العبور من الغوطة.. رحلة سريعة نحو الحياة

شام إف إم | عبير ديبة
ليس الدخول إلى مركز الدوير للإقامة المؤقتة بريف دمشق بالأمر الصعب، هي بضع دقائق على البوابة للتدقيق في الأسماء والهويات وها أنت ذا في الداخل حيث يلتم حولك أطفال المركز بعيونهم الفضولية وابتساماتهم المرحبة، "مراكز الإيواء جميعها متشابهة"، يهمس أحدهم قربنا، ندخل إلى المركز الذي بدأ منذ سنوات باستقبال الوافدين المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، بعضهم طال سكنه في المكان لأكثر من أربع سنوات، منتظراً أن يمضي هذا الوقت «المؤقت» بأسرع ما يمكن، وبعضهم لا يزال في أيام نزوحه الأولى قادماً من دوما آملاً ألا تطول تلك المدة كثيراً.
"كنّا نخاف الخروج، كان مسلحو «جيش الإسلام» يرهبوننا من فكرة الخروج إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية"، يقول المسن راتب الشيخ بكري لـ «شام إف إم»، ويضيف: "قضينا أياماً قاسية، حيث لا طعام ولا دواء ولا ماء، ننتظر الخروج في أي لحظة، كان المسلحون يأخذون النسبة الأكبر من المساعدات التي تصل ويخزنوها لدى قادة الفصائل ويعطوننا القليل منها ويبيعوننا ربطة الخبز بـ 1500 ليرة وكيلو السكر بـ 7000 ليرة، أمضينا أياماً على الشعير فقط".
ويروي الشيخ راتب الذي تعرّض لمرض أفقده ساقه منذ بضعة أشهر: "أمضينا 20 يوماً في الملجأ، والبارحة خرجت بسبب وضعي الصحي السيء لكن أولادي وأمهنّ ووالدتي لا يزالون في دوما، حين وصلنا إلى هنا تمكنت من شرب مياه «بقين»، أنا لم أشربها منذ سنوات، أشعر أنني خلقت من جديد".
من جهته يوضح رئيس مركز الدوير ابراهيم حسّون لـ «شام إف إم»: "تم اتخاذ جميع الإجراءات وتوزيع كل الخدمات اللازمة كالإقامة ووجبات الغذاء والبطانيات".
قرب شجرة زيتون في المركز الذي كان معسكراً لطلائع البعث، تقف الصّديقتان الخارجتان منذ يومين من دوما مع أطفالهن، لتروي إحداهن لـ «شام إف إم»: "خرجت مع ابنتي لكن زوجي وأهلي كلهم لا يزالون في الداخل، الوضع هناك سيء ومأساوي لا مقومات للحياة ولا مدارس للأطفال ولا أدوية، لا يوجد سوى الجوع والتخويف والمرض".
وتضيف: "عند وصولنا يوم أمس في المركز تم إجراء فحص طبي للأطفال وتم إعطاؤهم لقاح شلل الأطفال وسيتابعون مدارسهم، واليوم نحن ننتظر ونتمنى خروج باقي أهالينا فهناك عدد كبير من المدنيين في الداخل ينتظرون الفرصة للخروج".
وخرج يوم أمس الأربعاء 14 آذار 95 مدنياً من معبر الوافدين الذي يبعد حوالي ثلاثة كيلومترات فقط عن مركز الدوير، كذلك أمن الجيش السوري اليوم الخميس خروج الآلاف من المدنيين من الغوطة الشرقية عبر ممر «الباز» المفتتح حديثاً... لتستمر رحلة العبور الإنساني من الموت إلى كنف الدولة السورية.