الصباح "التونسية" - حيل المهربين

 

 

  

كانت إجراءات تسجيل المسافرين على متن الرحلة الجوية المتجهة نحو مالطا من مطار تونس قرطاج يوم 27 جوان المنقضي تتمّ بشكل طبيعي في منطقة تسجيل الأمتعة عندما  أثارت ملامح التوجّس البادية على قسمات وجه أحد المسافرين المغاربيين وحالة الارتباك التي كان يبدو عليها في نفس العون الفطن الريبة وبالرغم انه أعاد تفتيش حقيبة اليد التي أمامه ولم يجد شيئا إلا أن حنكته وحسّه الأمني جعلا شكوكه تحوم بشدة حول المسافر الذي بدأ في الاحتجاج عن تعطيله ليشوّش ذهن عون الديوانة الذي انهمك مجدّدا في فحص إحدى الحقائب بدقّة متناهية...

يداه كانت تجسّ زوايا الحقيبة وفجأة انتبه إلى كون إحدى الزوايا محشوة بشيء لم يتبينه باعتباره وضع بدقة تمنع أي أحد في أن يساوره الشك في وجود شيء غير طبيعي وعندما تبيّن له أن ظنّه كان في محلّه وشكوكه لها ما يبررها... انتحى بالحقيبة جانبا لتسهيل مرور باقي الحقائب التي تولّى زميله أمرها، وبدأ في سبر أغوارها التي أفضت إلى مفاجأة من العيار الثقيل... أكثر من ثلاثة كيلوغرام من مخدّر الهيروين مخفية بإحكام داخل كيسين من البلاستيك بالحقيبة اليدوية للمسافر المغاربي القادم من بلد شقيق والعابر إلى مالطا وقد كيّفت العملية كمحاولة تصدير بدون إعلام لبضاعة محجّرة تحجيرا باتا ومصنفة كمادة مخدّرة مدرجة بالجدول ب بمقتضى القانون عدد52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلّق بالمخدرات...

المحروقات اختصاص برّي

تعتبر تونس من بين الدول التي يفتح مجالها على الواجهات الثلاثة البرية والبحرية والجوية حيث تحتكر كل وجهة أصنافا معينة من التهريب وتبقى الواجهة البرية من الواجهات التي تشهد محاولات اختراق يومي...

وقد يزيد الظرف الاقتصادي العالمي في تنشيط أعمال التهريب فأمام ارتفاع سعر المحروقات في الأسواق العالمية وبالتوازي في السوق المحلية نشطت محاولات تهريب هذه المادة على حدودنا مع دول الجوار ممّا أسفر عنه ضبط كمية محروقات ناهزت سنة 2009 مليون و80 ألف لتر وفي الثمانية أشهر الأولى من 2010 ما يقارب 508 ألف لتر سرّبت في معظمها من معبر حدودي صحرواي عبر صهاريج محمّلة بشاحنات تدخل إلى بلادنا دوريا في إطار اتفاقيات تبادل تجاري مع دول الجوار...ففي أحد أيام الصيف المنقضي انتبه عون الديوانة المتواجد على أحد المعابر الحدودية المعروفة والتي تشهد حركة جولان متزايدة إلى كون شاحنة البضائع التي توقفت بالقرب منه لإتمام بعض الإجراءات الجمركية بها لبس ما...انتبه إلى كون شكلها به شيئ  غير مألوف...دقق النظر أسفلها ليلاحظ وجود صهريج أسفل المقطورة بدون أن يكون له ما يبرّر وجوده...أمر السائق بالنزول بعد ركن الشاحنة على جانب الطريق وطلب من زميله الحضور وانطلقوا في تفحّص السيارة ليكتشفوا صهريجا مملوءا بالبنزين ومحكم الغلق وبتضييق الخناق على السائق الأجنبي اعترف أنه دأب على إدخال المحروقات المهرّبة خاصّة وأن الشاحنة مجهّزة بأكثر من صهريج ويسهل تزويدها بما شاء لها من لترات من المحروقات المهرّبة  التي تباع بأسعار بخسة وفي بعض المناطق الداخلية على قارعة الطريق...

