الصباح "العراقية"- صيام العراقيين بسوريا

يأمل العراقيون المقيمون في سوريا أن تنتهي غربتهم سريعا لكي يعيشوا الأجواء الرمضانية داخل وطنهم وبين أهلهم وأصدقائهم، إذ يرى الكثير من العراقيين أن رمضان في بلادهم يمتاز بنوع من الحميمية والألفة وتعاون الناس مع بعضهم البعض



وهي أمور لا يمكن ان توجد في بلاد الغربة، ولذلك فإن حنين العراقيين في سوريا إلى وطنهم سيبقى مستمرا خاصة في شهر رمضان لأن هذا الشهر الفضيل يذكرهم بأجواء اجتماعهم بالعائلة والأصدقاء، تلك الأجواء التي لا يمكن أن تعوض، وقد التقينا بعدد من العراقيين المقيمين في سوريا لمعرفة أوضاعهم وأحاسيسهم في هذا الشهر المبارك.

محنة الانتظار
ساجدة أرملة وأم لخمسة أطفال، تقول: (لقد أقبل علينا شهر رمضان وما زلنا نعاني المحنة في غربتنا، فالأنتظار قد طال وحياتنا أصبحت عدما ولذلك أريد العودة الى بلدي) مبينة أن (اجواء رمضان في العراق ليس لها مثيل، فهناك الجار يسأل عن جاره، ويتفقد الغني المسكين، فيما تعلو أصوات المآذن بالترحيب والتهليل والناس يتجولون في الأسواق للتبضع والتهيؤ للصيام. أما هنا فحالنا قد تغير كثيراً، وأغلب الأرامل لم يحصلن إلا على مؤن المنظمات الإنسانية والتي لا تكفي لسد الحاجة).

غلاء الأسعار
من جهتها تشير أم دلير من ديالى إلى معاناتها في ظل ارتفاع الأسعار حيث تقول: (إنها السنة الخامسة لنا في دمشق، ولا شك أن العالم بأسره يشهد تزايدا للأسعار خصوصا عند حلول شهر رمضان الكريم والعيد الذي يليه لكن المشكلة تتضاعف في الغربة خاصة لمن لا يمتلك مصدر رزق ثابت)، مضيفة: (نحن نعاني كثيراً فقد منعت عنا مساعدات الجمعيات الخيرية بسبب بعض المشاكل التي افتعلت، وكان المقصود منها بالدرجة الأساس النيل من اللاجئين. فيما تؤكد أم سناء أن (الصائم في رمضان يحتاج الى الأطعمة المميزة، والأجواء الروحانية وكل هذا افتقدناه في ديار غربتنا، إذ لا نجد موائد رمضان التي كانت توصف في العراق بالموائد الخيرية، ما جعل رمضان يمر على الأرامل واغلب العوائل العراقية دون تذوق اللحم إلا مرة أو مرتين، أما العدس فهو الآخر بات اليوم من المواد الصعبة علينا، فسعر الكيلو غرام منه يزيد عن الدولارين ونصف الدولار، أما أسعار اللحوم التي كانت قبل رمضان حوالي 7 دولارات ونصف وأحيانا أقل، أرتفعت في رمضان إلى أكثر من 12 دولاراً للكيلو غرام الواحد. وهكذا بقية السلع).

مساعدات شحيحة
اما أبو خديجة (44عاما)، فقد تحدث قائلا: (منظمات المساعدات القائمة على خدمة الفلسطينيين لم تمنع المغتربين العراقيين من خيراتها فقد بات اليوم أبناء الشعبين يتقاسمون خبز عيشهم إذ تقوم هذه المنظمات بتوزيع وجبة إفطار قبل وقت الإفطار وفي مساجد محددة فتجد الأيتام والأرامل مصطفين في طوابير ينتظرون دورهم لتسلم وجبة الافطار ما يجعل الأمر ومن خلال هذه الصورة يدمي القلوب). متسائلاً: (أين كان هذا الشعب وأين أصبح؟، فالعراق كان بلد الخير الذي كان يفيض من خيراته على المحتاجين والمساكين ومائدته كانت تضرب بها الأمثال في بلدان الجوار قبل ان تنتهي الى قطعة من الخبز وإناء صغير لا يكاد يسد رمق طفل صغير).

أوضاع صعبة
وفي السياق ذاته تسترسل أم جهينة (أرملة) حيث تقول:(أنا أم لولدين ولي بنت في الثانية عشرة من عمرها أما إبني الكبير ذو الخامسة والعشرين عاما، فقد حصل على لجوء في أميركا تاركاً الحمل على أكتافي وحدي وذلك كله بسبب قرارات اللجوء المجحفة بحق العوائل العراقية فبعد أن تمزقت العوائل بسبب هجرتها ازدادت تمزقا أكثر بتفريقها من خلال قرارات اللجوء وقبول أشخاص من العائلة دون آخرين).
وأضافت ام جهينة: (نحن لا نشعر بشهر رمضان منذ هجرتنا الى دمشق و تركنا البلاد مغادرين ومودعين كل شيء فقد كان رمضان في العراق يمتاز بطعم جميل وأتذكر كيف كنا نستقبل هذا الشهر بلهفة وشوق أما الآن فنحن نستقبله بالدموع والحرمان والغربة).
من جهتها تقول غادة الكوفية: (لقد طال حرمان أطفالنا المساكين والذين لا ذنب لهم بكل ما جرى فنحن تعودنا ان نأكل ما نشتهيه في رمضان لكننا الآن لا نستطيع ذلك بسبب وضعنا الصعب)، لافتة الى (اننا أستغنينا عن كل طقوس وعادات رمضان التي تعودنا عليها في بلادنا، فغلاء الأسعار وشدة الحاجة جعلتنا نجلس في منازلنا خوفا من احراج أنفسنا أو خوفاً من طلبات لا نستطيع توفيرها لأطفالنا
فيما أشارت أم إقبال ( 38عاما) الى أن حالة الحرمان والعوز حولت حياة العراقيين إلى صورة لا تطاق، حيث قالت: (أن كثرة اللاجئين في سوريا ولدت الكثير من المشاكل مثل ارتفاع أسعار الإيجارات والأطعمة والألبسة الى أضعاف ما كانت عليه) لافتة الى أن (عيوننا وقلوبنا ما زالت تتطلع إلى العودة ونحن هنا نطالب السلطات العراقية ان تحل مشاكلنا فقد حان الوقت الآن لوضع حد لما نحن فيه فإذا لم يجدوا حلا لمشكلة عودتنا فليضعوا حلا على الأقل لمساعدتنا مؤقتا).

الصباح - شاكر المحمدي - 23 - 8 - 2010