسأل لماذا- يقول فورد إن توجيهات الرئيس باراك أوباما له تتقاطع مع ما سمعه من الرئيس بشار الأسد بعد تسلمه عمله في دمشق. وهي اهتمام الرئيسين بالسلام الشامل وتطوير المنطقة، مشدداً على الرغبة في المساهمة في «تطوير سورية». وهو يقول إن العمل على تحقيق السلام الشامل عاد ليكون أولوية ضمن مهامه، مشيراً إلى الجهود التي يبذلها نائب المبعوث الأميركي لعملية السلام فريدريك هوف في زياراته التي لا تنقطع إلى سورية والمنطقة. وهو يرى– انسجاماً مع نظرة أميركية عامة تقليدية- أن سلاماً شاملاً في المنطقة يمكن أن يحل كثيراً من القضايا العالقة بين سورية والولايات المتحدة الأميركية. وهي تشمل كل ملف تقريباً العراق، لبنان، المسألة الفلسطينية، التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، حقوق الإنسان... الخ، وعن الأخيرة يرفض فورد في جدل قصير في منزله في الروضة، أن تكون الإدارة الأميركية- وفقاً لتحليلنا- قد تمكنت أخيراً من ركوب الموجة الشعبية في المنطقة المنادية بالإصلاح الجذري، التي أدت لسقوط أنظمة قريبة من واشنطن وأبرزها نظام حسني مبارك، وهو يرى أن واشنطن كانت سباقة في المناداة لتطبيق حقوق الإنسان، كما أنه لا يتردد في قبول الإسلاميين في السلطة إن قبل هؤلاء بالمعايير المعروفة للحريات الأساسية.
أياً يكن يرى فورد أن مصر ستفكر في «مصالحها» قبل أن تقرر في أي اتجاه تسير، وهنا المقصود «اتفاقية السلام» كامب ديفيد، لكن بالعودة إلى سورية، هل يمكن لما جرى في مصر أن يدفع باتجاه تسوية سلام مع سورية؟ هل يجب أن ترتفع الآمال المعقودة على الجهود الأميركية؟ وأين يمكن لمهمة فورد أن تنجح، وسط جدل في العلاقة مع سورية في الأوساط الأميركية؟ والأهم ما الذي يجمعنا مع أميركا... يقول فورد في ختام الحوار إن الجانبين «يتشاركان أهدافاً مشتركة، ولكن الطرق للوصول إلى هذه المحطة وفق النظرتين الأميركية والسورية مختلفة في بعض الحالات، ويجب علينا إيجاد حالات نعمل بها معا بدلاً من التضاد، ولا أدري ولست متأكداً، إن كان سيتحقق هذا النجاح، ومن الممكن أن يكون هنالك فشل» إلا أنه يختم.. «ولكن الرئيس أوباما يريد أن يحاول، وهذه هي مهمتي هنا».

وفيما يلي نص الحوار ..
  لماذا كان القرار بإرسالكم هنا لتمثيل بلادكم حتى ولو لفترة قصيرة لا تتجاوز السنة ؟
فورد - الرئيس (باراك) أوباما يؤمن أنه من خلال المزيد من النقاش والحوار على مستوى أعلى بين الحكومتين السورية والأمريكية، ربما نستطيع أن نبدأ بحل الاختلافات الكبيرة بين الحكومتين، لذا أراد أن يرسل سفيرا حتى لو كان لفترة إعادة التقييم  في محاولة لحل بعض هذه الخلافات الكبيرة
فيما يتعلق بالأولويات في عملكم،  ما هي الأولويات بالنسبة إليكم كإدارة وكسفير في دمشق؟
 فورد - بدءا أرسل الرئيس اسمي مجددا للكونغرس نهاية كانون الثاني (الماضي) لذا نتمنى أن يصوت الكونغرس لتعيين سفير في سورية هذا العام.  و نحن سنحاول مجددا.  أما بالنسبة للأولويات فالأهم بالنسبة لهذه الإدارة هو إنجاز اتفاق سلام شامل في المنطقة كما نتمنى، ودوري هنا كوني سفيرا في سوريا هو المساعدة في العمل لاتفاقية سلام بين سورية وإسرائيل، ونعتقد أنه إذا تمكنا من تحقيق اتفاقية فإنها ستساعد كثيرا على حل بعض الاختلافات الأخرى التي لدينا مع سورية.
