العالم في حالة "سباق" لإيجاد علاج.. وحكومات الدول في "حيرة" بسبب كورونا!

شام إف إم - هند الشيخ علي
في مناقشة حول الأوبئة استضافتها جمعية ماساتشوستس الطبية قبل عامين.. تحدث مؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، عن "كارثة" ستقتل الملايين في العقود القادمة ولن يكون شكلها انفجاراً نووياً أو حرباً بالصواريخ، بل فايروس شديد العدوى.. قائلاً: "لو أخبرتم حكوماتكم الآن أن هناك تهديداً بأسلحة من شأنها أن تقتل ٣٠ مليون شخص فسيكون هناك شعور بالإلحاح بشأن الاستعداد للتهديد، ولكن في حالة التهديدات البيولوجية فإن شعور العجلة هذا غير موجود!".
استعاد غيتس حينها الذاكرة المرتبطة بانتشار الإيبولا، مؤكداً أن السبب في انتشاره لم يكن مرتبطاً بخلل في النظام بل بعدم وجود نظام في الأصل، إذ لم تكن هناك محاولات جدية للتعرف على المرض أو معاينة سرعة انتشاره، واصفاً تعامل العالم مع الإيبولا "بالفشل".. وأن السيطرة على المرض آنذاك ارتبطت بالحظ فقط نظراً لطبيعة الفايروس الذي لا ينتقل عبر الهواء وانحصاره في المناطق الحضرية.. مشدداً على ضرورة استعداد العالم للأوبئة كما يستعد للحروب.. واتخاذ العبرة من الدروس القاسية التي لقنتها الميكروبات للعالم عبر التاريخ!
اليوم.. جعل فايروس كورونا المستجد أو كوفيد-١٩ العالم أجمع في حالة استنفار.. في مشهد يشبه السباق للوصول إلى مصل مضاد.. فمنذ إعلان الصين عن التركيبة الجينية للفايروس في ١٩/١/٢٠٢٠ .. بدأ العالم في إجراء التجارب السريرية.. إلا أن رحلة البحث عن لقاح ضد أي مرض تتطلب المرور بثلاث مراحل طويلة الأمد للتأكد من فعالية اللقاح قد تستغرق مجتمعةً عاماً كاملاً وربما أكثر.. وبالتالي التفت الطب إلى البحث عن عقاقير تساعد على تخفيف الإصابة بالفايروس أو من شأنها العمل كعلاج للمرض.. وعليه.. برزت عدة أسماء لأدوية أثبتت فعاليتها في محاربة كوفيد -١٩ إلا أنها لم تُعتمد بشكل نهائي حتى الآن وأبرزها "الكلوروكين" -علاج الملاريا- والذي استخدم سابقاً كعلاج لمرض متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارس" التي تصيب الجهاز التنفسي وأعراضها شبيهة بمرض كوفيد- ١٩.. كما وجد باحثون صينيون أن استخدام عقار "هيدروكسي كلوروكين" بإمكانه تخفيف الإصابة بكورونا بعد أن أثبت فعاليته في مساعدة البعض على الخروج من المستشفى مبكراً.. في حين يُستخدم هذا العقار في عدة دول حول العالم حالياً على الرغم من أن بعض الجهات ومنها وكالة الأدوية الأوروبية قد أعربت عن قلقها إزاء "الكلوروكين" محذرة من أثاره الجانبية الخطيرة ومعتبرةً أن منافع الكلوروكين وهيدروكسي كلوروكين لم تُثبت بعد!
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت قبل أيام عن مبادرة مع عدة شركاء دوليين لتسريع عملية تطوير عقاقير آمنة وفعالة لمعالجة مصابي فايروس كورونا.. كما دخلت جامعة أكسفورد البريطانية السباق وأعلنت عن تطوير لقاح يحمي العالم من هذا الفايروس على أن يخضع للتجارب في غضون أسبوعين في حين أكدت أستاذة علم اللقاحات في الجامعة "سارة غيلبرت" في مقابلة مع صحيفة "التايمز" أن اللقاح قد يكون ناجحاً بنسبة ٨٠٪ ومن المتوقع أن يتوفر في أيلول المقبل بشرط أن تبدأ الحكومة بإنتاجه حتى قبل أن تُثبت فعاليته بشكل نهائي.
يتزامن ذلك مع دراسة واسعة النطاق في بريطانيا لمعرفة نسبة السكان الذين أُصيبوا بفيروس "كورونا" واكتسبوا مناعة بعد التعافي منه.. وستشكل نتائج هذه الدراسة -بحسب وسائل إعلام بريطانية- أساساً لاستراتيجية الخروج من حالة الإغلاق العام وإجراءات التباعد الاجتماعي التي يبدو أن العالم يتجه نحو اعتمادها قريباً سواء أعلنت مراكز الأبحاث العلمية حول العالم عن التوصل إلى علاج فعال لفايروس كورونا أم لا..
وبين البحث عن علاج لكورونا.. وانتظار اللقاح.. اعتماد "مناعة لقطيع" في دول.. وإجراءات مشددة تشمل حظر تجوال وعزلة اجتماعية وإيقاف معظم الأعمال والنشاطات في دول أخرى.. يقع العالم في حيرة أمام هذا الفايروس وكيفية التعامل معه.. ويبقى السؤال.. متى تعود الحياة طبيعية؟ وإلى أي مدى يمكن للحكومات أن تتحمل العقبات الاقتصادية المترتبة على إجراءات حظر التجوال وتوقف الأعمال؟ وهل تكون لقمة العيش أثمن من صحة الإنسان؟