سجائر العجلة الخامسة

إلى جانب المحروقات ينشط المهربون عبر الحدود البرّية في تهريب السجائر التي قدرّت الكميات التي وقع ضبطها في سنة 2009 ب57 ألف خرطوشة ليرتفع في الثمانية أشهر فقط من السنة الجارية بحيث تمّ حجز 57.5 ألف خرطوشة وغالبا ما تتمّ عمليات تسريب هذه المواد في السيارات بطريقة فنية لا تلفت الانتباه...

فالمهرّبون يعمدون إلى حشو الفراغات في هيكل السيارة بعلب السجائر. ومن أطرف عمليات الحجز تلك التي كان بطلها مواطن تونسي قادم من قطر مجاور فعندما أوقفه عون الديوانة في الطريق للتثبت من الوثائق كإجراء روتيني لفت نظر العون ارتباكه واضطرابه غير المبرّرين وتلكؤه في الكلام بحيث عجز عن نطق جملة مفيدة , تركه العون قليلا وعاد لسؤاله بعض الأسئلة التقليدية إلا أن حالة الضيق التي بدت عليه ورعشة يديه جعلت الشك يساور العون في كون هناك أمر ما يخفيه ...وليقطع الشك باليقين طلب منه فتح الصندوق الخلفي للسيارة أجابه مصعوقا وبتلعثم «علاش فركسوني في الحدود» وإزاء إصرار العون لم يجد صاحبنا بدّا من فتح الصندوق الخلفي...عين العون الفاحصة لم تلقط ما يثير الريبة إلا أن حسّه الأمني لم يدحض شكوكه بل دعمها وهو يلاحظ بطرف عينه كيف كان العرق يتصبّب من المعني بالأمر...أعاد فحص السيارة بدقة وعندما وضع يده على العجلة الاحتياطية انتفض المسافر وبدأ في تشنيف أسماعه بحكاية مسقطة لا تتماشى والموقف كأنه يريد إلهاءه... لم يعر كلامه أذنا صاغية وأعاد فحص العجلة بدقة ليكتشف وهو يحرّكها أن بها شيئا غير طبيعي خاصة عند دحرجتها...وفعلا كانت شكوك العون في محلّها لأنه عند فتحها تبيّن أنها محشوة بأنواع فاخرة من السجائر... والى جانب ما يتم حجزه من كميات هامة من  السجائر نجد كذلك المعسّل والجيراك حيث تم  سنة 2009 حجز ما يقارب 43 ألف خرطوشة و22.5 ألف خرطوشة خلال الثمانية أشهر المنقضية من 2010.

للجوال واللعب نصيب من التهريب

كما طالت عمليات التهريب الهواتف الجوالة التي تسرّب في حمولات معدّة لأغراض أخرى حاصلة على التصريح الديواني وقد وقع سنة 2009  ضبط ما يناهز 2400 هاتف جوّال ليرتفع العدد بدوره خلال الفترة المنقضية حتى  2010  الى حدود2755  هاتف جوّال... هذا كما نجد محاولات تسريب عبر الحدود البحرية خاصّة وتحت غطاء بضائع أخرى كالمواد الغذائية للعب الأطفال حيث تمّ سنة 2009 ضبط ما يربو عن 5800 لعبة أطفال و4700 لعبة خلال السنة المنقضية من 2010.

«الفكرون» التونسي  بـ 260 أورو

تتضمن الثروة الحيوانية التونسية عددا من الحيوانات المحمية وطنيا والتي قد تكون مهدّدة بالانقراض ولعلّ تنوّع المنتوج وندرته أسال لعاب المهربين الذين أغراهم ما سيجنونه من وراء التفريط في ثروتنا الحيوانية لزبائن أجانب وهو ما دفع بعضهم للانقضاض على أكثرها مسالمة وأقلها ضراوة ليحاول تسويقها في السوق الغربية وقد ضبط أعوان الديوانة مسافرا تونسيا عنّ له وهو يغادر تراب الوطن أن تكون السلاحف التونسية الصغيرة رفيق عودته وفاته أن جهاز الكشف بالأشعة في ميناء حلق الوادي الشمالي والذي تخضع له وجوبا كلّ السيارات العابرة للميناء هي له بالمرصاد وقد فوجئ عون الديوانة بتلك الأجسام الحية الصغيرة التي تتحرّك أسفل السيارة التي يراقبها بالأشعة من خلال الشاشة التي كان أمامه...أجسام حية اتضح عند فتح هيكل السيارة السفلي أنها عشرات من السلاحف البرية الحارقة الى فرنسا دون تأشيرة ولا تذكرة سفر ليباع الواحد منها تقريبا هناك بما يقارب 260 أورو...

