الشباب والمشاركة السياسية... صراع أجيال نتيجته تهميش وإحباط وتطرف

يما يشكّل الشباب غالبية سكان المنطقة العربية، يبقى ان حضورهم في الحياة السياسية والحيز العام محدود جداً بالمقارنة مع أعدادهم حتى يكاد يكون غير منظور. فالأحزاب إن وجدت، لا تفسح المجال أمام وصول دم جديد إلى مناصب قيادية ومواقع مسؤولية ليظل هؤلاء مهما حملوا من شهادات وراكموا خبرات يعملون في ظل قيادات لم تتغير منذ عقود. وكما في العائلة الواحدة ينشأ صراع أجيال بين الأباء والأبناء، كذلك تشهد الحياة السياسية صراعاً مشابهاً لكمه كامن وصامت تأتي نتجيته على شكل مزيد من الإقصاء من قبل القيادات ومزيد من التقوقع واللامبالاة من قبل الشباب الذين يجد بعضهم متنفساً في العمل الاجتماعي والخيري أو يذهب إلى المغالاة الدينية أو السلوكية.
ويشكو الشباب من أن حركات الاستقلال والنضال التي شهدها العالم العربي أواسط القرن الماضي تشكلت على يد طلاب وشبان لم يتجاوزوا الثلاثين فيما هم اليوم ممنوعون من الإقدام على أي خطوة ملموسة في الشأن العام إلا إذا كانت تحت مظلة رسمية.
ولمزيد مـن التحسر على واقـعهم، يقـارن هؤلاء الـشـباب وضـعـهـم بـأقرانهم في الغرب فيجـدون أن المجـتمعات الاوروبـية التي توصـف بالهـرمـة، تـضـع ثقتها في الجيل الجديد وتوليه مسؤولية إدارة عدد من المرافق العامة ولا تمنع عنه مناصب قيادية.
وينعكس إحباط الشباب وعدم اكتراثهم للحياة السياسية في بلدانهم عندما يحين موعد الانتخابات فلا يقبلون عليها لا ناخبين ولا مرشحين قناعة راسخة لديهم بأنهم لن يغيّروا شيئاً ما. وفي حين تبرز بعض الاستثناءات التي تخرج عن عباءة القبيلة، يبقى أنها حالات لا يمكن وصفها بالظاهرة، خصوصاً أنها تأتي في الغالب تكريساً لسياسة أمر واقع وتلميعاً لصورتها.
الحياة