زياد غصن

الصحافة.. حجة لنا

اقتصادية

الأحد,٠٣ تموز ٢٠٢٢

 
زياد غصن - شام إف إم
 
في أواخر تسعينات القرن الماضي، جمع زميل صُحفي مختارات من مقالات منشورة لأكثر من 97 صُحفياً سورياً يعملون في الصحف الرسمية الثلاث، ونشرها في كتاب حمل عنوان "غيض من فيض".
المقالات المختارة، والتي أعاد الكتاب نشرها عبر صفحاته التي وصل عددها إلى 600 صفحة ، كانت عبارة عن تحقيقات ومواد صُحفية ناقدة للوضع الإقتصادي والإجتماعي، ولحالات الفساد في مؤسسات الدولة والقطاعين العام والخاص.
في تقديمه للكتاب المذكور، يروي الدكتور صابر فلحوط رئيس اتحاد الصُحفيين السابق أن الرئيس حافظ الأسد أعطى حواراً لنقباء الصِحافة العربية خلال المؤتمر الرابع لاتحاد الصُحفيين العرب عام 1974، وأثناء حديثه معهم تناول عن يمينه كراساً كان قد طبع في بلد عربي، وحمل عنوان: "شهادات كتاب سورية في النظام السوري".
احتوى الكراس على ما نشر في الصِحافة السورية من مقالات ناقدة للسياسات والإجراءات الحكومية، ومطالبة بمحاسبة المقصرين والمهملين.
ويضيف الدكتور فلحوط أن الرئيس، وبعد أن شرح الأهداف غير البريئة لناشري الكراس المذكور، قال عبارة شهيرة: هذا الكراس هو حجة لنا، وليس حجة علينا.
في مسيرتها الممتدة عبر عقود طويلة، قبل التأميم وخلاله وبعده، واجهت الصِحافة السورية تحديات كثيرة بدأت بمفاعيل قرار التأميم وصولاً إلى استباحتها كمهنة فإيقاف بضع صُحف كانت لا تزال تصدر مطبوعة قبل حوالي عامين، هذا فضلاً عما عاشته من مناخات متباينة من حيث هوامش الحريات المتاحة، سقوفها، والتدخل الحكومي فيها.
لكنها رغم كل ذلك، بقيت تصارع، وتقاوم في مسعاها لإحداث ذلك الأثر المجتمعي، وتخرج صُحفيين كثر تركوا بصمات واضحة في مسيرة مؤسسات صحفية عربية وعالمية.
لا أقول إن صِحافتنا كانت بأفضل حال، وأنها سبقت نظيراتها في مصر ، أو لبنان، أو الجزائر، إلا أنها كانت بمحتواها القريب من الناس متقدمة على صِحافة دول عربية لم تعتد على انتقاد حكوماتها، أو الإقتراب من قصص فساد مؤسساتها.
لذلك، وعلى ثقل المهمة وحاجتها للوقت والدعم، فإن الفرصة لاتزال سانحة لإعادة ضجيج الحياة إلى الصِحافة الوطنية، والبناء على ذلك النسغ الذي حتما سيورق يوما ما.
دمتم أبناء هذه الأرض بكل خير