السوريون يعيدون بناء المخالفات التي هدمتها البلديات

 

حتى الإزالة لم تكن كافية لتخفيف حجم الأبنية المخالفة التي شرع الكثير من السوريين ببنائها منذ بدء الأحداث التي تشهدها سورية في آذار الماضي، فعلى الرغم من إزالة الجهات المختصة بحسب ما أفاد مراقبون قرابة 300 بناء مخالف من أصل 60 ألف مخالفة، إلا أن أصحاب تلك المخالفات أبوا إلا أن يقيموا مخالفاتهم تلك، حيث قام الكثير من أصحاب المخالفات بإعادة بنائهما من جديد وكأن شيئاً لم يكن.


وخلافاً لما سجلته بعض التقارير عن تراجع وتيرة الأبنية المخالفة فقد سجلت الفترة الماضية تنامياً ملحوظاً سواء في عدد الأبنية أو حتى عدد الطوابق الذي بلغ في بعض الأبنية قرابة الأربعة طوابق في البناء الواحد، الأمر الذي يفاقم من خطورة هذه الأبنية على حياة قاطنيها وفقاً لرأي خبير البناء محمد خميس الذي أشار إلى أن هذه الطوابق تبنى بسرعة كبيرة دون أن تترك للاسمنت فرصة ليتماسك، مشيراً إلى أن أسقف البيوت الإسمنتية بحاجة إلى أسبوعين على الأقل، وفيما عدا ذلك فإن الأبنية مهددة بالانهيار من تلقاء ذاتها على حد قوله.

كما أضاف خميس: "طبعاً لا يمكن أن نقلل من دور الحمولة الزائدة التي سيتحملها البناء جراء أعداد الطوابق الزائدة في إمكانية انهيار البناء بالكامل ولاسيما إذا علمنا أن أغلب الأراضي التي تشاد عليها الأبنية المخالفة هي أراض زراعية".

هنا يمكن القول إن المخالفين ليس هم الوحيدون الذين يتحملون مسؤولية تنامي الأبنية المخالفة على الأقل من وجهة نظر البعض، حيث حمّل أحد المعلقين على الموضوع البلديات جزءاً كبيراً من المسؤولية، لافتاً إلى أن الكثير من رؤساء البلديات متفقين مع أصحاب تلك الأبنية، متسائلاً إلى متى ستبقى هذه الأيادي الخفية وراء تلك المخالفات.

الشارع السوري وعلى مستوى المواطنين اختلف في أحكامه على هذا النوع من الأبنية، فمنهم من رأى فيه استغلالاً واضحاً لما تمر فيه البلاد من ظروف وخطوة تهدف إلى جني أرباح طائلة خصوصاً إذا كان صاحب البناء متعهد عقارات، ومنهم من رأى فيها تخفيف لأزمة السكن التي يعاني منها الشباب على وجه الخصوص نتيجة ارتفاع أسعار العقارات فيها، ومن هؤلاء الناس كان الشاب رضوان المنفي الذي قال: "أسعار العقارات مرتفعة جداً ولا يوجد حل لدينا سوى البناء بهذه الطريقة فأغلبنا شباب على أبواب الزواج فما الحل؟ وما هي المشكلة إن قام الأهل ببناء طابق واحد فقط على سطح منزلهم ليساعدوا أبنائهم على الزواج؟"ولفت المنفي إلى أنه لا يؤيد هذه الأبنية إذا كانت لأغراض تجارية وإنما إذا كانت حلاً لشاب يستعد للزواج، مضيفاً: "أن يمنعونا من البناء المخالف هذا حقهم ولكن عليهم أن يوجدوا لنا حلولاً بديلة، فالجمعيات السكنية هي في الحقيقة جمعيات لسرقة الشباب وليس لمساعدته فكم من شاب دفع شقاء عمره في واحدة من تلك الجمعيات أملاً في الحصول على منزل ولو غرفة واحدة ليجد نفسه بعدها منصوب عليه".

وفي إشارةٍ لعدم التساهل مع تلك الأبنية المخالفة حتى مع مرور زمن طويل على إنشائها، أكد مصدر مسؤول في مجلس محافظة دمشق أن المحافظة ترصد المخالفات وتدونها تمهيداً لتسوية أوضاعها لاحقاً، مرجعاً أسباب بطء أعمال هدم المخالفات إلى كبر عددها المتزامن مع قلة الإمكانيات المتاحة.

يذكر أن العديد من المحافظات السورية شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية زيادة كبيرة في عدد الأبنية المخالفة المشادة، وذلك بفعل استغلال الكثير من الناس للأحداث التي مرت بها سورية، الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار مواد البناء كافة ولاسيما مادتي الاسمنت والبلوك إلى معدلات خيالية، إلى جانب فقدانها للاستقرار في أسعارها، على اعتبار أن الأبنية المخالفة وطيلة الأشهر الماضية لم تكن مستقرة فتارةً تشتد وتيرتها وتتزايد أعدادها بسرعة كبيرة وتارةٌ أخرى تتراجع وتتناقص

شام نيوز - الاقتصادي