الشباب يركض وراء "الباء باء" والصبايا تسعى وراء "الحاء حاء"

" وينون" سؤال يتردد على ألسنة جيل الشباب كل ما سمعوا أغنية فيروز، فكل نصف يبحث عن مكمله في رحلة تشبه إخراج الشعرة من كوم طحين. فالآفاق الجديدة التي فتحتها الثورة التكنولوجية قصرت المسافات الفاصلة وأذابتها في نار العولمة لكنها أوجدت حواجز من نوع آخر، أو بالأصح لم تحطم كافة القيود؛ حيث بقيت مساحات واسعة ردمها ليس بالسهل خصوصاً أن كل يغني على ليلاه في ظل اختلاف معايير البحث التي تحددها كل فئة.

 

أولى خطوات الشاب تبدأ في البحث عن " بنت" وهي معضلة ليست بالسهلة على كافة الشرائح، فعلى سبيل المثال يقول عبود "أنا أعمل في محلي بقطع التبديل فأبدأ الساعة التاسعة صباحاً وأنتهي الثامنة مساءً فأين سأجد فتاة ألتقي بها، بالطبع لن يكون ذلك في المنطقة الصناعية، حتى يوم العطلة أقضيه في دفع بعض الفواتير أو إلتزامات أخرى وهكذا يضيع أسبوع وراء آخر".

ما طرحه عبود في عملية البحث التي لا قدرة له على البدء بها تجاوزها آخر، لكن لم تسمح له الشروط القاسية التي يضعها على عاتقة من اجتياز خطوته الأولى فالفتاة التي يبحث عنها " بنت عيلة" وهذا بالطبع ليس صعباً لكن ليس من السهل تحقيقه حين يزاد على المواصفات " أمورة فرفورة" بالإضافة إلى ذلك أن تكون " شطورة" .. وبذلك قيدت الشروط الثلاث مشوار البحث ليأتيه الجواب من جوليا بطرس "مفكر أنت العالم كلو معلق فيك ما منعرف بهالعالم شو يلي بيرضيك ... على أيَّ مواعيد ماشي تنعرف نحكيك".

 

 

على الضفة الثانية تُرفع راية " حب كبير" في وجه أي طارق لأبواب البنات و هنا تشير ديالا "أغلبية الشباب يبحث عن حب مؤقت لفترة محددة بينما أقلية تشعرك بأنك الوحيدة في حياته، وهنا لا أتحدث عن الخيانة لأن وجودها ينفي العلاقة من الأساس. ما تبحث عنه صبية مثلي هو شاب يفرح لفرحي ويحزن لحزني فهو سيشكل السند الذي يحميني من الانكسارات وبدوري أؤمن له ملجأ يرتاح فيه لنواجه ضغوطات الحياة".

فالتفاصيل الصغيرة التي تبنى عليها الآمال الكبيرة في عالم الحب النسائي ترتكز على " الحنان"، للصدفة الكلمة تبدأ بالحاء أيضاً، الذي وحده برأيهم يقف في وجه قساوة عالمنا اليوم وبذلك تشكل أغنية أيمن زبيب طريقاً إلزامياً لعبور جحيم العزلة إلى فردوس اللقاء؛ فوحدها وعود الإخلاص تترك صدى لا ينسى حين يقول: "وحياة الكون الواسع .. والناس اللي بالشوارع .. تحرم علي البنات من هالليلة و بالطالع".

 

" البنت" التي احتلت أول باء لم يوافق الصيدلي كميل عليها فقد رأى أن " بيت الزوجية" هو الأساس؛ حيث أكد أن " البيت بيجيب البنت" فالواقعية برأيه هي الأساس في ظل أوضاع اقتصادية لا تسمح بمغامرات مجهولة، ولأن أسعار العقارات ناطحت سحب السماء أصبح من غير السهل أو من المستحيل، على حد قوله، تأمين حتى الدفعة الأولى لأخذ قرض على البنك، لتعود وتتشابك خيوط المشكلة. وعن السؤال إذا ما كان الحب الكبير الذي تطمح إليه البنات يسهم في حل المشكلة؟ أجاب: "ما تحلم به بعض الفتيات هو شباب لعوب تصدقه دون أي تفكير واقعي ثم تصحو على صدمة كذب اسهموا هن أيضاً في صنعها" ليصُح بذلك ما يقوله ملحكم بركات حين يغني " صاير كذاب اللي بحبوا .. قاتلني كذبو وبحبو .. صاير كذاب".

 

الواقعية التي أشهرت كسلاح للجنس الذكوري صدت بمتراس أنثوي دفعهن إيضاً إلى الإشهار عن " حلم آمان واستقرار"، فتطلعات البنات وآمالهن ليست متروكة في الهواء الطلق. فإذا كانت بنظر البعض خيالية، يراها آخرون عمق الوجدانية التي يتميز بها الجنس البشري عن سواه؛ حيث تعتبر لارا "صحيح أنها تفضل الشاب المهضوم، على اعتبار أن البنت تحب من يضحكها، لتأتي شخصيته وما يتركه من انطباع في المرتبة الثانية ليحل بعد ذلك الجمال فيما يشكل الجانب المادي آخر الاهتمامات. تعود لتؤكد أن كل ما تحلم به شخصياً هو حب تعيشه في شبابها وتكتنز منه ذخيرة للأيام القادمة فما أجمل من البقاء في حال هيام حتى آخر ساعات العمر".

 

" البنت و البيت" لم يشكلوا آخر المطاف فجعبة الشباب ما تزال تحوي معضلة " باب العمل" الذي لم يترك كثير منهم مجالاً إلا ودقوه لكن لا تفتح أبوابه إلا لأصحاب الفيتامين "واو".

من جهة الجنس اللطيف فإن آمالهم التي توصف بالخيالية لتضمنها " الحب والحلم" تبقى أفضل من التهم الموجهة إليهم بوصفهم يريدون " حمار يطنبروه". فاحتياجات الصبية تختصر بتأمين " حماية" تستظل فيها من غدر الزمان؛ حيث تعتبر خطوة الارتباط نوع من شراء السمك بالماء.

 

يبقى أن نشير أن الطموح بحياة سعيدة يحتاج إلى سند واقعي يأسس لمسيرة الحياة على أن يغذى بشعور وجداني يضفي بسمة على مدى الأيام، وبذلك يمكن أن يجتمع من كل معادلة حرف لينتج أقدس شعور إنساني وهو " الحاء +الباء".

 

 

 

 

جاك برصوم- شام نيوز- حلب