الصفحة الأخيرة

الصفحة الأخيرة

اقتصادية

الأربعاء,٢٧ تموز ٢٠٢٢

زياد غصن - شام إف إم


سلامات

ليسَ هناك من سبيلٍ لمواجهةِ ظاهرةِ التهريبِ إلا باتباع طريقين:

الطريقُ الأولُ، ويتمثلُ في إعادة النظرِ بطرقِ وآلياتِ مكافحةِ التهريب. فما هو قائمٌ لم يعدْ مجدياً، والدليلُ على ذلك أنَّ السلعَ المهربةَ تصلُ اليومَ إلى الأسواقِ الداخليةِ، وبكمياتٍ ليست بالقليلة.

الطريقُ الثاني، ويتعلقُ بضرورةِ معالجةِ الأسبابِ الاقتصاديةِ للظاهرةِ، والتي لا تقفُ فقط عند مراجعةِ سياسةِ الاستيرادِ المتبعةِ أو الدعمِ الحكومي المقدمِ لبعضِ السلعِ؛ وإنما الأهمُّ أيضاً مصادرُ الدخلِ البديلةِ.

في أوائلِ التسعيناتِ، كانت الزراعةُ بديلاً اقتصادياً مناسباً لانحسار التهريبِ عن مناطقَ حدوديةٍ واسعةٍ، ولهذا دعمتها الدولةُ بكل ما تستطيع؛ فقدمتِ الآلياتِ مجاناً لاستصلاح الأراضي، وفرتِ الأسمدةَ بكمياتٍ كبيرةٍ، وقدمتِ المازوتَ بسعرٍ رخيصٍ، وما إلى ذلك من إجراءاتٍ كان لها الفضلُ في تحولِ مساحاتٍ واسعةٍ جرداءَ إلى بقعٍ خضراءَ منتجةً.

واليوم لا بد من العمل على معالجة الأسبابِ الاقتصاديةِ لظاهرةِ التهريبِ، التي باتت أرقام أعمالها بالملياراتِ من القطعِ الأجنبي، استيراداً وتصديراً.

لكن، هل يا تُرى سيقبلُ العاملونَ حالياً في نشاط التهريب التخلي عن إيراداتٍ ماليةٍ ضخمة، ليعملوا في قطاع يتعرض فلاحوه سنوياً لخسائرَ كبيرةٍ؟

وما هي مصادرُ الدخلِ الأخرى البديلة التي يمكنُ الاعتمادُ عليها لاستقطابِ العاملينَ في التهريب؟

إذا تُرك الخيار لهؤلاء، فهم لن يتخلوا عن التهريب. ولهذا لا بد للدولةِ من اتباعِ سياسةِ العصا والجزرة، وإلا فإنَّ ما تبقى من منشآتٍ إنتاجيةٍ تعمل في هذا البلدِ، سوفَ تُغلَقُ على المدى القريبِ أو المتوسطِ. وأعتقد أن هذا ليس خيارَنا في هذه المعركة.


الصفحة الأخيرة
تهريب