 يبدو لي أن ثمة تغير هنا، لأن آخر مرة تحدثنا فيها معا،  لم تكن عملية السلام هي الأولوية وإنما ربما العمل مواضيع مرتبطة بالعلاقات الثنائية؟؟
 فورد- إن استطعنا كما أعتقد انجاز اتفاقية بين سورية وإسرائيل سيكون بإمكاننا حل مشاكل أخرى كثيرة بين حكومتينا. ولكن ثمة  مواضيع أخرى بالنسبة لنا، فقد تحدثنا حول مواضيع كلبنان والعراق وحقوق الإنسان وعلاقات سورية بوكالة الطاقة الذرية،  فهنالك جملة من المشاكل، كالعقوبات التي نفرضها على الشركات الأمريكية الراغبة في العمل في سورية..الخ.  ولكن نعتقد أن اتفاقية سلام بين سورية وإسرائيل ستساعد في مواجهة العديد من المواضيع الثنائية و إن لم يكن جميعها.
 هل الاهتمام الحالي بعملية السلام مرتبط بالتطورات الأخيرة في المنطقة؟
 فورد- لا أعتقد ذلك. فمنذ مجيء الرئيس أوباما حاول أن يواضب على عملية السلام، وأعتقد أن هو مختلف لدى هذه الإدارة أنهم جديون جدا حيال حل شامل، مما لا يعني فقط الفلسطينيين، بل أيضا لبنان سورية، وهنالك اهتمام جدي بخصوص اتفاقية سلام لسوريا ولبنان، وهذا أمر مختلف عن الإدارة الجديدة ولكن ليس مرتبطا بالتطورات في المنطقة.
أين نحن الآن من هذا؟ خصوصا وأن نائب مبعوث الرئيس الأمريكي لعملية السلام فردريك هوف يكرر زياراته لسورية؟
 فورد- نعم، هوف يأتي كل عدة أسابيع وما يمكنني قوله هو أنه يأتي للإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة مع وزارة الخارجية وليتحدث معي عن نظام العقوبات، وعما إذا كان هنالك اتفاق بين سورية وإسرائيل وفيما غيرت سورية بعض سياساتها كنتيجة كيف نزيل العقوبات.
وهو يزور الجانب الإسرائيلي أيضا، فنحن نبقى على آمالنا بإمكانية تحقيق ذلك رغم عدم وجود عملية (سلام) يكن الإشارة عليها.. هنالك إذا ملفات أخرى بين يديه إضافة لموضوع السلام؟
فورد- يعمل كثيرا على لبنان أيضا إذا هو يقوم بما سبق وقال السوريون بأن ميتشل يقوم به، وهو أنه قناة من قنوات الاتصال مع واشنطن؟فورد- هو رقم اثنان في مكتب ميتشل. إنه النائب الذي يعمل تحت إدارته، وفريد (هوف)يعرف السوريين جيدا وعاش هنا وقتا طويلا كصبي وكمراهق ولديه شعور خاص اتجاه سورية كما لديه علاقات خاصة مع مسؤولين رسميين،  أما ميتشل فيأتي من وقت لآخر، وآخر زيارة كانت في تشرين ثاني قبل مجيئي
هل من الصحيح إذا القول، أن الحوار السياسي الأمريكي السوري يجري عبر هوف الآن ؟
فورد- لا.  لأن هوف يعمل على مواضيع عملية السلام، أي مواضيع مرتبطة بهذه العملية، ولكن فيما يتعلق بالمواضيع الأخرى السياسية  الاقتصادية فإن تجري عبر فريق السفارة.
