السياحة اكثر القطاعات تضررا من الازمة الحالية في سورية

منطقة الاستقبال هادئة في فندق "بيت زمان" الصغير في بدمشق القديمة, ويبدو واضحا ان طاقم العاملين يشعرون بالملل.
العمال يتلكأون في ممرات الفندق الفخم الذي يتكلف قضاء ليلة فيه 200 دولار في حين يحدق موظف الاستقبال بملل في شاشة الكمبيوتر.
وقبل أربعة أشهر كان بيت زمان ممتلئا بالسياح الاوروبيين, لكن بعد أن اضطربت الاوضاع في سوريا فر السائحون.
وقال رامي مارتيني رئيس اتحاد غرف السياحة في مؤتمر صحفي مؤخرا ان معدلات الاشغال في الفنادق بلغت 15 % في سوريا واقتربت من الصفر في حلب.
وخفضت الفنادق الاسعار بدرجة كبيرة لكن قلة فقط من الزوار الاجانب هم المستعدون لمواجهة الاضطرابات والمغامرة بزيارة سوريا رغم اثارها الجذابة واسواقها القديمة واجوائها الفريدة.
وسوريا حاليا في بداية موسم عطلات الصيف لكن العديد من متاجر العاديات مغلق في حين تخلو عشرات من الفنادق الفاخرة الصغيرة في البلدة القديمة من السائحين.
وقال أبو صلاح الذي يبيع السجاد والاوشحة والحلي في متجر قرب أحد الجدران القديمة التي كانت تحيط بالمدينة "السياح خائفون من المجيء لكن العاصمة امنة."
ويمضي ابو صلاح وقته محتميا من الشمس تحت ظلال الجدران السميكة في لعب النرد واحتساء الشاي مع بائعين اخرين.
وقال "السياح يصدقون كل ما يسمعونه في الاخبار لكن أغلب المشاكل تحدث في المناطق الفقيرة."
غير أن دمشق تعد مركزا لطبقة التجار الاثرياء وليس هناك دلائل تذكر على الازمة التي تواجهها الحكومة في مناطق أخرى.
ومع تواجد أمني كثيف في العاصمة يقول الناس انهم يخشون الاحتجاج واولئك الذين يحتجون يجري اعتقالهم على الفور. والاحتجاجات محدودة وتتركز في الضواحي وتهرع الشرطة بسرعة لتفريقها.
ودفع ارتفاع أعداد القتلى في مناطق أخرى من البلاد سفارات استراليا والولايات المتحدة وكندا وأغلب الدول الاوروبية لاصدار نصائح للمسافرين تحثهم على عدم السفر الى سوريا الا للضرورة.
ونصحت وزارة الخارجية البريطانية المسافرين بعدم السفر الى سوريا وطالبت مواطنيها بمغادرة سوريا فورا "بالوسائل التجارية وقتما تكون متاحة."
وأبطلت مثل هذه التحذيرات بشان السفر التأمين للعديد من شركات السياحة ومنها شركة ايسوكوس أند ايماجين ترافل ومقرها بريطانيا.
وقال مدير العلاقات العامة بالشركة روب ديكسون "قمنا بالغاء الرحلات حتى ايلول 2011. أجلينا مسافرين من ليبيا بالزوارق وأخرجنا اشخاصا من مصر. لا نريد مواجهة أي مخاطر."
وخسارة السياحة أقوى دليل على أن الاضطرابات أضرت بالاقتصاد السوري وأوجدت مخاوف في دمشق من ان المزيد من الناس ومنهم طبقة التجار الاثرياء قد ينضمون الى الاحتجاجات مع ارتفاع البطالة وزيادة الاسعار.
والهبوط الحاد لاعداد السياح كان له أثر امتد الي قطاعات اخرى. فالمطاعم والمقاهي تواجه صعوبات والعديد من الحافلات لا تمتلئ بالركاب خاصة المتجهة الى المزارات السياحية مثل قلعة الحصن وهي من اشهر القصور الصليبية في العالم.
وقال دبلوماسي أوروبي بارز في دمشق ان ضررا كبيرا لحق بالاقتصاد."
والى جانب اجتذاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة ركزت الحكومة السورية على قطاع السياحة في محاولة لتنويع الاقتصاد لانهاء الاعتماد على النفط الذي تتراجع امداداته ولجلب النقد الاجنبي الذي تحتاجه البلاد بشدة.
وبالاعتماد على المدن ذات المناظر الخلابة مثل دمشق وحلب باسواقها المبهرة ومساجدها المزينة ومنطقة أفاميا الاثرية التي تضم 185 عمودا رومانيا ازدهرت السياحة في سوريا في السنوات القليلة الماضية.
وتفيد بيانات وزارة السياحة بأن عدد السياح زاد بنسبة 40 % في 2010 الى 8.5 مليون زائر وشكلوا نحو 12 % من حجم الاقتصاد العام الماضي.
واجتذبت سوريا الزوار من أجزاء أخرى في الشرق الاوسط منهم زوار ايرانيون للمزارات الدينية في دمشق. لكن بعد مجموعة من حملات الترويج التي رعتها الحكومة في أوروبا جاءت الزيادة في 2010 اساسا من ألمانيا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا وهم زوار ينفقون أكثر من غيرهم.
وكان مديرو الفنادق يستعدون لموسم جيد هذا العام فحجزوا جميع غرف العديد من الفنادق بعضها لمدة ثمانية أشهر. ويقول مهندس معماري من دمشق انه كانت هناك خطط لزيادة الطاقة الاستيعابية لدمشق لتستقبل 12 ألف زائر اضافي أسبوعيا.
لكن القطاع السياحي يبدو في حالة سيئة الان. لم تعلن بعد أعداد الزوار لكن ليس هناك مجال يذكر للشك في أنها منخفضة للغاية.
وقال اقتصادي مقيم في دمشق طلب عدم نشر اسمه "السياحة هي أكثر القطاعات تضررا من الاضطرابات... عندما تصدر أعداد السياح القادمين الى سوريا ستأتي منخفضة للغاية والعديد من الفنادق اما أغلقت ابوابها أو خفضت عمالتها."
وفي السنوات القليلة الماضية اصبحت تركيا شريكا مهما لسوريا في القطاع ووقعت الدولتان اتفاقات لتشجيع السياحة. وتبيع العديد من شركات السياحة التركية والسورية برامج رحلات تشمل مزارات البلدين.
وقال مدير شركة سياحة في دمشق طلب عدم الكشف عن هويته ان عدد السياح الاتراك الي سوريا من المتوقع أن ينخفض بشدة.
وفي مواجهة تراجع اعداد الزوار الاجانب ومن المنطقة تركز وزارة السياحة السورية على تشجيع السياحة الداخلية لانعاش السياحة في العام المقبل عن طريق خفض الاسعار وتقديم اسعار تشجيعية على رحلات الطيران الداخلي. لكن مع اغلاق العديد من الطرق السريعة وفرض حظر على التجول في بلدات يفضل الكثيرون البقاء في منازلهم.
ويقول صاحب فندقين في تدمر ان المنطقة الاثرية اصبحت خالية ربما كما كانت عندما اعيد اكتشافها في خمسينات القرن الثامن عشر.
واضاف قائلا "فندقي كلاهما خاويان وخسرت المال بسرعة كبيرة. لذلك قرر اغلاقهما والسفر الى أوروبا بضعة أشهر انتظارا لتحسن الوضع... ."
أما تاجر العاديات ابو صلاح فيتوقع تحسن الاوضاع وقال بحماس "انظر الى لبنان. انها بجوار سوريا وخاضت حربا في 2006."