السينما المغربية تجتاح مهرجان أبوظبي السينمائي

 

خمسة افلام روائية مغربية تشارك في مسابقتي مهرجان أبوظبي السينمائي لهذا العام وتعكس حيوية الانتاج السينمائي المغربي المتنامية والتي تسهم فيها السياسة الانتاجية في مجال الفن السابع في المغرب وتبرزها مواهب جديدة تتواكب مع اخرى سبق وذاع صيتها.

وبات طبيعيا ان تحضر السينما المغربية اكثر من نظيراتها العربيات في المهرجانات الدولية والعربية. فمتوسط عدد الافلام الروائية الطويلة المنتجة سنويا في المغرب يصل الى 15 وسط تشجيع رسمي لهذه الصناعة التي تطورت في السنوات الاخيرة ويقام لها مهرجان وطني خاص منذ 9 سنوات.

وتبدو السينما المغربية في شقها الروائي بصدد احتلال المكانة التي تركتها فارغة السينما المصرية في التظاهرات الخاصة بهذه الصناعة.

وقد سجلت الافلام المغربية المعروضة في أبوظبي قوة حضور وخصوصية برزت بشكل ملفت في اعمال الشباب.

ولعل من ابرز المواهب الجديدة التي يمكن التوقف عندها، هشام العسري الذي يشارك عبر فيلمه الثاني "النهاية" في عرض عالمي اول في أبوظبي. وقد فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان الفيلم الوطني في طنجة هذا العام.

"النهاية" يشارك في أبوظبي في تظاهرة "آفاق جديدة" التي تبرز الاسماء الشابة والواعدة في اعمال اولى او ثانية من العالم.

ويقدم الفيلم بصيغة جديدة نابضة ونوعا ما ثائرة في شكلها وصيغتها، مضمونا ينم عن جرأة وتمكن ويعد بلغة سينمائية واثقة لمخرج شارك في كتابة عدد من السيناريوهات المغربية.

وتتبدى خصوصية الفيلم وحداثته في هذا المزج القائم بين سوريالية اللحظة وغموضها وقساوتها وكثافة حركتها في مدينة شبه خاوية صورت بالابيض والاسود.

هذا المستوى الرفيع من العمل السينمائي الفني ادته باسلوب مختلف ليلى كيلاني في اول عمل لها "على الحافة" الذي صور بالكاميرا المحمولة واستعار الكثير من مفردات سينما الواقع ليرسم مأساة فتيات يحاولن الحياة ما استطعن في مدينة طنجة التي تبدو من خلال عدسة كيلاني لاهثة كما شخصياتها التي لا مجال لهن فيها للراحة ولا باب يفتح على الامل.

وكانت ليلى كيلاني التي يشارك فيلمها في المسابقة الرسمية قالت في تصريحات سابقة اثناء عرض فيلمها في تظاهرة "اسبوعي المخرجين" في مهرجان كان "السينما لدي ليس فيها طقوس والواقعية التي انتهجها دين يتطلب الاحترام، يتطلب ان نخوض التحدي والا نبحث عن النفعية من خلال العمل السينمائي".

ورغم واقعيته القاسية يتضمن فيلم ليلى كيلاني شاعرية خاصة حاضرة ايضا في الفيلم الروائي الرابع لفوزي بن سعيدي المشارك ايضا في المسابقة الرسمية ويحمل عنوان "بيع الموت".

 صور الفيلم في مدينة تطوان شمال المغرب ليتناول سيرة ثلاثة شبان من الرفاق المهمشين الذين يعانون الفقر والبطالة ويحاولون بشتى السبل التغلب على ظرفهم ناقلين عبر الفيلم نبض واقعهم الهش.

يصنع بن سعيدي صور فيلمه بدقة ويسن لغة سينمائية ترتكز الى النظرة والاحساس اكثر ما ترتكز الى الكلمة راسما عبر حركة شخصياته مصائر يضيع اصحابها في محاولتهم ايجاد ذاتهم ليتراوحوا بين الانجذاب للاسلاميين واعمال السرقة والضلوع في فساد الشرطة.

ويعد فوزي بن سعيدي الاكثر حداثة بين سينمائيي جيله في المغرب وتعود تجربته الروائية الاولى الى ما قبل 15 عاما. وعرض فيلمه هذا للمرة الاولى في مهرجان تورونتو السينمائي الشهر الماضي وهو حاصل على مساعدة "سند" للانتاج من مهرجان أبوظبي.

وضمن تظاهرة "آفاق جديدة" قدم محمد العسري العائد الى السينما بعد اكثر من سبع سنوات من الغياب فيلمه الثاني "اياد خشنة" الذي يتناول بلغة بسيطة متقنة وشاعرية ايضا يوميات اشخاص عاديين وايجابيين قادرين على العيش في المدينة كما في القرية باستقامة وتضامن.

وكان العسري بعد نجاح فيلمه "فوق الدار البيضاء، الملائكة لا تحلق" (2003) الذي نال جوائز عدة عبر العالم، انصرف الى مشاريع اخرى مثل انشائه لصحيفة "المساء" في المغرب ومتابعته لانشطة تعليم السينما عبر مدرسة اسسسها وتوقفت اليوم عن العمل.

وقدم هذا الفيلم اولا في مهرجان تورونتو ليبرز كما في فيلمه الاول شخصيات تنطوي على شيء من طبائع الملائكة وفي اجواء شاعرية وبسيطة لاشخاص يحاولون بكرامة واخلاقية الارتقاء بوضعهم الاجتماعي.

وقال محمد العسري عقب عرض فيلمه ان كلفة انتاجه لم تتخط 750 الف يورو مؤكدا انه يختفي وراء كل من شخصياته الروائية وانه على هذا الصعيد يمتلك ايضا حساسية المرأة "شخصيتي في بعدها الانساني لا تختلف عن اي من الشخصيات. انا كل هؤلاء، اقدم في السينما المغربية رؤية اكثر انتماء للهوية واقدم في اعمالي شيئا آخر .لا اريد ان اكون مستهلكا".

وحول المضامين السياسية المتوارية في فليمه قال "ان الرائحة النتنة للوزير السابق العاجز الذي تضع له زوجته الحفاضات هي رائحة الانظمة العربية التي فاحت ولم يعد احد يحتملها".

ويكشف المخرج انه يريد التطرق لقصة تدور احداثها في العراق ما بعد الاجتياح العام 2003 وضع السيناريو لها قبل فيلمه الراهن لكن تنفيذها يحتاج امكانيات ضخمة "احتاج لدبابات وطائرات الجيش في المغرب ولم احصل بعد على الموافقة لتصوير هذا الفيلم".

ويشارك اخيرا في المسابقة الرسمية العمل الجديد لاسماعيل فروخي بعنوان "رجال احرار" يتناول قصة فرنسية على علاقة بالاسلام يعود تاريخها الى الحرب العالمية الثانية حيث عمل امام مسجد باريس على انقاذ عدد من اليهود. وقد اثار الفيلم الذي عرض اخيرا في الصالات الفرنسية جدلا لناحية عدد من تم انقاذهم.

لكن هذا الفيلم وان كان هاما لناحية موضوعه فقد بدا بحسب اكثر من متابع اقل فنية من بقية الاعمال التي تمثل المغرب.

 

شام نيوز - ميدل ايست اونلاين