 أي كيف يمكن لاتفاق سلام بين سورية وإسرائيل أن يجر سورية من تموضع إلى آخر؟
فورد- هل تشير إلى إيران؟
 نعم
 فورد- نعتقد أن الرئيس الأسد أعطى حوارا هاما لصحيفة "وول ستريت جورنال" منذ فترة، وأشير هنا أن هذا الحوار لاقى اهتماما كبيرا في واشنطن - وما قاله الرئيس الأسد عن الأمن للجانبين وسلام كامل مقابل إعادة الأرض كاملة، جذب الكثير من الاهتمام في واشنطن، وأعطى الانطباع أن التقدم يمكن أن يحصل إن توفرت الظروف السياسية الصحيحة لدى الجانبين. إذا لا أريد الدخول في موضوع سورية تنتقل من اتجاه لآخر. في المفاوضات المواضيع هي الأرض والأمن، والرئيس الأسد قالها جيدا، وبعد الاتفاقية وإذا حصلت وهي (إذا) كبيرة، فإن سورية ستقوم بإعادة تحديد علاقتها مع كل دول المنطقة بما فيها إيران بما ترى أن مصالحها تستدعيه حينئذ.
فهمت من كلامك سابقا أن العقوبات مرتبطة أيضا بتوقيع عملية السلام ونتائجها؟
 فورد-لا. العقوبات مرتبطة بسياسة سورية التي تؤيد حركة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي، والتي نعتبرها منظمات إرهابية ونعاملها وفقا لهذا قانونيا، وفي حال انتهى هذا الدعم لن نعود بحاجة لهذه العقوبات وسبتم إزالتها.. سبق وقال لنا مسؤولون سوريون وأمريكيون أن ثمة أفكار يتم تداولها على صعيد عملية السلام. هل لديك فكرة من أين تأتي هذه الأفكار هل هي مرتبطة بتفاصيل الأرض وتحديد النقاط المختلف عليها؟فورد- ما يمكن قوله أن المواضيع التي أشار أليها وفقا لحوار الرئيس الأسد لل"وول ستريت جورنال" هي عودة الأرض والأمن للجانبين، ولا أريد أن أتخطى ذلك فيما يخص من اين تأتي هذه الأفكار. وما يمكنني قوله أننا نبقي على آمالنا بأن التقدم يمكن أن يحصل وأنه يمكن التوصل إلى حل يوما ما
ما الذي يأتي ثانيا  على لائحة عملكم؟
فورد- ثانيا لدينا مواضيع عدة مع السلطات السورية، وهنالك ما يمكن الإشارة إليه فيما يخص اجتماع 7  آذار لمجلس حكام وكالة الطاقة الذرية وأعلم أن علاقة سورية بالوكالة هي على الأجندة ولكن هل هذا هو الموضوع الأهم لا. ولكنه موضوع مهم وسيكون في الغد(المقصود السابع من آذار لأن المقابلة أجريت في السادس منه) نقاشا كبيرا حول هذا كما لازال لدينا قلقنا حول السياسة السورية في العراق، ومجموعات المقاتلين التي تعبر الحدود، وبعضهم انتحاريون قتلوا الكثير في العراق، وإن ليس هنالك كما كان في السابق. وأعتقد أن الحكومة السورية حققت تقدما وقامت بأشياء جيدة في سبيل تخفيض هذا العبور وما زال هناك من يقتل في العراق،  ولذا نأمل في الحديث مع السوريين أن نرى إن كان يمكن لهم اتخاذ خطوات معينة، وفيما إذا كان علينا فعل شيء في هذا الحوار الذي نخوضه
