السفير: «الصورة المؤلمة لبلاد الرافدين» عبر «شام أف أم»

تجمع إذاعة «شام إف أم» السورية بين الصوت والصورة، وما بين الإذاعة والتلفزيون، فتبث ما تقدمه من أغانٍ وبرامج وأخبار على أثيرها الإذاعي، على خلفية ما تعرضه شاشتها التلفزيونية الثابتة على قمر «نايلسات».
هكذا يمكن لمحبي الإذاعة الاستماع لها تلفزيونياً، وهم يتابعون ثلاثة أشرطة إخبارية متحركة، الأول مخصص للأخبار السياسية، والثاني للأخبار الثقافية والمنوعة والخدمات الإعلانية. فيما خصص الشريط الثالث للرسائل النصية «أس أم أس». وإلى جانب الأشرطة الثلاثة يخصص القسم الكبير من الشاشة لصور فوتوغرافية تؤرشف للجغرافية السورية، فيما يشبه «غاليري متلفزاً» يحمل عنوان «سورية جنة الله على الأرض».
وفي أوقات كثيرة يحل مكان تلك الصور مجموعة صور للسيدة فيروز، وأغانيها هي صاحبة الحظ الأوفر من أغاني الإذاعة.
على هذا النحو تقدم قناة «شام إف أم» نفسها بوصفها إذاعة متلفزة، وجريدة متلفزة، وغاليري متلفزاً، إن صحت التعابير الثلاثة، من دون أن تخلط بين ما هو لجمهور الإذاعة وما هو لجمهور التلفزيون، فيظل مستمع الإذاعة منسجماً مع ما تبثه على أثيرها من دون أن يحتاج الى متابعة قناة الإذاعة التلفزيونية، في وقت تقوم القناة بمهامها المتعلقة بالصورة، حيث يمكن قراءة الأخبار على سبيل المثال من دون انتظار مواعيدها الثابتة، فضلاً عن مشاهدة غاليري الصور الخاص بالتلفزيون.
إلا أن «شام إف أم» تجاوزت ليل (الأحد) حدود الفصل بين الإذاعة والتلفزيون، ووحدت بينهما وبالتالي بين جمهورهما لتصنع سبقها الصحافي، عبر برنامج خاص بعنوان «الصورة المؤلمة لبلاد الرافدين»، عرضته لمناسبة قرب انسحاب الاحتلال الأميركي من العراق، وفيه استضاف أثير الإذاعة رئيس الحركة الشعبية لإنقاذ العراق عدي الزيدي، فيما انفردت القناة ببث صور فوتوغرافية خاصة ومؤلمة تنشر للمرة الأولى عن الممارسات الوحشية للاحتلال الأميركي للعراق وضحايا الاقتتال الطائفي، وقد تولى الزيدي، بالصوت فقط، شرح ملابسات عدد منها، والتعليق على عدد آخر، في حوار أداره الزميل قصي عمامة.
فرادة الصور الفوتوغرافية المعروضة، قسوتها وحدتها، وصلت حد تحذير الإذاعة بعدم رؤيتها لمن هم دون الثمانية عشرة سنة. وقد تجاوزت بأهميتها حدود الحوار مع الزيدي على أهميته. ولعل في ذلك يكمن السبب الذي جعل الإذاعة تبث برنامجاً لا يكتمل إلا بمتابعته تلفزيونياً، خاسرة بذلك الكثير من وهج برنامجها الإذاعي. فيما افتقد التلفزيون الى صورة الضيف والمحاور وحرارة التفاعل لكليهما. فبدا البرنامج أقل من برنامج تلفزيوني، وأكثر من برنامج إذاعي... أي حائراً بين الإثنين!
لكن يبقى للصورة سطوتها، وإن جاءت ثابتة على شاشة «شام إف أم». إذا أنه أي شرح يمكن أن يصف صور التمثيل بالأجساد والتذويب بالأسيد، وذبح الناس والعبث بأجسادهم وحرقها وتقطيعها.. وكل ذلك كشفت عنه الصور، ولم يستطع الحوار الإذاعي، على أهميته، سوى التعليق عليه ومقاربته.
بكل الأحوال هي نقطة جريئة تحسب لمصلحة «شام إف أم» في تحقيقها لسبق صحافي، حاولت أن تكيف فيه أدواتها المتاحة، إذاعة وتلفزيوناً، لتقديمه كاملاً إلى جمهورها... وإن جاء ذلك على حساب جمهور الإذاعة، الذي لم يصله أهم ما في السبق، فظل أمام برنامج إذاعي عن الاحتلال الأميركي للعراق، مفتقداً الإثارة فيه. فيما ظلت للصورة سطوتها التي لا يمكن لأي حكي أن ينقل ما فيها من إحساس.
سطوة انتصرت إليها إذاعة «شام إف أم» فسجلت هدفاً في مرماها لمصلحة التلفزيون والصورة فيه، وأصابت نفسها بنيران صديقة. حين رجحت كفة التلفزيون، رغم أنها أساساً محطة إذاعية تمتد نحو التلفزيون فقط بهدف تحقيق انتشار أوسع من نطاق بثها.
شام نيوز - السفير