السيسي: مصر مستقلة بقرارها وترفض أي تدخل في شؤونها

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر مستقلة في قرارها وترفض أي تدخل في شؤونها الداخلية وأنه لن يسمح بخلق "قيادة موازية تنازع الدولة هيبتها وصلاحياتها".
وأشار السيسي في أول خطاب له بعد توليه مهام الرئاسة رسميا اليوم إلى أن مصر "ليست مدينة لأحد ولا تنتظر فضلا من أحد وقد أثبتت مرة أخرى أنها عصية على الانكسار بفضل وحدة الدولة شعبا ومؤسسات الامر الذي منحها ما يلزم من ثقة وتأييد وتمكين لتكون مستقلة القرار رافضة التدخل لأي من كان في شأنها الداخلي".
ولفت السيسي إلى أن العمل على تحقيق الأمن ودحر الإرهاب سيكون على رأس مهامه موضحا أنه "لا تهاون ولا مهادنة مع من يلجأ إلى العنف ومع من يريدون تعطيل مسيرة المصريين نحو المستقبل ولا تهاون ولا مهادنة مع من يريدون دولة بلا هيبة.. لا يمكن التصالح مع من اتخذ العنف منهجاً ومن أجرموا في حق الوطن".
وتعهد السيسي بإنجاز الاستحقاق الثالث وفقا للجدول الزمني لخارطة المستقبل والسهر على احترام السلطة التنفيذية وبناء مصر على أسس العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وقال الرئيس المصري.. "إن الوطن تعرض لتهديد حقيقي كان سيطال وحدة شعبه وسلامة أرضه إلا أن ثورة الشعب في 30 يونيو استعادت ثورة 25 يناير وصوبت المسار صونا للوطن ووحدته" معتبرا أن "الثورتين مهدتا الطريق لبداية عصر جديد في تاريخ الدولة المصرية يكرس القوة وصون السلام دفاعا عن دولة القانون والحق والعدل ويؤسس للقضاء على الارهاب وبث الأمن في ربوع البلاد مع صون الحقوق والحريات".
ولفت السيسي إلى أن مصر عاشت "فترة عصيبة" قبل الثلاثين من حزيران الماضي من خلال استقطاب حاد كان ينذر بحرب أهلية حيث تم "استغلال الدين للتستر خلفه لارتكاب أفعال تجافي صحيحه وتكون فيه الشعوب والأوطان الخاسر الأكبر" وذلك بالتوازي مع ظروف اقتصادية متردية وديون متراكمة وعجز ضخم في موازنة الدولة والبطالة المتفشية بين أوساط الشباب والسياحة المتوقفة والنقص الحاد في موارد الدولة من العملات الصعبة ونزيف في الاحتياط النقدي ونقص حاد في موارد الطاقة وتهديد لأمننا القومي يطول موردا أساسيا من موارد وجود الأمة المصرية وواقع اجتماعي لا يقل كارثية عن نظيريه السياسي والاقتصادي.
وأشار السيسي إلى أن نظام الحكم السابق ساهم في ما كان يحاك من مخططات تنال من وحدة شعب مصر وسلامته الاقليمية لتحقيق روءى مشوهة ومفاهيم مغلوطة تتنافى مع مفهوم الوطن ومصالحه وتتناقض مع تعاليم ديننا الحنيف إضافة إلى إسهامه في إطلاق دعاوى تكفير وتغذية الاستقطاب الديني الحاد بين المسلمين والمسيحيين وبين أبناء الدين الواحد.
وقال السيسي.. "أنا رئيس لكل المصريين لا فرق بين مواطن وآخر ولا إقصاء لأحد" داعيا القائمين على مؤسسات الدولة إلى تطويرها وأن تكون محاربة الفساد شعار المرحلة المقبلة.
ونوه السيسي بجهود القوات المسلحة المصرية التي تعد "مصنع الرجال" وكان لها دور أساسي في الانتصار لإرادة الشعب في ثورتي 25 يناير و30 يونيو وأحبطت المخططات التي كانت تهدف إلى هدم وتقسيم مصر موءكداً أن الجيش المصري سيظل من الشعب للشعب.
وكان السيسي أكد عزمه في كلمة له خلال حفل تسلمه السلطة من الرئيس المنتهية ولايته عدلي منصور التأسيس لمصر المستقبل دولة قوية ومحقة وعادلة وآمنة ومزدهرة وأن تشهد مرحلة البناء المقبلة نهوضا شاملا على المستويين الداخلي والخارجي لتعويض ما فات وتصويب أخطاء الماضي وإعادة إحياء دور مصر إقليميا ودوليا.
وقال السيسي "إنها لحظة تاريخية فريدة في عمر مصر التي لم تشهد على مدار تاريخها تسليما ديمقراطيا سلميا للسلطة حيث يصافح الرئيس المنتخب للمرة الأولى الرئيس المنتهية ولايته ويوقعان معا وثيقة تسليم السلطة في مناسبة غير مسبوقة وتقليد غير معهود يوثق بداية حقبة تاريخية جديدة في مصر".
واعتبر السيسي أن رئاسة مصر شرف عظيم ومسؤولية كبيرة بقيمة وخصوصية مصر بكل ما تمتلكه من عناصر قوة الدولة من الثقل الديمغرافي والموقع المتميز والإمكانيات الاقتصادية والفرص الاستثمارية.
وأشار السيسي إلى أن "مصر الجديدة ستضطلع برسالتها التي دائما حرصت عليها وهي الإسهام المباشر في تحقيق أمن واستقرار المنطقة والأمة العربية" لافتا إلى أن "نجاح الثورات يكمن في بلورة أهدافها وقدرتها المستمرة على التغيير إلى الأفضل وأن تكون فاعلة وبناءة لمستقبل أكثر استقرارا يكفل العيش الكريم ويولي الاهتمام للحقوق والحريات في إطار واع ومسؤول بعيدا عن الفوضى".