 أما بخصوص لبنان، فقد رايتم ما صدر من واشنطن عن التدخل السوري.  هذا بالنسبة لنا موضوع مهم، ونعتقد أنه من المهم أن يحترم كل جيران لبنان والمجتمع الدولي سيادة لبنان، وأن لا يستخدم الممثلون السياسيون في لبنان القوة ولا التهديد لتغيير وفرض ظروف سياسية.  نحن نفهم السياسة جيدا ولكن نرفض العنف، ومن ثم هنالك موضوع حقوق الإنسان وهو موضوع جدي، وكان هنالك تصريحات من الجانب الأمريكي عن حالات شخصية خاصة، وأما بخصوص تطورات المنطقة فقد كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في الدوحة منذ ثلاثة أشهر وشددت بأنه وفقا لنظرة الجانب الأمريكي فإن الحكومات  التي لا تطبق سياسات انفتاحية سياسيا واقتصاديا ستواجه مشاكل أكثر وقد قالت هذا قبل الانفجارات في مصر وتونس، ونحن نعتقد أن مسألة حقوق الإنسان مهمة بالنسبة لشرق الأوسط، وأن كل حكومة ستعالج الموضوع بطريقتها، نفهم هذا، ولكن التعبير الحر عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي والجهود السلمية لإحداث تغيير هي مبادئ يجب قبولها في المنطقة وهذا أمر سنتحدث للسوريين بشأنه
الأنظمة التي سقطت كانت قريبة من الأمريكيين، فهل تعتقد أنه بسبب ذلك هنالك اختلاف في الطريقة التي تدير بها واشنطن سياستها اتجاه حقوق الإنسان  الآن . فمبارك كان أقرب حلفاؤكم ورغم أنكم اشرتم لموضوع حقوق الإنسان في مصر إلا أنه لم يكن هنالك ضغوط على نظامه لتغيير اسلوبه والآن بعد ما جرى هل يمكن تفسير سياستكم على  أنها اعتلاء للموجة الشعبية؟
فورد- أرى أنه فيما يخص مصر كنا حتى في زمن (إدارة الرئيس السابق جورج)بوش و(وزيرة خارجيته  )كونداليسا رايس كنا نشجع السلطات المصرية على احترام افضل لحقوق الإنسان، وهذا ليس جديدا حتى عندما كنت أعمل على العلاقات المصرية الأمريكية، والشراكة بين (نائب الرئيس بيل كلينتون حينئذ) ألبرت غول وحسني مبارك في نهاية الستعينات وهو ما يمكن قرائته عبر( ويكيليكس ) عما فعلناه في الإدارة السابقة وبداية الفترة الحالية فليس جديدا هذا الأمر، ولا نركب موجه الشارع العربي. وما هو مثير الاهتمام لي كدبلوماسي أمريكي أن الناس في مصر وتونس والبحرين وليبيا واليمن هم من يتحملون المسؤولية والقيادة. ويجب على المجتمع الدولي أن يساند جهود هؤلاء ولكنهم هم من يقود السياسة وليس القوى الخارجية.
 ألا يقلقكم أن الأنظمة التي سقطت في معظمها كانت قريبة من الولايات المتحدة ؟
فورد- لا إطلاقا، بعد الانتخابات في تونس ومصر والحوار والتغيير السياسي البحرين وفي ليبيا إن تمكنا من تجاوز العنف فيها سيكون لدينا علاقات جيدة مع تلك الحكومات وشعوبها ونحن واثقون من ذلك
هل من تخوف لديكم من أن يركب الإسلاميون هذه الموجة في ضوء خبرتكم في الشرق الأوسط؟
فورد- نحن سنساند الحكومات التي تؤيد بعض المبادئ التي ذكركتها،  كحرية التعبير وعدم استخدام العنف وعدم سجن السياسيين..الخ، وإن كان من يؤيد هذه المبادئ اسلاميون في الحكم لن يكون لدينا مشكلة معهم، وأعتقد أنه من المهم التذكر أننا في العديد من البلدان نتحاور مع الإسلاميين بشكل روتيني، كما في الجزائر حيث كنت اتحادث(كسفير للولايات المتحدة)  لمعادل الإخوان المسلمين فيها. ليس لدينا فوبيا من الإسلاميين، ونعتقد أن على كل القوى السياسية أن تحترم الحريات السياسية الاساسية.
