الصراع العربي السوري في ذروته والكلمة الاخيرة لمن يحسم ميدانيا..

مرةً جديدة يحضر الملف السوري مادة وحيدة على طاولة مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ومرة جديدة يعلن المندوب السوري لدى الجامعة العربية رفض بلاده لقرار الجامعة جملة وتفصيلا، لتعود بذلك الأزمة السورية إلى مربعها العربي الاول، في وقت تشهد فيه هذه الأزمة تطورات دبلوماسية وأمنية متسارعة يختصرها المشهد الراهن بعنوانين أساسيين لم يتطرق اليهما الوزراء العرب إلا من خلال النظريات والأمنيات التي لا تبدل في الواقع شيئا.
العنوان الاول هو إسقاط روسيا والصين لأي إمكانية لتدخل أممي عسكري في سوريا، والثاني يتمثل باستمرار الجيش السوري بعملية الحسم العسكر, بحيث يتحدث المتصلون بالعاصمة السورية دمشق عن هدوءٍ نسبي قياسا بالايام القليلة الماضية، وذلك بعد أن تمكن الجيش من تعطيل حركة المسلحين في بعض المناطق والقرى، على حدّ تعبير هؤلاء.
غير أنّ الهجمة العربية استمرت على شراستها من خلال دعوة الجامعة الأمم المتحدة إلى إرسال قوات حفظ سلام إلى سوريا وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، فضلا عن تشديد العقوبات عليها، ما يؤكد النظرية القائلة بأنّ بقاء نظام الرئيس بشار الاسد يعني رحيل الانظمة العربية التي عملت على إسقاطه، وهذا بدوره ما يبرر الهجمة العربية والخليجية الشرسة المتدرجة صعودا منذ اندلاع الاحداث السورية في شهر آذار الماضي.
وبدا واضحا بحسب مصادر دبلوماسية عربية متابعة أنّ المجموعة العربية تحاول الاستفادة من المدة الباقية لرئاسة قطر الدورية للجامعة العربية من خلال تشديد الضغط على سوريا وعزلها عربيا وإقليميا ودوليا قبل انتقال رئاسة الجامعة في آذار المقبل إلى العراق المتعاطف مع سوريا، حيث من المرجح أن تتبدل الصورة ولو تدريجيا، وبالتالي إضافة المزيد من النقاط الرابحة في رصيد النظام السوري.
في المقابل، برز الاعلان السوري عن تلقي الرئيس بشار الاسد النسخة المعدلة من الدستور السوري، التي تلحظ صراحة إلغاء البند المتعلق بحكم حزب البعث، وذلك بالتزامن مع الاجتماع العربي، وقبيل صدور مشروع البيان الختامي، ما يعني أنّ الحكومة السورية كانت على بينة من القرارات المفترضة، ولم تشكل بالنسبة لها أية مفاجأة، خصوصا أنّ البعض يعرب عن اعتقاده بأنّ عمليات الحسم العسكري قد تسبق كل المشاريع العربية والاممية، بحيث يأتي القرار العربي بسحب المراقبين العرب بمثابة الاعتراف الضمني بفشل المهمة العربية، وتاليا فإنّ أيّ لجنة مفترضة ستنحصر مهامها في مراقبة وقف اطلاق النار، بما يعني أنّ هناك تدبيرا ما للاعلان عن وقف العمليات، وذلك بعد انتهاء القوات الأمنية السورية من تنفيذ مهام القضاء على المسلحين، وهذا ما قد يتطرق اليه وزير الخارجية السوري في معرض رده المفترض على قرارات الجامعة، مع الاشارة إلى ان الوزير المعلم كان قد تولى مهام الرد على المقررات العربية بمؤتمرات صحافية مطولة بعد انتهاء كل اجتماع عربي وزاري.
ولم تستبعد الأوساط أن يردّ الرئيس الاسد شخصيا هذه المرة، لاسيما أنّ الخطورة تكمن في إمكانية اعتراف الجامعة العربية بالمجلس الوطني السوري، وذلك بالتزامن مع القرب من الانتهاء من الأعمال العسكرية من جهة، والاعلان عن الدستور السوري الجديد، ما يعني أنّ العرب أعلنوا بشكل او بآخر عن تقسيم سوريا سياسيا، مع الاشارة إلى أنّ المعارضة لا تسيطر حتى الآن على أيّ محافظة يمكن الانطلاق منها لاعلان كيان سياسي وأمني مستقل.
ومع ذلك تعتبر المصادر عينها أنّ لب الوضع السوري يكمن راهنا بما يجري فعليا على الارض، لاسيما أنّ هناك من يؤكد بأنّ الاعلان عن الانتهاء من الحسم العسكري سيترافق مع الاعلان عن تحديد موعد جديد لبدء حوار وطني على أساس النسخة المعدلة من الدستور.