الشعب "الصينية"- الصين مصنع العالم

 

بعد أكثر من خمسين عاما من النمو الصناعي الصيني، ازداد حجم الإنتاج الصيني للمنتجات الصناعية الرئيسية بعشرات الإضعاف حتى بمئات الإضعاف لبعضها. وتصدر أنواع عديدة من المنتجات الصناعية إلى مختلف أنحاء العالم. وظلت كمية إنتاج الصين لكل من الحديد والصلب والفحم والأسمنت والأسمدة والأجهزة التلفزيونية تحتل المركز الأول في العالم منذ عام 1996.

 



وحالياً، أصبحت الصين "مصنع العالم"،بلا منافس. واندفعت سريعاً لتحتل مكان الاقتصاد الألماني مهددةً خلال سنة 2010م بدفع اليابان إلى الوراء لتقف وجهاً لوجه أمام الولايات المتحدة. وقد فرضت المنتجات الصينية (صنع في الصين) نفسها على كل دول العالم،ولا يخلو أي بيت في العالم إبتداءاً من العالم المتقدم وصولا إلى العالم الثالث من السلع والمنتجات الصينية، لكن نظرة العالم إلى " مصنع الصين " مختلفة ،وحتى نظرة الصين نفسها إلى المستوى التي وصلت إليه مختلف.

 



يحتاج( مصنع العالم )إلى ظروف عددية إذا ما نظرنا إلى التجربة الأمريكية والبريطانية واليابانية.فأهم الشروط التي يحتاجها ( مصنع العالم ) هي:القدرة على الإنتاج الصناعي، البحث والتطوير،القدرة على الابتكار التكنولوجي،ورفع بمستوى إدارة المؤسسات المماثلة في العالم،طليعة الصناعة. كما أن الصادرات الصناعية المتمثلة لنسبة كبيرة من مجموع صادرات العالم، يمكنها أن تؤثر أو حتى تحدد العرض والطلب في الأسواق العالمية،حيث تتجه الأسعار مع اتجاهات الأسواق مستقبلا.بالإضافة إلى أن الإنتاج الزراعي ليس فقط مجرد توفير مجموعة واسعة من السلع الشاملة في العالم،بل يساهم في دفع وتطوير العلم والتكنولوجيا في العالم ،بالإضافة إلى رفع الحضارة الصناعية على مستوى جديد.

 

 



وعليه يمكننا القول، أن مقارنة الصين بصفتها مصنع العالم الحالي مع مصنع العالم السابق، مهما يكن من الناحية النوعية أو الكمية فانه لا تزال هناك فجوة كبيرة. فمنذ فترة طويلة كان “ صنع في الصين" مرادفاً للمنتجات الرخيصة. كما أن نسبة الشركات التكنولوجيات الأساسية ذات حقوق ملكية فكرية مستقل منخفضة جدا حالياً، حيث تعتمد أكثر من 50% منها على التكنولوجيا الأجنبية في صناعتها، وهذا يمثل حوالي 5% فقط مقارنة مع ما كانت عليه الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ( مصنع العالم ) سابقاً. وهناك العديد من الشركات الصينية لا تملك العلامات التجارية والتصاميم المستقلة وغير مؤهلة للتكنولوجيا الجوهرية، واعتماد على إنتاج القطع الأصلية لكسب الربح الضئيل.

 



تعتبر شركة الدمى باريي وiPad الشركتين الصينيتين الأكثر تمثيلا للمنتجات المصنعة أصلياً. وحالياً، فإن منتجات دمى باريي الموجودة في معظم أسواق العالم هي صينية الصنع، وإذا كان سعر الدمية الواحدة 10دولار أمركي، فإن 8 دولار أمريكي ربح للشركة الأمريكية التي تملك العلامة التجارية، في حين أن الشركات الصينية تحصل على 35 سنتا فقط من صناعاتها. أما بالنسبة لجهاز iPad ،يبلغ السعر الأدنى للجهاز الواحد الذي يحمل علامة "صنع في الصين" في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 499 دولار أمريكي، ومع هذا فإن بيع جهاز واحد من iPad لا تربح شركة فوكوسكون ومصنعها في شنتشن سوى 9 دولار أمريكي. ومن جهة أخرى، وبالرغم من أن صناعة الدمى باربي وiPad من طرف الشركات الصينية قد رفعت من المستوى التكنولوجي بشكل ملحوظ ، لكن النسبة الإجمالية لدخل الصينيين قد انخفض.

 



وبالنسبة للصراع حول تقسيم العمل الدولي، يبقى في النهاية مصنع العالم الماضي المتمثل في أمريكا وبريطانيا واليابان المسيطر الرئيسي على أعلى نسبة من حصة التقسيم، وأن تكون الصين " مصنع العالم " اليوم، لا يجب عليها أن تقف مفعمة بالهواجس والظنون وغير قادرة على اتخاذ القرار، بل يجب أن تتجاوز حواجز التجارة والفجوة التكنولوجية مع الدول المتقدمة، بالإضافة إلى خطر ظهور الهند والمكسيك وأوروبا الشرقية التي تعمل على انخفاض تكاليف الإنتاج حتى تتنافس مع الصين وتحل محلها. ويتعين على الصين أن تغير من نمط التفكير من أجل تحقيق هدف تحويل " صنع في الصين " إلى " اخترع في الصين"، ومن " مصنع العالم " إلى " قاعدة ابتكارات العالم"

 

جريدة الشعب الصينية