هل تعتقد أن تغير النظام المصري سيكون له تأثير إيجابي على عملية السلام السورية الإسرائيلية؟
فورد- لا أرى ترابطا أوعلاقة مباشرة. وما أعرفه أن الحكومة المؤقتة قالت أنها ستحترم كل التزامات مصر الدولية، ويفهم من هذا اتفاقية كامب ديفيد. ونعتقد في الولايات المتحدة أنه في مصلحة مصر وإسرائيل احترام هذه الاتفاقية بحيث يكون لمصر الوقت والقدرة على الاهتمام بتنميتها.
 أيضا بخصوص تأثيرات ما حصل في مصر، ثمة من يرى أن هذا قد يبدو الوقت المناسب للعمل على اتفاق بين سورية وإسرائيل، لأنه من الصعب التكهن بما الذي ستنتهي إليه مصر بعد الانتخابات، وربما هذا سيكون دافعا لإسرائيل للتحرك قبل أن يظهر وجه مصر الجديد؟
فورد- كما حاولت القول، لسنا قلقين من إمكانية أن يقوم المصريون بإلغاء اتفاقية السلام، وأعتقد أن المصريين سيحسبون بدقة مصالحهم الوطنية، ولكن سبب مجيء هوف المتكرر هو الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة من أجل الاستحواذ بسرعة على أية فرصة جديدة .وإذا وجدنا فرصة جديدة نريد أن نكون  قادرين على فعل هذا، واتمنى أن تكون على حق وأن يرى الجانبان هذه الفرصة التي أشرت إليها.
 على مؤشر من 1- إلى 10، منذ جاء الرئيس أوباما إلى السلطة، ما هي العلامة التي تعطيها للجهود التي بذلت حتى الآن على صعيد عملية السلام؟
فورد- أعطيهم 7 من عشرة
 هذا تقريبا قبل الحد الأقصى؟
فورد- لا أتكلم عن التقدم وإنما عن الجهود. لدينا الآن فهم أفضل لما يعنيه الرئيس الأسد من تعبير سلام كامل.  أحيانا كان يستخدم تعبير السلام الجزئي، وإن كنا  نفهم بالانكليزية ما يعنيه ذلك، إلا أننا  لم نكن نفهم بوضوح المعنى، لذا خضنا أحاديث كثيرة حول هذا، ولدينا الآن فهم لرؤيته للعلاقة مع إسرائيل إن كان هنالك اتفاق وما يعنيه أيضا من سلام بارد، والرئيس أعتقد استخدم تعبيرا لم نفهمه من قبل خلال لقائه مع وول ستريت جورنال وهو "شروط المرجعية" أو "terms of reference"  وهذا نفهمه الآن.
هل لا زال العراق هو اكثر مجالات العمل والتوافق بين الجانبين، وفقا لما نعرفه عن العلاقات بين الجانبين؟
فورد- إننا نرحب بمؤشرات التحسن في العلاقات بين سورية و العراق. كان (الرئيس العراقي جلال) الطالباني هنا منذ وقت قصير على رأس وفد كبير،  ويتم الحديث بين الجانبين عن العلاقات الأمنية والاقتصادية، وهو مما نراه إيجابيا جدا ونرغب أن يكون للعراق علاقات جيدة بكل جيرانه وأشدد على كل جيرانه ولكن أيضا نريد أن يكون العراق مندمجا مع المنطقة وليس معتمدا على دولة أو اثنتين، لذا من وجهة نظرنا فإن هذا إيجابي، ولكن لدينا قلقنا حيال المقاتلين الذي يدخلون العراق وهذا سنستمر في بحثه مع الجانب السوري. وهناك نقطة حول العراق هامة أيضا، وننساها، وتستحق سورية الثناء عليها، وهي أنها سمحت لمئات الآلاف من اللاجئين من العراق الذي جاؤوا إليها بسبب قلقهم حيال أمنهم في العراق. فلدى سورية لاجئين عراقيين