«حارق»... ممنوع من الجلوس

قد تغري الهجرة بعضهم إلى حدّ المجازفة بالحياة في سبيل تحقيق حلم غالبا ما ينتهي بمأساة سواء كان موتا زؤاما يتربّص به في كل خطوة إلى غايته المنشودة ألا وهو بلوغ الضفة الشمالية من المتوسّط أو ينتهي به الأمر قابعا بأحد سجون بلد الهجرة أو العبور أو الوصول... وقد تفتّق خيال البعض عن حيل جهنمية لتحقيق غايتهم من ذلك أنه تمّ ضبط ثلاثة مهاجرين أفارقة في شاحنة كبرى لنقل البضائع دخلوا بلادنا خلسة تمهيدا لعملية «حرقة» عبر حدودنا البحرية والطريف في هذه العملية أن هؤلاء قطعوا مسافة لا يستهان بها وقوفا في مكان ضيّق خصّص لعملية العبور في الفراغ الموجود بين المقطورة الكبرى للشاحنة ومقطورة السائق وعندما كشف أمرهم كانوا في حالة يرثى لها خائري القوى منهكين  بالكامل...

 «فودكا» في طرود بكرات خيط

ساعد جهاز كشف الأشعة المتطوّر بتاريخ 10 جويلية المنقضي  مصالح الديوانة بميناء رادس من ضبط كميات معتبرة من المشروبات الروحية والتي هي عبارة عن قوارير «فودكا» روسية مهرّبة في طرود بكرات خيط وهي البضاعة التي أعلن عليها المورّد  الايطالي الجنسية المقيم بتونس وقد ناهزت الكمية المحتجزة 2016 قارورة ظهرت جلية عبر أجهزة الأشعة ملفوفة بالخيوط ومحمّلة في الطرود التي تحويها الشاحنة المشبوهة. كما تمّ ضبط كمية أخرى من المشروبات الروحية وهي عبارة عن قوارير مختلفة الأنواع ومنها الأجود كالويسكي بتاريخ 27 جوان المنقضي  بميناء حلق الوادي الشمالي أثناء قيام أعوان الديوانة بعملية تفتيش ومراقبة  للمسافرين ووسائل نقلهم والقادمين من مدينة «بلارمو» الايطالية على متن الباخرة «زوس بالاس» حيث تمّ حجز 471 قارورة مشروبات روحية مختلفة الأنواع مخفية بإحكام بجوانب وبأسفل عربة «كرفان» أو ما تعرف بالمنزل المتنقّل لصاحبها الايطالي الذي تمسّك بكون ما حجز هو مؤونة استهلاكه الشخصي.

27  كيلو زطلة في 8 أشهر

وتبقى  المخدّرات من  الممنوعات التي تستنبط لها كل يوم حيل لتهريبها دون إثارة شبهة مسكها  الاّ أن عيون أعوان الديوانة تبقى بالمرصاد لكل محاولة تهريب خاصّة عبر نقاط العبور المعهودة كالمطارات و الموانئ أمّا في ما يتعلّق بالحدود البرية فان امتدادها  وصعوبة تضاريسها الجغرافية تعيق عملية مراقبتها أحيانا فتتسرّب كميات لا يعلمها إلا الله...ورغم ذلك تمّ ضبط كميات معتبرة من مخدّر الشيرة (الزطلة) في عمليات نوعية من ذلك أنه بتاريخ 25 سبتمبر المنقضي وأثناء القيام بعملية مراقبة وتفتيش المسافرين ووسائل نقلهم بالمكتب الحدودي بتمغزة عند الخروج في اتجاه الجزائر تم حجز 113 صفيحة من الزطلة تزن حوالي 27 كلغ ملفوفة داخل أكياس بلاستكية في الصندوق الخلفي للسيارة المملوكة لتونسي وكانت الكمية موضوعة بطريقة يصعب كشفها بين السطح الخارجي والإطار الداخلي للسيارة إلا أن ارتباك السائق واضطرابه قاد إلى كشفها.

الصباح