من جهته عبر الرئيس المنتهية ولايته عدلي منصور عن ثقته بقدرة السيسي على النجاح في تحقيق تطلعات وآمال المصريين بتوفير الأمن والحياة الأفضل مشيرا إلى أن هذه اللحظة الهامة كانت بفضل إصرار الشعب المصري على مواصلة مسيرته وفق خارطة المستقبل رغم محاولات العرقلة.
وقال منصور "إن الدولة المصرية بشعبها ومؤسساتها عصية على الانكسار وقادرة على تحقيق أمنها والتصدي لكل من أراد لها السوء".
وقد وقع السيسي ومنصور بعد إلقاء كلمتيهما على وثيقة تسليم السلطة بحضور عدد من قادة الدول ومشاركة مختلف القوى والأحزاب والشخصيات السياسية والرموز المصرية بالتوازي مع احتفالات شعبية في كافة المحافظات.
وفي وقت سابق اليوم أدى أدى السيسي اليمين الدستورية رئيسا لمصر لفترة رئاسية تمتد لأربع سنوات وذلك أمام أعضاء المحكمة الدستورية العليا في القاهرة وسط اجراءات أمنية مشددة.
وجرت مراسم أداء اليمين بحضور الرئيس المصري المؤقت المنتهية ولايته عدلي منصور ورئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب وأعضاء الحكومة وشيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في مصر وعدد من قادة الدول.
وكان الرئيس السيسي فاز بنحو 9ر96 بالمئة من أصوات الناخبين المصريين في الانتخابات التي جرت يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من أيار الماضي وحظي بتاييد اكثر من 23 مليون مصري بينما حصل منافسه حمدين صباحي على نسبة 07ر3 بالمئة من الأصوات.
ويشير المراقبون إلى أن الرئيس المنتخب يواجه تحديات داخلية سياسية واقتصادية وأمنية متعددة بعد نحو عام من إطاحة الشعب بحكم جماعة الإخوان المسلمين وعزل الرئيس الاخواني السابق محمد مرسي في الثالث من تموز عام 2013.
وتعتبر التحديات الأمنية الداخلية وتأمين حدود مصر هي الأبرز بعد الهجمات والأعمال الإرهابية التي قامت بها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية المحظورة والتنظيمات الإرهابية المتفرعة عنها خلال الأشهر الماضية في عدة مناطق من مصر مستهدفة المدنيين والعسكريين ما ادى الى مقتل وجرح مئات الأشخاص وخاصة في شبة جزيرة سيناء ومناطق شمال مصر إضافة إلى قيام تلك التنظيمات بنشر الخطاب التحريضي في المجتمع المصري.
كما يواجه الاقتصاد المصري صعوبات بالغة حيث يعاني من أزمة كبيرة ويحتاج إلى إصلاحات واسعة من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي ورفع مستوى معيشة المصريين وجلب الاستثمارات وإعادة الحياة إلى القطاع السياحي الذي تأثر سلبيا بأحداث مصر منذ ثلاث سنوات وكذلك إيجاد حل لمسألة الديون الخارجية للبلاد التي تصل إلى 240 مليار دولار.
وعلى الصعيد السياسي الداخلي تتطلب الأوضاع في مصر من الرئيس السيسي استعادة وحدة المجتمع المصري وفتح حوار داخلي حول حدود ومفهوم المصالحة الوطنية وشروطها بين كل أطراف المجتمع لتجنيب مصر ويلات صدامات دموية وخسائر اقتصادية هائلة إضافة إلى طرح وتفعيل الحلول السياسية ضمن الدستور الجديد للبلاد وتشكيل جبهة وطنية عريضة من الأحزاب والقوى الموءمنة بثورتي 25 كانون الثاني 2011 و30 حزيران عام 2013 تعمل كظهير سياسي للرئيس في الشارع وبين الجماهير اضافة الى القيام بالاصلاحات الادارية الحكومية بعد تسلط العناصر الاخوانية السابقة وسيطرتها على أجهزة الدولة ومفاصلها.
كما يأمل الشارع العربي في استعادة دور مصر العربي والدولي للمساهمة في حل القضايا العربية وتفعيل التضامن العربي وإصلاح العلاقات مع الدول العربية نظرا لما تمثله مصر من ثقل سياسي وعسكري وجيواستراتيجي محوري في الوطن العربي كان واضحا في التاريخ العربي الحديث منذ انتصار ثورة الثالث والعشرين من تموز عام 1952.
بوتين يهنئ السيسي بمناسبة أدائه اليمين رئيسا لمصر
إلى ذلك قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا ومصر تتعاونان بشكل وثيق في حل القضايا العالمية والإقليمية الملحة بشكل يتجاوب بالكامل مع مصالح ضمان الأمن في شمال افريقيا والشرق الاوسط ويسهم في اتخاذ خطوات بناءة لتحييد التحديات والمخاطر العامة.
ولفت بوتين في رسالة تهنئة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة توليه مهام منصبه بشكل رسمي اليوم إلى أن نتائج الانتخابات المصرية أكدت دعم الشعب المصري لبرنامج التدابير الهادفة إلى الاستقرار السياسي وإحراز نمو اقتصادي ثابت والحل الناجع للمهمات الاجتماعية الذي أعلنه السيسي معبرا عن الثقة بالحوار البناء بين الجانبين والقائم على الثقة والتفاهم.
وأعرب بوتين عن عزمه مواصلة العمل المشترك لتوطيد العلاقات بين الجانبين.