أكثر من أي بلد في المنطقة، ونحن لدينا مجموعة من البرامج عبر الأمم المتحدة ممولة من قبل الولايات المتحدة ب180 مليون دولار من موازانة هذا العام، وهي أكبر موازنة لبرنامج لاجئين، وعبر المنظمة الدولية للهجرة والأمم المتحدة وجمعيات غير حكومية نقوم باشياء كثيرة، كتقديم العون الطبي والتعليم للأطفال. أيضا هنالك الكثير من اللاجئين من النساء، بسبب وفاة أزواجهن أو بقاءهم للدفاع عن ممتلكاتهم وهن هنا مع أطفالهن، فنؤمن لهم المال ليتمكنوا من الأكل، وتقوم والجمعيات والأمم المتحدة  بعمل كبير لمئات الآلاف كمنا يتعاون السوريون أيضا ، وهنالك مسائل أخرى نتحدث مع السلطات السورية بشأنها
...مثل؟
فورد- هنالك الكثير من اللاجئين ممن تعرضوا للتعذيب من قبل الميليشيات أو القوات الأمنية.  ونريد أن نأت بجمعيات مختصة بالتعامل مع قضايا التعذيب وأخرى تقدم تعليم خاص للأطفال،  ونتحدت للسلطات السورية والهلال الأحمر بحيث نرى من يأت من هذه المنظمات الدولية وهذا في النهاية عمل انساني يستحق الدعم من كل الجهات
فيما يتعلق بالتعاون السوري  العراقي يكرر السوريون دوما أن الجانب العراقي هو من تكاسل عن القيام بواجباته اتجاه التعاون الأمني المشترك ولاسيما على الحدود هل ترى هذه الحجة  في مكانها؟
فورد- لا أريد التعليق على العلاقات العراقية السورية إلا عبر القول أن هنالك مجالا لبناء علاقات جيدة بين البلدين وبحيث تكون مفيدة للطرفين وأعتقد أنه يمكن القول أنه من الأفضل "أن تأتي متأخرا من أن لا تأت أبدا"
 السوريون سبق وطلبوا معدات لمراقبة أفضل للحدود، ووقف الأمريكيون ضدها هل من جديد على هذا المستوى؟
فورد- ما أعرفه انه كان هنالك نقاش حول هذا من أعوام مضت،  وأن سورية والعراق يعتقدون أنه ثمة دور مفيد للأمريكيين في هذه العملية.  يمكن لنا مناقشة الموضوع، وليس لدينا مشكلة، ولكن سورية والعراق عليهم أن يدعوننا لذلك، وأعتقد أن العراق مسؤول عن أمنه بالكامل والقوات الأمريكية ليست في مهمة قتالية بعد الآن،  وسنخرج بحدود نهاية العام. ويمكن الآن   لسورية و العراق معالجة الموضوع ، وإن طلبوا مساعدتنا يمكن أن نناقش الموضوع ، ولكن الوضع لم يعد 2004 و2005 2006 بعد الآن
هل تعتقد أنه من الطبيعي أن يكون لدى سورية قلق من أن تكون وحدة  العراق مهددة في المستقبل؟
فورد- نؤمن بقوة أن تطور العراق وأمنه واستقرار المنطقة وامنها يعتمد على بقاء العراق موحدا، ولا نعتقد أن العراق كدويلات سيكون أكثر أمنا واستقرارا وقدرة على تطوير نفسه وتأمين حاجيات شعبه.  لكن هل تعتقد أن ثمة قلقا من ذلك؟فورد- هنالك قلق لدى الكثيرين في العراق من ذلك، ولكنه أقل حدة مما كان عليه منذ سنوات. أعتقدعموما أن هنالك فهم أفضل بين المناطق العربية والكردية في العراق.  هل هنالك مشاكل؟ نعم. ولكن هل هي كما كانت منذ سنوات؟ لا أعتقد. وعلى سبيل المثال الأحزاب الكردية فاعلة في الحكومة الائتلافية ووزير الخارجية كردي...
