العقارات تسجل انخفاضاً طفيفاً في الأسعار

تشهد السوق العقارية حالة من الترقب الحذر لجهة انخفاض الأسعار حيث شهدت بعض المحافظات انخفاضاً طفيفاً في الوقت الذي تشهد فيه محافظات أخرى حالة ركود نتيجة السقف المرتفع لأسعار عقاراتها منذ عدة أشهر ويرى بعض المراقبين أن السوق وصلت إلى مرحلة من الجنوح رغم توافر العرض نتيجة مضاربات بعض التجار التي أسهمت بارتفاع أسعار الأراضي وبالتالي أسعار الوحدات السكنية والتجارية.

وأكد الخبير الاقتصادي قيس خضر أن السوق وصلت إلى مرحلة الركود التضخمي وهو مزيج من الركود فائض بالعرض مقابل نقص بالطلب والتضخم الزيادة بالطلب الكلي عن العرض الكلي ما أدى إلى الارتفاع المستمر بالأسعار مقابل انخفاض القوة الشرائية مبيناً أن السوق غير قادرة على تنظيم نفسها بنفسها لذلك لابد من تدخل الحكومة وألا يوكل الأمر للمتنفذين من التجار لحل هذه المشكلة فهم أحدثوا المضاربات وعطلوا الطلب وأسهموا بتفاقم المشكلة ولاسيما أن هناك الكثير من الشقق الفارغة أحجم معظم أصحابها عن بيعها أملاً بارتفاع أسعارها أكثر فأكثر.

ويرى خضر أنه لمعالجة هذه المشكلة يمكن أن تسهم الحكومة بتصحيح مسار هذا القطاع إلى حد كبير من خلال زيادة العرض عن طريق التدخل المباشر وطرح مشاريع عقارية جديدة بحيث ألا يبقى العرض محصوراً بيد التجار وأصحاب العقارات وذلك عن طريق شركات مدعومة من قبلها ما يحقق المنافسة الشريفة ويضبط الأسعار إضافة إلى فرض ضرائب متزايدة على ملاك العقارات وخاصة غير المسكونة وفق نظام الشرائح وهذه تعتبر وسيلة ضغط لتحريك السوق إلى جانب تفعيل التمويل السكني ليتناسب مع تركيبة وخصوصية شرائح المجتمع المختلفة.

وشهدت بعض مناطق ريف دمشق انخفاضاً طفيفاً بأسعار عقاراتها بنسبة 10 بالمئة تقريباً ما اعتبره بعض التجار بداية لهبوط مرتقب مشيرين إلى أن بعض الذين كانوا متمسكين بسقف معين لأسعار المبيع تنازلوا عنه نتيجة الإقبال الهائل الذي شهدته السوق مؤخراً ما أثار خشيتهم من هبوط حاد فاقتنعوا بهامش ربح معقول بدلاً من خسارة محتملة.

وقال صاحب مكتب عقاري.. أبرمت نحو خمسة عقود بيع خلال الأسبوعين الفائتين أربعة منها سكنية وواحد تجاري بسعر تراوح ما بين 17-19 ألف ليرة سورية بالنسبة لمتر السكني بعد أن كان السقف من 19-22 ألفا و55 ألفا للتجاري بعد أن كان 60 ألفاً.

ورغم تأكيده بأن دوافع التخفيض كانت اضطرارية إلا أنه لم يستبعد وجود عامل الخشية لدى معظم المالكين من انخفاض الأسعار قريباً وخاصة الشقيعة منهم الذين يتبعون أسلوب اضرب واهرب.

ويؤكد تاجر عقارات أن الأزمة الحالية دفعت غالبية المدخرين للتوجه نحو العقار ورفع قيمته إلى أعلى المستويات خشية تدهور قيمة الليرة لكن هذا الأمر لن يدوم طويلاً كون هؤلاء لن يستطيعوا التمسك بالسقف المرتفع لما يملكون من وحدات سكنية وتجارية وحتى أراض حيث سيضطرون لاحقاً لتسييل أصولهم العقارية لتأمين السيولة اللازمة للاستثمارات المختلفة وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار.

من جهته أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن القطاع العقاري وصل إلى مرحلة تقتضي الكثير من الحلول والمعالجة بسبب فورة الأسعار خلال الفترة 2005-2008 نتيجة الاستثمارات السورية والعربية في هذا القطاع الربحي والريعي وما اكتنفه من مضاربات عبر شراء أراض لغايات الاتجار أكثر منها لغايات البناء مشيرا إلى أن مستوى أسعار العقارات عال مقارنة مع القدرة الشرائية ومستوى الأسعار في القطاعات الأخرى.

وأضاف فضلية أن من اشترى خلال فترة الفورة لن يبيع بأسعار اليوم الحقيقية والتي تتناسب مع ضعف الطلب بمعنى أن الأسعار يفترض أن تكون أدنى بكثير مما عليه الآن لذلك نلاحظ أن الذي يحرك السوق هو المضطر للشراء والمتقنص للفرص والمضطر للبيع بقدر حاجته للسيولة.

مبيناً أن مستوى الأسعار يتراوح ما بين 20 و70 بالمئة من المستوى العادي في المناطق ذات النشاط التجاري والاستثماري وخاصة في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب أما في الأطراف فالنسبة تتراوح ما بين 10-20 بالمئة وفي المحافظات الأقل نمواً كمحافظة الرقة على سبيل المثال نجد أن الارتفاعات منطقية ومبررة بمقدار ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء.

وحسب فضلية يخشى البعض أن تتفاقم مشكلة السكن وأن تشهد الأسعار ارتفاعات إلى مستويات أعلى مما هي عليه الآن بعد فرض العقوبات العربية على سورية وتوقف تتدفق رؤوس الأموال إلى هذا القطاع ولاسيما أنها لم تستقر عند سقف محدد في ظل انتعاش الاستثمارات وازدياد حجم المعروض منها فكيف سيكون حالها بعد تقلص الاستثمارات نتيجة هذه العقوبات.

وتابع فضلية.. كي لا نقلل من شأن الخطة الخمسية العاشرة يجب الاعتراف بأن هناك استثمارات بدأت تتحرك في جميع القطاعات لكن معظمها تركز في القطاع العقاري وقطاعات المال والتأمين والاتصالات ولم يذهب سوى جزء قليل إلى قطاعات الإنتاجية الحقيقية وأنا اعتبر أن أي استثمار اقتصادي هو إيجابي ولكن عندما يكون رأس المال محدوداً نسبياً يجب أن تكون هناك أولويات وفي الفترة الماضية كان هناك ندرة نسبية في رأس المال وكنا بحاجة إلى أكثر مما تم إنفاقه.

وبين أنه عندما يتم الحديث عن العقوبات ووقف الاستثمارات "نؤكد أنها ليست بالاستثمارات الضخمة لا من حيث النوعية ولا الأولويات" ورغم أنها كانت مهمة إلا أن السوريين لديهم أموال يستثمرونها في الدول العربية أكثر مما يستثمره العرب في سورية ولا نريد أن تذهب الأموال العربية إلى القطاع العقاري فقط من أجل شراء الأراضي والمضاربة بها لرفع قيمتها.

 

 

شام نيوز - سانا