الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.. توثيق للحظات أم تظاهر بعيشها؟

رزان حبش – شام إف إم
أصبح الهاتف الذكي اليوم الرفيق الملازم لمعظم الأشخاص، والصديق الذي يعيش الناس معه كل اللحظات الجميلة والمرّة على حد سواء.
فالطلاب يجهزون للامتحانات بمساعدته، والعاملون يستعينون به لأداء مهامهم، ويُعين ربات البيوت في وصفات الأطعمة، وأفكار الترتيب والتنظيف، ومن يخرج إلى نزهة يوثقها بالصور والفيديوهات، ويمكن أن تصل ببعض الأشخاص لأن يصوروا مآتمهم!.
وكذلك الأمر بالنسبة لمعرفة آخر أخبار الأشخاص الافتراضيين الموجودين على شبكات التواصل الاجتماعي، والانشغال بها، ومراقبة تفاعلهم مع المنشورات الخاصة، كما أنه بات من النادر ألا تقطع الإشعارات الواصلة إلى الهاتف أي عمل يقوم به الشخص، سواء قبل النوم، أو أثناء العمل والدراسة، أو حتى خلال تناول الطعام!
بالإضافة إلى ذلك يوجد رهاب وخوف من تفويت أخبار الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، كأخبار الزواج، أو الولادة، أو التي تتحدث حول عمل جديد، أو حتى أخبار الطلاق والوفيات.
ويُطلق على هذه الحالة اسم "FOMO" أي "Fear Of Missing Out" والتي تعني "الخوف من أن يفوتك شيء يحدث في المجتمع من حولك، وبشكل خاص على شبكات التواصل الاجتماعي"، وقد سُجّل المصطلح في قاموس أكسفورد عام 2006.
وذكرت الأخصائية النفسية والاجتماعية رندة ديب لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" أنه من الجميل تصوير لحظات معينة في بعض المناسبات، ليراها الجيل القادم ويعرف شكل الحياة التي كان يعيشها من هم أكبر، إلا أنه يمكن أن يشكّل هاجساً لتوثيق هذه اللحظات لمشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إظهارها للأشخاص الآخرين والتباهي بها.
وبيّنت ديب أن ذلك قد ظهر في البداية كتقليد، وتطور لاحقاً ليأخذ شكل المنافسة، والاعتياد على الاختباء وراء الصورة الظاهرة في العالم الافتراضي لإخفاء الشخصية الحقيقية، وغالباً ما يعود ذلك للشعور بقلة الثقة وعدم الرضا، والعجز عن عيش الحياة التي يعيشها الآخرون.
ونوّهت ديب إلى أن التعاطي مع هذه الظاهرة يختلف من جيل إلى آخر، حيث إن الجيل الجديد يتمتع بالعملية أكثر، واستطاع أن يستغل ذلك لاستحداث مهن جديدة، كالتصوير وتحرير الفيديوهات والتدوين، وغيرها من المهن المرتبطة بالعالم الرقمي.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأعمال تروّج لأساليب حياة غير صحية تتصف بالشكليات والمظاهر، وتعزز الفكر السطحي البعيد عن العمق.
ولفتت ديب إلى أن معالجة هذه الظاهرة تكمن في ملاحظة الهدف من توثيق بعض الأوقات أو المناسبات، فهل هو بهدف نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أم الاحتفاظ بها كذكرى فحسب.
بالإضافة إلى ملئ أوقات الفراغ بالنشاطات المفيدة لقطع الطريق أمام التفكير السطحي، وبناء العلاقات الاجتماعية الحقيقية وغير الافتراضية، وتعليم الأطفال على ذلك أيضاً.
فالسؤال هنا.. لماذا السعي لتصوير وتوثيق ومشاركة اللحظات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الذي يمكن أن يُفقِدَ ذلك الفرصة بعيش هذه اللحظات بالفعل لتكون موجودة حقاً في الذاكرة؟؟