 هذا لا يعني أن المشكلة غير موجودة؟
فورد- كما قلت هنالك الكثير من العراقين قلقون من ذلك، وكولايات متحدة عبرنا عن قناعتنا بوضوح لكل الأطراف أن على العراق أن يبقى موحدا، وأن نجاح العراق سيكون بأمان أكثر إن كان موحدا، ونعتقد أن العراقيين تعلموا كيف يحلون مشاكلهم سياسيا ولذا الضغط لدولة كردية أقل الآن.
لبنانيا، هل تعتقد أن الحكومة التي سيشكلها الرئيس نجيب ميقاتي ستكون حكومة حزب الله ؟
فورد- هنالك مسائل كثيرة عن لبنان،  أولا، كما قلت من المهم أن يختار اللبنانيون وحدهم حكومتهم، وليس للولايات المتحدة أن تقول هذا الحزب يدخل، وهذا الحزب لا.  ونحن سنبني علاقاتنا على مصالحنا، والأمر الثاني، أن الاهتمام الأول لنا أنه أيا كانت الطريقة التي تم فيه تشكيل هذه الحكومة عبرها ومن فيها،  نتمنى أن تحترم حرية التعبير والتجمع والتحرك السلمي السياسي والقواعد الرئيسية لليبرابية السياسية والانفتاح السياسي.  ويحترم المجتمع الدولي وجيران لبنان سيادة هذا البلد، ولا يتدخلون في اختيار الحكومة ورئيسها، وأن يتمكن اللبنانيون من القيام بذلك بعيدا عن العنف والتهديد وليترك للبنانيين الخيار. وأشير هنا، وبصراحة أن هنالك من ينظر في الولايات المتحدة إلى نفوذ حزب الله في لبنان، ولكنه في النهاية  سيكون القرار لبنانيا
ملاحظتان تعليقا على حديثكم. حين كانت تتم المفاوضات حول رئيس الحكومة الجديد حاولت السفيرة الأمريكية في بيروت التأثير على نائب زحلة نقولا فتوش، وثانيا ماذا عن التأثير الإسرائيلي وتدخلهم في الشأن اللبناني ؟
فورد- ما أقوله أن الدبلوماسيين يلتقون الممثلين السياسيين في اي بلد بشكل طبيعي، ولا أعتبر أنه بسبب هذا يقوم  الأمريكيون  بإعطاء التوجيهات أو التشديد على موقف دون أخر، وهي مسألة حوار بين  ممثليين سياسيين هامين ليفهم كل طرف مصالح الآخر وخطوطه الحمر. وانبه أنه ليس الأمريكيين فقط من كانوا يلتقون باللبنانيين السياسيين، وأعتقد أن اللائحة بالذين يأتون لدمشق كانت أكبر من الذين يأتون لرؤيتنا في واشنطن أو بيروت. والمسألة ليست في الجدل من قابل أكثر هنا. إن الطريقة التي تعامل بها حزب الله في لبنان كانت مسالة مقلقة بالنسبة لنا، ولذا الخطوة للأمام هو لنرى اللبنانيون ينتهون بأنفسهم  إلى تركيبة سياسية وحل سياسي، لتشكيل حكومة، ومن المهم لجيران لبنان والمجتمع الدولي أن يمنحهم المساحة لفعل ذلك.
 وهل تعتقد أن قلق اللبنانيين حيال أمنهم من إسرائيل في مكانه؟
فورد- ليس لإسرائيل مطالبات بأراضي لبنانية، وهم قاموا بالانسحاب بشكل كبير من الأراضي اللبنانية وفقا للأمم المتحدة ولا زال هنالك الجدل حول مزارع شبعا ولإسرائيل اهتماماتها الأمنية و كثيرا ما ماتم قصف بلدات إسرائيلية من لبنان ومن الطبيعي أن يكون ليهم قلق أمني،  وأيضا أتفهم  تماما أن اللبنانيين عانوا من هجمات إسرائيلية وغيرها،  والأمر يعود مجددا لتحقيق سلام شامل وبناء علاقات جيرة بين إسرائيل ولبنان وسورية والدولة الفلسطينية
 في لقاء سابق لنا قلت أنه في الفترة القصيرة التي لديكم، ستركزون على مواضيع معينة، وأنه على مؤشر بين 1- 10 ستكون راضيا إن وصلت لرقم 3 ولكن طموحك يتمثل في الرقم السبعة.  الآن بعد شهرين من مجيئك وقبل 9 اشهر من نهاية مهمتك  ماذا حققت حتى الآن؟
فورد- نتمنى أن يؤكد الكونغرس على تعيين سفير من أجل فترة كاملة، والإدارة لم تستسلم لهذا الموضوع بعد.  وخلال هذه الفترة علي أن التقى سوريين وأن أفهمهم واستمع لآرائهم، فاستمع كثيرا وأطرح العديد من الأسئلة، وأحاول أن أشرح سياسة الولايات المتحدة حيال لبنان والعراق وحقوق الإنسان وتوقعاتنا من وكالة الطاقة الذرية وفهمنا لمهامها وأهميتها. وأن أستمع لما يقوله السوريون حيال هذه المواضيع، وأتمنى أنه خلال هذا العام، ومع مغادرتي إن غادرت في أيلول أن يكون لدى واشنطن فهم أكبر لمصالح سورية، وماهو المنطق السوري لسياسات سورية.  لأننا أحيانا لا نفهمه، وعلينا ذلك، وأن يكون لدى السوريين كسلطة وكشعب فهما أفضل لسياسات أمريكا وما تفعله. وأعرف أن الناس هنا لا تفهم منطق الأمريكيين، وإن كنا بحلول نهاية هذا العام لدينا تفهم أفضل ونبدأ بالقيام بخطوات من قبل الجانبين تعبر عن الفهم وكيف نعمل مع بعضنا البعض، سنكون قد أنجزنا سنة جيدة....
القتيت بالرئيس أوباما قبل مجيئك كما التقيت بالرئيس الأسد حين تسلمي أوراقك، ما هي العوامل المشتركة التي وجدتها  بين الرئيسين وفي اللقائين ؟
 فورد- أستطيع أن اقول أن الرئيسين لديهما اهتمام بسلام شامل وتطوير المنطقة. وأولا بتطوير سورية، ونحن لا نحمل نية سيئة لسورية، ونريد لها أن تكون دولة ناجحة، وقوة تطوير واستقرار في المنطقة. بعض سياساتها بصراحة وبراينا لا تساعد في هذا الاتجاه، وهذا ما علينا مناقشته. لدى أوباما رؤية عن كيف يمكن للشرق الأوسط أن يلعب دورا كبيرا في المواضيع السياسية والاقتصادية العالمية، وسمعتمونه يتحدث عن المساهمات التي للعرب في الحضارة الإنسانية، ولاسيما التعايش السلمي حين تحدث عن الأندلس. وهنا أقول أن الرئيسين الأسد وأوباما يتشاركان هذه الرؤية في الوجود المشترك والتعايش وأنا خلال الشهرين الأخيرين لي في سورية  تأثرت بالتنوع الذي فيها، والعلاقات الجيدة بين الأديان والمذاهب. وبصراحة أتمنى لو أن الأمور في العراق متشابهة مع هنا ولو قليلا. إنهما يتشاركان أهدافا مشتركا، ولكن الطرق للوصول إلى هذه المحطة وفق النظرتين الأمريكية والسورية مختلفة في بعض الحالات، ويجب علينا إيجاد حالات نعمل بها معا بدلا من ضد بعضنا البعض، ولا أدري ولست متأكدا، إن كان سيتحقق هذا النجاح، ومن الممكن أن يكون هنالك فشل،  ولكن الرئيس أوباما يريد أن يحاول، وهذه هي مهمتي هنا ....

 

 

 

شام نيوز- الوطن